العدد 701 - الجمعة 06 أغسطس 2004م الموافق 19 جمادى الآخرة 1425هـ

القطاع «التطوعي» من أكبر القطاعات

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

الحديث على مستوى عالمي يدور في بعض جوانبه عن دور القطاع «التطوعي» في الاقتصاد الوطني بعد ازدياد ظاهرة المتبرعين بالمال والمتطوعين بأوقاتهم من أجل عمل الخير في مختلف البلدان. والمشكلة تكمن في أن عدم احتساب هذا القطاع ضمن المؤشرات الاقتصادية لا يعطي صورة واضحة عن الانتاجية والخير المتوافر في هذا البلد أو ذاك.

وكان ممن تنبه إلى ظهور هذا القطاع عالم الإدارة الأميركي «بيتر دركر» الذي أشار في كتابه «مجتمع ما بعد الرأسمالية» إلى أن من أكثر القطاعات انتاجية خلال السنوات المقبلة سيكون قطاع المتطوعين بأوقاتهم وأموالهم من أجل الأعمال الاجتماعية والخيرية.

وتشير إحصاءات صدرت أخيراً إلى أن أموال التبرعات في الولايات المتحدة تقترب من 250 مليار دولار سنوياً (قارن ذلك بالناتج القومي البحريني المقدر بنحو 9 مليارات دولار). كما تشير الإحصاءات إلى أن التبرعات بالمال والوقت (من ناحية النسبة والمقارنة مع عدد السكان وحجم الاقتصاد) تزداد في بلدان مثل هولندا والسويد اللتين بلغ فيهما حجم التبرعات أكثر من 4 في المئة من الناتج القومي، وهذه النسبة أكبر من 2,5 في المئة وهي مقدار ما يدفعه كثير من المسلمين كزكاة على أموالهم الاجمالية. كما تشير الإحصاءات إلى أن «المتدينين» يدفعون أكثر من «غير المتدينين»، سواء كان المتدين مسيحياً أو يهودياً أو مسلماً أو بوذياً، كما أوردت ذلك مجلة «الايكونوميست» الشهر الماضي.

وربما أن هذا ما يشهد به الواقع البحريني أيضاً، ولدينا مؤسسية متطورة للقطاع التطوعي تشمل فيما تشمل سبعين صندوقاً خيرياً، بالإضافة إلى جمعيات ومراكز ومؤسسات ورجال مال ودين، جميعهم يشاركون في العمل التطوعي. ولولا القطاع «الطوعي» البحريني الذي ازداد مؤسسياً منذ مطلع التسعينات لكانت هناك كوارث اجتماعية، لأن المحتاجين لن يجدوا من يساعدهم.

الفرق بين العمل التطوعي في البحرين وفي عدد من البلدان المتقدمة يكمن في عدة جوانب. فمن جانب، فإن العمل التطوعي البحريني يركز على «انقاذ» المحتاجين والمساكين، بينما في الدول الأخرى فإن الأمر يتعدى ذلك إلى الصرف على المتاحف والدراسات ومعاهد التدريب والجوانب الجمالية من الحياة بالإضافة إلى حماية المحتاجين. من جانب آخر، فإن الذين يشاركون في العمل الطوعي في أميركا وهولندا (مثلاً) ليسوا فقط المحتاجين وذوي الدخل المحدود، وإنما تجد الأغنياء جداً هم أول المشاركين. بل إن عدداً من المديرين التنفيذيين والذين يتولون مناصب مهمة بدأوا يطلبون عطلاً لمدة عدة أشهر لكي يقضوها في مشروعات خيرية، من بينها مثلاً العمل على نشر مبادئ حقوق الإنسان في بلد من البلدان، أو تعليم المرضى المصابين بأحد أمراض الإعاقة، أو الذهاب لعلاج مصابين في أماكن نائية بصورة مجانية. ويحرص هؤلاء حالياً على إضافة أنواع الأعمال التطوعية في النبذة الشخصية (CV) التي يقدمونها عن أنفسهم.

وبدأ عدد من الشركات الكبرى في أميركا وأوروبا بإضافة بند في ورقة المعاش الشهري لكي يشير إلى المقدار الذي تم اقتطاعه من الموظف من أجل أعمال خير يختارها الموظف أو الشركة. (وهو خيار طوعي يزداد الإقبال عليه حالياً).

في البحرين تجد أكثرية الناشطين والمتبرعين للعمل الخيري هم من ذوي الدخل المحدود، وعموماً، فإنه كلما زاد غنى الشخص قلت تبرعاته، وقل عمله التطوعي. ومع وجود الاستثناءات هنا وهناك، إلا أن «ذوي الملاءة» من البحرينيين ربما يعتبرون من أقل الناس عطاء على مستوى العالم وعلى مستوى الخليج، وهو «سر مكنون» لم تكشف أسبابه بعد، ولربما اننا بحاجة إلى دراسات بحرينية توضح لنا أسباب زيادة عطاء ذوي الدخل المحدود، وقلة عطاء (أو انعدام عطاء) ذوي الملاءة.

ملاحظة: هناك الكثير من أهل الخير في البحرين، والملاحظات أعلاه يجب ألا تعمّم. وأعرف شخصياً أحد الأطباء «من ذوي الملاءة» الذي يخصص فترات لعلاج الناس مجاناً على أن يحصل طالب العلاج على تزكية من صندوق خيري معتمد

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 701 - الجمعة 06 أغسطس 2004م الموافق 19 جمادى الآخرة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً