العدد 604 - السبت 01 مايو 2004م الموافق 11 ربيع الاول 1425هـ

كيفن كوستنر يستعيد أمجاده مع Open Range

في ثمانينات القرن الماضي سطع نجم الممثل الشهير كيفن كوستنر الذي اشتهر بإخراج أفلام عدة ناجحة مثل: Bull Durham و Field of Dreams و No Way Out و The Untouchables لكنه وصل قمة مجده عندما فاز بجائزة أفضل مخرج عن فيلمه «رقص الذئاب» Dances with Wowes في العام 1990، وهو الفيلم الذي حصل أيضا على جائزة أفضل فيلم في العام نفسه، إلا أن مستوى كوستنر بدأ في الانحدار تدريجيا وكان ذلك جليا في سلسلة أفلامه التي تلت ذلك مثل Waterworld وفيلم A Perfect World الى أن جاء فيلم The Postman العام 1997 الذي ساعد كوستنر على استعادة أمجاده السينمائية الماضية.

أخيرا، تخلص كوستنر من الخزي الذي لحق به جراء أفلامه الأخيرة وامتطى صهوة جواده مرة أخرى في فيلم Open Range ليثبت للجميع بأنه لا مجال للفشل في حياته وجاء مشروع فيلمه هذه المرة مختلفا عن أفلامه السابقة بأسلوبه الخرافي الذي يصور الغرب القديم تماما مثل فيلم Unforgiving لكلينت ايستوود. يلعب كوستنر في الفيلم دور تشارلي ويت محارب قديم في الحرب الأهلية يقود الماشية مع صديقه القديم بوس سبيرمان، ويبدو أن الدور لائق حقا بكوستنر الذي يضفي الكثير من السحر على أي من الشخصيات التي يلعبها في أفلامه.

تدور حوادث الفيلم والذي كتب نصه كريغ ستوربر في العام 1882 في الوقت الذي قسمت فيه المروج الأميركية بفعل الحرب الأهلية وتم تخصيصها، لذلك فان أمثال تشارلي وبوس من الرعاة المتجولين المستقلين كانوا يجدون صعوبة في التنقل بحرية ويعتبرون دخلاء في أي أرض يطأونها. يتورط الاثنان في مشكلات مع الشريف باكستر الشرس (يلعب دوره الممثل مايكل غامبون) وراعي بقر آخر عندما يدخلان حدود مقاطعته، هارمونفيل، عن طريق الخطأ. ثم تتطور الأمور على نحو سيئ إلى أن تصل الى درجة العنف والقتل ما يجبر الاثنين على الدفاع عن مصدر رزقهما واسترداد سمعتهما وشرفهما.

وتتسارع حوادث الفيلم لنكتشف لاحقا بأن تشارلي كان قاتلا محترفا قبل سنوات وهو يحاول أن يترك ماضيه العنيف خلفه تماما مثلما فعل ايستوود في فيلم Unforgiving ولكن باكستر يثير حنقه عندما يطلق النار على كلبه لذلك فانه لا يدعه يفلت من فعلته هذه.

ان كوستنر مخرج بارع جدا في خلق الحبكة القصصية فهو يفهم جيدا كيف يخلق التشويق والاثارة من خلال الأشخاص البعيدين الذين يتحركون عبر أماكن فارغة وعبر الصمت الذي يغلف البراري كل ذلك بهدف توجيه انتباهنا نحو التركيبة المعقدة للشخصيات، فالفيلم لا يركز على الحبكة القصصية بقدر ما يركز على العلاقة بين تشارلي وبوس. هناك نوع من الاحترام الفظ بينهما الأمر الذي ساعد في بقاء علاقتهما كل هذه المدة الطويلة، كما إن بوس لا يعتبر مجرد رب عمل لتشارلي بل هو أكثر من ذلك بكثير انه الناصح وربما الأب البديل له لكن أحاديثهم تبدو موجزة ومقتضبة لدرجة أن هناك بعض الأمور التي لا يعرفانها عن بعضهما بعضا، ففي أحد مشاهد الفيلم يزل لسان بوس ليخبر صديقه بأنه كان متزوجا في يوم من الأيام لكن زوجته وابنه توفيا نتيجة إصابتهما بمرض التيفوس ثم يعترف تشارلي لاحقا بأنه على رغم صحبتهما الطويلة والتي استمرت لعشر سنوات فان هذا بالنسبة إليه يشكل أمرا غير متوقع.

ومن المشاهد التي تثير العجب والسخرية هو الموقف الكوميدي الظريف الذي يقوم فيه تشارلي وبوس وقبل إطلاق النار مباشرة بالاعتراف بأسمائهما كاملة لبعضهما بعضا، وهنا يشير الفيلم الى حقيقة مهمة جدا وهي أن بعض الأشخاص يمكن أن يكونوا قريبين الى حد كبير لكنهم يبقون غرباء عن بعضهم بعضا.

وتظهر في الفيلم شخصية جديدة هي شخصية مساعدة الطبيب سو التي تلعب دورها الممثلة آنيت بينينغ والتي توفر المأوى والحماية للبطلين إلى أن يجد تشارلي نفسه منجذبا إليها ويقع فريسة صراع داخلي بين الزواج منها والاستقرار والتخلي عن حياته السابقة أو الإخلاص لعمله وتجواله الدائم في البراري والسهول. لقد لعب كل من كوستنر وبينينغ أدوارهما المشتركة بأسلوب رائع لجعل هذه القصة الرومانسية مؤثرة ولجعل المأزق العاطفي الذي وقع فيه تشارلي يبدو حقيقيا ولعل أبرز المشاهد المؤثرة هو المشهد الذي يقوم فيه تشارلي بتصفح (الكاتالوغ) لشراء قطعة من طقم الشاي الصيني لسو ليعوضها عن القطعة التي كسرها.

نهاية الفيلم جاءت تقليدية لمثل هذا النوع من الأفلام إذ يختتم الفيلم على دوي إطلاق النار في أجواء مثيرة ويعود تشارلي إلى طبيعته السابقة ليردد «ليس لدي أية مشكلة في القتل»، لكن فحوى الفيلم تدل على أن هناك مشكلة حقيقية لدى تشارلي في القتل لا يستطيع التخلص منها الأمر الذي يؤدي إلى إصابة سو بالصدمة عندما ترى الحقيقة المفزعة للرجل الذي تحبه.

لقد كان أداء كوستنر جيدا بما فيه الكفاية لكنه لم يستطع أن يبدو ظريفا جدا على رغم أنه استغنى عن الكلام المنمق وربما تعتبر هذه نقطة الضــعف الأساسية في الفيلم لكننا لا نستــطيع الا أن نبدي اعجابنا بكوســتنر كمــخرج قدير اســتطاع ببراعــته أن يصــنع أفلام خالدة في السينما الأميركــية

العدد 604 - السبت 01 مايو 2004م الموافق 11 ربيع الاول 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً