العدد 686 - الخميس 22 يوليو 2004م الموافق 04 جمادى الآخرة 1425هـ

فضل الله: إهمال حقوق الفلسطينيين سيخلق بؤرا أمنية وسياسية جديدة

السيد عبدالله الغريفي comments [at] alwasatnews.com

حذر المرجع الديني السيد محمدحسين فضل الله، من وجود مناخ سياسي وإعلامي تغذيه بعض الإدارات الغربية، وخصوصا الإدارة الأميركية يسهم في ارتفاع منسوب العداوة والكراهية ضد العرب والمسلمين في الغرب.

وسأل قائلا: لماذا لا تنطلق حركة على المستوى السياسي والثقافي في الغرب لتدين التعرض للإسلام ولترفض هذه الذهنية العنصرية التي تشبه إلى حد بعيد الذهنية العشائرية، في الوقت الذي يحملهم اليهود أكثر من عقدة ذنب في ما يسمونه العداء للسامية. مؤكدا أن إهمال الإدارات الغربية لحقوق الفلسطينيين سيظل يخلق بؤرا أمنية وثقافية وسياسية متوترة في المنطقة والعالم.

وقد سئل في ندوته الأسبوعية عن السبب في تعاظم الكراهية ضد العرب والمسلمين في الغرب، فأجاب: ثمة ظاهرة تنتشر في أكثر من مجتمع من المجتمعات الغربية تتمثل في الاضطهاد المباشر أو غير المباشر للمسلمين والعرب، والتي اتّسع نطاقها منذ حوادث 11 سبتمبر/ أيلول بالمستوى الذي أصبح يتعرض فيه المسلمون والعرب لاعتداءات تمسهم كأفراد وتطاول وجودهم السياسي في هذه المجتمعات، كما تحاول النيل منهم كقوة بشرية واقتصادية، فضلا عن الجهود المتواصلة للنيل من عقائدهم وكيانهم الفكري والثقافي وما إلى ذلك. ورأينا في الآونة الأخيرة أن هناك اعتداءات معنوية تتصاعد في أكثر من مكان كتهجم بعض الأطراف في أحزاب بريطانية (الحزب القومي البريطاني اليميني) على المسلمين المهاجرين وعلى دينهم وعلى القرآن الكريم في أجواء توحي بالعنصرية والحقد، كما سمعنا من بعض الجنرالات في الجيش الأميركي تهجما على الإسلام وسمعنا من بعض رجال الدين في أميركا من يهاجم النبي محمد (ص) ليتهمه بالإرهاب وليصم الإسلام بأنه دين العنف والإرهاب وما إلى ذلك.

وقال: نحن لا نريد أن نوزع الاتهامات يمنة ويسرة وفي كل الاتجاهات، ولكن من الواضح تماما أن ثمة مناخا سياسيا وإعلاميا ساهم في ارتفاع منسوب هذه الكراهية ضد الإسلام وضد العرب في الوقت الذي يتساءل الإعلام الأميركي: «لماذا يكرهوننا؟»، لأن هناك عملا ينطلق في أكثر من خطة مدروسة لإثارة الضباب حول المفاهيم الإسلامية وحول ذاتية الإسلام بحيث يصبح التعرض للذين ينتمون إليه جزءا من المخطط العام باعتبار أن المستهدف هو أبعد بكثير من هؤلاء، لأنه يهدف إلى تشويه صورة الإسلام في العالم.

وتابع: وهناك من الجهات السياسية في الغرب من هم داخل الدائرة العنصرية اليهودية أو خارجها ممن يعتبرون أن انتشار الإسلام كفكر وازدياد عدد المنتمين إليه في البلدان الغربية حتى في أعقاب حوادث 11 سبتمبر بالشكل الذي يجعل منه الدين الأكثر انتشارا في العالم يمثل خطرا عليهم وعلى كل ما قاموا ويقومون به من محاولات لغسل الأدمغة الغربية وجعلها تتحرك بشكل تلقائي ضد العرب والمسلمين... ولذلك ضاعف هؤلاء من جهودهم الإعلامية والسياسية للاستفادة من كل المناخ السياسي الذي صنعه المحافظون الجدد في أميركا، والذي غذته أكثر من جهة تدعي الانتماء إلى الإسلام بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. ولاشك في أن بعض الإدارات السياسية في الغرب وخصوصا الإدارة الأميركية هي المسئولة الأساسية عن انتشار هذا النوع من الكراهية ضد المسلمين والعرب، إذ عملت على وضعهم جميعا في دائرة الاتهام وفي موقع القاتل المدان حتى تثبت براءته وليس العكس بل إنها عملت على تطويع القوانين الأميركية بالطريقة التي تمكنها أكثر من ملاحقة العرب والمسلمين ما أوحى بأن المسألة تتجه لإدانة دين أو قومية على الطريقة العشائرية المنتشرة في الكثير من بلادنا في الشرق ليسقط منطق العدالة ويرتفع منطق الانتقام من المجموعة لا ممن اقترف هذا الخطأ أو هذه الجريمة وما إلى ذلك.

وأضاف: نحن في الوقت الذي لا نستطيع أن ننفي فيه أن بعض الأفراد ممن ينتمون إلى الإسلام أو إلى العروبة قاموا بأعمال لا يقرها الإسلام ولا تقبل بها حضارة، إلا أن علماء المسلمين كانوا أول من دان هذه الأعمال وأسقط ما يدّعيه هؤلاء من شرعية لها، فلماذا لا تتعاطى الدوائر الغربية مع هذه الأعمال في دائرتها الفردية؟ ولماذا تسعى لترتيب أوضاع وآثار جديدة عليها حتى يشعر العرب والمسلمون بالاضطهاد وهم يدخلون هذا البلد الغربي أو ذاك؟ أو يشعر المسلم الذي يقطن في بعض المناطق الغربية بأن جاره الذي يرفض حتى الحديث معه بفعل الإجراءات والقوانين أو الدعاية التي حركتها هذه الإدارات أو الأجهزة التي تدعمها وتختفي وراءها بطريقة تشبه إلى حد بعيد ما يجري في كثير من دول العالم الثالث؟ وأردف: إننا نقول للغربيين: لقد لاحظتم أن المجتمعات الإسلامية والعربية لا تبادلكم هذا الشعور بالعدوانية والكراهية، ولا تتحرك ضدكم في مواقف حادة ولا تضطهدكم، وإذا قام بعض الأفراد منها بذلك، فإن هؤلاء يكونون محل إدانة واستنكار وملاحقة واشتباه، فلماذا لا تنطلق عندكم حركة على مستوى الموقف السياسي والثقافي الحاسم لتدين التعرض للإسلام، ولترفض هذه الذهنية العنصرية التي تشبه إلى حد بعيد الذهنية العشائرية في هذا التعصب الأعمى ضد العرب والمسلمين؟ وإذا كان اليهود يحملونكم مسئولية ما يسمونه: العداء للسامية فهل تشعرون بشيء من عقدة الذنب حيال كل ما اقترفته الإدارات الغربية ضد العرب والمسلمين في ثرواتهم وبلدانهم وحتى في معتقداتهم؟

وخلص إلى القول: نقول للعرب والمسلمين: إن ما يقوم به بعض الغربيين ضدكم أو ما تمارسه بعض الإدارات الغربية لا يبيح لكم أن تتخذوا موقفا سلبيا ومعاديا ضد الغرب عموما، ففي الغرب شرائح فكرية وثقافية وسياسية واجتماعية لا تقبل بهذا الاضطهاد الذي يمارس ضد العرب والمسلمين، وهناك من يتفهم أعمال المقاومة المشروعة ضد الاحتلال الإسرائيلي أو الأميركي، الأمر الذي يفرض على العرب والمسلمين أن يتعاونوا مع هذه الشرائح وأن يتحركوا معها في مواجهة المواقف العدائية التي تثار ضدهم، ثم أن ينطلقوا في إطار خطة إعلامية وسياسية وثقافية تعمل على توضيح المفاهيم الإسلامية للغربيين في مواجهة حملات التشويه المتواصلة ضدها.

وختم: أما الإدارات الغربية، فعليها أن تعرف بأن سياسة إغفال حقوق الفلسطينيين ستستمر في خلق بؤر أمنية وثقافية وسياسية متوترة، لا على مستوى العالم، لتخلق مناخات مؤاتية وساحات واسعة لأصحاب الفهم المتخلف والعدواني ضد الآخر، ولذلك فإن القضية الفلسطينية ينبغي أن تكون الأساس في كل تطلّع نحو الحل لا على مستوى حل الإشكال السياسي فحسب بل وأيضا بعض الإشكالات الفكرية الثقافية التي تنطلق في كثير من الأحيان من خلال المناخات السياسية المعقدة

إقرأ أيضا لـ "السيد عبدالله الغريفي"

العدد 686 - الخميس 22 يوليو 2004م الموافق 04 جمادى الآخرة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً