العدد 794 - الأحد 07 نوفمبر 2004م الموافق 24 رمضان 1425هـ

ملفات «أميركية»

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

في حال افترض السيناريو الأسوأ، ماذا يمكن أن يفعله الرئيس جورج بوش بعد التفويض الذي ناله من الناخب الأميركي لولاية ثانية؟

هناك الكثير من الملفات منها ما يتعلق بالحروب الناقصة (التي لم تكتمل شروطها) في فترته السابقة. ومنها ملفات جديدة يمكن أن يضيفها إلى فترته اللاحقة. وفي المجموع العام تحتل الدول العربية والمسلمة الموقع الأول في تلك السياسة القديمة/ الجديدة.

قبل الانتخابات اضطرت إدارة البيت الأبيض إلى تجميد بعض النقاط الساخنة خوفاً من أن تنقلب عليها التطورات وتنعكس سلباً على نتائج الاقتراع. وبسبب تلك الظروف الانتخابية لجأت واشنطن إلى اتباع سلسلة مناورات شملت الملفين الأفغاني والعراقي لتظهر أمام الرأي العام أنها تبذل جهدها للانسحاب أو على الأقل لتجميع قواتها تمهيداً لتسليم مواقعها للقوات الدولية (القبعات الزرق). وأدرجت تكتيكاتها تلك في سياق دولي فحاولت استدراج الدول الكبرى للقبول بالأمر الواقع من دون تغيير في جوهر المسألة وهي: الاحتلال.

الولايات المتحدة وقبل شهور من الانتخابات لجأت إلى مناورة سياسية طويلة المدى قضت بتعديل صورة الاحتلال من دون أن تصل إلى حد القبول بإلغاء كل صور الاحتلال. وعلى أساس هذا التكتيك خففت من وجودها العسكري في أفغانستان وطرحت مشروع انتخابات رئاسية تهدف إلى إعادة إنتاج سلطة كانت وليدة الحرب. وفي العراق لجأت إلى السياسة نفسها فأقدمت على تجميع قواتها في قواعد ومهابط طيران وسلمت السلطة شكلياً إلى حكومة محلية ضمن شروط لا تسمح لها بالاستقلال والسيادة، معلنة عن استعدادها للانسحاب في حال استتب الأمن وقضي على الفوضى وجرت الانتخابات التشريعية في فترة زمنية لا تزيد عن يناير/ كانون الثاني المقبل.

وبسبب هذه المناورات السياسية نجحت واشنطن في تغطية الاحتلال بحكومات محلية وبقرارات دولية صدرت عن مجلس الأمن ادعت في بنودها بإنهاء صفة الاحتلال واستبداله باسم جديد يعطي بعض الدور للقوات الأميركية بالتصرف وفق طلبات وحاجات الحكومة العراقية المعينة.

مقابل هذه التنازلات الشكلية التي ادعت تدويل الملفين الأفغاني والعراقي واصلت إدارة البيت الأبيض ضغوطها على دول الجوار العربي والمسلم من خلال استخدام مجلس الأمن كغطاء دولي لسياستها التقويضية. ففي تلك المرحلة لجأت واشنطن إلى عملية تجميع للأوراق والتهويل بها من دون استخدامها.

وبين ادعاء تدويل الملفين الأفغاني والعراقي وبين فترة الانتهاء من الانتخابات الرئاسية نجحت واشنطن في كسب سلسلة نقاط. فهي مثلاً أثارت ضجة بشأن إقليم دارفور السوادني (الغني بالنفط) واستدرجت مجلس الأمن بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي في إصدار القرار 1556 الذي يعطي الدول الكبرى حق التدخل بذرائع إنسانية. وكذلك نجحت في استدراج فرنسا (والاتحاد الأوروبي) إلى الدخول في اللعبة الديمقراطية اللبنانية فأصدر مجلس الأمن القرار 1559 المتعلق بالانتخابات الرئاسية وتعديل المادة 49 والتمديد الدستوري للرئيس إميل لحود. وتحت هذا السقف (السيادة والاستقلال) أدرجت واشنطن فقرات تتعلق بالوجود السوري وتجريد الميليشيات اللبنانية و«غير اللبنانية» من السلاح تحت طائلة التهديد بفرض عقوبات إذا لم تنفذ بنود القرار.

كذلك استغلت واشنطن فترة الاسترخاء الدولي وتجاوب الدول الكبرى مع تنازلاتها الشكلية لإعادة فتح الملف النووي الإيراني ووضعه كمهمة أساسية على طاولة وكالة الطاقة الدولية، محاولة دفع القوى الفاعلة نحو تأزيم المفاوضات مع طهران ونقل ملفها إلى مجلس الأمن لأخذ القرار المناسب بشأنه.

يضاف إلى هذه التحركات الدبلوماسية الكثير من النقاط الساخنة مثل الوضع في فنزويلا، ومحاولة قلب نظام الحكم في كوبا، وتحريك الملف النووي في كوريا الشمالية، وغيرها من تحرشات دبلوماسية تمس سيادة الصين ومصالحها وأمن روسيا والسياسة المتعلقة بالدول المجاورة لموسكو.

كل هذا فعلته واشنطن في فترة زمنية قصيرة لجأت خلالها الإدارة إلى التهدئة المؤقتة خوفاً من انقلابها على نتائج الانتخابات الرئاسية.

الآن انتهت الانتخابات وأمام الرئيس بوش ملفات كثيرة تبدأ باستكمال ما بدأه في أفغانستان والعراق وتنتهي في تلك الأوراق التي نجح في تجميعها وتتعلق بالسودان ولبنان وسورية وإيران.

الملفات كثيرة ولا يمكن تناولها دفعة واحدة، لذلك يرجح أن يلجأ بوش إلى حسم الموقف في مثلث المقاومة في العراق لتأمين وضعه الأمني (السياسي). وبعدها يرجح أن يكون الملف الإيراني على رأس جدول الأعمال. فواشنطن ترى أن ضبط العلاقة مع طهران هي المدخل الصحيح لمعالجة الموضوع السوري في لبنان

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 794 - الأحد 07 نوفمبر 2004م الموافق 24 رمضان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً