-
القائمة الرئيسية
-
ملاحق البحرين تنتخب 2014
-
سمو ولي العهد في حديث خاص إلى «الوسط»: شفافية القرارات ستقضي على أي فساد مالي
قصر الزاهر - منصور الجمري
فقال صاحب السمو ولي العهد الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة ان مملكة البحرين «حققت خطوات مهمة بتحرير سوق الاتصالات وتخفيض الرسوم الجمركية وتحرير الوكالات التجارية في القطاع الخاص» مؤكدا اننا مازلنا «في بداية الطريق». جاء ذلك في حوار خاص بـ «الوسط» تحدث فيه سمو ولي العهد عن الخطط الحالية والمستقبلية للنهوض باقتصاد البحرين الى مستوى التنمية المستديمة المعتمدة على القدرات الوطنية بالاساس وتستهدف خلق واعادة توزيع الثروة بصورة اكثر عدلا، وفيما يأتي نص الحوار.
* ما هي أهم الخطوات التي تحققت في برنامج التنمية الاقتصادية؟
- حققنا عددا من الخطوات المهمة بفضل توجيهات جلالة الملك ومساندة ومؤازرة سمو رئيس الوزراء، وما تحقق لحد الآن ما هو الا بداية الطريق فتحرير سوق الاتصالات وتخفيض الرسوم الجمركية وتحرير الوكالات التجارية وتشريع قانون المناقصات كلها انجازات هدفت إلى خلق قطاع خاص كبير وقادر ان يديم الاستثمار في البحرين، وهذا ما نسعى اليه.
* ألا تعتقدون ان من المشكلات التي تواجه العملية التنموية هي قلة المعلومات المتوافرة عن القطاعات الاقتصادية وحركة الاستثمار وعدد من المؤشرات التي يحتاج إليها من يخطط للمستقبل؟
- لا ليست المشكلة في المعلومات، ولكن ربما ان عدم وضوح الادوار يعرقل بعض الامور. فالهدف هو ان يتحول دور الدولة من ادارة الاقتصاد الى «تسهيل» الاعمال والانشطة الاقتصادية بحيث يقوم القطاع الخاص بادارة العملية التنموية. والقطاع الخاص يجب ان يقوم بدوره وبمسئولياته بعد سنوات نوم طويلة بسبب هيكلية القوانين. الدولة تسيطر حاليا على قرابة سبعين في المئة من الاقتصاد وهذه النسبة يجب ان تقل ويتسلّم القطاع الخاص دورا أكبر.
* ولكن هناك من يقول ان لدى البحرينيين أكثر من 17 مليار دولار خارج البحرين وحري بهذه الاموال ان تستثمر داخل البحرين بدلا من الخارج؟
- في الحقيقة ان الاموال العربية التي تقدر بـ 500 الى 800 مليار دولار خارج البلاد العربية بدأت ترجع وهي تبحث عن اسواق لها في العالم العربي. ولكن المشكلة انه ليس هناك ترابط وتكامل في الاسواق المحلية ولذلك فإن عودة الاموال العربية ربما تكون مبعثرة. ولذلك يجب علينا ان نتحرك لربط مصالحنا ببعضنا البعض وهذا يتطلب تكامل الانظمة الاقتصادية في المنطقة، وهذا عمل ينبغي السير باتجاهه على المدى البعيد. ولقد قطعنا بعض المسافة في هذا الطريق من خلال بدء الاتحاد الجمركي بين دول مجلس التعاون.
اما في البحرين، فإنني اهنىء القطاع الخاص على عزمهم واهتمامهم بأسواقهم المحلية، ولقد شاهدنا عدة مشروعات تنموية قامت برؤوس اموال بحرينية وبقيادة محلية. ففي مناقصة الاتصالات كانت هناك عدة شركات وحصلنا على عروض قوية من ست منها. وأهم شيء يجب ان نسعى اليه هو خلق الثروة واعادة توزيعها.
* ماذا تقصدون بإعادة توزيع الثروة؟
- لدينا اقتصادان، احدهما حديث والثاني قديم. الحديث يسير على مستوى العالم الاول وترى هذا مثلا في القطاع المصرفي والألمنيوم. أما القديم فينتمي إلى اقتصاديات دول العالم الثالث الفقيرة في جنوب آسيا ولذلك لدينا اعمال في البحرين تعطي رواتب متدنية جدا بينما لدينا وظائف تعطي رواتب تضاهي رواتب الدول المتقدمة. واذا دخلت المصارف فكأنك في دولة من دول العالم الاول ولكنك عندما تذهب الى مصنع اذا بك في دولة من دول العالم الثالث. اننا نسعى إلى تأمين فرص للمواطنين للحصول على وظائف تعطي رواتب مناسبة، وقد لا نستطيع ضمان المعاش المرتفع لأن اصابع اليد ليست واحدة، لكن يجب ان نوفر الفرص المتساوية لكي يبدع المواطن ويحصل على عيش كريم. وهذا اعادة لتوزيع الثروة.
* البعض يقول إن البحرينيين لا يحبون العمل الشاق، ما رأيكم؟
- لا اوافق ابدا على هذا الكلام. فالبحريني اثبت جدارته في اي مجال يُفسح امامه. المشكلة تكمن في سوق العمل التي تفرق بين البحريني والاجنبي. انا اعتقد اننا دائما سنحتاج إلى خبرات اجنبية، ولكن لدينا فائضا من العمالة الاجنبية وهناك حاجة إلى توحيد سوق العمل. انني اعتقد ان الوظائف الكريمة هي التي يبحث عنها المواطن ولذلك يلزم ان نصحح هيكلية سوق العمل، فالعامل في البحرين من الفرّاش الى المدير يجب ان تكون لهم وظيفة تؤمن لهم حياة كريمة وعلى صلة نسبية مع بعضهم البعض.
* ماذا تعنون بتوحيد سوق العمل؟
- في حالة توحيد سوق العمل تكون الدولة هي الكفيل للاجنبي وليس شخصا آخر، ويستطيع الاجنبي التنقل من عمل الى آخر وله حقوق لا يمكن الاخلال بها. وعلى هذا الأساس فإن البحريني لن يتضرر من وجود عمالة اجنبية تنافسه بأسلوب غير متكافئ. وهذا يتطلب تشاورا وسياسة متدرجة لكي نضمن للمواطن وظائف كريمة بمعاشات مقبولة.
* التجار يشتكون من قلة رخص استجلاب العمال الاجانب بينما البطالة مازالت تؤرق المواطنين ... ما رأيكم؟
- نعم التاجر يقول ليست لديه رخص كافية، لكن اذا نظرت الى الاحصاءات تجد ان الاجانب موجودون بكثرة في البحرين، ولكن بصورة غير منتظمة. وانا اعتقد ان لدينا فائضا، ولكن نظام وزارة العمل - بوضعه الحالي - لا يستطيع السيطرة على العمالة الاجنبية وفي الوقت نفسه لا يلبي احتياجات القطاع الخاص. ولذلك فان النظام بحاجة الى اعادة نظر ونتمنى ان تساهم جميع المؤسسات المتأثرة بهذا الوضع في المشاورة فنحن بحاجة الى استشارة القطاع الخاص والنقابات قبل الشروع في نظام جديد.
* هل سيرى مثل هذا الاصلاح النور في سوق العمل؟
- هناك بصيص امل الآن لحلحلة هذه المشكلة، والمأمول هو تقليل عدد الاجانب الوافدين واعطاء الاجانب الموجودين حقوقا تمنحهم حرية التنقل لخلق سوق تنافسية تبتعد عن الاستغلال السيئ الذي يتضرر منه المواطن. نود ان يكون لصاحب العمل الخيار في ان يوظف من يشاء ولكن على اساس ضبط سوق العمل وعلى اساس قانون عمل يشمل البحريني وغير البحريني.
ان فكرة وجود 20 او 40 موظفا بوزارة العمل لتنظيم احتياجات 30 الف سجل تجاري من سابع المستحيلات. اتمنى اليوم الذي ينتهي فيه نظام الكفالات والكل يعمل في سوق حرة تنافسية، ونترك السوق تحدد الحد الادنى للاجور على ان تكون اكثر بكثير مما هي عليه الآن.
* هل انتم راضون عن طريقة اختيار الشركة المنافسة في سوق الاتصالات؟
- نعم راضون عن الطريقة. لقد اعتمدنا ضوابط عادلة هدفت في الاساس توفير خدمة تنافسية يستفيد منها الزبون، ونتوقع ان اسعار الاتصالات ستنخفض، وستلتحق خدمة الانترنت بالسوق المحررة في المستقبل القريب وسيكون المستفيد هو المواطن والزبون وستكون هناك رقابة حكومية. هذا هو دور الحكومة: الرقابة وليس الادارة. وقريبا سيتم تخصيص وتحرير سوق الطاقة على ثلاثة مستويات: الإنتاج والتوصيل والتوزيع.
* لكن التخصيص وتحرير الاقتصاد يتطلب مساندة الدولة للمتضررين من المواطنين الذين يتم تسريحهم. وفي الدول المتقدمة هناك معونة للعاطلين عن العمل ولكن ليس لدينا هذا الامر في البحرين، ما رأيكم؟
- اننا مع المشروع الداعي إلى تدشين التأمين الاجتماعي للمواطنين لكي تخفف عنهم الاعباء وهو جزء اساسي في اي اقتصاد متطور لامتصاص المتاعب. وهذا مايجب ان نسعى اليه ونأمل ان يتحقق بإذن الله.
* هل ستستخدمون الطريقة نفسها بالنسبة إلى سوق الطاقة؟
- اولا ان قطاع الاتصالات كان تحريرا وليس تخصيصا، اما الكهرباء فسيكون تخصيصا وتحريرا. ومن الضروري ان نضع استراتيجية واضحة، ونحن الآن على وشك تعيين استشاري والفترة الاستشارية ستستمر ستة اشهر لإعداد الخطة، والخطوات الاعتيادية لإعداد الخطة ثم اعتمادها وبعد ذلك اصدار قانون (اذا لزم الامر) ومن ثم التنفيذ.
وسنعتمد تأسيس منظم لسوق الطاقة كما هو الحال مع سوق الاتصالات ونريد اشراك اصحاب القرار. وخصخصة وتحرير سوق الطاقة سيشمل الانتاج والتوصيل والتوزيع. وهذا التقسيم سيسمح لنا بتحديد الدعم المطلوب من الدولة والذي اعتقد انه سيكون في التوزيع. ولربما تكون هناك اكثر من شركة لكسر اي احتكار على المدى الطويل ولضمان وجود سوق تنافسية تخدم المستهلكين.
* تحدثتم عن تغيير دور الدولة في الاقتصاد، ما هو المؤمل تحقيقه؟
- التركيز هو على تقليص حجم دور الدولة في الاقتصاد الوطني، والدولة تأخذ دور المنظم وواضع الضوابط لتحسين سير سلوك العملية التنموية. فهي يجب ألاتكون المشغل للاقتصاد ويلزم ابعاد القرار الاقتصادي البعيد المدى عن القرار السياسي الآني.
في العامين الماضيين كان لدينا نمو 5 في المئة ...
* بسبب ارتفاع سعر النفط؟
- لا، حتى من غير اسعار النفط، لقد كان لدينا نمو 5 في المئة وكنا قد خفضنا الجمارك ومع ذلك لم ينخفض دخل الحكومة من الجمارك. وهذا يدل على نجاح سياسة تحرير الاقتصاد.
* لقد اعتبرتم مشروع انشاء حلبة سباق الفورمولا - 1 في جنوب البحرين من احد اهم المشروعات عند اكتماله في العام المقبل، هل الفائدة معنوية ام مادية؟
- ان مشروع الفورمولا - 1 هو اكبر حدث رياضي في الشرق الاوسط، والبحرين ستستضيف ثالث اهم رياضة في العالم بعد الاولمبياد وكأس العالم. والفرق ان هذه الرياضة سنوية (كل سنة في مكان) وليست كل اربع سنوات كما هو الحال مع الاولمبياد وكأس العالم.
ان المردودات مادية ومعنوية. فبالاضافة إلى السمعة التي ستحصل عليها البحرين من خلال استضافة سباق الفورمولا - 1 فإنها ستستفيد ماديا، إذ أن السباق يوفر لألمانيا (مثلا) 120 مليون دولار من الدخل غير المباشر خلال ثلاثة ايام من السباق. وذلك لان الحركة تزداد خلال هذه الأيام ويزداد الشراء وتزداد الاعلانات وتزداد الشركات التي تخدم الحاضرين للسباق. والمردود الذي نتوقعه للبحرين هو ما بين 30 الى 120 مليون دولار بسبب استضافة السباق. ولذلك فان ما نعمل من اجله هو استثمار هذا السباق من اجل تطوير امكاناتنا وتعزيز سمعة البحرين الدولية.
* البعض يطرح بأن توسعة مصهر الالمنيوم كان الاجدر ان يتوجه إلى الأستثمار في الصناعات الخفيفة المعتمدة على المعدن الخام للالمنيوم، ما رأيكم؟
- في الوقت الحالي فان الامر الذي يحدد اين نستثمر الاموال في توسعة المصهر ام في انشاء صناعات خفيفة تعتمد على معدن الالمنيوم هو كلفة الشحن. يمكنك ان تشحن وتصدر المعدن الخام بصورة اكثر فاعلية وأرخص من تصدير منتجات الالمنيوم. ذلك لان المنتج سيحتوي على فراغات والشحن يعتمد على الحجم واذا لم تستطع ملء حاويات الشحن فإنك تدفع المال لنقل الهواء والفراغ. والجدوى الاقتصادية لذلك اتجهت إلى التوسعة.
لكن هذا لا يمنع أن تتطور الصناعات الثانوية المعتمدة على صناعة صهر الالمنيوم.
* ما هي المجالات التي نستطيع ان نتقدم فيها كما تقدمنا في القطاع المصرفي والالمنيوم؟
- نحن الآن مركز للتدريب ونلاحظ اهتماما واسعا بتقنية المعلومات في البحرين ولدينا الآن خبرات صاعدة، ويتوجب علينا مساعدة المواطنين لخلق مناخ استثماري صحيح. فتحرير سوق الاتصالات وغدا الانترنت سيفسح المجال لمزيد من الخدمات التنافسية بمستوى عالمي.
* غرفة التجارة والصناعة اقترحت انشاء ملحقية تجارية في سفارات البحرين، وسمعنا ان ذلك قد يبدأ في طهران وبغداد، هل لديكم أي تعليق على ذلك؟
- انها فكرة حسنة والعلاقات بين تجارنا وتجار تلك البلدان وثيقة وانشاء ملحقية تجارية على اساس حرفي سيساعد بلا شك في هذا المجال.
* هل تعتقدون ان النمو الاقتصادي سيزداد بعد انتهاء الحرب على العراق؟
- الوضع مازال غير واضح، ولكن نتمنى الاستقرار والازدهار للشعب العراقي. لحد الآن لم تظهر سوق عراقية ونحن بانتظار شكل الحكومة العراقية والامن والاستقرار في العراق. والحديث حاليا سابق لآوانه.
* هناك حديث مستمر عن تضارب المصالح الخاصة مع المصالح العامة في تنفيذ مشروعات الدولة، ما هو برأيكم الطريق الافضل لمعالجة هذا الامر؟
- ان شفافية القرارات ستقضي على أي فساد مالي، ونحن نستطيع القيام بذلك ونطمئن المستثمر ان المال العام بخير.
* هناك من يطرح ضرورة سن قانون يفرض على المسئول العام تسجيل مصالحه الخاصة التي تتعارض مع دوره العام، ما رأيكم بهذه الفكرة؟
- اننا من المؤيدين لأي اجراء مناسب بهذا الشأن ولعل مثل هذه الامور يتكفل بها قانون جديد بشأن الذمم المالية
المصدر:
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 232 - السبت 26 أبريل 2003م الموافق 23 صفر 1424هـ