العدد 739 - الإثنين 13 سبتمبر 2004م الموافق 28 رجب 1425هـ

احباط الطالب بعد التخرج!

مع بداية كل فصل دراسي في جامعة البحرين يبدأ تكالب الطلاب على تسجيل المواد وانغماسهم في هموم الدراسة الشاقة، علهم بذلك يجتازوا هذه الخطط التعليمية المضنية ويتخرجوا من الجامعة ويكونوا بذلك قد حققوا 20 في المئة من طموحهم إذ إن الوظيفة تشكل الـ 80 في المئة المتبقية، وبعد التخرج يمر الانسان البحريني البسيط «اللي ما عنده واو» في ثلاث مراحل: إما أن يزحف على بطنه أمام أبواب الوزارات والمؤسسات.

أو أن يصاب هذا المتخرج بالاحباط واللامبالاة بشيء وينقم على المجتمع ويتسكع في الأسواق والقهاوي والمجمعات باحثا بذلك عن بديل يشغل فيه أوقات الفراغ وهذه النقطة تنصب على أصحاب النفوس الضعيفة التي تفصلها عن الله عز وجل فراسخ جمة، أما القسم الأخير فهو الذي يندفع وراء حماسه للهجرة وشطب انتمائه نهائيا لا لشيء سوى يقينه بعدم تكافئ الفرص فهو ابن ذاك الفلاح أو هذا البحار أو ابن الموظف البسيط ولا يحتوي لقبه على ذيل يتبختر به في مشيه.

على كل حال أقبلت أنا على هذا الفصل الدراسي الذي يشكل خاتمة دراستي وتاج كفاحي المرير والذي لا يعرفه إلا المقربون منذ بدأت حياتي الدراسية العام 1986م، وكان من ضمن المواد المتبقية عليّ مقرر التدريب العملي، فقررت أخذه في الوزارة المعنية، وهناك اخبرني المشرف على تدريبي في أول يوم بأن وقت الدوام الساعة الثامنة صباحا وعليّ أن التزم بالحضور في الوقت المحدد، ومع أن هذه الوزارة لا تصرف للمتدرب قرشا احمر نظير عنائه وحضوره إلا أني التزمت طمعا في التخرج، فكنت احضر الساعة الثامنة صباحا لأجلس في المكتب وحيدا منتظرا أصحاب القريحة (الموظفين)، والذين يأتي بعضهم الساعة التاسعة والنصف، ويأتي البعض الآخر في حدود العاشرة أو العاشرة والنصف أو حتى الحادية عشرة، وعندما كنت هناك قرر بعض المسئولين عمل الدخول ببطاقة بجانب التوقيع عند الدخول والخروج فثارت ثائرة عدد ليس بالقليل منهم، ولا يهمني هنا ذكر ما قالوه من ألفاظ بهذا الخصوص.

لكن ما يهمني هنا هو العمل الثقيل الذي يقصم ظهورهم ويورم أكتافهم، نعم فعندئذ يبدأ طق الحنك، ففلانة تتحدث عن الكورن فليكس ونسبة الحديد فيه، وتتحدث علانة عن الستائر البلاستيكية وسعر المتر، وهذه تهاتف خادمتها للاطمئنان على البيت والتأكد من طفلها إذا ما أكل خياراً بالروب، وتلك للحديث مع صديقتها والسؤال عن صحتها.

وبين زيد وعمرو يفتح الله، إذ يشغل زيد وقته بقراءة الصحف، وعمرو يتعب نفسه في وصف الشيشة أو حكاية مغامرات جلجامش التي قضاها في بلاد العجائب، وعندما يرق عليهم المسئول أو تسنح لهم فرصة للراحة من هذا العمل الشاق فإنهم يستغلونها للاستئذان بالخروج من العمل فعندهم موعد في المستوصف أو بناء في البيت، وهذا من حقهم طبعا فبعد الساعات الطويلة التي يقضونها في طق الحنك يصيبهم إرهاق لابد من طلب ردح من الوقت للراحة.

ومن العيب أن يلوم أحد مثل هؤلاء المساكين، إذ انه ليس من الممكن انجاز مثل هذه الاعمال بعد ساعات العمل، فهي أوقات خاصة بالعائلة والتفرغ للأمور الشخصية، وهذه الاشياء جزء من ساعات الدوام الرسمي، أما أيام الإجازة فهي الوقت الوحيد للموظف لكي يستريح من عناء هذا العمل المرهق، لذلك ليس من الممكن أن يسأل فيها عن صديقه أو يتحدث عن الكورن فليكس، لسبب بسيط هو أن ساعات العمل هي أفضل الأوقات لطق الحنك...!

بدر عيسى الحاج

العدد 739 - الإثنين 13 سبتمبر 2004م الموافق 28 رجب 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً