-
القائمة الرئيسية
-
ملاحق البحرين تنتخب 2014
-
البحرينيون يتجهون إلى التكتلات والدولة تذكر بمنع الأحزاب
المنامة - من غسان الشهابي:
فرغ البحرينيون من فرحتهم بالتحولات الجديدة التي مرت بها البلاد خلال الشهر الماضي، فخرجت المسيرات، وأقيمت المآدب وحفلات الاستقبال التي تصدرها من أسميوا في فترة ماضية بـ "المعارضين" والذين تحولوا إلى مشيدين بالخطوات التي اتخذها أمير البحرين بطي صفحة الماضي، والتجاوز عن الكثير من السلبيات والأخطاء أثناء الممارسة من كلا طرفي المعادلة.
وما ان هدأت هذه الموجة من الأفراح، خصوصاً مع عودة أبرز رموز المعارضة من الخارج، وتوقع وصول العدد الباقي منهم في غضون أيام قليلة، حتى بدأت التيارات المختلفة في العمل على تنظيم عملها الداخلي رغبة في ترسيم حدود برامج عمل خاصة بها لتطرح من خلال القنوات المتاحة.وكانت رموز التيار الشيعي في البحرين صرحت قبلاً أن ليس لديها برنامج عمل محدد وواضح المعالم، لأنه لم يتح لها المجال في السابق للتعبير عن توجهاتها السياسية بالشكل الذي يضمن لهذا البرنامج النمو والمناقشة والتطبيق، ولكنها تعد هذا البرنامج من خلال دعائم الدين الاسلامي والمنطلقات الوطنية التي تحملها, فيما تنطلق التيارات المؤدلجة سابقاً من تجارب ضاربة في القدم (النسبي) في صياغة مشاريع برامجها السياسية، رغم ما يعتور هذه الاتجاهات من انقسامات داخلية بسبب الظروف التاريخية التي كونت هذه التيارات.
ولا يزال التيار الإسلامي السني يتخبط في تلمس الطريق للتفاعل مع المستجدات التي بدا أنه بعيد عن فورتها في الفترة السابقة.
ومن نتاجات هذه الحركة الاجتماعية- السياسية التي استثمرت هذه التغيرات الحادثة في البلاد قبل أن يسكن غبارها، انطلاق مجموعات من الناشطين للحصول على مباركة رسمية من رئيس وزراء البحرين الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة على انشاء لجنة أهلية لحقوق الانسان، بعدما سبق تكوين لجنة مشابهة رسمية تابعة لمجلس الشورى.
وفي هذا الخضم، لم تتوقف الأندية الرياضية والثقافية عن مناقشة التطورات الجديدة الحاصلة في البحرين، واستشراف المستقبل، وهذا الأمر الذي لم يكن مسموحاً به حتى وقت قصير جداً من تاريخ الخامس من فبراير عندما أعلن أمير البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة عن العفو الأميري عن الموقوفين والمبعدين لمن قاموا بنشاطات تمس أمن الدولة.
وفي المقابل، انطلقت مجموعة من الناشطين الوطنيين في صياغة مبادئ برنامج سياسي عام لما أسموه "التجمع الوطني الديموقراطي"، وهو تجمع تحت التأسيس، لتركز فيه على أهمية دعم التوجهات التي يقودها أمير البلاد للاصلاح السياسي والتي هي محل اتفاق وولاء واخلاص الشعب بكامله.
ويرنو التجمع الوطني الديموقراطي إلى احتضان الشخصيات والرموز ذات الاصول القومية، واليسارية، والليبرالية والمستنيرين من الاسلاميين والمستقلين "من أبناء الوطن المدافعين عن العدالة والمساواة، والمؤمنين والديموقراطية". أما المبادئ والبرنامج السياسي لهذا التجمع الوطني فكانت تدعو إلى احترام الدستور، والدفاع عن حقوق المرأة، وتفعيل دور الجمعيات الأهلية، ونبذ التمييز الطائفي، والبعد القومي للبحرين، والتعددية والاختلاف والائتلاف بين القوى السياسية في المجتمع البحريني مع الايمان بالشرعية الدستورية ممثلة في رأس الدولة أمير البحرين، وأهمية الاندماج والتوافق بين الدولة والمجتمع، وأن الخصخصة في المؤسسات أمر واقع، مع الحفاظ على موقع الدولة من حماية المستهلك، والعمل على تخليص المجتمع والدولة في شكل تدريجي من هيمنة الاقتصاد الريعي وأنماطه الاستهلاكية، ومحاولة تقليص الهوة بين الدخل والانتاج.
ودعا التجمع "تحت التأسيس" إلى الغاء كل القوانين الاستثنائية التي تعطل القانون وتهمش القضاء، وتعديل قانون العقوبات، وتعديل قانون الجنسية، وايجاد قانون إداري يبين المسؤوليات في الحقوق والواجبات بين الدولة وأجهزتها، والمواطنين والمقيمين في المجتمع من جهة ثانية، وتعديل قانون المطبوعات والصحافة بما يكفل حرية النشر ويتماشى مع ثقافة الثورة المعلوماتية، وتعديل قانون العمل، وايجاد حرية للعمل النقابي واستقلالية منظماته العمالية، وسن قانون للأحوال الشخصية ينظم العلاقة بين الأفراد في الأسرة البحرينية، بالاضافة إلى التركيز على الوحدة الوطنية ووحدة الوطن، والدفاع عن الثروات الطبيعية ومواثيق الطفولة العالمية.
لكن هذا التجمع لم يكن ليمثل كل التيار الوطني في البحرين، إذ أن هناك انقساماً بين من يمثلون اليسار بين جبهتين تسميان اختصاراً (الشعبية والتحرير)، وهذا الانقسام واقع منذ تأسيس كلتا الجبهتين بحسب الرؤى السياسية والاجتماعية المتعددة، وفي المقابل، فإن التيار السني المتمثل داخلياً بين من يمثلون جمعية الإصلاح والجمعية الاسلامية والسلفيين عقد ممثلوه اجتماعاً تنسيقياً لم يكتب له النجاح للاختلاف في رؤى كل فريق في النظر إلى الأمور، بينما هناك عدد من القوميين والبعثيين الذين لم تتضح رؤاهم في شكل واضح وقابل للطرح الآن.
في ما يقول البعض أن التيار الشيعي- وإن بدا متماسكاً الآن، إلا أنه- يحمل في طياته اختلافات قد تتبدى واضحة بعدما يمضي مشروعه في التشكل في القريب العاجل، هذا بجانب محاولة عدد من المثقفين والناشطين للخروج بصيغ جديدة تمثل تيار الأغلبية من الناس الذين يؤمنون بالبعد القومي الإسلامي في الانتماء والذين ليست لهم انتماءات سياسية صارخة وملزمة في هذه الفترة تجعلهم ينتمون إلى أي من الأطراف الكلاسيكية على الساحة البحرينية.
وتتشابه الطروح الأولية لكل فئة أو تجمع مع الأخرى في التأكيد على الثوابت، وإنما تختلف في بعض من التفاصيل والإجراءات. وفي أول ردة فعل رسمية تجاه هذه التجمعات، التي لم تعد محتاجة إلى العمل في الخفاء كما كان الوضع سابقاً، صرح وزير العمل والشؤون الاجتماعية عبدالنبي عبدالله الشعلة بأنه "لوحظ أن بعض المواطنين، بدافع من الحماس الوطني في ظل أجواء الديموقراطية التي تعيشها البلاد، تحت مظلة المشروعية وسيادة القانون، يقومون بالتعبير عن آرائهم من خلال تجمعات بعيداً عن مظلة القانون والشرعية (,,,) وحيث إن الدستور والقانون لا يسمحان بالأحزاب السياسية، فإن أي عمل تقوم به أي فئة يتسم بالتحزب يكون خارج نطاق المشروعية القانونية"، وقال إن المضي في مثل هذه التجمعات سيفضي بالمسؤولين عنها للمساءلة القانونية.
المصدر: الرأي العام الكويتية
بتاريخ: 16 / 3 / 2001