-
القائمة الرئيسية
-
ملاحق البحرين تنتخب 2014
-
الناشط حسن مشيمع يتحدث عن دور الشباب في مرحلة مابعد الميثاق
المؤتمر الشبابي الأول
دور الشباب في مرحلة ما بعد الميثاق
23 / 10 / 2001م
توصيف المرحلة
الورقة من اعداد الأستاذ حسن مشيمع
عندما انطلقت الشعلة الأولى في رسم الحياة الدستورية في البحرين على يد أمير البلاد الراحل ابتداء من المجلس التأسيسي لإيجاد دستور للبلاد وانتهاء بمرحلة الإعلان عن الانتخابات لأول مجلس وطني شعر الناس بالفرحة والاستقرار وبدءوا يتنفسون نسيم الحرية ولكن هذه الفرحة لم تستمر طويلا ودخلت البحرين في منعطف ضيق وخطير عندما تم حل المجلس الوطني على اثر الموقف المشترك من أعضاء المجلس الوطني السابق ، ضد طرح قانون أمن الدولة وبدء تجميد بعض مواد الدستور وإيقاف الحياة الدستورية والعمل بقانون الطوارئ من خلال فرض قانون أمن الدولة والمحكمة الأمنية فماتت البسمة على الشفاه وكممت الأفواه وحوصرت الحرية في أضيق أبوابها (وامتدت هذه الحقبة أكثر من ربع قرن) وبدأت السجون تضج باستقبال المواطنين لمجرد الشك أو لمجرد الانتقاد لهذا الوضع الجديد وأدى هذا الاحتقان الذي غمر الشارع إلى موجة الاحتجاجات والمطالبات بتغيير هذا الواقع وكان آخرها العريضة الأولى النخبوية والعريضة الثانية الشعبية والتي تضمنت المطالب التي رفعت إلى أمير البلاد وعلى رأس هذه المطالب تفعيل بنود الدستور وعودة الحياة البرلمانية وإيجاد فرص العمل لجميع العاطلين بما يكفل الحياة الكريمة للشعب. وكانت الأزمة الأخيرة التي عصفت بالبلاد وامتدت أكثر من خمس سنوات وسقط فيها أكثر من ثلاثين شهيداً غير الإصابات والعاهات نتيجة للمواجهات بين قوى الشعب وقوى الأمن مما كان له الأثر الكبير على حركة الاقتصاد مع إغفال العلاقة التأثيرية التبادلية المطردة بين الاستقرار السياسي والاستقرار الاقتصادي. فغياب تفعيل بعض بنود الدستور وعدم وجود البرلمان الذي يمارس المراقبة والمحاسبة والبيروقراطية التي سيطرت على الكثير من المؤسسات الحكومية والمؤسسات الخاصة فرضت نظاما إداريا فاسدا أدى إلى تفش وانتشار الفساد الإداري والمالي في الدولة وفي الفترة بين 1999 و 2000 م برزت عوامل ومعطيات أدت إلى حالة الانفراج السياسي وأهم هذه العوامل:
1- بروز قيادة سياسية تمثلت في أمير البلاد الشاب سمو الأمير أعادت حساباتها واستطاعت من خلال رصدها للواقع السياسي والاقتصادي قراءة خلفية الأزمة الضاربة في البلد بموضوعية وحكمة انعكست في صورة الخطوات الشجاعة التي وضعت البحرين ومواطنيها على الخريطة العالمية وجعلتها في مصاف الدول المتحضرة التي تعنى بالحقوق المدنية والاقتصادية والسياسية وترسخ مبادئ العدل والمساواة والشفافية والديموقراطية والتأكيد على الوحدة الوطنية بين المواطنين وكان من بين تلك المبادرات الشجاعة إصدار العفو العام عن جميع المعتقلين السياسيين وإعادة المبعدين والمهجرين وإلغاء قانون أمن الدولة ومحكمة أمن الدولة وإعادة تفعيل دستور البحرين وعودة الحياة البرلمانية. وقد تضمن الميثاق الوطني الكثير من نفس البنود الموجودة في الدستور باستثناء بعض المسائل مثل التحول إلى الملكية والعلاقة بين المجلسين المنتخب والمعين.
2- الصراع الحدودي بين دولة قطر ودولة البحرين وعلاقة ذلك بقرار المحكمة الدولية.
3- التحولات العالمية وطرح العولمة والاقتصاد الحر وعلاقة ذلك بالاستقرار والأمن لكسب ثقة رؤوس الأموال.
4- الضغوط الدولية والمطالبات المستمرة من قبل المنظمات الحقوقية بمراعاة حقوق الإنسان وتأثير ذلك على سمعة البحرين في المحافل الدولية.
5- ولا ننسى العامل الأساس والمهم وهو موقف الشعب وإصراره على مطالبه وحقوقه وتضحياته الكبيرة لتحقيق الأهداف التي رسمها لنفسه.
وطرح الميثاق الذي يمثل الوثيقة السياسية والتوجيهية والذي احتوى (تضمن) جميع بنود الدستور مع بعض الاختلاف في بعض بنوده وامتاز بزيادة المجلس الاستشاري وتغيير نظام الدولة والذي شكل بإجماله أرضية للحوار بين الشعب والحكم مع التأكيد على أن الميثاق لا يعدل الدستور الذي يمثل الحاكم على الميثاق وليس العكس كما أكد ذلك سمو أمير البلاد حفظه الله تعالى وأن تعديله لا يتم إلا بالطريقة التي نص عليها الدستور ذاته في المادة 104 وهذا بالطبع سيساهم في أن يرد للدستور اعتباره.
لكن الراصد لحركة الإصلاح السياسي في البحرين بعد مرور شهور على الاستفتاء يلحظ أن الكثير من التساؤلات المعبرة عن التململ والقلق بدأت تطفو على السطح بين سؤال عن حجم الإصلاحات وجدولها الزمني إلى سؤال حول الآلية التي ستعتمد في تعديل بعض بنود الدستور وكذلك الأسئلة التي تترجم معاناة الناس فيما يتعلق بفرص العمل ورفع مستوى الأجور بما يتناسب مع مستوى المعيشة لتحقيق العيش الكريم بالإضافة إلى مسألة التجنيس وما يكتنفها من غموض. وفي رأيي المتواضع أن مرد هذا القلق والتململ إلى عدة أسباب منها:
1- أزمة الثقة المترسبة في جذور الذاكرة والتي تحتاج في إذابة جليدها إلى الشفافية التي طرحها سمو أمير البلاد في أكثر من مناسبة في كل الخطوات التي تهم الشعب وترجمة الأقوال إلى أفعال ملموسة (محسوسة) سواء ما يتعلق بالقرارات السياسية أو الإدارية فقد سمعت الناس الكثير ولكن القليل جداً هو الذي لمسته الناس على مستوى الواقع الفعلي وإن إتاحة فرص العمل للمواطن في الوزارات الأخرى وخاصة الدفاع والداخلية من شأنهما أن يعمقا روح التقارب والتفاهم والثقة بين الحكومة والشعب.
2- عادة ما يستتبع الإصلاح السياسي إصلاح إداري لمعالجة مسألة الفساد الإداري والمالي الذي تعشعش في الحقبة المنصرمة فالذين مارسوا هذا الفساد لا يمكن أن يتحولوا بين عشية وضحاها إلى ديموقراطيين ودستوريين في فترة الانفتاح السياسي والإصلاحي. فدخول دماء جديدة تؤمن بمعطيات المرحلة الجديدة وتتبنى الإصلاحات السياسية يساهم في تبديد الكثير من الهواجس.
3- إصرار الإعلام الرسمي على تقديم المشروع الإصلاحي باعتباره مجموعة (سلسلة) من المكرمات الأميرية رغم ما في ذلك من انتقاص لحق الناس ومن انتقاص لشخص الأمير نفسه لأنه يتعارض مع التوجهات الجديدة لإيجاد الدولة الدستورية التي تحقق مطالب شعبها من خلال المؤسسات.
4- آلية عمل لجنة تعديل الدستور فمنذ تكوينها وحتى هذا الوقت لم يتم الاطلاع على مجريات اجتماعاتها ولا ما توصلت إليه ولا البنود التي سيتم تعديلها ولا كيفية التعديل وهل سيتم ذلك من خلال موافقة أعضاء البرلمان ـ كما نص عليه الدستور ـ أم تعتمد آلية أخرى ؟ كل هذا من شأنه أن يضاعف الهواجس.
وأمام كل تلك الأسئلة وأمام كل تلك الهواجس يبرز سؤال مهم في هذه المرحلة والمرحلة القادمة. ما هو موقفنا؟
والجواب الواعي لهذا السؤال يكمن في النقاط الآتية:
1- ضرورة دعم التوجه الإصلاحي الذي جسده أمير البلاد في مبادراته الشجاعة مثل إلغاء قانون أمن الدولة وإخلاء المعتقلات من سجناء الرأي وعودة المبعدين وغيرها. لأن ذلك من شأنه أن يعزز موقفه ويشجعه على المضي في مشروعه الإصلاحي فمصلحة الجميع بمن فيهم الأمير والنخب الموالية والمعارضة تستدعي الحفاظ على هذا الإجماع وتثبيت الأسس التي يستند إليها.
2- إدراك الجميع بأن هذه التجربة الوليدة بحاجة إلى إعطاء الفرصة الكافية لتحمل أعباء المسيرة نحو الدولة الدستورية وأن طبيعة التحولات والإصلاحات الجديدة لا يمكن اختزالها في فترة زمنية قصيرة مع ترويض الرغبة في الاندفاع وعدم الإفراط في التفاؤل غير المدروس مع ضرورة الحفاظ على زخم العلاقة التواصلية القوية بين القاعدة ورموزها كما كان في المرحلة السابقة بل أشد في هذه المرحلة وأن عملية الانفصال من شأنها أن تخلق وضعاً معقداً يضر بالمكتسبات التي ضحى الجميع من أجلها خاصة إننا لا نزال في بداية الدرب.
3- الأجندة التي تركز على محور الوحدة الوطنية وتوسيع المشاركة الشعبية وتكوين الرؤى المشتركة لأولويات المرحلة الحالية والقادمة من خلال عقد لقاءات تنسيقية منتظمة مع الرموز والشخصيات الإسلامية العاملة وتكثيف التواجد في المساجد والمآتم للتأكيد على موقف الشعب ووحدته وتماسكه.
4- إن قيام مؤسسات المجتمع المدني في جوانبها الاجتماعية والسياسية والثقافية وكذلك الأندية والنقابات والانخراط فيها بقوة بغية تفعيلها يعتبر ركيزة أساسية لضمان استمرار العملية الديموقراطية وحركة الإصلاح السياسية.
5- القاعدة الشعبية العريضة من أهم مصادر قوة التيار لهذا فإن وعي القاعدة هو الرصيد القوي الداعم إلى استمرار الحركة الإصلاحية وهي الضمانة الوحيدة للتأكيد على الحد الأدنى لسقف المطالب الدستورية وتفعيل مواد الدستور جميعاً فالجماهير عندما تتحرك بوعي الحقوق لن تتغافلها القوى. فثقافة المرحلة تتطلب وعياً بالدستور وبالحقوق والواجبات ومتطلبات الحياة البرلمانية والمجالس البلدية سواء ما يتعلق بالانتخابات أو كيفية الترشيح ومفهوم حرية الاختلاف والحوار الموضوعي المثمر ويتحقق ذلك عبر أكثر من وسيلة :الندوات، الانترنت، الفيديو، الأناشيد، المسرحيات وخلق أقلام صادقة توظف الصحافة لنشر الكلمة الهادفة بعيداً عن هاجس قانون أمن الدولة في مناخ من الحرية والشجاعة وفق الشريعة أولاً والدستور ثانياً.
6- إن سيادة القانون ومساواة المواطنين لدى القانون في الحقوق والواجبات مما أكد عليه الدستور والميثاق الوطني وهذا لا يتحقق إلا بالترجمة العملية من قبل الحكومة والشعب معاً وعدم السكوت أمام أي حالة تجاوز وتناول ذلك بالنقد البناء ورفع ذلك إلى القنوات المسئولة أو مطارحته عبر الصحافة بشكل موضوعي يساهم في ترسيخه بشكل صحيح.
وأخيراً نحب أن نشير إلى بعض العقبات التي قد تربك الإصلاحات بشكل مختصر في النقاط التالية:
1- الحكم على الإصلاحات السياسية من خلال بعض التجاوزات التي قد تعبر عن عقلية المتعامل سواء كان موظفاً أو مسئولاً كبيراً وأن التعامل مع هؤلاء عبر القانون وكشف هذه التجاوزات يمكن أن يساهم في تصحيح المسيرة الإصلاحية.
2- اللهث وراء المكاسب الفئوية والفردية رغم بريقها مصادرة خطرة ما لم تكن جزءاً من مكاسب شاملة تحقق مصلحة وطنية متكاملة.
3- التركيز على مطالب رغم أهميتها وعدم الاهتمام بمطالب ربما تعتبر أساسية أكثر كالتركيز على مسألة البطالة وإهمال مسألة البرلمان وما يتعلق به تجعل الإصلاحات شكلية مع أن سن القوانين التي تحفظ حقوق المواطن ومراقبتها أهم من مجرد حصول المواطن على وظيفة.
4- اتخاذ المواقف الارتجالية دون دراستها والتشاور فيها وقراءة سلبياتها وإيجابياتها يمكن أن يخلق أزمة أو يربك العمل الإصلاحي وخاصة فيما يتعلق بالمطالبة بإيجاد فرص العمل ، إلا اذا التزم بالطرق والوسائل القانونية التي تعبر عن حضارة ووعي المطالبين.