العدد 758 - السبت 02 أكتوبر 2004م الموافق 17 شعبان 1425هـ

تجار مدللون

هناء بوحجي comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

أنسب وصف للتجار ولرجال الأعمال المحليين، قاله أحد المشاركين في ورشة «إصلاح سوق العمل» عندما عبر معظم أصحاب الأعمال الخاصة عن رفضهم للتعديلات المقترحة قبل الاطلاع على تفاصيل الخطة بشكل واف، وقال «انهم مدللون، اعتادوا على الحماية، ومع تخفيف الحماية اعتادوا على الشكوى».

تجارنا الذين توارثوا مهنة التجارة أبا عن جد يصعب عليهم التأقلم مع الاوضاع التجارية الحديثة التي لا يمكن استثناء البحرين منها، ولذلك فهم يرددون بلا توقف مطالباتهم بعدم البيع في المعارض لتأثيرها على مبيعاتهم وخصوصاً في مواسم انتعاش التسوق، وهم يصرون على هذا المطلب على رغم دخولنا عصر ثورة الاتصالات التي يستطيع بها المستهلك أن يتسوق من أميركا ومن استراليا وهو جالس أمام شاشة الكمبيوتر في بيته في قرية البديع (مثلا).

وعلى رغم النواحي السلبية لقرار منع البيع في المعارض فإنهم نجحوا في الوصول الى اتفاق مع وزارة التجارة بتحديد 4 معارض فقط سنويا يسمح بالبيع فيها هي معرض الجواهر العربية بالاضافة الى 3 معارض استهلاكية أخرى متنوعة.

ويقول أحد المطلعين على صناعة المعارض ان الجهاز التسويقي للمعارض تواجهه مشكلة في جذب العارضين والمعارض المعتمدة على البيع على دول أخرى، ولذلك فان حجم المساحات المباعة في المعارض التي يسمح بالبيع فيها تزيد عنها في المعارض التي يمنع البيع فيها.

وهذه السلبيات لا تقتصر المعاناة منها على مركز المعارض الذي تتأثر ايراداته ولا يحقق الاستفادة القصوى من مساحاته التي أضافتها التوسعة التي قاربت المليوني دينار، وانما تتأثر بها قطاعات اقتصادية أخرى كقطاع الفنادق والمطاعم وقطاع السفر والسياحة وقطاع تأجير السيارات وغيرها من القطاعات التي يحركها العدد الكبير من العارضين وجمهور المتسوقين الذين قد يفدون من الدول المحيطة للتسوق في المعارض.

ويدل تصميم التجار على وضع العوائق بين المستهلكين وبين أية مصادر خارجية للسلع على أن هناك خللاً كبيراً في العلاقات بين تجارنا وبين المستهلكين. فالتجار الذين لا يستطيعون الخروج من عقلية الاحتكار، وينهمكون في تحقيق هدف واحد هو تعظيم الربح، تربطهم بالمستهلكين علاقة سيئة جدا، لم يبذلوا اي جهد لتحسينها استعدادا لمرحلة الانفتاح التي لن يوقفها قرار وزاري بعد الآن، فالمستهلك المحلي لم يعرف سبيلا الى العلاقات المتحضرة بين البائع والمشتري الا عندما جاءت سلسلة المتاجر الكبرى بأنظمتها التي حددتها أنظمة حماية المستهلكين المتحضرة في بلدانها الأصلية.

مازال بعض التجار المحليون ينصبون كمينا للمشتري الذي اذا دفع قيمة السلعة فليس بامكانه استعادة ماله حتى وان كانت السلعة التي اشتراها تالفة فهو مضطر لاستبدالها بسلعة أخرى لأن المحل لا يعيد قيمة البضاعة والبعض لا يعيد البضاعة أصلا، وفي أحيان كثيرة لا تكون هذه الأنظمة مكتوبة على الرصيد أو في مكان بارز في أماكن الدفع حتى يعرف المشتري ما هو مقدم عليه.

هذه العلاقة السيئة جعلت الكثيرين يشترون مؤنهم، حتى اليومية منها، من أسواق الدول المجاورة في مقابل الاستفادة من مبالغ زهيدة لا يلبث أن ينفقها في كلفة الانتقال على الحدود ولكنه لا يأسف عليها بل يتعمد أن يفعل ذلك نكاية بغريمه التاجر المحلي، في ظل غياب هيئات فاعلة لحماية المستهلكين عن طريق أنظمة تجارية مواكبة لتلك لمطبقة في الأسواق المتقدمة.

ومع الاعتقاد التام بسلبية قرار منع البيع في المعارض وبضرورة تحرير قطاع المعارض من أية قيود، ومنح جميع العارضين خيار البيع في السوق المحلية من أجل صالح المستهلك ومن أجل استفادة القطاعات التي ينعشها ذلك، فإنه لابد من الاشارة الى أن قرار المنع الذي يسمح معه للمسئولين باصدار الاستثناءات بحسب تقديراتهم يضفي بعدا أكثر سوءا للأمر، وخصوصاً أننا لم نتخلص بعد من المحسوبية ومن الفساد الاداري وهي العوامل التي تصاغ من أجلها فقرات الاستثناء في كل الأنظمة المعروف أنها ستخترق من قبل أصحاب النفوذ

إقرأ أيضا لـ "هناء بوحجي "

العدد 758 - السبت 02 أكتوبر 2004م الموافق 17 شعبان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً