-
القائمة الرئيسية
-
ملاحق البحرين تنتخب 2014
-
السفير البريطاني في المنامة روبين لامب لـ «الوسط»: الديمقراطية عملية ديناميكية تتطلب حوارا من دون إثارة
المنامة - منصور الجمري
قال السفير البريطاني في المنامة روبين لامب إن «الديمقراطية هي السبيل الأفضل للنمو والاستقرار، وان ما يحدث في البحرين من حوارات في مختلف المجالات هو الطريق الأفضل الذي سيعزز الإصلاحات السياسية على المدى البعيد». جاء ذلك في مقابلة خاصة مع «الوسط» شرح فيها وجهات نظر بلاده بشأن عدد من القضايا الدولية والإقليمية.
بدأ الحوار عن البحرين، ومرّ على القضايا الأخرى، وعاد مرة أخرى إلى الحديث عن البحرين... كما يأتي:
كيف تنظر إلى الإصلاحات السياسية في البحرين؟
- الإصلاحات عملية ديناميكية، وعندما أتحدث مع القيادة السياسية في البحرين يشيرون إلى هذه الحقيقة بقناعة وإصرار على المضي في مسيرة الإصلاح. فلم أسمع أية كلمة سلبية من المسئولين، بعكس ما يردده البعض من أن الديمقراطية فسحت المجال لمن يود تعطيل التنمية. فما نعلمه من التجارب المختلفة أن كل مجتمع له الحق في تحديد خياراته، وأن العقلانية هي التي تسمو مع الحوار المستمر وبذلك يصلح الحال على المدى البعيد.
كيف تنظر إلى ما حدث حديثا من أفعال وردود فعل على الساحة البحرينية؟
- أعتقد أن المعارضة التي قاطعت العملية السياسية لم تستفد - كما نراه - لأنه كان بإمكانها أن توصل رأيها من داخل الإطار المطروح حاليا. فالهدف من أي عمل إصلاح هو بناء جسور الثقة أولا، وجلالة الملك ومعه المسئولون في الدولة يعملون على مدِّ هذه الجسور، والمعارضة كانت ستربح أكثر وتمدّ جسورها أيضا.
أنا لا أقول إن على المعارضة أن تتخلى عن مبادئها، فنحن في بريطانيا لدينا الرأي الرسمي والرأي المعارض، ولدينا وضع حرج في شمال إيرلندا، ومع ذلك دخلت الحكومة مع مجموعات معارضة كانت تحمل السلاح... ولكن هناك حاجة إلى أن يقوم كل طرف بدوره مع الابتعاد عن الإثارة... فلم تكن العملية السياسية في شمال إيرلندا ستنجح لو كان كل شيء معروضا بشكل مثير على الرأي العام، لأن هناك آراء مخالفة وبشدة مع مواقف متناقضة. لكن العملية في شمال إيرلندا نجحت في مدِّ الجسور بعيدا عن الأضواء بصورة أولية. وربما هذا ما تحتاج إليه العملية السياسية في البحرين، وخصوصا مع استمرار تأكيد جلالة الملك حمد على نهج الإصلاح والسعي إلى إشراك الجميع في العملية السياسية.
هناك دائما الحرج الذي يصاحب الأوضاع الحرجة، فطرف المعارضة لا يود أن يبدو وكأنه خسر شيئا من مبادئه، وهذا أمر مفهوم، ولذلك فإن المفترض هو السعي إلى الحوار بعيدا عن الأضواء والإثارة، فإيصال الرأي المعارض مع الإثارة ربما تكون له آثار سلبية في بعض الأحيان.
ننتقل إلى موضوع آخر... عن التطورات الأخيرة بين بريطانيا وأميركا من جانب، وليبيا من جانب آخر... كيف بدأت التطورات الأخيرة؟
- لقد اتصل بنا العقيد معمر القذافي العام الماضي في شهر مارس/ آذار بعد سقوط الرئيس صدام حسين، ونحن كانت لنا مطالب واضحة بشأن إسقاط طائرة لوكربي وبشأن أسلحة الدمار الشامل. وكان اتصال ليبيا بنا يختص بأسلحة الدمار الشامل مباشرة بعد إسقاط صدام. ونحن وافقنا على فتح الحوار مع الزعيم الليبي، وعندما تأكدنا من جدية ما يطرحه بدأ الحوار يتطور بسرعة. لقد تحدثنا من دون أن نحاول إثارة أي منا للآخر، فلقد سعينا إلى تحقيق هدف محدد وكان هذا هو همُّنا عندما انفتح الحوار مع الطرف الليبي.
وكان ما حصل في العراق شجع الليبيين على فسح المجال لأسلوب الحوار والتفاهم بشأن هذه القضايا المهمة التي كانت على الأجندة.
بالنسبة إلى العراق، قال الأميركان إنهم سينسحبون في منتصف هذا العام، فهل ستنسحبون أيضا؟
- لا أتصور أن الموضوع هو الانسحاب، فإننا نعمل مع الأمم المتحدة لتحويل السلطة إلى العراقيين، ونحن نتوقع أن يبقى لنا دور مستمر في العراق، وهذا ما يتوقعه كثير من العراقيين.
فنحن تحالف دولي، وهناك ثلاثون دولة لديها قوات، وهذه القوات ستدعم السلطة العراقية التي ستتسلم شئون الدولة. ونحن سنبقى موجودين لدعم الأمن والاستقرار العراقي. فنحن نساهم حاليا في إعادة بناء القوات العراقية والشرطة. وهناك الآن 35 ألف شرطي عراقي وندرب الآن أربعة ألوية، وهناك تدريبات لقوى الدفاع المدني والخدمات الأساسية. ولدينا دور مستمر لدعم هذه القوات والخدمات الأساسية. ونحن نساند تشكيل قوات وجيش ومؤسسات من جميع أنواع الشعب العراقي من دون تمييز وهم الذين سيديرون شئونهم بأنفسهم، ونسعى إلى عراق موحد، والعراقيون قادرون على رعاية مصالحهم.
ما هي وجهة نظركم في الأصوات البريطانية المعارضة مثل الوزيرة السابقة كلير شورت التي قالت إن رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير خدع البريطانيين، لأنه لا توجد أسلحة دمار شامل؟
- الأسباب التي حدت بنا إلى الدخول في الحرب هي مخالفة العراق لقرارات الأمم المتحدة الملزمة.
ولكن ليس العراق وحده الذي يخالف الأمم المتحدة؟
- لا... لو أخذنا الفترة الزمنية وعدد القرارات الملزمة التي بلغت 17 قرارا، فإن العراق هو الطرف الأكثر مخالفة للأمم المتحدة. ثم إن المواجهة ما بين العراق والأمم المتحدة كانت فريدة من نوعها. وقد أخل بقرار 1441 الذي منعه بصراحة عن القيام بأعمال معينة ولم يلتزم بذلك.
هل تعتقد أن بلير سينجو في بريطانيا من اللوم الواقع عليه؟
- هذا أمر يحدده الشعب البريطاني أثناء الانتخابات المقبلة، وليس أنا الذي أحدد ذلك. لدينا تقارير عدة، تحقيقات برلمانية، والآن لدينا تحقيق برلماني يجرى في الأمر ذاته، وفيما إذا كانت المعلومات التي قدمتها الحكومة دقيقة أو غير دقيقة بشأن أسلحة الدمار الشامل العراقية... صحيح أننا لم نجد «بندقية بدخان»، ولكن قبل أن تكون هناك حرب كان العراق يطور أسلحته ويخفي أسلحته ويعاند الأمم المتحدة، والموضوع المختص بأسلحة الدمار الشامل مازال قيد البحث وستكشف التقارير تفاصيل ما تتوصل إليه.
أميركا تطرح فكرة «الشرق الأوسط الكبير» وان القضية الفلسطينية ليست أولوية كما نراها نحن، بينما الأوروبيون يتحدثون عن إصلاح بالمشاركة مع الدول العربية ومع حل للقضية الفلسطينية، أين تختلفون مع أميركا في هذا الطرح؟
- إننا جزء من الاتحاد الأوروبي، وليس لدي علم بتفاصيل الفهم الأميركي الأخير عن الشرق الأوسط الكبير. ولكن ما أفهمه أن الطرح يربط بين الديمقراطية والتجارة الحرة، وهذه مبادئ نشترك فيها مع الأميركان. نحن نقول إن هذه القضايا يجب أن تتم عبر الحوار مع البلدان المعنية، فالإصلاح الديمقراطي لا يُفرض من الخارج، وإنما يأتي من الداخل، ويجب أن يؤمن به من يمارسه في داخل كل بلد. لا أعتقد أن الأميركان ينوون فرض هذا النمط أو ذاك، ولكن الأمل هو ألا يعترض الناس على مفاهيم قيّمة فقط لأن أميركا ترددها. وأعتقد أن الذين يرفضون شيئا ما فقط لأن أميركا تقوله، مخطئون.
الاتحاد الأوروبي يرى أن عملية السلام بين العرب و«إسرائيل» يجب أن تحدث بموازاة الطرح الإصلاحي، وهذا أمر واضح من خلال ما طُرح في «خريطة الطريق» التي تحدثت عن الحل بوجود دولتين قائمتين ذاتيا، وحكومتي أكدت هذا الأمر والوزيرة البارونة سايمونز كانت في فلسطين حديثا وطرحت وجهة النظر البريطانية بوضوح. ورئيس الوزراء بلير يواصل اتصالاته المكثفة لدفع عملية السلام العادل، وأعتقد أن الرئيس الأميركي جورج بوش يتحدث عن أهمية القضية الفلسطينية، فمن دون تطورها ومن دون تحقيق العدل للفلسطينيين ومن دون ضمان سلامتهم وضمان سلامة الإسرائيليين لا يمكن أن تتطور الأمور إلى الأحسن.
لماذا وقف البريطانيون مع الأميركان ضد طرح قضية الجدار الفاصل أمام محكمة العدل الدولية؟ ألا يعتبر هذا نفاقا؟
- لقد قلنا إن الجدار الفاصل غير قانوني لأن «إسرائيل» تشيّده في أراضٍ ليست أراضيها. فهذا الأمر مخالف للقانون لأنه تصرف في أراضي الغير. فنحن نقول إن كل الأراضي المحتلة منذ العام 1967 كلها ليست أراضي إسرائيلية. وبناء الجدار في أراضٍ غير إسرائيلية يضيف إلى المآسي الأخرى التي تحلُّ بالفلسطينيين. ولكن محكمة العدل الدولية تتطلب أن يترافع طرفان لديها، ونحن نؤيدها دائما. ولكن الوضع حاليا هو طرف واحد فقط ذهب إلى المحكمة وهذا يؤثر سلبا على دور المحكمة.
وفي الواقع، فإن قرار المحكمة لن يؤثر على شيء، لأن الجمعية العامة للأمم المتحدة قالت بعدم شرعية الجدار.
عندما زارت الوزيرة البارونة سايمونز البحرين حديثا وعقدت مؤتمرا صحافيا تحدثت بصورة شديدة عن إيران، ولكن بعكس ذلك من الدول الأخرى، هل يعكس هذا الأمر موقفا محددا؟
- أنت تتحدث عن مؤتمر صحافي، وما قالته يعكس أجوبة على أسئلة، وليس موضوعا محددا. نحن نفرّق فيما بين هذه الدولة أو تلك، وكل دولة لها ظروفها الخاصة بها وطبيعة الحركة الإصلاحية تختلف. نحن في الماضي كنا ننسحب من هذه الدولة أو تلك ونترك خلفنا ترتيبات تماثل الديمقراطية في ويستمنستر، لكننا اكتشفنا أمرا غير صحيح. فكل بلد يختلف، فأنت لا تستطيع أن تزرع هذه الفكرة أو تلك وتنقلها من مكان إلى آخر بحذافيرها... فكل بلد يختلف، والسؤال الذي وُجه إلى الوزيرة ربما كان يستدعي الرد الذي قدمته.
نحن نؤمن بأن كل بلد يجب أن تكون له تجربته، ولكن الطرح والتوجه متقارب نحو إشراك الناس في إدارة شئونهم وضمان كرامتهم في حياتهم، ولكن كل ذلك ينبغي أن يكون ضمن ثقافة كل بلد وكل مجتمع. لقد قال وينستون تشرتشل إن الديمقراطية قد تكون سيئة لكنها أفضل النظم الموجودة... إنها أفضل نظام بشري يضمن حقوق الناس ويوازن العملية السياسية، ونحن نؤيد الإصلاحات وندعو إلى عدم تعطيلها في أي مكان، فنحن نرفع شعارا في وزارة الخارجية البريطانية، شعار نسعى من خلاله إلى مصالح بريطانية ولكن في عالم آمن وعادل.
أعود إلى البحرين... هل ترى أننا نسير إلى الأمام، أم نتراجع في تجربتنا؟ وهل الديمقراطية تُشرِّد رؤوس الأموال؟
- لقد حضرت النقاش بشأن الهيئتين في مجلس النواب البحريني وتصورت نفسي في البرلمان البريطاني. لقد حقق النواب عملا برلمانيا رائعا، وأعتقد أن التعقيدات تصاحب أية عملية ديمقراطية، وأعتقد أيضا أن إصلاحات جلالة الملك التي يساندها الناس مستمرة وهي إلى الأمام. فأنا أعرف البحرين منذ زمن طويل، وعشت فيها عندما كنت صغيرا، وما أراه الآن يعتبر إصلاحا حقيقيا، وأجد أن الفرصة أمام الجميع للمشاركة من دون أن تهتز ثقتهم. البحرين تعمل على دمقرطة أنظمتها، وهذا سيأخذ وقتا، وكل طرف له دور يلعبه، وعندما تبدأ في عمل من هذا النوع ستحصل تعقيدات، وربما يتصور البعض أن احتجاجا هنا أو هناك يعطل الاستثمار، ولكن بالنظر إلى الأمور بصورة أوسع وأبعد مدى فإن الديمقراطية تعني تحديد خيارات المجتمع، وكل مجتمع له الحق في أن يختار الوسيلة الأفضل لتنمية مجتمعه واقتصاده. فالخيارات دائما تتأثر بثقافة المجتمع وهي من حقه، وعلى المدى البعيد، كما هي تجارب الأمم، تغلب العقلانية وينمو الاقتصاد، حتى لو بدا للبعض أن هناك أمورا ينبغي ألا تحصل. فتجارب الأمم تؤكد الحاجة إلى إقامة أنظمة ومؤسسات على أساس التراضي والتوافق والنظر إلى الأمام، والديمقراطية هي الأكثر ضمانا على المدى البعيد.
ما المساعدات التي يمكن أن تقدموها إلى البحرين لتطوير الممارسة البرلمانية؟
- الزيارات البرلمانية مستمرة، فلقد زار رئيس مجلس النواب البحريني البرلمان البريطاني، وأعضاء البرلمان البريطاني زاروا البحرين، وهناك برامج متواصلة من هذا النوع.
لكن هناك ملاحظة بشأن هذا الأمر... البرلمانيون والناشطون الذين يأتون إلى البحرين من نوعين، نوع تدعوهم المعارضة وهم مرفوضون من الحكومة، ونوع يدعوهم مركز مدعوم من الحكومة وهؤلاء محسوبون أنهم من المتزلفين... ما رأيك؟
- هناك أسلوب ثالث لم تذكره، وهو الناس الذين ندعوهم نحن. ولدينـــا مؤسســـة اسمهــا (WESTMINSTER FOUNDATION) وهذه تبنت مشروعا مع عدد من أعضاء البرلمان لم تخترهم المعارضة أو المركز الذي تتحدث عنه، وهؤلاء طرحوا مقترحا بتعزيز التعاون بين البرلمان البريطاني والبرلمان البحريني، والنظر في التجارب البرلمانية البريطانية وما إمكان نقل هذه الخبرة أو تلك إلى البحرين فذلك بحسب ما يرغبه البحرينيون أنفسهم. ولدينا الآن خطة تبدأ خلال أربعة الأسابيع المقبلة، إذ سيزور عضوان من البرلمان البريطاني مع مسئولين من WESTMINSTER FOUNDATION في الإطار الذي ذكرته.
الذين سيأتون أعضاء برلمان محترمون، وإذا حصل إن تسلموا هدايا مثلا فإنهم سيعلنون ذلك في سجل محفوظ في البرلمان، ولا داعي أن نشكك في نوايا الآخرين.
ماذا عن الناشطين البريطانيين اللذين لم يستطيعا دخول البحرين للمشاركة في مؤتمر المعارضة في 14 فبراير/ شباط؟
- بحسب ما أفهمه فإنهما غير ممنوعين من الدخول إلى البحرين، وهما مُنعا ربما لحساسية الموضوع في يوم مهم بالنسبة إلى الحكومة. لا أعتقد أنهما سيمنعان لو حاولا دخول البحرين مجددا. مرة أخرى، ربما أن الأمر بحاجة إلى أسلوب معالجة مختلف وبعيد عن الإثارة، لأن الإثارة تساهم في إفشال الحوارات الوطنية في بعض الأحيان.
إننا سنستمر في دعمنا للنشاط الديمقراطي، ونحن في بريطانيا نرحب بزيارة من يود الاطلاع على تجربتنا وسنكون سعداء عندما نقدم ما لدينا إلى البحرينيين، وأنتم في البحرين تحددون الطريقة التي تناسبكم وتناسب وضعكم وثقافتكم.المصدر: صحيفة الوسط البحرينية
بتاريخ: 7 مارس 2004