العدد 623 - الخميس 20 مايو 2004م الموافق 30 ربيع الاول 1425هـ

فضل الله: لا أحد يستطيع سلب سورية دورها

لا قيم تحكم الإدارة الأميركية

السيد عبدالله الغريفي comments [at] alwasatnews.com

أكد آية الله السيدمحمد حسين فضل الله، أن من المضحك المبكي أن تحاول الإدارة الأميركية التباكي على السيادة اللبنانية في الوقت الذي تحتل فيه العراق وتنتهك سيادته وتقتل شعبه.

ورأى سماحته أنه لن يستطيع أحد أن يسلب من سورية دورها في المنطقة أو أن يدفعها للتنازل عن ثوابتها الاستراتيجية في احتضان القضية الفلسطينية وقضية المقاومةضد الاحتلال.

وشدد سماحته على أنه لا وجود لخط قيمي أو أخلاقي يحكم الإدارة الأميركية التي تختزن ذهنية الإنسان المتفوق على العالم الذي تحركه شركات السلاح والنفط، داعيا الشعوب العربية والإسلامية لمعاقبة أميركا بمواقف عملية تبدأ بمقاطعة البضائع الأميركية.

وحين سئل في ندوته الأسبوعية عن سلاح «العقوبات» الذي تستخدمه الإدارة الأميركية بوجه المعارضين لسياستها، وبخاصة تهديداتها الأخيرة لسورية؛ أجاب: «ليس في القانون الذي وقّعه الرئيس الأميركي لفرض عقوبات اقتصادية على سورية شيء جديد، إلا في بعض الخصوصيات التي جعلت الخطاب الأميركي الذي يعقب هذا التوقيع ينطوي على تهديدات جديدة تلوح بإمكانية تطور الأمور من الجانب الاقتصادي والسياسي إلى الجانب العسكري والأمني، بما يتناسب تماما مع العقلية الإمبراطورية الأميركية التي لا تترك أسلوبا من أساليب التهويل أو محاولة من محاولات الترويع إلا وتستخدمها في مواجهة العالم بعامة والعالم العربي والإسلامي بخاصة. فمنذ ما يزيد على العقد من الزمن وفي فترات سابقة ولاحقة، لاحقت الإدارات الأميركية نحو خمسين بلدا بعناوين وتهم متعددة، كالخروج على القانون الدولي و«دعم الإرهاب» والسعي لامتلاك المزيد من أسلحة الدمار الشامل، وذلك بهدف إخضاع هذه الدول التي سلكت الخط المعارض للسياسة الأميركية أو التي خرجت عن قواعد الانضباط مع المشروعات الأميركية، ولم تستطع هذه العقوبات أن تجدي نفعا أو أن تحدث تحولا، لأن الدول التي قرّرت أن تلحق بالقطار الأميركي لم تلتحق به خوفا من سيف العقوبات، بل من خلال قراءة حكامها للمستقبل وطموحهم للاستمرار في ظل هذا الاستئثار في السيطرة لما يسميه البعض «القطب الواحد».

وأضاف فضل الله: «إذا درسنا العقوبات التي فرضتها أميركا على العراق وجعلت المجتمع الدولي شريكا فيها، فإننا نجد أن هذه العقوبات تركت تأثيراتها السلبية الكبرى في الشعب العراقي، إذ قتلت مئات الألوف من الأطفال والشيوخ تحت وطأة الجوع والحاجة للدواء والغذاء، ولكن نظام الطاغية ظلّ يعيش في بحبوحة اقتصادية على حساب شعبه، إلى أن قررت أميركا أن تسقطه بشكل مباشر بعدما استنفد مهمته... الأمر الذي يؤكد أن كلمة «العقوبات» في مدلولها السياسي وحتى القضائي كما تستخدمها الإدارة الأميركية تختزن الضغط لإحياء مشروع راهن و لتحريك مشروع مستقبلي.

سورية ليست العراق

وتابع فضل الله: «بيد أن سورية ليست العراق، سواء من حيث طبيعة الدور أو من خلال علاقة الحكم بشعبه، أو في طبيعة موقعها من القضايا العربية والإسلامية أو في الطريقة التي تدار فيها الأمور في الجوانب الاستراتيجية بعيدا عن المغامرات أو الألاعيب السياسية البهلوانية، ولذلك فلن يستطيع أحد أن يسلب من سورية دورها أو أن يدفعها للتنازل عن ثوابتها الاستراتيجية المتمثلة في احتضانها للقضايا العربية والإسلامية وفي طليعتها القضية الفلسطينية وقضية المقاومة ضد الاحتلال في فلسطين ولبنان والعراق».

وأضاف: «نحن نعتقد أن سورية تملك الكثير من الأوراق التي تستطيع من خلالها أن تلتف على حركة الضغوط المتصاعدة ضدها، وخصوصا الضغوط الأميركية التي تريد منها أن تكون شرطيا أمنيا لحساب الاحتلال الأميركي، كما حاولت «إسرائيل» في أثناء احتلالها للبنان أن تضغط لتجعل من الوجود السوري في لبنان حزاما أمنيا آخر لحماية جنودها المحتلين وفشلت فشلا ذريعا، وانطلقت المقاومة في هذه البيئة اللبنانية والسورية والعربية والإسلامية وتصاعدت إلى المستوى الذي سقطت معه كل الخطط الأمنية والعسكرية وكل الشروط السياسية التي حاول العدو أن يراهن على بقاء بعضها في متناول اليد.

إن أميركا التي تلوح تحت عنوان فرض العقوبات ضد سورية بلافتة أسلحة الدمار الشامل، تعرف تماما أن هذا العنوان سقط تماما في التجربة العراقية، كما سقطت أميركا نفسها في وحول العراق وكما سقطت صدقيتها في العالم بفعل هذا العنوان وغيره. أما مسألة «دعم الإرهاب» فقد باتت سلاحا غير مجدٍ لأن العالم بدأ يبصر عمق المأزق الأميركي في هذا الدعم الأميركي للإرهاب الإسرائيلي وفي الحرص على امتلاك «إسرائيل» لأكبر ترسانة أسلحة من أسلحة الدمار الشامل ومن الأسلحة النووية».

وأردف: «لعلّ من المضحك المبكي أن أميركا، التي تحتل العراق وتنتهك السيادة العراقية على جميع المستويات وتمارس كل أعمال الإرهاب والتعذيب هناك وتستبيح حتى المدن والمواقع المقدسة، وتعلن بلسان وزير خارجيتها أنها ستبقي احتلالها للعراق لفترة طويلة، تحاول أن تتباكى على السيادة اللبنانية التي توحي بأنها منتهكة من سورية على رغم كل ما بين سورية ولبنان من صلات وتفاهم وتعاون ومع وجود كل هذا العداء في العلاقة بين أميركا والعراقيين وبقية العرب والمسلمين». وخلص فضل الله إلى القول: «إن محاولات أميركا لتغليف ضغوطها ضد سورية بعناوين محاربة الإرهاب ومنع انتشار أسلحة الدمار الشامل ومواصلة حربها على العالم العربي والإسلامي تحت هذين العنوانين وغيرهما أو سعيها لإعطاء موضوع العقوبات بعدا قيميا هو سعي العاجز أو الباحث عن وسيلة لإنقاذ نفسه من الورطات السياسية والأمنية المتلاحقة، إذ لا وجود لخط قيمي أو أخلاقي يحكم الإدارة الأميركية التي تختزن ذهنية الإنسان المتفوق على العالم الذي تحركه شركات السلاح والنفط التي توظف الإدارة كلها في مشروعات السيطرة على مقدرات الشعوب في العالم لحسابها وحساب من يعمل لها داخل الإدارة وخارجها. وختم بقوله: «لذلك فنحن ندعو كل الأحرار والشرفاء في العالم، كما ندعو الشعوب العربية والإسلامية، إلى اتخاذ موقف عملي بمعاقبة أميركا الإدارة وأميركا الشركات الاحتكارية من خلال مقاطعة البضائع الأميركية ومن خلال الموقف السياسي والعملي الذي يجعلها تدفع الثمن في موازاة سياسة العقوبات التي تستخدمها كسلاح إعلامي ودعائي بعد سقوط مفاعيلها الاقتصادية، لأن علينا أن نكون صادقين مع أنفسنا ومع قضايانا في معاقبة من يعتدي علينا، ولنقف ولو على مستوى الحركة الاحتجاجية المتحركة لنرد الجميل للشعبين الفلسطيني والعراقي ولكل من يقف في موقع نصرتها ونصرة الأمة وقضاياها من خلالهما»

إقرأ أيضا لـ "السيد عبدالله الغريفي"

العدد 623 - الخميس 20 مايو 2004م الموافق 30 ربيع الاول 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً