-
القائمة الرئيسية
-
ملاحق البحرين تنتخب 2014
-
عبد الرحمن النعيمي: مساهمة في الحوار حول "ميثاق العمل الوطني" نحتاج الى المزيد من الوضوح حول القضايا التي تطرق اليها سمو ولي العهد في مؤتمره الصحفي
عبد الرحمن محمد النعيمي 4 فبراير 2001
عقد سمو ولي العهد ، الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة مؤتمراً صحفياً يوم الرابع من فبراير للرد على استفسارات رجال الصحافة حول عدد من الاسئلة المتعلقة بميثاق العمل الوطني، والاستفتاء ، والحياة البرلمانية والمعارضة السياسية، وعدد من المواضيع الأخرى.
ونقدر عالياً تلك الروح الايجابية الطموحة التي عبر عنها سموه في عدد من الموضوعات: التشديد على انه اقسم كولي للعهد على الحفاظ على الدستور، المجلس المنتخب هو صاحب السلطة التشريعية، المساواة بين جميع المواطنين، وحل مشكلة المواطنين البدون، والغاء كل اشكال التمييز بين المواطنين في قانون الجنسية بحيث يكون المواطن مواطن سواء كان من الاسرة الخليفة او كان سابقاً من البدون. اننا نصفق عالياً لهذه العقلية الجديدة التي لا مثيل لها في منطقة الخليج، وستضع بلادنا ـ اذا وجدت هذه الاقوال طريقها الى التطبيق ـ حقاً في مصاف البلدان التي تحترم الانسان، وتقيم الاعتبار له بصفته انساناً بالدرجة الاساسية، وتعطيه بمقدار ما يعطي الوطن والشعب.
انه كلام كبير من مسؤول كبير. ان المواطن يستبشر خيراً عندما يسمع مثل هذا الكلام، وسيفرح كثيراً عندما يجد ترجمة هذا الكلام على ارض الواقع، بحيث تتحقق المساواة بين جميع ابناء الوطن، ولا تعود الامور هبة من أي مسؤول وانما هو حق يقره ويعترف به ويحترمه كل مسؤول وعلى رأسهم المسؤول الاول في البلاد.
كانت كثرة من الاسئلة منصبة حول العلاقة بين المجلس المنتخب والمجلس المعين، والمخاوف من ان تكون هذه التركيبة خطة مدبرة من السلطة لاحكام القبض على السلطة التشريعية، بحيث يتم افراغها من محتواها كسلطة تشريعية ورقابية.وبالرغم من التوضيح الذي عبر عنه ولي العهد (كما التوضيح الذي عبر عنه مستشار الامير في ندوته في نادي العروبة مساء اليوم ذاته) حيث اكد بأن المجلس المنتخب هو السلطة التشريعية وان مجلس الشورى للشورى، وان العلاقة بين المجلس ستتم مناقشتها بالاسترشاد بتجارب البلدان الديمقراطية العريقة كبريطانيا وامريكا وفرنسا وغيرها، الا ان ولي العهد لم يفته التراجع بحيث اثار الالتباس مرة اخرى حول هذه القضية التي بتوضيحها يكون الميثاق كله قد أكد على القضايا التي تضمنها الدستور (مع المقترحات التي اشير اليها في باب استشراف المستقبل)، وسيكون من المفيد ان يقول وزير العدل كلمته الاكثر توضيحاً او يقول الامير كلمة الفصل في هذا النقاش الدائر على صعيد السلطة التشريعية.
واستناداً الى كلمات الاطراء والمديح والتأكيد على المواطن وشعب البحرين ... الخ، تصدر عن ولي العهد، فاننا على قناعة بأن الميثاق قد جاء للعبور من المرحلة السديمية (النفق المظلم الذي استمر شعب البحرين فيه طيلة ربع قرن) الى المرحلة الدستورية. واذا لم يكن الميثاق ـ بعد التوضيحات ـ قد اضاف شيئاً الى الدستور او صاغ توجهات متقدمة تتعلق باشراك المرأة والغاء كافة اشكال التمييز ضدها، فانه قد أتاح للامير ان يفسح المجال (رغم تدخلات وزارة الداخلية واجهزة الامن التي تتمسك بقانون امن الدولة وتتمنى من كل جوارحها ان تطبق كل كلمة فيه) لهامش اكبر من السابق، يتوسع يومياً، لحرية التعبير والنقاشات الموسعة حول كافة القضايا المدرجة على جدول العمل السياسي في بلادنا، وهذه مأثرة يجب الاقرار بها اذا كان المقصود من هذه المبادرة هو الخروج من نفق قانون امن الدولة المكمم للافواه الى اجواء الحريات العامة التي تضمنها الدستور، وبالتالي وضع المواطن في اجواء دستورية تكون مدخلاً لتفعيل الدستور والحياة البرلمانية.
وحيث لم يرد ولي العهد على موضوع المعتقلين والسجناء السياسيين والمبعدين (أي مواضيع العفو العام الشامل الذي هو وحده القادر على خلق اجواء تبرهن مصداقية التوجه الديمقراطي القادم، او مناورة للعبور من مرحلة الى مرحلة اخرى غامضة للوقت الحاضر).
لم يرد ولي العهد على مسألة قانون امن الدولة وهل سيستمر العمل به ام سيلغى بمرسوم اميري. ولأنه لم يشأ التطرق الى أي تعديل وزاري يأتي برجال قادرين على تنفيذ هذه السياسات الجديدة، فان من الواضح للجميع انه يصعب تنفيذ هذا البرنامج عبر الرموز القديمة، فكيف يمكن اقناع الناس بالاجواء الديمقراطية اذا كان الجلادون قابعين في اجهزة الامن، ولم يقدم للمحاكمة أي منهم لوقت الحاضر او لم يعزل من الوظيفة كثرة من فرسان المرحلة السابقة!!
من الواضح ان خطاب ولي العهد، كما هو خطابات الامير، تختلف عن خطابات الآخرين، او الخطابات التي تعود عليها شعب البحرين من كبار المسؤولين في الفترة السابقة، فعندما سأل ولي العهد عن الشخصيات المعارضة، لم يطلق التهم جزافاً عليها هذه المرة، كما يفعل وزير الخارجية مثلاً في كل مرة يسال عنها، فيعتبرها مجموعة من الارهابين والمخربين والمرتبطين بالقوى الخارجية. وبالاضافة الى الاستخدام المكثف لمفردات الدستور والمواطن والمساواة والحقوق والواجبات، فان المرجعية باتت هي وضعية البلدان الديمقراطية العريقة، وليس البلدان المبتدئة في الطريق الديمقراطي. ولأن الامير وولي عهده يريدان الوصول سريعاً الى تلك المرجعية ، او ذلك البر، فان المواطن يشعر بالخوف وعدم الاطمئنان وعدم التصديق للكلام الجميل الذي يسمعه.. ويتوهم بأنه غير جدي او أنه البعض عاجز عن تصديق ما يرى ويسمع، ويردد الكلمات والتعابير السابقة.. لا تصدقوهم .. لقد فعلوا بنا كذا وكذا فما الذي تغير فيهم ليتغيروا هذه الزاوية الكبيرة؟
هل من الضروري ان يقول كل مواطن كلمة نعم للميثاق للعبور الى المرحلة الديمقراطية ... ام يجب تشجيع كل مواطن ليقول الكلمة التي يراها مقنعة له سواء كانت نعم أو لا .. دون أن يخاف من المساءلة أو العقاب أو الفصل عن العمل ؟
ولماذا يقول ولي العهد بأنه يريد من المواطنين أن يقولوا نعم للميثاق.. وهو دعوته تلك لا تنسجم مع العرف والتقاليد الديمقراطية... التي تؤكد على حرية اختيار المواطن .. وبالتالي من حقه ان يحكم عقله وضميره وقلبه دون خوف وهو يدلي بصوته او لا يدلي بصوته في صناديق الاستفتاء.
أليس من الديمقراطية ان يقاطع الانسان عملية التصويت... عندما لا يجد جدوى للعملية برمتها؟
أليس من حق المواطن أن يقول لا .. اذا وجد ان الموافقة تعني تكبيله بقيود أكبر من السابق... كما يقول البعض..
أليس من حقه أن يقول نعم ... ليس خشية من اجهزة الامن.. وليس خشية من ختم الجواز والمساءلة لاحقاً وانما لقناعته بأن الميثاق سيفتح آفاقاً للعمل السياسي أفضل من السابق، او يرى بأن الميثاق هو القنطرة التي يريد الامير ان يعبرها في مواجهة الحرس القديم المتمسك بكل صغيرة وكبيرة من زوايا الدولة التي يريدها الامير ـ كما يقول ولي العهد ـ ان تكون ديمقراطية وعصرية ومتقدمة، ويريدها القائمين عليها مزرعة، حكراً لهم، أداة في يدهم للاستيلاء على الشركات والوكالات والفري فيزا .. ويبقى الشعب سجاداً عجمياً!!!
حسناً .. لنخطو الى الامام خطوة مع ولي العهد..
لماذا نربط الانتخابات للمجلس الوطني ، الذي هو باعتراف ولي العهد ـ السلطة التشريعية المعبرة عن الشعب ـ بالفترة المتبقية لمجلس الشورى المعين، بدلاً من حل مجلس الشورى الحالي بعد الاستفتاء مباشرة واجراء انتخابات لمجلس وطني كامل الصلاحيات التشريعية والرقابية، وتعيين مجلس جديد للشورى سيكون اعضائه ابناء المرحلة الجديدة وليسوا ابناء مرحلة الحرس القديم !! ام اننا بحاجة الى ثلاث سنوات عجاف تضاف الى الربع قرن المنصرم؟ ولا ندري ما الحكمة وراء استمرار مصادرة حق الشعب في المشاركة السياسية، خاصة واننا قد عشنا سنتين من العهد الجديد، فهل سنمضى خمس سنوات من العهد الجديد دون مجلس منتخب يعبر عن مشاركة الشعب في القرار السياسي!!
ولنفترض ان الشعب قال بأغلبية ساحقة لا للميثاق.. فماذا سيكون رد فعل النظام.. هل سيقبل ذلك.. وماذا يعني رفض الشعب الميثاق بالنسبة للحكم.. ام انه يفترض مسبقاً : بالاعداد الواسع للاستفتاء ان تكون النتيجة ايجابية.. ولكننا نضع كل الاحتمالات .. هل سيعتبر ذلك رفضاً للطريق الديمقراطي ام تأكيداً على الدستور دون الحاجة الى الميثاق... واذا قال الشعب باغلبية ساحقة نعم للميثاق.. فماهي الخطوة القادمة .. ازاحة رموز الحرس القديم.. واجراء انتخابات لمجلس وطني وتفعيل الدستور والانطلاق بالسرعة الممكنة الى المرحلة الدستورية.
ليس لدينا اجوبة على الاسئلة ... ولا شك ان الحكم يملك قدرة اكبر منا على تقديم الاجوبة للأسئلة المطروحة.. فبعد المؤتمر الصحفي الذي عقده سمو ولي العهد.. وبعد الندوة التي عقدها مستشار الامير الدكتورحسن فخرو .. كان الانطباع بأن الامور باتت اكثر وضوحاً من السابق... والبعض من المتفائلين يقول بأن الامير سيحل كافة القضايا المعلقة.. كافة تداعيات الازمة السياسية التي عصفت بالبلاد ليس منذ الخامس من ديسمبر 1994 وانما كافة القضايا المعلقة منذ تعليق العمل بالدستور، بل وكافة قضايا الابعاد والاعتقال والسجن السياسي التعسفي..
وحيث تتسارع خطوات العهد.. وحيث باتت المبادرة في يده.. فان من واجب المعارضة ان تبارك كل خطوة ايجابية .. ان تقابل كل خطوة ايجابية بخطوتين ايجابيتين.. فمن مصلحة شعبنا ان نغادر المرحلة المقيتة السابقة، ان نلقي بها في مزبلة التاريخ .. وان نفتح صفحة جديدة في حياتنا السياسية تعبر عن النضج السياسي الذي يتمتع به الشعب ، وان نؤكد على العقد الاجتماعي بين الشعب والحاكم الذي من خلاله يمكن تطوير اوضاعنا السياسية الى الامام، وتحقيق الطموحات الكبيرة التي ناضل طويلاً من اجلها الشعب وقدم الكثير من التضحيات.