-
القائمة الرئيسية
-
ملاحق البحرين تنتخب 2014
-
في لقاء صحافي مع مساعد وزير الخارجية الأميركي مارك غروسمان حول مشروع "الشرق الاوسط الكبير": لا نفرض الإصلاح ولكن علينا الاختيار بين الديمقراطية والعنف
المنامة - منصور الجمري
قال مساعد وزير الخارجية الاميركي للشئون السياسية مارك غروسمان في لقاء صحافي أمس جمع عددا من العاملين في الصحف المحلية ان زيارته للمنطقة تهدف إلى تأكيد ما أعلنه الرئيس جورج بوش بأن الادارة الاميركية تبحث عن افضل الوسائل لمساندة الاصلاح والديمقراطية، مؤكدا ان الاصلاح الحقيقي هو الذي ينبع من الداخل ولا يفرض من الخارج. وقال غروسمان (وهو ثالث أهم شخصية في الخارجية الاميركية بعد باول وارميتاج) انه «اذا منعت الرغبة في التحديث والسلم والازدهار والكرامة فإن العنف والتطرف يكون هو البديل». لم يتحدث غروسمان عن «الشرق الأوسط الكبير» بصورة تفصيلية ربما لحساسية الوضع، ولكنه تحدث عن أطروحة الإدارة الاميركية بشأن تشجيع مشروعات الإصلاح في المغرب والاردن والبحرين وغيرها من الدول.
وفيما يأتي نص الحوار...
ما طبيعة الرحلة التي تقومون بها؟
- لقد زرت المغرب يوم الاثنين الماضي والتقيت الملك محمد السادس وأكدت له مساندتنا للديمقراطية، ثم التقيت في القاهرة يوم الثلثاء الماضي وزير الخارجية المصري والجمعيات الأهلية المصرية، وكانت لي فرصة التحدث مع وزراء الخارجية العرب المجتمعين في القاهرة إذ تحدثت إلى وزراء خارجية الاردن والسعودية والبحرين. ثم وصلت إلى البحرين والتقيت جلالة الملك والجمعيات الاهلية وعددا من الصحافيين. وانا متوجه الآن إلى الاردن للقاء رئيس الوزراء الاردني والجمعيات الأهلية، ومن ثم سأذهب إلى تركيا للالتقاء بوزير الخارجية والجمعيات الاهلية، وبعدها اذهب (الجمعة القادمة) إلى بروكسل لألتقي المسئولين في حلف الناتو والاتحاد الاوروبي لأعرض عليهم افكار الإدارة الاميركية بشأن الاصلاح في الشرق الأوسط.
بماذا تود الخروج من هذه الرحلة؟
- لقد حاولنا شرح وجهة نظرنا خلال هذه الرحلة لنقول اننا نبحث عن دور اميركي لمساندة الناس الذين يعملون من أجل الاصلاح ويتحدثون عن ضرورة التغيير والديمقراطية. نحن نعتقد ان افضل الافكار الاصلاحية ستأتي من داخل المنطقة نفسها. فنحن لا نعتقد ان الاصلاح يمكن فرضه من الخارج، وأكد الرئيس بوش ووزير الخارجية كولن باول ان الديمقراطية تأتي من الداخل، هذا ما قاله الرئيس بوش في 4 فبراير/ شباط الماضي، إذ قال ان التغييرات في عدد من الدول جميعها تشير إلى الرغبة في التعددية السياسية، وان قادة هذه الدول يطلبون مساندة اميركا والادارة الاميركية ستلبي ذلك النداء.
وقال ايضا في لندن في 19 نوفمبر/ تشرين الثاني 2003 ان العملية الديمقراطية في الشرق الأوسط ليست قابلة للفرض من الخارج، فالحرية اساسا تتطلب حرية الإرادة والاختيار، ونحن سنسعى إلى مساندة الذين يختارون الديمقراطية اينما كانوا. وقد أكد باول ذلك ايضا في مقابلة مع قناة «الحرة» بتاريخ 24 فبراير عندما قال: «ان الديمقراطية لا تفرض من الخارج، فلابد لها ان تكون مقبولة داخليا لكي تنجح».
اننا نتبع سياسة المبادرة تجاه الديمقراطية، فبدلا من الانتظار نسعى إلى ان نتصل بمن يسعى إلى الديمقراطية، ونقول له اننا مستعدون للمساندة،، ولدينا مشروع للمشاركة. نحن نساند عدة أمور في البحرين مثل تطبيق حكم القانون، ومساندة البرلمان، ومساندة المشاركة الشعبية في القرار السياسي، ومساندة دور الجمعيات الأهلية.
نحن نعتقد ان هناك أصواتا كثيرة تصرخ من أجل الاصلاح والتحديث في الشرق الأوسط. انظر إلى اعلان صنعاء الأخير وما ورد فيه، وانظر إلى كل الأصوات التي ترتفع هنا وهناك. وكما قال الرئيس بوش ان هناك حكومات تطلب الآن الاتجاه نحو الديمقراطية مثل المغرب والاردن والبحرين وهي بلدان يتحدث فيها الناس ويمارسون عمليات اصلاحية. نأمل ان المجتمع في الشرق الأوسط والعالم العربي سيستمر في المطالبة بالديمقراطية، وآمل ان يكون مثل هذا المطلب مطروحا في بيان الجامعة العربية نهاية هذا الشهر. من جانبنا فاننا سنجتمع مع قادة مجموعة الدول الصناعية الثماني في منتصف العام وسنطرح افكارنا ونطلب مساندتهم.
وهناك امران أود تأكيدهما، الاول ان الافكار الافضل للاصلاح هي التي تأتي من الداخل، والثاني ان كل دولة تختلف عن الاخرى وطريقة تعامل هذه الدول سيختلف عن تلك، والصبر هو المطلوب لكي نحقق ديمقراطية على المدى البعيد. وأؤكد أن جهودنا لمساندة الديمقراطية لا تعني اننا سنتخلى عن أولوية عملية السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين.
لماذا الآن، ولماذا هذا التركيز الموجه إلى الشرق الأوسط؟
- لأن هناك حوارات كثيرة عن الاصلاح، وهذا لم يكن موجودا قبل 5 سنوات. فالأمم المتحدة اصدرت تقرير التنمية للعام 2002 ويمكنك ان تقرأ الحال غير المقبولة في العالم العربي... فهذه أمور لا يمكن اغفالها بعد ان ارتفعت في كل مكان مطالب بالاصلاح.
وهناك قناعة لدينا باننا جميعا مهددون من قوى التطرف والارهاب واسلحة دمار شامل، ونحن مقتنعون انه لا حل للتطرف إلا الديمقراطية، والتعددية والسلم... هذه تحديات كبيرة تخلق لنا الفقر والارهاب وكل ما يمس حريتنا جميعا.
مطالبتكم بالديمقراطية يبدو انها مرتبطة بحاجتكم إلى أمن المواطن الاميركي... ما رأيك؟
- أتفق انه يجب ان نفهم بعضنا بعضا، فالأمن والاستقرار لهما تعريف أكثر شمولية حاليا مما كان قبل 4 أو 5 سنوات. نحن لا نسعى فقط إلى أمن الاميركان داخل اميركا، اننا نسعى إلى أمن بشكل شامل، وهذا لن يتحقق إلا إذا كان هناك سلام وديمقراطية.
نحن هنا في البحرين نتحدث عن هذه الأمور، وهي الحوارات نفسها التي ستجدها في الغرب. فلقد كنت في المكسيك في اكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وكان الحديث مشابها بعد ان وقعنا وثيقة للأمن بين دول القارة الاميركية وتلك الوثيقة ذكرت انه لا يمكن تعريف الأمن بالانفصال عن الازدهار الاقتصادي واشراك الجميع في القرار، فكل هذه العوامل هي التي تحقق النجاح للمجتمعات.
لقد كانت هناك تجارب أخرى فشلت، مثلا الرئيس ويلسون في مطلع القرن الماضي دعا إلى تقرير المصير، وكارتر دعا إلى احترام حقوق الانسان، وفشلت تلك التجارب، لماذا ستنجح هذه المرة؟ فأنتم تهتمون بأمن «اسرائيل» وتأكيد عظمتها وتهتمون بالنفط قبل أي شيء آخر... ما تعليقكم؟
- ان هدفنا هو اتباع هذه السياسة المساندة للديمقراطية لكي نحقق المجتمع الناجح. لدينا سياسة جادة ومخلصة ولقد انتقدنا انفسنا بذاتنا لاننا وجدنا اننا ساندنا انظمة دكتاتورية وهذه الانظمة كانت تعمل لمصالحها الخاصة، والاستمرار في مثل هذه السياسة خطأ تعود اضراره علينا قبل غيرنا.
أنا لا ارى كيف يمكن ان يستثنى مجتمع من الحياة الكريمة بحجة الجغرافيا أو الدين أو اللون أو اي شيء آخر. اننا نعتقد ايضا ان هناك عدم انتباه لما كرره الرئيس بوش عن القضية الفلسطينية.
لقد كرر القول بان الحل هو في دولة فلسطينية مستقلة فهذا هو رئيس الولايات المتحدة يقول ان اميركا تؤيد قيام دولة فلسطينية تعيش بسلام إلى جانب الدولة الاسرائيلية. وقال ان الطريق إلى ذلك هو في التزام كل طرف بما يجب عليه الالتزام به. وهناك طلب مباشر ان توجد الديمقراطية في الجانب الفلسطيني بشكل خاص. اننا نتبع سياسة بعدة جوانب، وهي ليست احادية الجانب.
اننا نساند وجود «اسرائيل» القوية، وهذه سياسة نعلنها، وستبقى هذه سياستنا. ولكن هذا لا يعني اننا نغض الطرف عن ضرورة ان يحقق الطرف الاسرائيلي نجاحا من خلال الالتزام بواجباته المذكورة في خريطة الطريق، التي من ضمنها السماح بقيام دولة فلسطينية قادرة على الوقوف على نفسها تعيش بسلام مع «اسرائيل».
لدينا حكومة فلسطينية تختلف عن تلك التي كانت قبل سنين. والتحدي هو ان تسيطر هذه الحكومة على الوضع الأمني، والنظر إلى «خريطة الطريق» على انها التزام من اطراف متعددة، وكل الاطراف - بما فيها الفلسطيني - عليها الالتزام بما هو مذكور في الخريطة.
تربطون بين الديمقراطية والتجارة الحرة... لماذا؟
- لقد وقعنا اتفاق التجارة الحرة بالأمس مع المغرب، ونسعى إلى توقيع اتفاق مماثل مع البحرين. وهذا ليس اتفاقا للتجارة فقط، إنما يعني الشفافية في التعامل، وهو يساند الجهود المبذولة للاصلاح الاقتصادي الملازم للاصلاحات السياسية.
كيف تفسرون علاقتكم الجديدة مع ليبيا؟ فلقد دخلتم من دون تحفظ في ليبيا بعد ان دفعت لكم التعويضات الهائلة، ولم نعد نسمع عن مطالب الاصلاح؟
- لماذا تفترض اننا نغفل مطلب الاصلاح بالنسبة إلى موضوع ليبيا؟... اعتقد ان هذه الفكرة غير صحيحة ولا اوافق عليها. لقد كانت ليبيا تنكر انها كانت خلف تفجير الطائرة المدنية في اجواء «لوكربي» الاسكتلندية، وهي الآن تعترف بدورها، دفعت التعويضات وسلمت المسئولين عن الجريمة إلى المحكمة، وعوائل الضحايا وجدت ان العدالة تحققت. والأمر الآخر هو ان العقيد معمر القذافي اكتشف ان أسلحة الدمار الشامل لن تنفعه وانما هي مضيعة وقت، ولقد ساندناه في هذه الفكرة. انظر إلى ما وجدناه في ليبيا الآن، فلقد وجدنا انهم كانوا يطورون الاسلحة النووية والكيماوية والصواريخ، وهذه سيتم تدميرها. وقد كان سيبقى معزولا لو انه لم ينفتح على هذه الأمور.
انا لا أرى كيف يمكن استثناء ليبيا من الحديث عن ضرورة الديمقراطية والاصلاح. انا لم اقل ذلك ولم يقل ذلك اي مسئول، ولذلك فإن السياسة هي ذاتها لم تتغير.
لعل مشكلة الطرح الاميركي هي فقدان الثقة بين الادارة الاميركية والعرب بصورة عامة، ومساندتكم للانظمة غير الديمقراطية تزيد من عدم الثقة، وانكم بعد ان تورطتم في العراق بحثتم عن مخارج للورطة، ما رأيكم؟
- اتفهم هذا الحديث، ولكن لابد من البدء، ولا يوجد وقت مضى او سيأتي افضل من هذا الوقت او ذاك. علينا ان نبدأ. هناك مئات الاسباب الاخرى التي ربما توقفنا عن عمل اي شيء. فهذا الطرف لا يثق بذاك وهذا الموضوع يجب ان يكون قبل ذلك. ما اقوله هو اننا هنا نتحدث عن قضايا مهمة يتحدث عنها الجميع ولو اخفقنا في البدء فاننا قد لن نبدأ.
لا اعتقد اننا نبحث عن حل لمشكلة لنا في العراق، بل على العكس من ذلك. فلقد قبلنا بتحدٍ يقتضي ان نطور العراق الى بلد ديمقراطي ناجح، والعراق سيكون كما يريده اهل العراق من دون ارتباط بالارهاب. وهذا يضع امامنا الخيار الحالي الذي من خلاله ندعو الى دمقرطة واصلاح الانظمة. اعلم ان هناك مئات الاسباب التي يذكرها البعض للتشكيك فيما نطرحه، ولكننا عازمون على المضي في مساندة مشروعات الاصلاح اينما كانت.المصدر: صحيفة الوسط البحرينية
بتاريخ : 4 مارس 2004