-
القائمة الرئيسية
-
ملاحق البحرين تنتخب 2014
-
في حديث صحافي يخص به "أخبار الخليج"... الشيخ عبدالأمير الجمري: علينا الالتزام بقواعد الديمقراطية
لهذه الأسباب جميعا نقول (نعم) لمشروع ميثاق العمل الوطني
تفهم سمو الأمير وانفتاحه يشجعان على المضي قدما في الإصلاحأجرى الحوار:
علي صالح – غسان الشهابي
تصوير: أحمد العجيميالحديث مع الشيخ عبدالأمير الجمري من تلك النوعية من الأحاديث التي لا يتحفظ فيها الصحافي، ولا الطرف المقابل، فما يصدر عن الشيخ الجمري يأتي من خلال تجربة طويلة في العمل الوطني، وخبرة متراكمة في التعامل مع كافة الأمور والظروف التي مرت بها البحرين وهو الذي كان قاضيا، وعالما له موقعه في الجانبين الديني والاجتماعي، إضافة إلى عضويته في المجلس الوطني عام 1973.
الطريق إلى بيت الشيخ عبدالأمير يسكنه الفرح وعشرات السيارات الآتية والمغادرة لنفس الموقع، وتزينت المساحة الفاصلة بين بيته الكائن في قرية بني جمرة وبين الجامع القريب بالأعلام والزينات ابتهاجا بما تمر به البلاد هذه الأيام من تحولات يقودها باقتدار وحكمة صاحب السمو الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة أمير البلاد المفدى.
تأجل هذا الحوار مرة لظروف صحية كانت غير ملائمة للشيخ الجمري، ولكنه أصر أن يستكمله لوعد قطعه فضيلته أن تكون "أخبار الخليج" أو صحيفة بحرينية تجري له لقاء بعدما أطلق سراحة، ليقول رأيه في جملة من الأمور التي تشغله شخصيا وتشغل بال الرأي العام المحلي.[ ما مدى قناعتكم بقول (نعم) لمشروع ميثاق العمل الوطني؟ وهل هي مشروطة بتحقيق مطالب معينة؟ وعل ماذا اعتمدتم في اتخاذ القرار.
- كلمة (نعم) لمشروع ميثاق العمل الوطني لم تأت جزافا، ولا عبثا، بل جاءت بعد دراسة مستفيضة معمقة، تلتها مشاورات اتصالات توصلنا بعدها إلى هذه القناعة.
والعوامل الرئيسة التي ساعدت على خلق هذه القناعة، هي:
أ – أسلوب سمو أمير البلاد في التعاطي مع هذه القضية، فصاحب السمو بإمكانه أن يصدر مرسوما كما يصدر المراسيم الأخرى، ويفرض أمره على الجميع ويتحمل تبعات ذلك كما يفعل بعض الأمراء، ولكنه أراد أن يشرط شعبه في صناعة هذا القرار احتراما لآرائهم.
ب- شجاعة سموه في اتخاذ الخطوات التي خلقت وهيأت الأرضية الصالحة بانفتاحه على شعبه بتكرار الزيارات، وقراراه العفو العام الشامل عن المسجونين والموقوفين والمبعدين، والشفافية الإعلامية الملحوظة، هذه الأمور ما كانت لتكون لولا شجاعة الأمير وقناعته بضرورة كسر الحواجز بينه وبين شعبه.
هذه الأمور سيسجلها التاريخ لأنها نادرة، لم نعرفها في تاريخ البحرين أبدا.
ج – النوايا الحسنة والاستعداد للحوار عند الأمير.
قناعتي دائما دائما أقولها: إن الأزمات والمشاكل لا يمكن أن توجد أو تخلق لو كان هناك حوار جاد بين الأطراف.
وأقولها بكل صراحة: لو كان هناك حوار جاد لما عشنا تلك الأزمة التي راح ضحيتها العشرات والمئات من السجناء والمهجرين.
نعم، أقول: قرأنا الميثاق، وكانت عندنا تحفظات وغموض في عدد من النقاط من أهمها:
- الأمير يأتي على رأس السلطات.
- علاقة وصلاحية المجلسين المعين والمنتخب.
كانت هذه التحفظات قائمة عندها، ولكننا لم نجلس ونقول (لا للميثاق)، بل طلبنا لقاء خاصا ومستعجلا مع سمو الأمير، والأمير كذلك لم يقل (لا أستقبلكم وافعلو ما تشاءون)... لا بداً، كان هناك حرص منا واستعداد جاء منه حفظه الله، لفتح الحوار حول هذه النقاط المهمة.
خرجنا من عند سموه بعد أن فتح لنا صدره الواسع، وطمأننا قائلا:
- إن مواد الدستور حاكمة على الميثاق والدستور مقدم على الميثاق.
- المجلس المعين استشاري فقط، والمنتخب تشريعي قراراته نافذة.
- آلية تغيير بعض المواد تكون طبعا حسب ما يحدد دستور 1973م.
وتأكيد لذلك قال سمو الأمير:
إن قانون أمن الدولة مجمد الآن، ولن يوقف أحد بسببه، وبالنسبة لبقية المعتقلين الذين لم يفرج عنهم، أبدى استعداده لإطلاقهم ولدفع الديات لأسر المقتولين ليتم إطلاق سراح الذين استثناهم المرسوم، وإعادتهم إلى أهلهم.
هذه الأمور أزاحت الشكوك وعززت الثقة وجاءت قناعة (نعم) بناء على هذه الإيضاحات والتأكيدات التي صدرت من الأمير نفسه ومن بقية المسئولين.[ البرلمان شعار رفعتموه وطالبتم بعودته، فكيف تنظرون إلى الديمقراطية كأسلوب في العمل السياسي، وكمنهج للإصلاح؟
- في الحقيقة أنا عالم دين أنتمي إلى التيار الإسلامي الذي له فكر وثقافة وبرنامج خاص، نحن نؤمن بأن الإسلام لو أيتح له المجال من التطبيق فهو يملك الحلول المطلوبة.
حين أقول هذا، لا يعني أننا منغلقون لا نحاور الآخرين، بل على العكس من ذلك، فإن ديننا يأمرنا. وإن كنا نحمل فكرا مختلفا – أن نحترم الرأي الآخر، ويحرم فرض الأفكار كرها على الآخرين، ويأمرنا بالعمل الجاد بالتعاون مع الآخرين لإيجاد حياة كريمة بعيدا عن الديكتاتورية والظلم.
وعلى هذا الأساس، انخرطنا في العمل السياسي إيمانا بالأسلوب السامي، ودخلنا المجلس الوطني 1973م، نؤمن بأن من خلال هذا المجلس، وتحت قبته، يمكن أن نطرح برنامجنا الإصلاحي كما يسمح للآخرين طرح برامجهم، ومن خلال هذا المجلس يمكن أن نراقب الميزانية فنمنع الفساد والرشوة، ونمنع حصولهما، ونعتقد أن المجلس المنتخب انتخابا حرا بكامل الصلاحية، يمكن أن يلعب دورا فاعلا في تحقيق العلاقة المتوازنة بين الحكومة والشعب.
وعلى هذا الأساس حين حل المجلس الوطني تحركنا في العمل الاجتماعي، ولما تهيأت الظروف بعد غزو العراق للكويت، تحركنا من جديد في سنة 1992 مع بعض الأخوة سنة وشيعة، ورفعنا عريضة وقع عليها مجموعة من علماء الدين والمثقفين إلى سمو الأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة رحمه الله، نطالب بتفعيل الدستور، وفي سنة 1994 طرحنا عريضة شعبية جماهيرية وقع عليها 25 ألفا من المواطنين.
ومن داخل السجن في سنة 1995 تقدمت مع بعض أخواني بمبادرة لتهدئة الشارع، تتضمن شقين، أمني وسياسي، وحين انتهينا من الشق الأمني وهدأت الجماهير – مع الأسف – أدخلنا إلى السجن مرة أخرى، ومن السجن إلى الإقامة الجبرية، وعلى طول هذا المشوار كنت ومازلت، متمسكا بالمطالبة بعودة البرلمان، إخلاصا لهذا البلد.
وأنا أتصور بأن الديمقراطية – رغم ما قد تسببه من سلبيات أحيانا – نبقى الخيار الأصلح لمثل واقعنا، إننا نريد أن نتنفس هواء حرا، أن نحاور ونختلف ونتفق في أجواء صحية، بعيدا عن الضغوطات البلاد لعقود من الزمن، حينما ندخل اللعبة الديمقراطية، يجب علينا الالتزام بقواعدها، والإقرار بما ستؤدي إليه من قرارات وتشريعات.[ هل لا تزال (لجنة العريضة) قائمة إلى الآن؟
- العريضة جمعت تواقيع لأشخاص تبنوا هذا الطرح وهذا الفكر، فما دام هناك توجه جاد لإعادة تفعيل الدستور، فلا داعي لتفريقهم، فقد كانت المطالب واضحة في إطلاق المعتقلين السياسيين وعودة المهجرين وإعادة البرلمان، وكل هذه الأمور في سبيلها للحل الآن إن شاء الله، فلا اعتقد أن وجود مثل هذه اللجنة مبرر الآن.[ هل تؤمنون وتوافقون على التعددية السياسية وبالتالي التفاهم والتعاون مع الرأي الآخر؟ وإلى أي مدى تعتقد أن العمل المشترك لهذه التعددية هو نتاج ما نحن نعيشه الآن من متغيرات إيجابية؟
- أتصور أن من أهم الخطوات المطلوبة بعد الموافقة على مشروع الميثاق، أن تتشكل مؤسسات المجتمع المدني وتتبلور في تجمعات تمثل مختلف الشرائح الشعبية.
وأنا هنا أشيد برأي صاحب السمو ولي العهد – حفظه الله – في ضرورة وجود المعارضة أو (الرأي الآخر) داخل البلاد.
ونحن بذلك لا نقصد تلك المعارضة أو التجمع الذي يعارض كل شيء للا شيء، وإنما نقصد المعارضة التي تملك برنامجا للإصلاح، والتي تحترم القانون وتلتزم بالأسلوب السلمي، وهدفها خدمة هذا الوطن العزيز على الجميع بعيدا عن الغوغائية والعبثية.
مثل هذه التجمعات أصبحت ضرورة وخصوصا أننا نتحدث عن انتخابات بلدية في هذه السنة، وانتخابات المجلس الوطني في السنتين القادمتين، كما صرح سمو ولي العهد، فكيف يكون ذلك ومؤسسات المجتمع المدني مغيبة؟![ ما تصوركم لمرحلة ما بعد الاستفتاء على الميثاق؟ وما الخطوة التالية للاستفتاء؟
- هناك فعلا غموض وتخوف لمرحلة ما بعد الاستفتاء، واسمح لي أن أعيد صياغة السؤال للحديث عن تحديات العملية الإصلاحية والتي يمكن أن ألخصها في الأتي:
أ – حالة الشط وتراكمات السنين: نحن نتحدث عما يزيد على 25 سنة من غياب الدستور، زرعت الشك عند الجميع، وهذا الشك المتبادل قد يعطل العملية الإصلاحية، لذلك أطلب من سمو الأمير، باعتباره قائد هذه المسيرة الإصلاحية، أن يستمر فيها، ويحرص على بقائها.
ب- قانون أمن الدولة: إذا كان هناك من سبب يمكن أن نحمله مسؤولية أزمتنا الطويلة، فهو هذا القانون المشؤوم، فمن الجدير جدا أن لا يتم التفكير أبدا في إعادة تفعليه.
ج – المعارضة وشعاراتها: أتصور أن المعارضة الآن مطالبة جدا بالتحول من الشعار إلى المشروع المنطقي والواقعي بعيدا عن الحصول السحرية.
أتصور أن هذه التحديات ينبغي أن تعالج لضمان المسيرة الإصلاحية، وهنا أضم صوتي إلى صوت صاحب السمو الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد، بأن تبدأ مباشرة مرحلة التغيير والإصلاح السياسي والاقتصادي.[ ما منهجكم لتطبيق الإصلاح في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وما متطلبات تحقيقه؟
- الآن لا نملك برنامجا تفصيليا، لأن – ولسبب بسيط – لا يمكن أن تعمل على برنامج أو مشروع سياسي أو اقتصادي في ظل الإرهاب والاعتقالات، فالتنظير يحتاج إلى جو من الحرية والشفافية في المعلومات.
[ هل تعتقدون أن هناك جهة (أو جهات) تحاول عرقلة التوجه الجديد الذي يسود البلاد؟
- أخشى أن يكون هناك جهة أو عناصر لا تريد لهذه الوحدة الوطنية أن تتم، وقد يكون هناك من الأشخاص الذين ساءهم أن يكون سمو الأمير بهذه الدرجة من الانفتاح وسعة الصدر، ولكننا واثقون بأن سمو الأمير – بحكمته وانفتاحه وسعة صدره – قادر على التغلب على جميع الصعاب التي قد تواجهه.
[ نحن مطالبون بنسيان الماضي، وتأكيد التسامح والتضامن والتعاون والعمل على تحقيق الوحدة الوطنية، ما رأيكم في هذا الطرح؟
- نحن هنا نتحدث عن 25 عاما من تاريخ البحرين، والتاريخ بما فيه من الآلام لا يمكن أن يلغي أو ينسى بجرة قلم!!
لكن صرحاء أكثر إذا كنا جادين، في هذه الفترة (25 سنة) من غياب أو تعليق الدستور، شرعت قوانين، وهذه القوانين ينبغي أن يعاد النظر فيها طبقا لمواد الدستور.
وفي هذه الفترة حدثت أزمات كان فيها شهداء، وسجناء، ومهجرون، ومفصولون عن العمل، ومحرمون من جوازات السفر، والطائفية، وكما تفضل سمو الأمير وأصدر عفوه الشامل عن السجناء والمهجرين، نتوقع أن يتقدم بمبادرات أخرى لمعالجة آثار الأزمة حتى نطوي هذه الصفحة للأبد.
اليوم أثلج صدرونا إعلان سمو رئيس الوزراء بإعادة المعفو عنهم إلى وظائفهم وتوظيف من لا عمل له.
فيا حبذا أن يشمل هذا القرار المفصولين من أعمالهم الذين لم يشملهم قرار العفو الأخير.[ ما موقفكم من منح المرأة حقوقها السياسية؟ وهل لديكم تحفظات على هذا الشأن؟
- ليس لدي أي تحفظ في منح المرأة حقوقها السياسية، فالمرأة عنصر فاعل في جميع المجالات، والمجال السياسي من أعظم المجالات حيوية وعطاء، ولا يصح – بأي حال – أن يمنع هذا العنصر من المشاركة وممارسة حقوقه في هذا المجال.
فالمرأة في الإسلام مطلوب منها أن تصلح وتربي وتأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر وتتحمل المسؤولية شأنها في ذلك شأن الرجل، هذا إلى جانب تكليفها بالمحافظة على نفسها وكرامتها وشرفها، ولا أرى تعارضا بين المحافظة وبين ممارستها حقوقها في المجال السياسي.
ورأى أن المرأة البحرينية مؤهلة تماما لأن تلعب هذا الدور وتتحمل المسؤولية، فالمرأة البحرينية. ولا سيما في الفترة الأخيرة – ثبت نضجها ووعيها وقدرتها على العطاء والتفاعل مع الأحداث والإسهام في صنع الموقف والقرار.[ سمعنا أن سمو الأمير قد عرض عليكم العودة إلى العمل في القضاء، ولكنكم اعتذرتم.
- نعم، طلب إلي سمو الأمير مزاولة القضاء في محكمة الاستئناف، حيث كنت أعمل سابقا، ولكن خالتي الصحية الآن لا تسمح لي بالعمل في هذا المجال لأنه يحتاج إلى مجهود كبير، كما عرض علي عضوية المجلس الإسلامي الأعلى، ولكنني وجدت نفسي غير مستعد إلى الآن فاعتذرت، ولكن هذا لا يعني أن أكون بعيدا عن إسداء الرأي والنصيحة والمشورة.
وأنا مشغول بالكثير من الأعمال الاجتماعية والفتاوى وغيرها من الأنشطة التي درجت على أدائها ولم انقطع عنها، فقد كنت في السابق ألقي بعض المحاضرات وأقدم بعض البرامج في الإضاعة والتلفزيون، ولكنني أرى أن أهم من أن أتولى منصبا رسميا هو البقاء بين الناس متحسسا آلامهم وقضاياهم.[ هناك نقاش قديم حول صدور قانون الأحوال الشخصية في البحرين، فهل مرد هذا التأخير – كما يقال – في الاختلاف المذهبي بين الجعفري من جهة والمذاهب السنية؟
- إذا وضع هذا القانون من قبل ناس أكفاء ومتخصصين فلا مانع، وأن الاختلاف الفقهية بين المذهبين الرئيسيين في البلد تكاد تكون محدودة ومحصورة في الطلاق والميراث، وحتى أن فقهاء السنة مؤخرا أصدروا جملة من الفتاوى في موضوع الطلاق تقترب كثيرا من الرؤية الجعفرية، كأن لا يصح طلاق الغضبان أو فاقد التمييز أو الطلاق ثلاثا في مجلس واحد، كما دخول موضوع زواج المسيار بجانب زواج المتعة في هذا الشأن، كما أن في المواريث هناك مسألة العول والتعصيب، وهذه الأمور لا يمكن أن تقف عائقا دون صدور قانون الأحوال الشخصية بحيث ترد الأمور الخلافية إلى كل مذهب على حدة.
ولكن صدور القانون وحده لا يكفي إن لم تكن هناك آلية رقابة ونزاهة عند القضاة أنفسهم.[ هل من كلمة تودون أن توجهوها لشباب الوطن في مثل هذه الأجواء التي نعيشها؟
- شبابنا اليوم أكثر عطاء وإيجابية، ولا يمكنني أن أقول لهم إلا أن تمسكوا بتعاليم الإسلام، وأحيلوا كل ما يعترضكم إليه في حل القضايا والخصومات، وانظروا إلى إخوانكم في الدين والوطن نظرة رحيمة، وأقيموا الوفاق والوحدة الوطنية والإسلامية الشاملة لتقوى أنفسكم وتثبت أقدامكم وتتمكنوا من الوقوف بقوة أمام أعدائكم.
المصدر: أخبار الخليج
بتاريخ: 13 / 2 / 2001