-
القائمة الرئيسية
-
ملاحق البحرين تنتخب 2014
-
وزيرة الإعلام البحرينية لـ"الاقتصادية" : قناتي «الجزيرة» و«العربية» أصبحت جزءًا من الخطر والحرب الإعلامية
مقبل الصيعري من المنامة
طالبت مسؤولة خليجية بوضع استراتيجية لتعزيز الأمن الإعلامي بما يتوافق مع متطلبات المرحلة، والتصدي للإعلام الخارجي الذي يستهدف المنطقة. لافتة إلى أن الإعلام العربي ما زال يعيش زمن الحرب الباردة التي تعتمد على إلهاء وتسلية الناس.
وانتقدت سميرة رجب وزيرة الدولة لشؤون الإعلام بالبحرين، في حوار مع «الاقتصادية»، تعاطي بعض القنوات مع الثورات العربية بالتهويل، وتناول معلومات مزيفة، وبأدوات غير نظيفة.
مشيرة إلى أن التغير في بعض الدول العربية قادته قنوات اختلقت الأكاذيب والافتراءات على المشاهد، بل وصل بها الحد لتزوير الصورة.
في مايلي مزيد التفاصيل:
كانت سميرة رجب أبرز الناشطات في المشهد السياسي البحريني من خلال مشاركتها في كثير من الفعاليات السياسية إلى حين وصولها إلى مجلس الشورى، وهي تمثل المرأة المستقلة، لكن في أحداث الاحتجاجات التي اندلعت في بلادها منذ شباط (فبراير) 2011، طغى حضورها الإعلامي وكشف عن مواقفها الوطنية؛ كونها تصدت وسجلت مواقف اعتبرها المراقبون تقف موقف المحايد، بل إن تصديها وتفنيدها عبر الكثير من القنوات والفضائيات العربية والعالمية، التي قدمتها بشخصية وكاريزما المرأة الحديدية، رسم صورة ذهنية رائعة لدى المتلقي، وقدمها كشخصية إعلامية وصوت قوي يصدح بكلمة الحق، قبل أن يعينها العاهل البحريني وزيرة لشؤون الإعلام ومتحدثة باسم الحكومة.
كنت قد التقيت سميرة رجب في مكتبها في مقر الوزارة في ديوان رئاسة الوزراء، أو ما يسمى دار الحكومة، حيث سهلت لي إجراءات الدخول وكانت في استقبالي عند باب مكتبها، وهو المكان الذي ودعتني فيه بعد حوار دام نحو ساعة ونصف الساعة، خرجنا منه بهذا الحديث، حيث تطرقت فيه لكثير من الموضوعات التي تهمّ الشأن الإعلامي العربي والخليجي، إليكم تفاصيل الحوار:
مقبل الصيعري من المنامة
طالبت مسؤولة خليجية بوضع استراتيجية لتعزيز الأمن الإعلامي بما يتوافق مع متطلبات المرحلة، والتصدي للإعلام الخارجي الذي يستهدف المنطقة. لافتة إلى أن الإعلام العربي ما زال يعيش زمن الحرب الباردة التي تعتمد على إلهاء وتسلية الناس.
وانتقدت سميرة رجب وزيرة الدولة لشؤون الإعلام بالبحرين، في حوار مع «الاقتصادية»، تعاطي بعض القنوات مع الثورات العربية بالتهويل، وتناول معلومات مزيفة، وبأدوات غير نظيفة.
مشيرة إلى أن التغير في بعض الدول العربية قادته قنوات اختلقت الأكاذيب والافتراءات على المشاهد، بل وصل بها الحد لتزوير الصورة.
في مايلي مزيد التفاصيل:
كانت سميرة رجب أبرز الناشطات في المشهد السياسي البحريني من خلال مشاركتها في كثير من الفعاليات السياسية إلى حين وصولها إلى مجلس الشورى، وهي تمثل المرأة المستقلة، لكن في أحداث الاحتجاجات التي اندلعت في بلادها منذ شباط (فبراير) 2011، طغى حضورها الإعلامي وكشف عن مواقفها الوطنية؛ كونها تصدت وسجلت مواقف اعتبرها المراقبون تقف موقف المحايد، بل إن تصديها وتفنيدها عبر الكثير من القنوات والفضائيات العربية والعالمية، التي قدمتها بشخصية وكاريزما المرأة الحديدية، رسم صورة ذهنية رائعة لدى المتلقي، وقدمها كشخصية إعلامية وصوت قوي يصدح بكلمة الحق، قبل أن يعينها العاهل البحريني وزيرة لشؤون الإعلام ومتحدثة باسم الحكومة.
كنت قد التقيت سميرة رجب في مكتبها في مقر الوزارة في ديوان رئاسة الوزراء، أو ما يسمى دار الحكومة، حيث سهلت لي إجراءات الدخول وكانت في استقبالي عند باب مكتبها، وهو المكان الذي ودعتني فيه بعد حوار دام نحو ساعة ونصف الساعة، خرجنا منه بهذا الحديث، حيث تطرقت فيه لكثير من الموضوعات التي تهمّ الشأن الإعلامي العربي والخليجي، إليكم تفاصيل الحوار:
كيف تنظرون للمشهد الإعلامي العربي في هذا الوقت؟
ربما يتلخص ذلك في شيئين، الإعلام في أثناء إحداث التغيير، وما يمكن أن نتوقعه بعد التغيير، وإن كنت أرى أن ما يحدث أمامنا حرب إعلامية كون الإعلام هو من يقود حركة التغيير في المنطقة.
مع الوضع في الحسبان أن إعلامنا العربي لا يملك القوة والمعرفة ليقود عملية تغيير حقيقية، بل إن تلك الحرب الإعلامية لتحقيق التغييرات على الأرض تأتي من إعلام خارجي عبر أدوات داخلية. ويقيني أننا اقتنعنا الآن بأن الإعلام جيش ودوره لا يقل عن دور أي جيش عسكري. وشاهدنا سقوط بغداد إعلاميًا قبل سقوطها عسكريًا، وسقط زين العابدين في تونس إعلاميًا قبل هروبه بأيام عدة، في حين أن ما أشيع حول ثروات الزعماء خلال الأحداث لم يكن لها مصدر حقيقي، بل كانت معلومات مزيفة، وشن الإعلام حربًا بأدوات غير نظيفة، واعتمد على الزيف والفبركة لتحقيق النصر.
لكن النصر كان مطلب الشعوب أيضًا؟
الأهم ما بعد النصر؛ لأن من يقود إعلام كاذب ومضلل في أثناء أحداث مصيرية مثل ما مررنا به فلا تتوقع منه أن يكون أكثر مهنية أخلاقيًا بعد التغيير. وصحيح انتصر الإعلام وأسهم في إزاحة بعض رؤوس الأنظمة، لكننا نتطلع لإعلام معرفي يعمل على دعم الديمقراطيات إن كانت هناك ديمقراطيات. بعيدًا عن الأكاذيب والفبركة، حتى إن الصورة لم تعد بمنأى عن الفبركة، فأحد الصحافيين أخبرني بأن لديه جهاز H يستطيع من خلاله أن يخلق تجمعًا فيه 100 شخص إلى خمسة آلاف شخص في الصورة بعملية كومبيوترية؛ لذلك حتى الصورة لم تعد لها مصداقية. لذلك نحن نمر بمرحلة خطيرة وبإعلام يملك كثيرًا من الزيف وتداول الأكاذيب.
لكن الدول التي حدث فيها التغيير ليست لديها القدرة على مواجهة الإعلام الخارجي الذي أسقطها؟
بالفعل هناك قنوات فضائية خارجية دعمت التغيير في مصر مثلاً، وهي قصة معروفة، لكن يجب أن ندرك أن دولنا لا تملك حماية أنفسها من الإعلام الخارجي؛ لأنها تفتقد ما يدعى بالأمن الإعلامي، لأننا نأخذ المصطلحات متأخرة، ونتفاعل معها بشكل متأخر، مثل الأمن الغذائي والأمن العسكري والأمن القومي تفاعلنا معها بعد أن استخدمتها أمم أخرى بفترة طويلة، أما الأمن الإعلامي فغير موجود.
ما مقومات الأمن الإعلامي؟
يجب أن تكون لدينا بنية تحتية سليمة للإعلام تبدأ بالتشريعات بجانب عقلية الحريات التي تأتي بسلوك وضوابط ممارسة الحريات، ونحن لا نملك تلك المقومات؛ فالضوابط تأتي عبر التشريعات والسلوك يأتي عبر الممارسة الفعلية. كما تنقصنا المعرفة الكاملة بالإعلام الذي يستخدمه الآخر سلاحًا ونحن نستعمله للترفيه والنفاق، أو إظهار صور الحكام والحكومات ونتناسى أننا نفتقد أيضا الأدوات والأجهزة الإعلامية التي ممكن أن توفر المعرفة الحقيقية بهذه الممارسات، وكيفية حماية بلداننا من خطر الإعلام، وهذا موضوع خطير ومهم جدًا، وإن كنا بطيئين في الدخول إلى عالم المعرفة بأبوابها المختلفة سابقًا فإن تلك العصور تعذرنا على البطء، لكن عصر السرعة الذي نعيشه مع التكنولوجيا لن يرحمنا ولن يعطينا الفرصة أن نخطئ مرة ونجرب مرة ثانية كي نخرج بالأداء الصحيح الذي نفترض أن نبدأ به، والدول اليوم تقع تحت دائرة خطر الإعلام.
هل سلبية الإعلام الحكومي عززت تأثير الإعلام الخارجي؟
سلبية الإعلام الداخلي أو الرسمي هذا مصطلح بسيط، وأعتقد أنه ليس هناك ما يسمى إعلام في بلداننا، وفي بلدان العالم المتقدمة اختفى اسم الإعلام وأصبح ما يسمى الاتصال وإدارة الاتصال وأجهزة الاتصال ووسائل الاتصال وقانون الاتصال ولم يعد هناك ما يسمى إعلامًا يعنى بتداول المعلومات، وهنا لم نصل حتى إلى فكرة التسمية الصحيحة؛ لأن خلف التسمية مساحة شاسعة من المعرفة العصرية لموضوع مفاهيم الإعلام وممارساته، بينما بعض المحطات كالجزيرة أو العربية أصبحت جزءًا من الخطر والحرب الإعلامية، ولم تمارس الإعلام كأمن إعلامي للمنطقة، بل باتوا جزءًا من عملية التغيير الخطيرة التي تحدث في المنطقة، ولا نعلم أين ستقف.
هل تقصدين أن الإعلام العربي انشغل بنفسه لمحاربة بعضه بعضًا؟
إعلامنا العربي ما زال يعيش بعقلية الحرب الباردة، التي تتبنى التعتيم ومحاولة إلهاء البشر بالترفيه والتسالي، لكن الواقع تغير والنظام العالمي تغير والسياسات تغيرت ومن كانوا مستعمرين ينادون اليوم بالديمقراطية وبحقوق الشعوب وحقوق الإنسان والحريات، ونحن ما زلنا نخطو في سياسات الحرب الباردة، والمشكلة الحقيقية لا أحد يستفيد من عشرات الفضائيات للأفلام والأغاني والكليبات والمحطات الدينية التي تلقن ولا تعلم ولا تعطي معرفة، ومحطات تحرض وتثير طائفية كبرى، ومحطات دينية تلقن البشر وتخدر العقول ولا تعطيهم المعرفة الكافية. والمشكلة الأخرى أن هذه القنوات تصرف عليها كثيرًا من المليارات.
هل تعتقدين أن هذه مشكلة العالم العربي أم مشكلة عالمية؟
أعتقد أنها مشكلة العالم العربي بشكل كبير؛ لأننا معنيون بمشاكلنا الخاصة ولا ننظر إلى الآخرين فقط في مساوئهم، كما أن منطقتنا حيوية وثرية وهناك صراع نفوذ عليها، وهو الصراع نفسه أيام الحرب الباردة، لكن يدار على أسس أخرى مختلفة، إضافة إلى أن المنطقة العربية متهمة بالإرهاب أمام الأمم الأخرى، وأشاعوا عليها عدم ممارسة الحريات وأن الأنظمة غير ديمقراطية، على الرغم من أن المنطقة تعيش على أعلى المستويات من الاستقرار والرفاهية. في إطار حرب تشن على المنطقة عبر الإعلام، ونحن غير قادرين على أن نوصل صورة واحدة إلى الغرب ودول العالم التي تعاني شعوبها طائلة الضرائب، بينما شعوبنا تعيش في رفاهية وتعليم ورعاية صحية مجانية، دون ضرائب.
هل تعتقدين أننا قادرون على إيصال تلك الصورة بوضعنا الحالي؟
حسب الصورة أمامي ليست قريبة عندنا آمال ومتفائلون، ولكن لا أرى شيئًا قريبًا سيأتي في هذا المجال، وما يحدث فيه نوع من الغموض وعلى دولنا أن تستوعب خطر الإعلام. ولا أرى حماسًا أو حركة فعلية على أرض الواقع لتغيير المشهد الإعلامي، أو حقيقة هذا الخطر.
كيف تعاطى الإعلام الخليجي مع أحداث المنطقة؟ وهل هناك تنسيق أو رابط بين الإعلام الخليجي؟
ليس هناك منظومة واحدة تعنى بالإعلام الخليجي، وكل دولة تعمل بمفردها، حتى وكالة أنباء خليجية لا توجد لدينا، وهناك قناة ''الجزيرة'' في الخليج وتعمل كدولة في حد ذاتها، لا نعرف تشريعاتها الحقيقية أو سياستها الحقيقية؛ لأنها تمارس دورًا غريبًا، وكل ما نشاهده في الشاشات الفضائية لا يعكس دور القنوات في نشر الوعي والمعرفة، في حين أن أغلبية الصحف تصدر بحجم كتاب، لكن لا تقدم معرفة للمجتمع، والمعرفة هي الحماية.
هل تقصدين أن الإعلام الخليجي لم يلعب دورًا إيجابيًا في القضايا الخليجية وقضية البحرين بالذات؟
لا، لم يكن هناك شيء اسمه إعلام لا بحريني ولا خليجي، ولو نقيس على قضية البحرين فهذه الكارثة.
قصدك أن الإعلام الخليجي انكشف على حقيقته؟
انكشف تمامًا في الأزمة، وأنا وزيرة إعلام أعترف بأننا لا نملك إعلامًا.
ولماذا الإعلام البحريني كان سلبيًا؟
قلت لك.. عدم وجود التشريعات الصحيحة والمعرفة، وعدم وجود الكادر البشري الإعلامي السياسي الصحيح. وإذا تضع هذه المعادلة تكتشف أنه كان هناك شلل إعلامي كامل، والإعلامي يجب أن تكون لديه رؤية.
لكن البحرين أقدم الدول الخليجية التي شهدت حراكًا سياسيًا حقيقيًا.. فلماذا لم ينعكس ذلك على واقع الإعلام البحريني؟
خلال ربع القرن الأخير من القرن الماضي وقبل أن ندخل في المشروع الإصلاحي، شهدت البحرين تراجعًا في الحراك الثقافي والسياسي بشكل كبير.
لماذا؟
سياسة الحرب الباردة، أسهمت في قمع الثقافة، والمعرفة والانفتاح، وأصحاب المصالح انطووا تحت سيطرة منظومة وعدم الخروج إلى المنظومة الأخرى. فحدث التراجع في مختلف الجوانب، لكن وعندما عادت الأحزاب مرة أخرى، كذلك المعارضة كانت تحمل تفكير أحزاب سياسية تعمل ضد الاستعمار وهم في مرحلة التحول الديمقراطي؛ لأنهم توقفوا بعد نهاية الاستعمار وعادوا مع المشروع الإصلاحي بالعقلية والثقافة القديمة نفسها، فكان ذلك له تأثير كبير خلال الفترة التي شاهدناها في السنوات العشر الأخيرة.
أحداث البحرين قدمت إعلامًا معارضًا قويًا وكان له نفوذ حتى في الدوائر الغربية وفي القنوات الإيرانية.. بينما الإعلام الرسمي لم يقم ولو بجزء بسيط لتفنيد ما تتناوله بعض تلك الوسائل؟ لا أخفيك أن الصورة كانت لدي واضحة منذ ظهور الإعلام المعارض، وفي تقديري والذي كان يعمل بمنهجية حديثة جدًا حتى في الفبركة والأكاذيب، وهو ما يعني من الصعوبة أن تجد عليهم ممسكًا، وكان فعلاً إعلامًا مدربًا ومتعلمًا، ويملك المعرفة الثقافية والسياسة والإعلامية الصحيحة، نتيجة لتدريب وتأهيل لفترة طويلة، حيث اعتمدوا على جيل واهتموا بتدريبه فردًا فردًا وجماعات.
واكتشفناه بشكل كبير، ولربما الصورة أصبحت واضحة للجميع مع أحداث شباط (فبراير) وشاهدنا كيف يعمل إعلام المعارضة في الداخل والخارج وبخطوط متسقة ومساندة كل طرف للثاني بعقلية مختلفة غير موجودة في دولنا الخليجية بشكل عام؛ لأن العلم الذي استفادوا منه لم يأخذوه من منطقتنا، بل من الخارج.
من إيران مثلاً؟
الخارج بأوسع نطاقه؛ لأن من كان له مصلحة في أحداث المنطقة كان يعد هذه الفئة وهذه المنظومة الإعلامية مسبقًا، وهناك مئات، بل ألوف خلال السنوات العشر الماضية ذهبوا إلى الولايات المتحدة للتعليم والتدريب الإعلامي، ولم يكن لدينا القدرة على معرفة ما يفعلون أو يتعلمونه، وإن كنا نستغرب هذا السخاء لتعليمهم واستقبال وفود بحرينية وخليجية من بعض الدول الغربية، لكننا نعلم أن المنظومة الاستعمارية كانت تهتم بــ(تجهيل) الشعوب، لكنها اليوم تدربهم وتعلمهم، وهذا حدث بشكل مباشر بعد احتلال العراق بشكل واضح، وهو ما مكّن هذه الجماعات من التعليم وتكوين أنظمتهم وأجهزتهم والمنهجية في العمل وفي العقلية بينما الحكومات غافلة.
أليس هناك ضوابط لتحكم المعارضة في تحركاتها التي تسيء للحكومة؟
الحريات لا يمكن أن تحد، لكن عليك أنت أيضًا أن تملك الحرية الكاملة والمعرفة لكيفية مواجهة العمل والعمل المعاكس بالقوة نفسها، وألا تتراجع حتى لا يحتل مكانك، وهذه طريقة الإعلام اليوم، والبحرين والخليج كله لا يملك هذه القوة.
جاء تعيينك وزيرة للإعلام في ظل هذه الظروف.. ما رؤيتك وخططك المستقبلية لتغيير هذه الصورة؟
لا أدعي أنني أملك الرؤية الكاملة، لكنني أملك الجزء الذي يعنيني ويعني الشأن الوطني فيما يخص الأمن الإعلامي، وأتمنى أن أستكمل باقي الأجزاء من خلال فريق عمل أنتقيه، لكنه ليس كاملاً حتى الآن، والهدف حفظ أمن البحرين من خلال تعزيز الأمن الإعلامي، وأؤمن بأننا في حاجة إلى ميزانية كبيرة يجب أن تتوافر للإعلام الجاد والحقيقي للعمل في مواجهة وصد الخطر الإعلامي، ووضع استراتيجية قوية تعمل على مستوى البحرين بشكل كامل وتكون لها امتدادات خليجية، وهذا عمل نظري أمامي على الورق، لكن من الأهمية وضع قانون إعلامي يضمن الحريات ويضمن الأمن القومي أمام هذه الحريات، إضافة إلى ضمان الحريات للإعلاميين وسلامتهم وممارستهم للحريات ضمن الضوابط المشروعة عالميًا ودوليًا، وبهذا نضع البنية الأساسية للإعلام الصحيح.
لكن ما المطلوب من شخصك (سميرة رجب) للإعلام البحريني؟
أنا أحتاج إلى صلاحيات واسعة، كوننا ما زلنا في مرحلة تأسيس في ظل صراع عقليات الآن، بحكم أنني عقلية جديدة مطروحة بقوة وأمامي عقليات أخرى، فيجب أن نوازن الكفتين أو كفة تفوز على الأخرى.
هل تعنين العقلية المعارضة أم الحكومية؟
العقلية بشكل عام، لكن هناك عقلية صانع القرار، وقراري الآن ليس جزءًا من القرار الرسمي الكبير، ثم عقلية الشارع المنقسم على نفسه اليوم ويريد له إعلامًا ضد الآخر، في الوقت الذي يجب أن يكون الإعلام ضامنا وشاملا لكل الأمة مكوناتها، والوصول لنقطة الانطلاق وتجاوز كل الحواجز للبدء بشكل صحيح.
أفهم أن أمامك عوائق؟
هناك عوائق، وتوليت المنصب منذ نحو ثمانية أشهر، وربما ليس بالوقت الطويل، لكن في العمر الزمني الذي يقاس بالعصر الذي نعيشه تعتبر مدة طويلة؛ لأنه من المفروض أن آتي وأبدأ العمل، لكنني ما زلت أنتظر تحرير بعض الأمور كي انطلق.
كيف وجدتِ رؤية صانع القرار عندما أوكل لك المهمة؟
أؤمن بمصداقية ورؤية الملك لاختياري، وربما أنه يملك الرؤية نفسها التي أملكها، والملك يريد إعلامًا حقيقيًا وكان يكررها، على مدى ست سنوات، في الوقت الذي كنت فيه أنا ضمن السلطة التشريعية وكان يتطلع دائمًا إلى إعلام مستنير، وهذا الرأي كان يلح عليه، والمفترض أن أكون المنفذ لهذه الرؤية، لكن في ظل تعدد السلطات تبقى هناك حواجز كثيرة علي أن أتجاوزها قبل التنفيذ؛ لأنني أعتبر نفسي صاحبة المشروع وهذه الرؤية وأعمل على تنفيذها بنجاح.
ألمس أنك محبطة؟
لا لست محبطة، ولا أحبط في أي ظرف من الظروف ودائمًا أرى الضوء في نهاية النفق.
هل أنت قادرة على تجاوز تلك الحواجز التي تواجهك لتنفيذ رؤيتك؟
لن أقول أكثر من أنني سأحارب حتى النهاية، وإن كنت لا أعرف النهاية، مع أن الوقت ليس في مصلحتنا وعلينا أن نفهم هذا الموضوع، وذكرت ذلك أمام أكبر القيادات في أكثر من محفل وعلينا أن نتخذ القرار الصحيح في الوقت الصحيح، وما زلت أنتظر وليس بسكوني هذا، لكنني أعمل.
أنت برزت خلال أحداث البحرين صوتًا بحرينيًا في وسائل الإعلام.. هل تم اختيارك للوزارة على هذا الأساس؟
خلال الفترة الماضية كان همنا الدفاع عن أمن البحرين، وشخصيًا كنت أعمل 24 ساعة كي نخرج من هذه الأزمة بسلام؛ لأن الحدث كان واضحًا أمامنا ونعرف الهدف الذي يراد الوصول إليه.
وكوني إنسانة أرفض أن أعيش تحت حكم الفكر الديني أو المنظومة الطائفية، وكانت قضيتي الأساسية العمل باتجاه الدفاع عن البحرين والمجتمع الذي أعيش فيه لصد الخطر عنه، وبخاصة أن البحرين صورتها مشرفة كدولة رومانسية وحريات، ومجتمع منفتح ويعيش في مستوى من الرفاهية، وهي الصورة الحقيقية التي يجب أن نحافظ عليها، بينما الآخرون يحاولون تشويه الصورة كجزء من هذه الحرب؛ لذلك كنا نعمل على أن نحافظ على الصورة الحقيقية والجميلة التي نعيشها، وباختصار أرفض تشويه صورة البحرين وسأعمل في هذا الاتجاه إلى الأخير، للحفاظ على صورة بلادي.
لكنك كنت تمثلين الجانب الحكومي خلال الأزمة؟
لا، لم أكن أمثل جانبًا، وقبل فترة كنت أتحدث مع إحدى المنظمات، وقلت لهم كنت الشخصية التي أعمل ما بين الطرفين، وأتحدث كمستقلة إلى اللحظات الأخيرة في عز الأزمة، حتى القنوات كنت أقول لهم عرّفوني وفق رؤيتكم؛ لأن ما أعبر عنه هو رأيي، الذي أعلنه من قلب الحدث، لتفنيد كل الأكاذيب التي أسمعها عبر بعض المحطات، ومن يرِد أن يأخذ علي أي وصف فليأخذه.
إلى أين وصلتم لمواجهة بعض القنوات مثل «المنار» و«العالم»؟
قنوات ''العالم'' و المنار'' و''برس تي في'' الإيرانية، قنوات لا نحتاج إلى كثير من الجهد لنبذله ضدها؛ لأنها قنوات مبتذلة ولا يعتبرون مرجعية لأي أحد، غير المجموعة التي يتعاملون معها، من المتطرفين في بلداننا، ولن نلتفت إليهم، لكن هناك وسائل إعلام أخرى نتواجه معها بموضوعية لإظهار الصورة الحقيقية قدر ما نستطيع؛ لأننا أيضًا ما زلنا نحتاج إلى الكثير من الأدوات لنخرج بقوة لمواجهتهم.
انتقدت قناتي «العربية» و«الجزيرة».. هل ترين أن موقفهما سلبي من البحرين؟
إذا قلنا إن ''العربية'' التزمت بشيء من الحياد والموضوعية، فإن ''الجزيرة'' كان لها دور مسيء، وأنا أعتب على إخواننا في قطر، ومع الأسف أننا في البحرين لم نستطع أن نكتشف حجم الأكاذيب التي خرجت في أثناء الحركة في تونس أو مصر وسورية الآن، وفي البحرين كان كل الناس يذهبون لـ(الدوار) لحظة بلحظة، ولم يكن هناك ما يخيفنا، أما الصورة أو الأكاذيب التي ظهرت على شاشة الجزيرة حول البحرين أعتقد أنها أفقدت ''الجزيرة المصداقية'' وكثيرًا من زخمها القديم، والشارع البحريني فيه تراجع عن مشاهدة ''الجزيرة''.
لكن «الجزيرة» تبقى قناة مستقلة؟
هم يقولون ما يشاءون، لكن أنا أتكلم عن موقفها من أحداث البحرين.
ما دور مجلس التعاون الخليجي في إحتواء مثل هذه القنوات أو التنسيق الكامل في الجانب الإعلامي؟
مثلما أنت تشوف.
هل لديكم رؤية حول تنسيق وتوحيد التوجه الإعلامي الخليجي؟
ننادي بالاتحاد الخليجي، وعندها ستكون هناك قوانين أخرى ضمن المنظومة الاتحادية لنحمي أنفسنا بأنفسنا.
كيف تنظرين إلى دور الإعلام الجديد؟
البحرين تمتلك تقنية اتصالات عالية على الأقل في الشرق الأوسط منذ عشرات السنين، والشعب البحرين يستخدم هذه الوسائل بشكل كبير؛ لذلك تأثيرها قوي في الشارع. لكن التقارير التي تصلنا تشير إلى أن معدل البحرين تراجع في حريات التداول الإلكتروني؛ لأن هناك حظرًا على مواقع كثيرة؛ كون الجهة المسؤولة تستخدم تقنيات قديمة جدًا في عمليات الحظر، وهو ما يسهم في حظر مواقع أخرى غير مستهدفة، وعلينا استخدام التقنيات الحديثة في عمليات الحظر.
هل من الممكن أن يعود إعلاميو المعارضة للقنوات الرسمية وإبداء رأيهم؟
أرفض إخراج أي إنسان من أي عمل بسبب آرائه، الذي عنده رأي قوي لا يخاف من رأي الآخرين. ومن حق المعارض أن يعبر عن آرائه، وإذا تجاوز الضوابط فهناك قوانين يجب أن تحكمه وتعرضه للمحاكمة. وحقيقة ما سمعته من أغلبية مسؤولي الصحف الخاصة أنه لم يفصل أي شخص بسبب آرائه، ومن فصل إنما لأسباب أخرى.
جريدة «الوسط» كيف ترينها؟
صحيفة تحمل ترخيصًا رسميًا، وأطروحاتها يغلفها الذكاء، وقد تكون بعض الأطروحات تمس أمن البحرين، لكن يملكون الذكاء في عملهم، وهذا حق يجب أن يقال.
هل من الممكن السماح للمعارضة بإنشاء قناة خاصة؟
لا يمكن ذلك، والقانون لا يسمح بقنوات حزبية أو دينية ولا سندخل في متاهات قد لا نخرج منها وهذه ضوابط متبعة في الدول الديمقراطية. ومع الأسف أن أغلبية القنوات الدينية هي التي تلقن وتخدر العقول، ولا تنشر المعرفة.
بروفايل
المرأة الحديدية التي تصدت للهجمة الإعلامية على البحرين
قفزت سميرة إبراهيم بن رجب إلى واجهة الأحداث خلال أزمة شباط (فبراير) 2011، وأجمع النقاد على أنها المرأة الحديدية التي استطاعت أن تقف في وجه العاصفة الإعلامية التي واجهت البحرين في هذه الأثناء، وكانت ضيفة من الوزن الثقيل على كثير من القنوات الفضائية، ورسمت سميرة رجب مسارا منفردا لها في اتجاه الطريق الصحيح، أساسه المتين القيم والمبادئ والوطنية، في زمن اختلطت فيه الأمور وتباينت المفاهيم.
إلا أنها كانت تقف على مسافة واحدة من كل التيارات المتصارعة. وسميرة رجب المتزوجة من الشيخ محمد بن أحمد آل خليفة وهو أحد أفراد الأسرة الحاكمة وهي أم لثلاث بنات نوف ومي وأروى، ولها الكثير من المقالات خاصة في صحيفة أخبار الخليج البحرينية، حيث خاضت ''معارك'' إعلامية بعدما فتحت الباب على مصراعيه بالكتابة مع كثير من التيارات وخاصة الإسلامية منها، منطلقة من ارتفاع سقف الحرية، وكانت مجابهة لكثير من الأطروحات لبعض تيارات الطائفة الشيعية التي تنتمي إليها، في حين أن البعض يأخذ عليها توافقها في بعض التوجهات مع الإخوان والسلفية.
وكان لحضورها المتميز والدفاع العقلاني عن وطنها أهلاها لتنال ثقة العاهل البحريني الذي أوكل لها حقيبة وزارة الدولة لشؤون الإعلام والمتحدث الرسمي باسم الحكومة البحرين، وهي حاصلة على بكالوريوس اقتصاد من جامعة بيروت العربية، ودبلوم في إدارة الاتصالات، وشهادة في الترجمة ودبلوم في المحاسبة من كلية الخليج الجامعية، ولها خبرة طويلة في القطاع الخاص والاقتصادي: فقد شغلت منصب عضو مجلس الشورى من عام 2006 حتى سنة 2011، إضافة إلى كونها كاتبة عمود سياسي ومحلل سياسي.
كما لديها عضوية في الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي وعضوية في المؤتمر القومي الإسلامي في بيروت، وهي أيضا عضو مؤسس لجمعية البحرين لتنظيم ورعاية الأسرة في البحرين، عضو مجلس الإدارة لجمعية البحرين لتنظيم ورعاية الأسرة، عضو منتخب سابق في المجلس الحاكم للاتحاد الدولي لتنظيم ورعاية الأسرة في لندن، عضو سابق في المجلس الإقليمي للاتحاد الدولي لتنظيم الأسرة ـــ إقليم العالم العربي ـــ في تونس وعضو مؤسس ونائب رئيس مركز (تسعا) لدعم المرأة في البحرين.
من مؤلفاتها كتاب ''المقاومة من العراق إلى الأمة'' تم إصداره في عام 2006 وحاليا قيد الإصدار كتاب ''الخليج في مهب الريح''.
المصدر: صحيفة الإقتصادية السعودية
بتاريخ: 25 يناير 2013http://www.aleqt.com/2013/01/25/article_727233.html