العدد 781 - الإثنين 25 أكتوبر 2004م الموافق 11 رمضان 1425هـ

فاتورة الفساد

هناء بوحجي comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

يبدي المسئولون الكثير من الضيق عندما يسألون عن الفساد وعن الشفافية بما يوحي بـأن الأمور تسير على ما يرام وأن السؤال يثير هواجس لاختلالات غير موجودة أصلا في الأنظمة، وهذا ما حدث عندما سألت ممثلة الجانب الأميركي في مفاوضات التجارة الحرة بين البحرين وأميركا كاثرين نوفيللي، عن تصورهم لوضع الشفافية في البحرين، حينها أبدى مسئولو «المالية» ضيقهم من هذا السؤال الذي تعبوا من الاجابة عليه بأن مستويات الشفافية في البحرين تلبي المعايير الدولية!

إلا أن تقرير الشفافية الأخير للعام 2004 الذي صدر قبل أيام أكد أن الأمور ليست على ما يرام البتة، فمركز البحرين تراجع من المرتبة 27 بين 133 دولة الى المرتبة 34 بين 146 دولة على مستوى العالم، وبحسب تعريف «الشفافية الدولية» للفساد فهو «سوء استخدام الوظيفة في القطاع العام من أجل تحقيق مكاسب شخصية».

وهذا التراجع يضاف إليه التحفظ على مشروع اصلاح سوق العمل الذي طرح حديثا والمستند في أساسه على المخاوف من الفساد ومن عدم العدالة في التطبيق ، يدل على أن الوضع لم يعد يحتمل الانكار لوجود الفساد ولافتقار البحرين إلى الشفافية اللازمة لوضعها على خريطة الوجهات الاستثمارية.

ففي المنتدى الذي عقدته «الوسط» وتنشر الحلقة الأخيرة منه اليوم كان الفساد والتخوف من عدم القدرة على محاوطته والقضاء عليه هو الهاجس الأكبر، وعلى رغم القلق المشروع الذي ينتاب القطاع الخاص من ارتفاع الكلف التي ربما تنال من هامش ربحه ومن قدرته التنافسية فإن المشاركين أجمعوا على أن عدو المشروع الأول هو الفساد وعدم العدالة وفي التطبيق.

والفساد ليس عدو مشروع اصلاح سوق العمل الذي قد يطبق وقد تعترضه عوائق كثيرة قبل أن يرى النور فحسب، وانما هو عدو التنمية عموماً وعدو الاستثمارات الأجنبية التي بيدها خيار وجهتها.

ويتطرق تقرير الشفافية الى ذلك قائلا: «ان عمليات الفساد تسلب البلدان طاقاتها وتمثل عقبة أمام التنمية المستدامة». وبحسب الاقتصادي خالد عبدالله فان الفساد الاداري والمالي المتفشي كلف البحرين منذ بدء الاصلاح وحتى الآن فرصة استثمارية تصل قيمتها الى 6 مليارات دولار وبامكانها هذه الاستثمارات أن تخلق 50 ألف فرصة جديدة للعمل.

وفي السياق نفسه أوضحت ارقام تقرير الاستثمار العالمي الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «أونكتاد» أن حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة المتدفقة الى الداخل للبحرين زادت بنسبة 138 في المئة خلال العام الماضي 2003 لترتفع من 217 مليون دولار الى 517 مليون دولار أميركي وهي نسبة تثلج الصدر لولا أن حجم التدفقات الأجنبية الى خارج البحرين فاقتها قيمة ونسبة اذ ارتفع حجم الاستثمارات التي خرجت من البحرين من 190 مليون دولار في 2002 الى 741 مليون دولار في العام الماضي 2003 أي بنسبة 290 في المئة.

هذا كله يدل أن هناك خللا في مكان ما يجب اصلاحه، وبحسب المطلعين على ما لا يعلن وانما على ما يتم في الخفاء، فإن اللائمة بالدرجة الأولى في هذه المرحلة تقع على الفساد الذي يبدو متفشيا في بعض الطبقات العليا من السلطة التنفيذية التي لا تطالها (فعليا) آليات محاربة الفساد التي قدمها مشروع الاصلاح الشامل، وهذا يقترح ضرورة تدخل قوة سياسية تدعم هذه الآليات المقيادة لتؤدي دورها المأمول منها، فانكار الفساد لن يلغي وجوده وانما يوفر حماية للمخالفين الذين يزيدهم الانكار شراهة... وتكبر فاتورة المخالفات التي يستفيد منها قلة على حساب الوطن والمستقبل

إقرأ أيضا لـ "هناء بوحجي "

العدد 781 - الإثنين 25 أكتوبر 2004م الموافق 11 رمضان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً