العدد 816 - الإثنين 29 نوفمبر 2004م الموافق 16 شوال 1425هـ

هل نريد حقاً تطبيق مقترحات «ماكنزي» على خدم المنازل؟

هناء بوحجي comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

يبدو من الصعب تجاوز دراسة «ماكينزي» لإصلاح سوق العمل والمقترحات التي استخلصتها من المعلومات التي توافرت الى معديها، لأنها خطوة أولى لا يختلف اثنان على أهميتها لانقاذ جيل المستقبل من وضع قاتم، الا أن جزئية تطبيق مقترحات «ماكينزي» على خدم المنازل خلقت قلقا مجتمعيا كبيراً، ففئات المجتمع المختلفة تنشغل هذه الأيام بقلق واضح من تبعات اخضاع القطاع المنزلي لنفس الأنظمة التي ستطبق على الشركات والمؤسسات التي تستورد العمالة كعنصر من عناصر الانتاج بينما تستتفيد الأسر من الخدم للمساعدة في الاعمال المنزلية لافساح المجال لأفرادها للقيام بأعمال أكثر انتاجية في موقع آخر.

فالأسر التي تستعين حاليا بخدم المنازل سيتحتم عليها تحمل 1200 دينار سنوياً (600 دينار كل عامين أي 25 دينار شهريا بالاضافة الى 75 دينار شهريا) تدفع في شكل رسوم للدولة لكل من يقع تحت فئة الخدم وهذه القيمة غير شاملة للأجر الذي سيدفع بشكل منفصل للعامل أو العاملة نفسها والذي يبلغ معدله 50 ديناراً شهريا وبذلك يرتفع اجمالي كلفة الشخص الواحد الى 1800 دينار سنويا، وتشكل هذه المبالغ عبئا حقيقيا على الأسر، وآخذاً في الاعتبار معدل الدخل السنوي للفرد في البحرين الذي يعادل 4500 دينار فان كلفة جلب خادمة الى المنزل بالاضافة الى الاجر سيكلف نحو 40 في المئة من معدل دخل الفرد.

وينبع هذا القلق المجتمعي الواضح من الاعتماد الكبير على الخدم الذين أصبح وجودهم ضرورة مرده ليس الكسل، أو سوء ادارة شئون الأبناء والأعمال المنزلية كما يتهم البعض بهما العائلة البحرينية، وانما لأن الخدمات المتوافرة، كدور رعاية الأطفال والمراهقين، وأنظمة مواصلات المدارس الخاصة المأمونة وغيرها غير متوافرة كما هي في البلد الذي جاء منه خبراء «ماكينزي»، علاوة على أن أنظمتنا وقوانينا التي تنظم علاقة المرأة ،الأم، بالمؤسسة التي تعمل بها لا تقارن من حيث المزايا، بما هي عليه في بلدهم، بالاضافة الى أن عمل طرفي الأسرة أصبح ضرورة للوفاء بمتطلبات توفير مستوى معيشة لائق للأسرة ، وبالتالي كان استيراد خدم المنازل ضرورة أكثر منه رفاها للكثيرين. ويرى المؤيدون تأييدا مطلقا لما اقترحته الدراسة أن استثناء الخدم قد يفتح بابا خلفيا للمخالفين، كما يشير هؤلاء الى وجود كلفة تبلغ 40 ديناراً تتحملها الدولة لكل أجنبي في البحرين، ولكن في المقابل فان الغاء هذه الكلفة عن عاتق الدولة ليس الا أحد أهداف تطبيق المقترحات، فالهدف الأكبر هو هدف الاحلال بعد توفير النظام التعليمي والتدريبي الموازي لاصلاح سوق العمل والذي لا يمكن تحقيقه في قطاع خدم المنازل، فهل نحن نريد حقا احلال بحرينيين محل الأجانب في وظائف الخدم في المنازل؟ هناك أيضا التدفقات النقدية الى الخارج وهي من الأمور المقلقة التي تطرقت اليها الدراسة ورصدتها عند مستوى 500 مليون دينار سنويا تعادل نحو 13 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي وهذه النسبة كانت هي الأعلى لدى مقارنتها بدول الخليج المجاورة، الا أنه تجدر الاشارة الى أن لدى افتراض معدل أجور خدم المنازل عند مستوى 50 ديناراً فان اجمالي هذه الأجور يبلغ 27 مليون دينار سنويا تعادل نحو 5,4 في المئة من اجمالي التحويلات الى الخارج، هذا مع افتراض سيناريو تحويل خدم المنازل لاجمالي ما يكسبونه الى الخارج.

والملاحظ أن الدراسة اهتمت بتهدئة مخاوف القطاع الخاص وبنت افتراضاتها المتعلقة بالتعويض الجزئي أو الكلي لتأثيرات ارتفاع كلفة عنصر الأجور ،الا أنها لم تقدم تصورا لحجم الضرر الاجتماعي المتولد من تطبيق المقترحات على خدم المنازل، بالاضافة الى الضرر الاقتصادي الذي سيتولد من اعاقة أحد الزوجين من الخروج للعمل في ظل عدم توفير بدائل الخدم ومربيات الأطفال والمساعدين للقيام بالأعمال المنزلية.

ربما يكون عدلا بالنسبة للدولة، اذا ما فترضنا التطبيق الصارم للقوانين الجديدة، أن تفرض على الأسر دفع الكلف التي تتحملها الدولة حاليا والمقدرة عند مستوى 40 ديناراً شهريا ولكنها حتما بحاجة الى اعادة النظر في مسألة توحيد رفع الرسوم وعلى القطاعات المنتجة في الاقتصاد وعلى الأسر بشكل متساو، وخصوصاً أن هذه الرسوم ستذهب إلى الصندوق الذي حتماً لن ينفق على تدريب البحرينيات والبحرينيين على الخدمة في المنازل.

وحيث إننا نتحدث عن الصرامة في تطبيق القوانين فلا يبدو عدلا أن نربك أوضاع آلاف الأسر ونجعلها تدفع ثمن عدم ثقة القائمين على مشروع الاصلاح في قدرة الأجهزة التنفيذية على تطبيق القانون بشكل صارم، وتخوفهم من أن يفتح المتنفذون «بابهم الخلفي» لتدفقات غير قانونية من العمالة الأجنبية الى الداخل

إقرأ أيضا لـ "هناء بوحجي "

العدد 816 - الإثنين 29 نوفمبر 2004م الموافق 16 شوال 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً