العدد 887 - الثلثاء 08 فبراير 2005م الموافق 28 ذي الحجة 1425هـ

جاذبية مفقودة

هناء بوحجي comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

من الممكن أن يوصف كل من يتولى ادارة سوق العمل المحلية على أنه سيئ الحظ، أكثر منه سيئ الادارة، ذلك لأن السوق تعاني من مختلف أنواع التشوهات الخارجة عن سيطرة من يتولى ادارتها من على كرسي وزارة العمل بمعزل عن جهات كثيرة ليست لديه يد عليها.

ولذلك فإن أرقام الوزير التي ساقها أمس في تصريحاته الصحافية بدت وكأنها تتضمن الداء وأيضا الدواء الا أن هناك عوامل كثيرة - تبدو أيضا - خارجة عن السيطرة تعيق وصول المريض الى الدواء.

فالأرقام توضح أن 77 في المئة من المسجلين الجدد في الوزارة عاطلين أو باحثين عن عمل وعددهم 4506 أشخاص هم من حملة الشهادة الثانوية فما دونها، وفي المقابل فإن هناك نحو 2681 وظيفة معروضة لدى مكتب خدمات التوظيف من فئة الوظائف الحرفية وأعمال الخدمات وأعمال البيع وغيرها من الأعمال التي من الممكن أن يلتحق بها طالبو التوظيف من حملة الثانوية العامة وما دونها الا أنها مازالت شاغرة. وفي الوقت الذي يقول الوزير فيه ان من أهدافه الرئيسية جعل القطاع الخاص جذابا للبحرينيين تبدو المشكلة وكأنها تكمن في أن جميع الباحثين عن العمل ينظرون إلى عوامل جاذبية موحدة في فرص العمل التي يطرحها القطاع الخاص دون الأخذ في الاعتبار مؤهلاتهم التعليمية وبالتالي فهم جميعا ينتظرون أن تقدم لهم وظائف الياقات البيضاء فيأنفون من تلك الوظائف الحرفية التي قد تكون هي المناسبة لمؤهلاتهم ومن الممكن اعتبارها نقطة الانطلاق الأولى الى الحياة العملية.

والمتتبع لأداء السوق يرى بوضوع أن المشكلة لا تبدو مشكلة جاذبية القطاع الخاص للباحثين عن عمل وانما هي مشكلة جاذبية هؤلاء الباحثين عن عمل للقطاع الخاص، وخصوصا اذا ما أخذ في الاعتبار أن الجاذبية بالنسبة إلى رب العمل تتكون من عناصر متعددة هي المؤهل و سلوكيات العمل والكلفة مع أهمية هذا العنصر الأخير بدليل التركيز الكبير عليه من قبل قادة اصلاح سوق العمل.

وفي هذا الصدد يشار الى أن أرقام تقرير المؤشرات الذي تصدره مؤسسة نقد البحرين أوضحت علاقة عكسية بين نمو متوسط الاجور وبين معدلات نمو أعداد الداخلين الى القطاع الخاص من الفئتين "المواطنين والأجانب" خلال السنوات الأولى من العقد الجاري، اذ تراوحت نسبة نمو عدد الأجانب الداخلين الى القطاع سنويا ما بين 9 في المئة و17 في المئة، وصاحب ذلك انخفاض أجورهم بشكل متواصل للفترة نفسها بنسب تراوحت ما بين واحد في المئة و6 في المئة ليبلغ المتوسط 169 دينارا نفسها، وفي المقابل أوضحت الأرقام استقرار أجور البحرينيين أو نموها بنسبة تراوحت ما بين 1 في المئة و4 في المئة ليبلغ المتوسط 356 دينارا، وصاحب ذلك نمو في عدد البحرينيين الذين انضموا الى القطاع الخاص ما بين 3,5 في المئة و7 في المئة.

ان الوضع خطير اذا اخذ في الاعتبار أن القطاع الخاص اجتذب نحو 90 في المئة في المئة من الداخلين الجدد الى سوق العمل خلال العام الماضي 2004 تاركا للقطاع الحكومي النسبة القليلة المتبقية، ما يؤكد أن القطاع الخاص مازال يواصل ريادته في توليد الوظائف الجديدة في سوق العمل المحلية، كما أنه أصلا يوظف نحو 87 في المئة من اجمالي القوى العاملة في السوق.

وليس من الصعب أيضا الاستنتاج من الأرقام أن عناصر الجاذبية مفقودة بين الطرفين - البحرينيين والقطاع الخاص - لذلك فإن الأجانب انفردوا بـ 72,5 في المئة من اجمالي العاملين في القطاع الخاص، والبحرينيين بـ 17,5 في المئة.

انها مسألة معقدة تنتظر بلا شك الخطة الشاملة لاصلاح السوق التي لم يتفق على تفاصيلها بعد، والواضح أنها تأخذ في اعتبارها جيدا مسألة عناصر الجاذبية المفقودة بين الطرفين

إقرأ أيضا لـ "هناء بوحجي "

العدد 887 - الثلثاء 08 فبراير 2005م الموافق 28 ذي الحجة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً