-
القائمة الرئيسية
-
ملاحق البحرين تنتخب 2014
-
الشيخ عبدالأمير الجمري يتحدث لـ "القبس": اهل البحرين يؤمنون بالاتجاه الوسط
بمناسبة الذكرى الأولى للميثاق الوطني البحريني زارت "القبس" المنامة وأعدت ملفا شاملا عن التحويلات الجارية في البحرين، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، ويعتبر الميثاق حجر الزاوية فيها، حيث شكل نقلة نوعية متميزة في مسيرة البلد الشقيق.
وفي هذا الإطار التقت "القبس" عددا من الرموز الساسية حيث أجرت معهم حوارات مختلفة حول اخر التطورات على الصعيد البحريني الداخلي، وأبرز الملفات الساخنة التي لاتزال مفتوحة أو تلك المرتقبة في المستقبل.
في حلقة الأمس، استعرضنا ملامح التحولات على العد المختلفة، وكذلك حاورنا الداعية والمفكر د. عبداللطيف المحمود. ونستعرض في الحلقة الثانية اليوم رؤية الشيخ عبدالأمير الجمري لتلك التحولات. الشيخ عبدالأمير الجمري من أعلام المعارضة البحرينية، ورمز رئيسي من رموزها وقد كانت عودته تلبية لدعوة أمير البحرين خطوة أساسية في الانفراج السياسي الذي شهدته البلاد. ويلعب الشيخ الجمري دورا بارزا في تجاوز الأجواء الطائفية البغيضة ويعمل على توحيد البناء الإسلامي وبخاصة السني والشيعي في الوقت الذي يدعو فيه للسير في خط الاعتدال السياسي. وفيما يلي نص الحوار:س 1: ما هي طبيعة الأجواء التي تعيشونها في البحرين؟ كانت متوترة والآن هادئة؟
ج 1: هدوء الوضع جاء بعد حدوث تغيير أساسي في النهج السياسي للنظام في البحرين، فقد كان النظام ينظر إلى أبناء الشعب نظرة قائمة على سوء الظن، معتمدين في ذلك على مستشارين من خارج البحرين.
ولكن عندما فتح سمو الأمير باب الحوار مع شعبه وجد ان هذا الشعب الطيب لم يكن في يوم من الأيام إرهابياً أو تخريبياً كما كان يدعي جهاز الأمن، ولكن شعب معطاء ووفي لا ينسى المعاملة الحسنة فيما لو توفرت تلك المعاملة. وهكذا انتقلنا من التوتر إلى الهدوء ومن القمع إلى الحوار، والحمد لله الذي وفر لهذا الشعب أميراً يفهم متطلبات العصر، ويستجيب لمتطلباته.س 2: انفتحت أجواء الحرية، ولكن هل تعتقد ان هذه التغييرات ستؤثر على الوضع الخليجي؟
ج 2: أعتقد ان أثر الانفتاح في البحرين سيكون ايجابياً على المستوى الخليجي، فأملنا ان نقدم الأنموذج الحضاري الذي يستجيب لمتطلبات العصر ويقوم على القيم الإسلامية والوطنية، دون الإخلال بثوابت الدستور الذي يتفق عليه أبناء الشعب.س 3: ما رأيكم فيما حدث في الولايات المتحدة الأمريكية؟
ج 3: لقد أدنت جميع الأعمال الإرهابية، سواء كانت تلك الأعمال باسم الإسلام، ام تمت إلى أي مسمى آخر، فلا توجد عقيدة دينية صحيحة تؤمن بقتل الأبرياء، والاعتداء على الآخرين بالطريقة التي تمت في 11 سبتمبر في الولايات المتحدة.س 4: كيف تقيمون ردة الفعل الأمريكية؟
ج 4: إننا ضد الحرب على أفغانستان، لاننا لا نرى في ذلك إزالة لأسباب الإرهاب، إذ أن هناك أسباباً أخرى تتعلق بالوضع المتوتر في الشرق الأوسط لا سيما استمرار العنجهية الإسرائيلية.س 5: كيف تنظر إلى حقوق الإنسان؟
ج 5: حقوق الإنسان أساسها الحفاظ على الكرامة الإنسانية، وتوفير الأجواء اللازمة لضمان حرية الاختيار والإرادة. وعلى هذا الأساس فإننا نرى ان القرآن الكريم قد أكد كرامة الإنسان: قال تعالى: "ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا" (الاسراء: 70). كما أن القرآن الكريم يتحدث بصورة أساسية عن حرية حقوق الإنسان في اختيار طريقه في الحياة وتقرير مصيره. إننا ندعو إلى منظومة حقوق الإنسان التي أقرها المجتمع الدولي، ووافق عليها مفكروا الإسلام المتنورون. وأعتقد ان الأمور أو المناطق المتفق عليها تمثل الغالبية العظمى من الحقوق.
لدينا اختلافات حول القيم الأخلاقية، وسنبقى مختلفين. فنحن – كمسلمين – لا نؤمن بالحرية الجنسية العبثية مثلاً، ولكننا مع الحرية السياسية والمدنية، ومع كافة الحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية.س 6: ما هي توقعاتكم للمجلس النيابي القادم في البحرين؟
ج 6: أعتقد بأن تجربتنا ستكون أكثر تطور وقدرة على الإنتاج، خصوصاً إذا نفدت جميع الوعود التي أطلقها سمو الأمير قبيل وبعد التصويت على الميثاق الوطني.
فسمو الأمير أكد بأنه سيترك السلطة التشريعية للمجلس النيابي، وان مجلس الشورى المعين لن تكون له سلطات تشريعية. ثم ان سموه أكد بانه سيوافق على ما يتفق عليه نواب الشعب، وفتح المجال لظهور أحزاب برلمانية منظمة على أسس وطنية وغير طائفية، وهذا يعني ان النواب الذين سيدخلون المجلس على أساس انتمائهم لجمعيات سياسية سمح بها في الفترة الحالية، قد يسمح لها بتشكيل احزابهم البرلمانية. وهذا يعتبر من اهم التطورات التي نتوقعها. كما نتوقع ان يمارس أعضاء المجلس المنتخب مسئولياتهم بحكمة، مراعين مصلحة الشعب من جانب، ومصلحة المسيرة الإصلاحية من جانب آخر. فنحن لا نتوقع ان نحصل على كل ما نسعى إليه دفعة واحدة، فالتدرج في العملية الإصلاحية أمر ضروري.س 7: هل عاد جميع المبعدين للبحرين؟
ج 7: تقريباً عاد معظم من يستطيع العودة. بقي هناك مجموعة من البحرين من الذين حرموا من الجنسية، وهؤلاء لا زالوا خارج البحرين، ونحن نسعى بجدية لاني يعود جميعهم إلى وطنهم مع كامل حقوقهم.س 8: هل لا زال هناك مفصولون عن العمل لأسباب سياسية؟
ج 8: لقد عاد الأكثرية لأعمالهم.ولكن هناك أكثر من مائة شخص لم يعودوا بعد إلى أعمالهم. في وزارتي الدفاع والداخلية وشركة بتلكو، وكان سو الأمير قد أمر – بحضرتي بإرجاعهم إلى وظائفهم لأنه فصلوا لأسباب سياسية، الا أنهم لحد الآن لم يتم إرجاعهم، وهؤلاء يعانون كثيراً بسبب ذلك، كما أن هناك أكثر من عشرين شخص لا زالوا لم يعودوا الى أعمالهم في شركة الاتصالات.
ونأمل أن ينفذ جميع من يهمهم الأمر الأوامر الصادرة لهم من القيادة السياسية بإعادة جميع المواطنين إلى أعمالهم.س 9: بعض البحرينيين لا يسمح لهم بدخول الكويت، ما هو السبب برأيكم؟
ج 9: لقد قامت وزارة الداخلية في السنوات الماضية بتوزيع مئات من الأسماء على الدول العربية الأخرى، وطلبت من تلك الدول التضييق عليهم. ونحن نعيش الآن انفتاحية، وقد انتهى الملف الأمني في البحرين، ونأمل من الشقيقة الكويت وغيرها من الدول أن يبادروا إلى إلغاء الملفات المنية التي فتحوها لملاحقة البحرينيين.
س 10: أصدر عد من أعضاء مجلس الأمة الكويتي والشخصيات الكويتية بيانات تأييد لحركتكم قبل الانفتاح السياسي، فهل كنتم تعتبرون تلك البيانات من العوامل التي ساعدت على تحقيق مطالبكم؟
ج 10: بالفعل لقد كانت بيانات وعرائض التأييد الكويتية من أهم ما حصلنا عليه من تأييد، فلقد تعودنا أن نحصل على تأييد المنظمات الحقوقية العالمية، ولكن مبادرة اخواننا وأحبتنا وأعزائنا في الكويت أثلجت صدورنا جميعاً، وأعطتنا الدافع للصمود والاستمرار، فجزاهم الله خير الجزاء، ووقفنا للوقوف معهم، والتضامن معهم، ونصرتهم دائماً.س 11: سمعنا عن لجنة العريضة الشعبية، فأين هي الآن؟
ج 11: لقد كانت لجنة العريضة الشعبية تمثل الاجماع الوطني البحريني حول الأهداف والوسائل، ومارست تلك اللجنة دورها الريادي خلال فترة المحنة بجدارة، وقد استملت مهمة جمع قرابة 25 ألف توقيع على العريضة الشعبية لعام 1994م لتسليمها للقيادة السياسية. والحمد لله فقد كان ثبات الرموز والعناصر الايجابية في جمع التواقيع، من مختلف المستويات والاتجاهات حول تلك الأهداف العادلة قد ساعد على حفظ المسيرة من التشتت أو التطرف تحت ضغط المحنة. والآن وقد أنجزت لجنة العريضة الشعبية دورها يشارك افرادها في العمل الوطني بجدارة، والله سبحانه ولي التوفيق.س 12: ما رأيكم بمجلس الأمة الكويتي؟
ج 12: أعتقد أن مجلس الأمة الكويتي قد أعطانا نحن الخليجيين الفكرة الأساسية للمشاركة في الحياة العامة. ولكن المجلس يبدو وأنه تعرقلت مسيرته خلال السنوات الأخيرة لأسباب مختلفة. كما أن ظاهرة ما يسمى بنواب الخدمات ظاهرة سيئة، لأن النائب أصبح عاملاً للواسطة بدلاً من ممثل للشعب. مع ذلك يبقى مجلس الأمة الكويتي الرائد في الخليج، ونأمل ان نستطيع مساندته من خلال البرلمان البحريني المنتخب.س 13: ما رأيك بمجلس الشورى لمجلس التعاون الخليجي؟
هذا المجلس أقل من الطموح، ونأمل ان يتم تطويره ليصبح منتخباً وممثلاً لأبناء الخليج على نفس الطريقة التي يتبعها البرلمان الأوربي بالنسبة لدوره في الاتحاد الأوربي.س 14: قلتم أن ملف حقوق الإنسان أقفل من الخارج تجاه البحرين، بمعنى أن الدولة لم يعد ينتقدها، لكن يبقى ملف الانتهاكات ماذا تقصد بذلك؟
ج 14: نحمد الله أنه ومنذ إلغاء قانون أمن الدولة توقفت الانتهاكات وأفرغت السجون. ولكن البحرين أيضا وقعت على اتفاقية مكافحة التعذيب. وهذه الاتفاقية نأمل أنه تدخل حيز التنفيذ في البحرين. بمعنى: أن بنود تلك الاتفاقية بحكم إدخالها في قوانين البحرين. تقتضي بنودها إنشاء هيئة لتلقي شكاوى المواطنين بشأن موظفي الدولة لكي يحاسبوا لو اقتضى الأمر ذلك. إننا بحاجة لأن يتم تنفيذ جميع بنود اتفاقية مكافحة التعذيب، لكي تتخلص البحرين من تركة الماضي التي تدل المؤشرات على انتهائها، ونحن على ثقة بأن سمو الأمير يريد ذلك.س 15: ذكرت الأنباء عن تصدركم لصحيفة يومية ثالثة في البحرين، وان أبنكم الدكتور منصور الجمري هو الذي سيرأس تحرير تلك الصحيفة، فما هي حقيقة الأمر؟
ج 15: بالفعل لقد تحدثت مع سمو الأمير حول الحصول على رخصة سياسية لإصدار صحيفة يومية، وقد رحب سموه بذلكن واشترط ان يكون رأس المال بحرينيا بالكامل، وقد بدأ مشروع التأسيس بالاتصال بعد من وجهاء البحرين ورجال الأعمال الكبار المعروفين بدورهم الوطني والإنساني، ونحمد الله فإن استقبال هؤلاء الوجهاء للمشروع وتبنيهم له قد دفع به (أي مشروع الإصدار) إلى الأمام.
وإصدار أي صحيفة يومية في البحرين يحتاج لأمرين، الأول: هو الحصول على الرخصة السياسية لإصدار صحيفة معينه، باسم محدد، ورئيس تحرير توافق عليه الحكومة. ثم بعد ذلك فإن المشروع بحاجة للشركة المالكة التي تدفع رأس المال وتدير المشروع مالياً، والتوجه الذي ستتبناه الصحيفة هو الاتجاه الوسط.
"وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا" (البقرة: 143). والاتجاه الوسط يؤمن به أكثرية أهل البحرين من السنة والشيعة.س 16: تحدثتم كثيراً عن اتجاه وسطي ومعتدل، فهل لكم توضيح ما تقصدونه؟
ج 16: الاتجاه الوسطي الذي نقصده هو ذلك التوجه العدل، الذي لا إفراط ولا تفريط، وهو ذلك التوجه الذي يؤمن بالعمل السياسي القائم على احترام حكم القانون الصادر من هيئة تشريعية منتخبة، وعلى احترام حقوق المواطنين، والالتزام بالقيم الإسلامية الداعية لبث روح التسامح والتعايش السلمي في المجتمع. وأعتقد جازماً ان هذا التوجه المعتدل يؤمن به الغالبية العظمى من الشعب المسلم، وانه بسبب هذا الاعتدال استطاع الشعب الوصول إلى تفاهم ايجابي مع القيادة السياسية، وان يفتح الطريق أمام المرحلة الانفتاحية التي نعيشها حالياً.س 17: هل ستدخلون البرلمان أم ستقبلون بمنصب رسمي؟
ج 17: لن أدخل البرلمان شخصياً، ولكني سأساند الاتجاه الإسلامي الذي سيدخل البرلمان. كما انني لن أقبل بمنصب رسمي، فدوري الاجتماعي الحالي هو أفضل دور استطيع من خلاله خدمة أمتي ووطني. والله ولي التوفيق.س 18: ما هي معلوماتكم عن قانون الانتخابات الجديد وتوزيع الدوائر؟
ج 18: ليس صحيحاً أن يتأخر الإعلان عن هذا القانون. فنحن نعيش في فترة انتقالية، والبرلمان المنتخب لا زال معطلا، وهذا يتطلب شفافية من الحكومة ولجانها التي تعمل بالفعل حالياً على قوانين كثيرة، منها: قانون الانتخاب وتحديد الدوائر. ونحن لا نعلم أي شيء عما يدور في هذه اللجان السرية. ونأمل من الحكومة أن تطرح هذه الأمور بصورة أكثر شفافية، لكي يشاركها أبناء الشعب في هذه المرحلة الحساسة.
ولقد أثبت المواطنون أنهم يتحملون المسئولية ويراعون كثيراً من القضايا الحساسة، ونحن نطلب من الحكومة أن تثق بالشعب كما وثق سمو الأمير بالشعب، وحصل على ما لم يحصل عليه حاكم آخر من علاقة رصينة مع شعبه.
"وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون" (التوبة: 105).
المصدر: صحيفة "القبس" الكويتية
بتاريخ: 27 / 1 / 2002