العدد 988 - الجمعة 20 مايو 2005م الموافق 11 ربيع الثاني 1426هـ

روح الاتفاقات

إعلان مجلس الوزراء عن نية الحكومة الانضمام الى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية خطوة طالما انتظرها النشطاء الحقوقيون، ولاسيما الواعين منهم لدور الاتفاقات الدولية وآلياتها في مراقبة تنفيذه، وللضغط على الأنظمة لتفعيل بنود الاتفاقات التي قد صدقت أو انضمت إليها.

البعض يقلل من شأن هذه الاتفاقات، وقد وصفها أحد الحقوقيين بأنها "بلا أسنان"، ولا تملك أيا من مقومات إلزام الأنظمة على التطبيق، فكل الاتفاقات تابعة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي بالأمم المتحدة وليس مجلس الأمن ذا الصلاحيات الخطيرة! ويصفها البعض الآخر، بأنها وسيلة لتجميل صورة الأنظمة أمام المحافل الدولية ليس إلا.

لا يمكن اعتبار ذلك دقيقا، ولاسيما أن لكل الاتفاقات الدولية لجانا مختصة بمتابعة تنفيذ الاتفاقات، وتلزم تلك اللجان الدول بتسليم تقارير دورية للجنة التي تقوم بدورها بالاطلاع على التقارير وانتقادها ومراقبة الحكومة عن طريق مصادرها. ولجنة حقوق الانسان المختصة بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لها من الصلاحيات ما يفوق ذلك، إذ بإمكانها تسلم الشكاوى الفردية في حال انضمت الحكومة الى البروتوكول الاختياري الأول للعهد الدولي السياسي.

الأنظمة المنضمة أو المصدقة على الاتفاق مطالبة بتسليم تقارير دورية تتضمن حقائق وليس مجرد استعراض للنصوص القانونية، وبدا ذلك جليا عندما طلبت اللجنة المختصة باتفاق بمكافحة التمييز العنصري من المملكة، وضع قوانين تجرم التمييز وعدم الاكتفاء بعرض النصوص القانونية، بعيدا عن الاستناد الى الحقائق العملية على الأرض. وقد طالبت اللجنة المختصة بمتابعة اتفاق مناهضة التعذيب الحكومة بالحقائق والاجراءات العملية ذاتها وعدم الاكتفاء بالنصوص الدستورية.

كل ذلك من شأنه أن يشكل إحراجا دوليا للأنظمة، ولاسيما أن توصيات اللجان تتلى على الملأ، وتوزع منها نسخ، الأمر الذي يحشر الحكومة في زاوية ضيقة، وخصوصا إن كانت تتشدق بحقوق الإنسان في المحافل الدولية!

انضمام المملكة للعهد الدولي السياسي يتطلب نية حقيقية في التغيير من خلال اسراع المجلس الوطني إلى مواءمة التشريعات الوطنية مع العهد، أو اتخاذ قرار سياسي رفيع المستوي باصدار مرسوم لتشكيل هيئة وطنية عليا تقوم بذلك، وإلغاء جميع القوانين المقيدة للحريات وعدم استصدار المزيد منها كقانون الارهاب الأخير، ليكون الانضمام للاتفاقات يحمل روحا تتطلع للتغيير!

المحرر الحقوقي

العدد 988 - الجمعة 20 مايو 2005م الموافق 11 ربيع الثاني 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً