العدد 630 - الخميس 27 مايو 2004م الموافق 07 ربيع الثاني 1425هـ

نثمن المبادرة الملكية وندعم ثوابت العمل الوطني

السيد عبدالله الغريفي comments [at] alwasatnews.com

نتناول في هذا اللقاء موضوع المقدسات من منظورنا الإسلامي ونحاول أن نعالج فيه مجموعة عناوين:

1 - الاحترام والتقديس: يجب أن نفرق بين عنوانين: الاحترام والتقديس.

الاحترام: حال من التقدير والتبجيل والتكريم، لإنسان أو مكان أو فكرة، الا ان هذه الحال لا ترتقي الى ان تجعل موضوع الاحترام - الانسان أو المكان أو الفكرة - فوق النقد والمحاسبة.

قد أحترم إنسانا ولكن هذا الاحترام لا يجعله فوق النقد والمحاسبة، وقد أحترم رأيا، ولكن هذا الاحترام لا يجعله فوق النقد والمحاسبة.

والنقد والمحاسبة لا يعنيان الاساءة طبعا.

أما التقديس: فدرجة أعلى بكثير من الاحترام، انها ترتقي الى مستوى تجعل «المقدّس» فوق النقد والمحاسبة، وفوق أي مس مهما تكن درجة هذا المس.

«الله» مقدّس لا ينقد ولا يُحاسب ولا يُمس.

«النبي» مُقدّس لا ينقد ولا يُحاسب ولا يُمس.

«الإمام» مقدّس لا ينقد ولا يُحاسب ولا يُمس.

«القرآن» مقدّس لا ينقد ولا يُحاسب ولا يُمس.

«الدين» مقدّس لا ينقد ولا يُحاسب ولا يُمس.

ويأتي توضيح أكثر للمقدّسات.

والتقديس عنوان لا تملك الكلمات قدرة على أن تعطيه تعريفا يستنطق كل مكوناته ودلالاته بما لها من عمق في النفس والوجدان والمشاعر، وبما تحمل من تشكل في داخل العقل وفي داخل الذات.

لا يفهم هذا العنوان الا من يعيش الانصهار والذوبان مع حال التقديس... فالمساحة كبيرة جدا بين الكلمات والمعايشة... الا ترون ان هناك مسافة كبيرة جدا بين كلمات تتحدث عن جمال الوردة وعطر الوردة وبين تذوق هذا الجمال والعطر معايشة وانصهارا... وهذه المسافة بين وصف اللذة ومعايشتها. فإذا حينما نعرّف (المقدس) فهو تعريف لفظي ولغوي فقط.

2 - المدلول اللغوي لكلمة «المقدّس»

- المقدّس: المطهّر والمنزّه.

- القُدْس (بسكون الدال أو ضمها): الطهر.

- حظيرة القدس: الجنة.

- روح القدس: جبرائيل.

- التقديس: التطهير والتنزيه.

- القُدُّوس: اسم من أسماء الله، وهو المستحق للتطهير والتنزيه.

- بيت المقدس: البيت الذي يمارس فيه الطهر الروحي.

وقد وردت هذه المفردة في القرآن بعدة اشتقاقات، وهذه بعض النصوص القرآنية:

النص الأول:

قال تعالى في سورة طه/ الآية 12: « فاخلع نعليك إنك بالوادي المقدس طوى».

خاطب الله سبحانه نبيه موسى عليه السلام بأن يخلع نعليه، لأن لهذا الوادي قدسيته وطهارته كونه المكان الذي تكلم الله فيه مع نبيه موسى عليه السلام قائلا له «اني أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالوادي المقدس طوى» (طه: 12)، فالاحتفاء تعبير عن التواضع في الحضرة الإلهية وتعبير عن تعظيم حرمة هذا المكان المقدس.

النص الثاني

قال تعالى في سورة المائدة/ الآية 21 «يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة...».

- ما هي الأرض المقدسة المذكورة في هذه الآية؟

للمفسرين عدة أقوال:

- بيت المقدس.

- دمشق وفلسطين وبعض الأردن.

- أرض الشام كلها.

- أرض الطور وما حولها.

لماذا اعتبرت هذه الأرض مقدسة؟

لأنها أرض النبوات، ومهبط الرسالات وساحة الاديان التوحيدية الكبرى، فصفة القداسة تنطلق من طهارتها من الشرك.

(انظر من وحي القرآن 8: 119)

في النص القرآني يخاطب نبي الله موسى عليه السلام قومه بأن يدخلوا الأرض المقدسة، ولكنهم تمردوا على هذا الأمر الصادر عن نبي الله.. متعلليين بأن «فيها قوما جبارين» وهم ليسوا على استعداد ان يخوضوا معركة مع هؤلاء الجبارين، وهم ليسوا على استعداد لأن يعطوا قطرة دم، ولذلك قالوا لموسى عليه السلام: «وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها، فإن يخرجوا منها فإنا داخلون» (المائدة: 22).

ولم يقف مع موسى الا رجلان من الذين أنعم الله عليهما بالإيمان، فحاولا ان يمارسا دور الاستنهاض لهؤلاء القوم الجبناء المتمردين على أوامر موسى عليه السلام، الا انهم اصروا على هذا الخنوع والضعف والتمرد فقالوا كلمتهم الأخيرة «يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ماداموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون» (المائدة: 24).

ويجب ألا يفهم من طلب موسى عليه السلام دخول الأرض المقدسة ان هذه الأرض ملك لبني إسرائيل كما يزعم اليهود الآن.

ان نبي الله موسى بعد ان خلص بني اسرائيل من فرعون طلب منهم ان يدخلوا هذه الأرض ليجاهدوا الجبابرة الكفرة الموجودين فيها، الا أنهم تمردوا وعصوا فكتب الله عليهم التيه أربعين سنة فلا يستفاد من الآية اي حق إلهي لهم في هذه الأرض. ان الهدف الكبير الذي كان يحمله نبي الله موسى عليه السلام وهو يطلب من بني إسرائيل ان يدخلوا الارض المقدسة هو ان يحرر هذه الأرض من حكم الجبارين المفسدين، وان يقيم حكم الله على ايدي المستضعفين... فلا يصح ان يبقى حكم الكفر والظلم والفساد في هذه الأرض المقدسة... واليهود هم المثال الواضح للتمرد والظلم والفساد عبر التاريخ، فالارض المقدسة تكون محرمة عليهم ليس أربعين سنة فقط، فملاك التحريم مازال قائما هذا بحث في حاجة الى معالجة تفصيلية في غير هذا المقام.

وهنا درس كبير يجب ان نستوحيه من هذه الآيات:

ان الأمة يجب ان تكون مؤمنة بأهداف القيادة الربانية، فإذا لم تؤمن الأمة بهذه الأهداف أو لم ترتق الى مستواها فإن ذلك يشكل حالا خطيرة من الانفصام بين الأمة والقيادة ما يجعل هذه الأمة تعيش الانفلات والضياع والتشتت، وما يجعلها تسقط في هيمنة القيادات الزائفة، التي تفرض عليها أهدافا تتناقض مع أهداف الرسالة وأهداف الدين.

فها نحن نجد شعوبنا العربية والاسلامية قد زورت أفكارها وثقافتها وقيمها وقد ضللت حتى في أهدافها، فما أكثر الذين تربوا من خلال التوجيهات المنحرفة على ان يرتبطوا بالحاجات اليومية المادية، باعتبارها الهم الأكبر وأن يتخلوا عن القيم الروحية والأهداف المصيرية التي تشكل هوية هذه الأمة.

لا نرفض ان تعيش شعوبنا همّ المعيشة اليومية وهمّ حاجات الجسد، ولكن يجب ان يبقى همّ القيم والدين والقضايا المصيرية الكبرى الهم الذي يعبر عن المضمون الكبير لهذه الشعوب.

الذين يسرقون هذا الهم من شعوبنا هم ليسوا مخلصين لأهداف هذه الأمة، وليسوا مخلصين لمصالح هذه الأوطان.

نصوص أخرى تتحدث عن «القداسة والتقديس»:

قوله تعالى في سورة البقرة الآية 30: «ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك».

تسبيح الله تعالى وتقديسه: تنزيه عما لا يجوز عليه.

قوله تعالى في سورة الحشر الآية 23: «الملك القدوس...».

القدوس اسم من أسماء الله تعالى بمعنى الطاهر عما لا يليق به أو المستحق للتطهير والتنزيه.

3 - نظرة في بعض المقدسات:

المقدس الأول: «الله جل جلاله».

الله جل جلاله هو المقدس المطلق.

- ما حكم من أساء إلى الذات الإلهية المقدسة أو الى أسمائه الحسنى أو الى صفاته تعالى...؟

يفتي الفقهاء بوجوب قتل من يسيء الى الذات الإلهية، اذا كان ذلك عن التفات وجدية.

وتأكيدا لحرمة وقداسة الذات الالهية يذهب الفقهاء «فتوى أو احتياطا» إلى:

1 - حرمة مس لفظ الجلالة وسائر أسماء الله وصفاته المختصة، وذلك بالنسبة الى المحدث بالحدث الأصغر أو الأكبر.

2 - حرمة تعريض الأوراق المشتملة على أسماء الله تعالى للاهانة والهتك، بأن ترمى في مجمع القاذورات أو تعرض للدوس أو تحرق بالنار.

- سئل الامام الكاظم (ع) عن القراطيس تجتمع هل تحرق بالنار وفيها شيء من ذكر الله؟

فأجاب: «لا، تغسل بالماء أولا».

المقدس الثاني: «الأنبياء والأوصياء صلوات الله عليهم»، وعلى رأس الأنبياء سيدهم وخاتمهم محمد (ص).

وعلى رأس الأوصياء، أوصياء نبينا محمد (ص) وهم الأئمة المعصومون وأمهم الصديقة فاطمة الزهراء عليهم صلوات الله.

- ما حكم من أساء الى حرمة النبي (ص) والى حرمة المعصومين عليهم السلام؟

حكمه القتل اذا كان عن التفات وجدية

الامام الخميني رضوان الله عليه يصدر حكما بوجوب قتل المرتد سلمان رشدي:

لقد ألف هذا المرتد رواية بعنوان «آيات شيطانية» تضمنت:

1 - الإساءة الفاحشة الى شخصية النبي الاعظم محمد (ص) بأسلوب فيه سخرية واستهزاء واتهامات كاذبة.

2 - الزعم بأن الوحي زيف وأوهام.

3 - الطعن الواضح في القرآن واتهامه بأنه يبيح الشذوذ الجنسي ضمن ما يبيح.

4 - تسمية بغايا وفاجرات في مواخير الخمر بأسماء زوجات النبي (ص).

5 - هجوم وقح على الاسلام ومبادئه.

6 - الرواية مشحونة بالبذاءات والسب والسخرية والاستهزاء ضد الدين وقيم الدين.

انطلاقا من هذه الحيثيات اصدر الامام الخميني رضوان الله عليه حكمه المشهور بوجوب قتل المرتد سلمان رشدي.

وقد ثارت ضجة في دول الغرب تتهم «حكم الإمام الخميني» بأن فيه مصادرة لحرية الفكر، ومحاربة لإبداعات الأدب والفن... وقد تناغم مع هذه الضجة المفتعلة كل المتغربين واللادينيين في مجتمعاتنا العربية والإسلامية...

وردا على هذه الضجة نقول:

أولا: رواية سلمان رشدي ليست أسئلة جدية تبحث عن الحقيقة، وليست إشكالات علمية عن الإسلام حتى تناقش ويجاب عنها، وإنما هي شتائم وسخريات وإساءات وتطاولات فجّة... فهل هذا النمط من الكتابات يمكن أن يقال له حصانة أدبية، ويطالب له بحرية الرأي؟

ثانيا: وحتى على المستوى الفني الأدبي، فالرواية لا تملك وزنا ثقيلا، ولا تحمل مكوّنات متماسكة، وهذا هو رأي النقاد الانجليز عموما في الرواية بحسب ما ذكر محمد يحيى في كتابه «الآيات الشيطانية الظاهرة والتفسير» وهو عبارة عن دراسة نقدية موضوعية يحاول من خلالها المؤلف - وهو مدرس الأدب الانجليزي بجامعة القاهرة - عرض الملامح الرئيسية لهذه الرواية ومعالجتها بالتحليل والتفسير، وقد استطاعت الدراسة أن تثبت أن رواية رشدي (الآيات الشيطانية) ليست عملا أدبيا جيدا يستحق التكريم والحفاوة والاحترام.

ثالثا: يظهر أن السبب وراء هذه الضجة وهذا الصخب في الدفاع عن «الآيات الشيطانية» هو كونها تشكل عملا دعائيا ضد الإسلام وكونها تشكل تطاولا واضحا على مقام النبي الأعظم (ص)...

المقدّس الثالث

القرآن/ الدين/ الشريعة/ القيم: هذه العناوين تنتظم ضمن مقدّسات الإسلام فأي مسّ أو إساءة أو اعتداء على واحد منها هو انتهاك لحرمة المقدسات...

- فالقرآن واحد من مقدسات الإسلام...

والدين في ثوابته، والشريعة في أحكامها القطعية، والقيم في مسلماتها... عناوين تدخل في منظومة المقدسات الإسلامية... هذه المقدسات لا يسمح أن تمس بأي شكل من الأشكال، ولا يسمح للإنسان المسلم أن يتهاون في الدفاع عنها بأي شكل من الأشكال وعندما نرفض أن تمس هذه المقدسات لا يعني أننا لا نسمح للآخرين الذين لا يؤمنون بالإسلام أن يحاورونا في عقائدنا وثوابتنا ومسلماتنا وقيمنا... الحوار مسألة تختلف عن الإساءة والمس والاعتداء على حرمة المقدسات...

وفي هذا السياق أود أن أبدي أسفي الشديد لإلغاء مادة في قانون الصحافة تنص على عقوبة من يسيء إلى الإسلام، فبحسب ما جاء في صحيفة «الوسط» (العدد 311) الصادر يوم الاثنين 14 جمادى الأولى 1424هـ - 14 يوليو/ تموز 2003 وتحت عنوان: «تعديلات قانون الصحافة» ان القانون غير المعدل كان ينص على «عقوبة الحبس لكلِّ من يتعرض لدين الدولة الرسمي في مقوّماته وأركانه بالإساءة والنقد» إلا أن مجلس الوزراء - وفق خبر «الوسط» - قد وافق على مشروع قانون معدّل بشأن تنظيم الصحافة والطباعة والنشر...

وألغى مشروع القانون المعدّل النص الذي يفرض عقوبة الحبس لكل من يتعرض لدين الدولة الرسمي في مقوماته وأركانه بالإساءة والنقد.

وبناء على هذا التعديل فلا عقوبة لمن يتعرض للإسلام بالإساءة والنقد، ولا عقوبة لمن يتعرض لمقوّمات الإسلام بالإساءة والنقد، ولا عقوبة لمن يتعرض إلى أركان الإسلام بالإساءة والنقد... فلتأخذ الأقلام في الصحافة كل الحرية في الإساءة للإسلام والدين والقرآن!!! هنا نترك التعليق للجهات الرسمية...

المقدس الرابع

مساجد/ مواطن/ مقامات: وضمن منظومة المقدسات الإسلامية:

1- مساجد لها خصوصيات متميزة:

أ- المسجد الحرام.

ب- المسجد النبوي.

ج- المسجد الأقصى.

د- مسجد الكوفة...

2- مقامات الأنبياء والأوصياء صلوات الله عليهم. ومن هذه المقامات المقدسة:

- مرقد النبي الأعظم (ص).

- مراقد الأنبياء (ع).

- مراقد الأوصياء وعلى رأسهم الأئمة من أهل البيت (ع).

3- البلدان التي تضم المساجد المقدسة والمقامات الشريفة:

- مكة المكرمة.

- المدينة المنورة.

- القدس الشريف.

- النجف الأشرف.

- كربلاء المقدسة...

- وبقية المدن التي تحتضن المقامات الشريفة... هذه المساحات المكانية تحمل صفة القداسة فإذا كان القرآن اعتبر فلسطين أرضا مقدسة كما في قوله تعالى: «ادخلوا الأرض المقدسة» (المائدة: 21) كونها أرض الأنبياء والرسالات فكل أرض تحتضن نبيا أو وصيا فهي أرض مقدسة وأرض مباركة...

4- اليهود ينتهكون حرمة المسجد الأقصى: حينما وضع شارون قدمه على أرض المسجد الأقصى مارس أبشع انتهاك لحرمة هذا المكان المقدس.

لاشك أن وجود اليهود في فلسطين هو انتهاك لحرمة هذه الأرض المقدسة، ولاشك أن دخول اليهود مدينة القدس هو انتهاك أشد بشاعة...

إلا أن تدنيس المسجد الأقصى هو الانتهاك الأعظم والأفظع...

ويوم انتهكت عصابة الصهاينة حرمة المسجد الأقصى، فسقطت لديها كل الحرمات، فلم تبقَ حرمة للدم الفلسطيني ولم تبقَ حرمة للبيت الفلسطيني، ولم تبقَ حرمة للمال الفلسطيني، ولم تبقَ حرمة للعرض الفلسطيني...

هكذا سقطت كل الحرمات في فلسطين وأنظمتنا العربية والإسلامية تعقد المؤتمرات تلو المؤتمرات، وتصدر القرارات تلو القرارات...

إلا انها مؤتمرات وقرارات فقدت كل الاعتبار في نظر شعوب هذه الأمة، وفقدت كل الثقة في زحمة الفشل والضعف والتراجع...

فهل يمكن لهذه المؤتمرات أن تعيد حساباتها - علّها تعيد لنفسها شيئا من الاعتبار الذي فقدته، وعلّها تسترجع شيئا من ثقة الأمة التي انتهت منذ زمن طويل، وعلّها تبعث شيئا من الأمل الذي مات على مذبح المساومات والانهزامات...

5- مسيرة الجمعة وتداعيات الموقف: في عصر الجمعة الماضية انطلقت المسيرة العلمائية الجماهيرية وهي تحمل الأهداف الآتية: - وبحسب ما أكد بيان المسيرة -:

1- الاستنكار الشديد لجريمة هتك حرمة المقدسات الدينية في العراق من قبل قوات الاحتلال الأميركي التي أقدمت على اقتحام مدينتي النجف وكربلاء المقدستين.

2- الدعم والتأييد لموقف المرجعية الدينية في النجف الأشرف.

3- مطالبة المنظمات الإسلامية، وعلماء المسلمين، وجماهير الأمة بإعلان الاستنكار والاحتجاج لانتهاك حرمة المقدسات.

4- الدعوة إلى وحدة الشعب العراقي والحذر من المحاولات الهادفة إلى إثارة الفتنة والاقتتال بين أبناء الشعب.

5- استنكار وشجب ممارسات التعذيب الوحشية وانتهاكات الأعراض في داخل السجون العراقية على أيدي قوات الاحتلال والتي فتحتها وسائل الإعلام... وكذلك استنكار الاغتيالات التي تطول الرموز الدينية والسياسية الخيّرة.

6- مطالبة قوات الاحتلال بالانسحاب من العراق وإعطاء الشعب العراقي حقه في تقرير مصيره وإقامة نظامه السياسي بحسب إرادته واختياره بلا هيمنة ولا وصاية أميركية.

7- المساندة والتأييد والدعم لصمود وجهاد الشعب الفلسطيني في مواجهة الغطرسة الصهيونية، وما تمارسه هذه الأيام من مذابح مروعة على أرضنا في فلسطين.

8- مخاطبة قمة الزعماء العرب بأن تكون في مستوى تحديات المرحلة، وفي مستوى آمال الأمة وتطلعاتها...

هذه مجمل الأهداف الواضحة لمسيرة الجمعة السلمية.

فهل هذه الأهداف تستحق المواجهة والتصدي من قبل قوات الأمن، وبهذا الأسلوب الشائن جدا؟

هل هناك ما يبرر ضرب مسيرة سلمية يتصدرها علماء الدين، وتضم عشرات الآلاف من أبناء هذا الشعب، وفيهم النساء والأطفال والشيوخ والعجزة!

إن ما حدث فوق كل الاحتمالات وخصوصا في هذه المرحلة التي تشهد التفاؤل الكبير، فيما سادت أجواء الحوارات العاقلة والصادقة... لذلك نقول ما حدث كان خارج كل الاحتمالات... كان الأمر يتجه في مسار خطير جدا، لولا المبادرة الملكية الجريئة التي جاءت في الوقت المناسب، وإننا إذ نثمن هذه المبادرة نؤكد ما تضمنته من ثوابت أساسية:

1- حق التعبير السلمي عن الغضب والاحتجاج على ما يقع من ظلم وتجاوز لإخواننا في الدين والعروبة وعلى انتهاك حرمة العتبات المقدسة...

2- مسئولية الجهات الرسمية والأمنية في حماية هذا الحق ورعايته إلا إذا وقع تعرض للأرواح والممتلكات وتم تجاوز الوسائل السلمية.

3- تأكيد محاسبة المسئولين عمّا حدث...

وهنا نؤكد طلبنا تشكيل لجنة واضحة للتحقيق والمتابعة ولتحديد المسئولية، وإلا فستبقى «بؤر التأزيم» قائمة الأمر الذي يهدد مسيرة المشروع الإصلاحي ويعقد مسارات الحوار الهادف، ويربك أجواء الانفراج السياسي، ويضعنا دائما أمام الأزمات والمآزق...

إننا ننتظر الإجراءات العاجلة والجريئة والصادقة، وسنبقى الأبناء الأوفياء لهذا الوطن، ولأمنه واستقراره، ولكل الخطوات الخيّرة التي تهدف إلى حماية مصالح هذا الوطن ودينه وقيمه...

كما نتمنى لوزير الداخلية الجديد أن يمارس مهماته الصعبة وفق استراتيجية جديدة وبحسب ما جاء في تصريحاته التي تبعث على التفاؤل، فأملنا الكبير أن تتحول هذه التصريحات إلى واقع يتحرك على الأرض، لتكرّس مفهوما جديدا للتعاطي الأمني، ينسجم ويتوافق مع مسيرة الانفتاح السياسي وضرورات المشروع الإصلاحي

إقرأ أيضا لـ "السيد عبدالله الغريفي"

العدد 630 - الخميس 27 مايو 2004م الموافق 07 ربيع الثاني 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً