العدد 832 - الأربعاء 15 ديسمبر 2004م الموافق 03 ذي القعدة 1425هـ

البيئة... خارج الاهتمام الرسمي المجتمعي

هناء بوحجي comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

عبرت مجموعة مختارة من الجهات المفترض أن تكون مهتمة بشئون البيئة أمس عن عدم اكتراثها بأهمية الاستماع الى نتائج دراسة بيئية أجريت حديثا كمتطلب بيئي لابد من استيفائه قبل حصول أصحاب أحد المشاريع الصناعية الكبرى على الترخيص بالمضي في اقامة المشروع، اذ لم يحضر أحد الاجتماع أو جلسة الاستماع العامة التي دعت إليها الادارة العامة لحماية البيئة والحياة الفطرية لعرض ومناقشة نتائج تقويم الأثر البيئي لمشروع الحديد الاسفنجي الذي يعتزم مستثمرون اقامته في الحد الصناعية... لم يحضر أحد من نحو خمسين مدعواً يمثلون كل الجهات ذات العلاقة وهي الوزارات المختلفة ذات العلاقة، أعضاء من مجلسي النواب والشورى باعتبارهم ممثلين عن «السكان جميعا»، ولم تحضر أي من الجمعيات البيئية، ولم يحضر المدعوون من المجالس البلدية، ولم تحضر الصحافة، ولم يحضر كثيرون قالت عنهم مديرة ادارة التقويم والتخطيط البيئي إنهم كانوا يقدمون احتجاجهم في السابق اذا تجاهلت «البيئة» وجودهم، والأهم من ذلك أن صاحب المشروع المستثمر البحريني نفسه لم يحضر ولم يبعث مندوبا فنيا يدافع عن مشروعه.

والمعروف أن تقويم الآثار البيئية للمشاريع الصناعية على البيئة تم اتباعه منذ أن صدر قانون التقويم البيئي للمشروعات في العام 1998، وهذا هو المشروع الخامس بهذا الحجم الذي يتم تقويمه. وبحسب العاملين في الادارة فإن العدد ظل يتناقص منذ المشروع الأول حتى لم يتبق في جلسة الأمس سوى الشركة الاستشارية وطاقم ادارة البيئة، فلعب الاستشاريون دور المدافع عن عملهم وعزيت معظم الملاحظات عليه الى قصور المعلومات التي توافرت لهم وبنيت دراستهم على أساسها، حتى بدت الدراسة وكأنها بنيت على نماذج بعيدة بعض الشيء عن الوضع هنا مثل اقتراح تعبئة المخلفات السائلة في حاويات ضخمة وبيعها لجهات المعالجة أو اعادة التدوير الذي ليس له داعم هنا، فمحطة معالجة هذه المخلفات ستقام كما هو مخطط لها في وقت تال للانتهاء من المشروع وليست حتى مواكبة له، كما لا توجد جهات تشتري هذه المخلفات في ظل عدم وجود مرافق أصلا لمعالجتها.

أما المعلومات المتوافرة عن الانبعاثات الغازية فقد كانت قديمة جدا ويعود تاريخها الى العام 1996 وبالتالي لا تمثل بأي شكل من الأشكال مستوى اساس تضاف اليه انبعاثات هذا المشروع موضوع التقويم، فأية نتيجة أتي بها التقرير لن تكون ذات علاقة بالواقع أو المستقبل المرتبط به.

وبدت المشكلة في الاجتماع أمس أكبر من هذه التفاصيل في الدراسة والتي من الممكن اعادة دراستها، فعدا عن عدم الاكتراث الرسمي والمجتمعي الذي تجلى في أوضح صوره أمس بغياب الجهات التي قد تسهم آراؤها في معاونة ادارة البيئة في مهمتها، يطرح سؤال مهم فادارة التقويم تقع على عاتقها مسئولية بيئية ضخمة ذات أبعاد متشعبة، وهذه الادارة ليس المطلوب منها تقويم الآثار البيئية للمشروعات الجديدة فقط وانما أيضا للمشروعات القائمة التي أنشئت في مرحلة قبل صدور القانون قبل نحو 6 سنوات.

والتساؤل الذي يطرح نفسه هنا: هل من العدل أن يلقى هذا العبء الكبير على ادارة البيئة بامكاناتها الحالية، ترى ما خطط تنمية الطاقم البشري العامل فيها؟ وما الخطط لتطوير المعامل المرتبطة بأعمال التقويم؟ فهذه الادارة بمسئولياتها الجديدة لم تعد احدى الادارات التجميلية المكملة لشكل الجهاز الحكومي أمام العالم الخارجي وانما هي ادارة ستقع عليها المراقبة البيئية لقطاعات مهمة يعول عليها في التنمية الاقتصادية وأبرزها القطاع الصناعي الذي تبلغ مساهمته الحالية 12 في المئة مع المساعي لزيادتها على اعتبار أنه من أكثر القطاعات التي تولد فرص العمل لحل مشكلة البطالة، بالاضافة الى ذلك فان ارتباط البحرين باتفاقات دولية وأبرزها على الساحة الآن اتفاق التجارة الحرة مع أميركا الذي تضمن بندا خاصا بحماية البيئة والاهتمام بها يفرض عليها أن تكون اجراءاتها وأجهزتها البيئية متواكبة مع المعايير العالمية لئلا تنبه فيما بعد من «الخارج» ما ينال من سمعتها ويجعلها تتصرف برد الفعل بدلا من المبادرة الذاتية

إقرأ أيضا لـ "هناء بوحجي "

العدد 832 - الأربعاء 15 ديسمبر 2004م الموافق 03 ذي القعدة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً