العدد 641 - الإثنين 07 يونيو 2004م الموافق 18 ربيع الثاني 1425هـ

النشيط... من مأساة «بهجت» إلى معاناة العلاج في الخارج

يبدو أن المعاناة ستظل حليفة للمريض ميثم النشيط المصاب بمرض «متلازمة بهجت» المزمن. ذلك المرض الذي حوّل جسد الشاب النشيط، إلى جسم هرم لا يقوى على الجلوس ولا على المشي ولا حتى على الحركة.

وبعد التحقيق المفصل الذي نشرته «الوسط» أخيرا عن حال النشيط، تحركت الكثير من الجمعيات الدولية، وراسلت عائلة النشيط، حتى ان صحيفة «الجارديان» اللندنية ترجمت الموضوع سعيا لنشره... وبعد أن لاحت أولى بوادر انفراج المأساة حين قررت وزارة الصحة علاج المريض في الرياض، سارت الرياح بما لم يشتهه أهل النشيط الذين عانوا الأمرين بسبب فقدان الشاب، الذي خلا المنزل من شخصه، وبقي ملقى على السرير بين الحياة والموت.

ما ليس في الحسبان

الوجهة كانت مستشفى الملك فيصل التخصصي، وكل الأمور كانت تسير وفق مخططات أهل النشيط، ولكن حدث ما ليس في الحسبان... فتعرضت صحة المريض النشيط لمضاعفات لم تكن في الحسبان وهو في طريقه إلى العلاج في مستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض، وذلك بسبب غياب التنسيق المشترك ما بين شركة الطيران الناقلة والمستشفى في الرياض، وبين لجنة العلاج في الخارج على رغم وجود مرافق طبي خلال الرحلة والذي عاد على الفور بعد تسلم قسم الإسعاف المريض بحسب والد المريض عبدالكريم النشيط لكن النشيط بقي ملقى في ممر طوارئ المستشفى لساعات طويلة قبل إدخاله إلى غرفة العلاج.

وتشير آخر الأخبار الواردة من الرياض من قبل والد المريض ميثم إلى أنه «لم يكن هناك تنسيق لسفر المريض على رغم أن لجنة العلاج بالخارج في البحرين كانت تؤكد ذلك وبدأت أولى المعاناة في مطار البحرين الدولي، عندما تفاجأ رجال الجمارك بأنه لم يتم حجز سرير للمريض وإنما حجز له كرسي عادي كما أن الأوراق اللازمة لم تعتمد ما أحدث لبسا طويلا ما بين الممرض المرافق وشركة الطيران».

وأضاف الوالد أن «المعاناة الأخرى جاءت عندما تعرضت الرحلة لمطبات جوية عديدة أفقدت ميثم توازنه وأحدثت خللا في سلوكه وعدم قدرته على الجلوس على الكرسي ما أضطر الممرض ووالده إلى التنازل عن مقعديهما ليستلقي.

وعلى رغم ما تعرض له ميثم من معاناة، فقد أعلم قائد الرحلة إدارة مطار الرياض والذين استقبلوه باهتمام بالغ، إلا أن الجميع تفاجأوا بعدم قيام إدارة المستشفى بإرسال سيارة الإسعاف لنقل المريض إلى المستشفى وبعد عدة اتصالات مع قسم الإسعاف ولجنة العلاج بالخارج في البحرين تفاجأنا بأن أحد أعضاء اللجنة أقر بأن المريض لا يحتاج إلى إسعاف. وتم التأكد من قسم الإسعاف بالمستشفى بأنه لا توجد توصية بذلك».

النشيط في ممر الطوارئ

وبعد شد وجذب اضطر المرافقان إلى أخذ سيارة أجرة (تاكسي)، وبسرعة فائقة لمسافة تزيد على نصف ساعة لتصل إلى قسم الطوارئ بالمستشفى، ومن جديد تفاجأوا بأن إدارة المستشفى ليست لديهم أوامر لاستقباله على رغم الحال السيئة التي هو فيها... وبقي ميثم ومرافقاه لأكثر من ساعتين في ممر الطوارئ وعلى رغم إدخال الأوراق اللازمة فان الحال لم تتغير حتى تكرم احد الممرضين الأجانب وأرسل إليه سريرا متحركا ليرتمي عليه من شدة الإرهاق و المضاعفات الصحية، التي طرأت عليه بعد أكثر من خمس ساعات وهو جالس، وعندما حاولوا معرفة أسباب هذه المعاملة أخبرونا بأن الخدمات التي تقرها رسالة رئيس لجنة العلاج بالخارج من البحرين عيسى السماك هي من خدمات الدرجة الثانية وهذا الأمر عادي جدا. وعن عدم أخذ المريض للتشخيص الفوري قيل لنا إنه حدث خطأ طباعي إذ سجل على أنه أنثى ما استدعى تغيير جميع مرفقات الملف وكل هذه الإجراءات تتطلب وقتا».

وقال الوالد: «ساعة إعداد هذا التقرير هي الثامنة مساء ومازال المريض ميثم النشيط مرميا على سرير الإسعاف في ممر قسم الطوارئ وكلما طالبنا بضرورة نقله، قيل لنا ان هناك مشكلة مع التنسيق بين البحرين وإدارة المستشفى ومازال الحال على ما هو عليه في انتظار أحد المسئولين ليتكرم بإنهاء هذا اللبس الذي يتحمل قسم العلاج بالخارج النصيب الأكبر فيه. وتم في التاسعة مساء أخذ ميثم إلى قسم آخر لأن القسم المفروض أن يرقد فيه لم يجهز إلى الآن، وكان المفترض أن يتم نقل المريض إلى قسم الأعصاب، وليس قسم الأورام، لأن المناعة عند المريض معدومة وقد يؤدي هذا الوضع إلى سهولة انتقال الفيروسات وإصابات بأمراض لا توجد على لائحة النشيط، وأخبرنا أحد الممرضين بضرورة الإسراع في نقله. نحن نقدر كل جهود الصحة، ونثمن ما قامت به الوزيرة ندى حفاظ، والوكيل عبدالعزيز حمزة، ولكن ما حدث أمر لا يمكن السكوت عنه».

للطبيب المسئول وجهة نظر

من جهته أوضح الطبيب الاستشاري المعالج لميثم النشيط أن «تشخيص النشيط تم في أغسطس/آب من العام 2002 حينما أصيب المريض بشلل نصفي، وعند ذلك ظهرت أعراض على شكل تقرحات في منطقة الفم والأعضاء التناسلية، ولم يكن مصابا في العين. ونتيجة هذه الأعراض، وإصابته بجلطة في الدماغ التي لا تأخذ الشكل الطبيعي للجلطات الأخرى، فإن هذا أكد إصابته بمرض بهجت، ولذلك أعطي المريض الأدوية المناسبة من الكورتزون وأدوية كلور أمبوسيل، الذي أخذه لفترة عام إذ لوحظ تحسن صحته بشكل كبير جدا، واستطاع المشي لكن قواه العقلية أصيبت بدرجة بسيطة، ولذلك لم يكن بمقدوره الالتحاق بعمل ثابت إذ ان المريض طلب شهادة تثبت إمكان عمله صحيا، لكني لم استطع ذلك لاعتقادي أنه غير صالح لعمل ثابت.

وأضاف «في نهاية ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي، خضع ميثم النشيط لعملية استئصال اللوزتين، وبعد إخراجه من المستشفى لم يكن يستطيع البلع، وبالتالي توقفنا عن إعطائه الأدوية من الكورتزون والأميوران - بدل كلور أمبوسيل - ونتيجة ذلك تدهورت صحته، وأدخل المستشفى في نهاية يناير/ كانون الثاني من العام الماضي، إذ كانت صحته سيئة جدا، وأصبح يعاني من الجفاف ولذلك أعطي الأكل عن طريق أنبوب الأكل، ولكثرة السوائل في البلعوم عمل له تنفس اصطناعي لعدة أيام، وبعد ذلك تحسنت صحته قليلا واستطاع التنفس عبر الأنبوب من دون الحاجة إلى المكنة. وبالتدريج، تحسن ونزعنا أنبوب التنفس، لكن أنبوب الطعام بقي لفترة بسيطة».

وقال الاستشاري: «خلال ثلاثة الأسابيع الماضية، بدأ النشيط يأكل بشكل شبه طبيعي وتحسن إدراكه نسبيا، ولكنه لم يتمكن من القدرة على الكلام التي فقدها قبل أربعة شهور. ورتب للمريض علاج طبيعي مكثف، وهو الآن يستطيع الجلوس على الكرسي المتحرك لمدة حوالي ساعتين يوميا، ولكنه، لحد الآن لا يستطيع المشي. كما تحسنت صحة النشيط بصورة ملحوظة خلال أربعة الشهور الماضية، وسيحتاج إلى عدة اشهر ليعود إلى سابق عهده قبل انتكاسته الأخيرة».

العلاج هو نفسه في كل مكان

أما بالنسبة إلى علاج متلازمة بهجت، فقد نوه الاستشاري المسئول عن حال النشيط إلى أنه من الضروري جدا أخذ الكورتزون والأميوران بجرعات كبيرة حتى تتم السيطرة على المرض، ولا يوجد شيء آخر غير ذلك. وقال: «راسلت شخصيا طبيبا في المملكة العربية السعودية، في مستشفى الملك فيصل التخصصي، واستغرب لقيام زميل له بقبول علاج الحالة، على رغم أن العلاج الذي يعطى له في المملكة هو العلاج نفسه في كل مكان ولا يمكن أن يختلف بأي حال من الأحوال. ورد مستشفى الملك فيصل التخصصي، يعتبر ردا تجاريا، بعد أن تحول جزء كبير من هذا المستشفى العريق إلى العمل التجاري، والأمر ينطبق على المراسلات التي حصلت عليها عائلة النشيط من الأردن وبريطانيا وغيرها من الدول».

وعن عدم حصول النشيط على سرير في رحلته إلى الرياض أوضح الاستشاري أن المريض بمقدوره الجلوس على كرسي لمدة ساعتين يوميا، والرحلة إلى الرياض لا تزيد على ساعة واحدة. ونفى الاستشاري أن يكون طلب عدم توفير سيارة اسعاف لنقل النشيط، مبينا أنه حدث لبس ما في تقرير لجنة العلاج في الخارج، وليس من اختصاصه تحديد هذا الأمر.

وعلى رغم ما يقوله الاختصاصيون، فإن عائلة النشيط، لاتزال تصر على علاجه في الخارج. وهم متأكدون من أن النشيط يستطيع أن يتعافى من مرضه الفتاك، حتى لو أن المختصين يقولون عكس ذلك... أما الرياض، التي كانت موجودة على لائحة الأهل للعلاج، فكانت المحطة الثالثة في العلاج بعد تمريره على مستشفى ولنغتون في بريطانيا. ولكن الظروف شاءت أن يذهب النشيط في أول رحلته إلى المرحلة الأخيرة من العلاج

العدد 641 - الإثنين 07 يونيو 2004م الموافق 18 ربيع الثاني 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً