العدد 708 - الجمعة 13 أغسطس 2004م الموافق 26 جمادى الآخرة 1425هـ

فضل الله: لا خطط لتهجير المسيحيين من العراق والمنطقة

حذّر من الذهنية الغوغائية وأثرها في تحريك الفتنة

السيد عبدالله الغريفي comments [at] alwasatnews.com

حذّر السيّدمحمد حسين فضل الله، من الأثر الذي تتركه الذهنية الغوغائية في إثارة الفتنة وتحريك الجو الشعبي بدلاً من استثارة الجو العلمي. وشدد سماحته على مواجهة الخطط المتحركة لإثارة الفتن بين المسلمين والمسيحيين في الأوضاع السياسية التي يُعمل على تحميلها عنواناً دينياً ليس للمسيحية أو للإسلام صلة به. وأكد رفض المسلمين من السنة والشيعة اضطهاد المسيحيين، مؤكداً عدم وجود خطط لتهجيرهم من العراق، محذراً من وجود حركة دولية تعمل على العبث بالساحة العربية والإسلامية.

جاء ذلك رداً على سؤال في ندوته الأسبوعية عن الفتنة التي بدأت تطل برأسها في الساحة العربية والإسلامية وبخصوصاً في العراق؛ وأجاب: «لو درسنا المسألة على المستوى الإسلامي وخصوصاً في ما بين السنة والشيعة لرأينا أن هناك فريقاً من الساعين إلى إثارة الفتنة من خلال سعيهم إلى إثارة الجوانب السلبية في التاريخ، لا من خلال العمل على أخذ الدرس والعبرة من التاريخ بما يقوي الواقع الإسلامي ويؤصله في مواجهة هذا الهجوم المتواصل على بلداننا وكذلك على قيمنا وتراثنا... فهناك فرقٌ بين أن نثير التاريخ لنأخذ منه العبرة ونتجنب سقطات الحاضر والمستقبل، وبين أن نجعل منه محطة إعلامية وسياسية لإرباك حركتنا أو إثارة الأحقاد في واقعنا».

وتابع: «ولذلك فإن المسألة هي في الأولويات التي لابد أن تؤخذ في الحسبان عند هذه الإثارة، وفي دراسة المصلحة العليا للأمة، ومن ثم في الأسلوب الذي ينبغي أن تتحرك فيه القضية، لذلك فإنه في مقابل الجو الذي عاشت فيه هذه الحوادث في الوسط الإعلامي وما تركته من مضاعفات سلبية، كان لابدّ للسجال أو الحوار أن يحتكم إلى القواعد الإسلامية الشرعية التي تؤكد وجوب رد المسألة لله وللرسول لمعالجة الخلافات، وبذلك يمكن أن نواجه هذه الفتنة المتحركة التي يثيرها المتعصبون هنا وهناك، أو تلك التي تتحرك بالمجان لخدمة أكثر من عنوان استخباراتي عالمي».

وقال: «الخطير في هذا الواقع هو امتداد حركة الفتنة على أكثر من مستوى سياسي أو مذهبي أو طائفي، فهناك محاولات مستمرة لتعقيد المسلمين بعضهم من بعض وبمستويات من الاستنزاف قد تصل إلى التكفير والتضليل واستباحة هذا الفريق لدماء الفريق الآخر من خلال فتاوى صادرة من هنا وهناك لا تنطلق من قاعدة شرعية، إضافة إلى الذهنية الغوغائية التي تنطلق على أساسها كلمات الاتهام بعيداً عن الثوابت الإسلامية ومن خلال خطوط نظرية معقدة تراعي الجانب الذاتي على حساب الموضوعية والعقلانية والإسلامية، إذ ابتعدت الذهنية العلمية لدى هؤلاء لمصلحة الذهنية الغوغائية التي تعمل على إثارة الجو الشعبي العام بدلاً من استثارة الجو العلمي الخاص».

وأضاف فضل الله في سياق جوابه: «وفي جانب آخر، نلمح خططاً متحركة لإثارة الفتنة بين المسلمين والمسيحيين بلحاظ بعض الكلمات السلبية أو الأوضاع السياسية التي قد يُعمل على تحميلها عنواناً دينياً وليس للمسيحية أو للإسلام بمعناهما الديني أية صلة فيها، لأن هذه الحوادث التي قد تنطلق أو انطلق بعضها في صعيد مصر أو حتى حوادث لبنان أو ما جرى في العراق أخيراً ربما كانت ذات خلفيات اجتماعية أو سياسية لا دخل للإسلام والمسيحية بها».

وأردف قائلاً: «إننا نلاحظ أن التفجيرات التي استهدفت الكنائس في العراق جاءت في أعقاب التفجيرات التي طاولت مراكز عبادية ومواقع عبادية ومواقع علمائية إسلامية، ما يعرف الجميع أن لا علاقة له بالمسألة العراقية الإسلامية وإنما بحركة الفتنة في العراق التي تحرك العنوان الديني أو تضعه في الواجهة لحسابات وأهداف سياسية، ليبدأ البعض الحديث عن تهجير المسيحيين في الوقت الذي يعرف هؤلاء بأن المسلمين، السنة والشيعة، يرفضون هذا المنطق ولا يقبلون بأي اضطهاد للمسيحيين، وحتى عندما يثير البعض الحديث عن مشكلات عاشها المسيحيون في الواقع الإسلامي فإنها كالمشكلات التي يعاني منها المسلمون أنفسهم داخل هذا الواقع إذ لا توجد أية خطة لتهجير المسيحيين أو لاضطهادهم، كما أن الشعوب لا ترضى بذلك سواء في لبنان أو في العراق وغيرهما، ولكن الذي يعبث بهذا الواقع كله هو التخلف الذي يفرض نفسه في أكثر من موقع من مواقعنا العربية الإسلامية من جهة والخلفيات المخابراتية التي تحرّك هذا التخلف أو تستفيد من حركته المجنونة والغوغائية».

وأضاف: «وإذا كنا لا نريد أن نضع المسألة في إطار مؤامرة الأجنبي للهروب من تعقيداتنا الداخلية، فإننا نرى أن المستكبرين يستفيدون من كل المفردات السلبية في داخل الأمة والتي تعرف المخابرات الدولية والصهيونية كيف تحركها من خلال إثارة الغرائز في القاعدة الشعبية التي لا تنشط فيها حركة قوية فاعلة حريصة على إدارة الحوار الموضوعي العقلاني في كل هذه المفردات، وخصوصاً تلك التي تمثل قنبلة موقوتة قابلة للانفجار عند هذه المرحلة أو تلك، ولتفجير القضايا الكبرى لحساب الحساسيات الصغرى».

وختم بقوله: «إننا نلمح حركة دولية كبرى تعمل على العبث بالساحة العربية والإسلامية وتحرك ما بجعبتها من العناوين في المسألة الدينية والعرقية والسياسية بدءاً من السودان ووصولاً إلى العراق على أساس تضخيم عناوين المعاناة الداخلية وتصغير حجم المعاناة التي يتسبب بها الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين والاحتلال الأميركي للعراق، ولذلك فإننا نناشد العلماء الواعين وكذلك المفكرين والمثقفين من السنة والشيعة أن يتحركوا في داخل الساحة الإسلامية لمواجهة هذا العبث وهذه الفتنة، كما نناشد المسيحيين في تنوعاتهم المذهبية لكي يتحركوا لمواجهة الفتنة من خلال السعي المستمر لفضح كل الذين يختبئون وراء ذلك، وكما ينبغي على جميع المعنيين بتقديم الثقافة السياسية أو الدينية أو الاجتماعية أن يقدّموا إلى الناس منهجاً عقلانياً وسلوكاً موضوعياً حتى لا تتحرك الفتنة من خلال اللعب على سذاجة التفكير وهواجس الانفعال، ولنعمل جميعاً على تطويقها بتطويق خلفياتها المختلفة»

إقرأ أيضا لـ "السيد عبدالله الغريفي"

العدد 708 - الجمعة 13 أغسطس 2004م الموافق 26 جمادى الآخرة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً