العدد 5371 بتاريخ 21-05-2017م تسجيل الدخول


الرئيسيةالأعمدة
شارك:


وتلعب بالأدوار أدوار

يقول الشاعر محمد الجواهري:

سبحانَ ربِّكَ كيف الأمرُ منقلبٌ

وكيف تلعبُ بالأدوارِ أدوارُ

صدق الجواهري في هذا البيت الحزين، ففعلاً الأمر ينقلب بين لحظة وضحاها، وبعد أن تكون أفضل القوم تصبح أدناهم، وبعد أن تكون أغناهم تصبح أفقرهم، وبعد أن تكون رئيساً عليهم يكونوا رؤساء عليك!

هذا البيت من شعر الجواهري ليس عن الغنى والفقر فقط، وليس عن الدول فقط، وإنّما هو شعر يتكلّم عن الجميع، الدول المؤسسات الأشخاص، فقد تكون في يوم من الأيام وزيراً أو مسئولاً، ويتغيّر الحال، فتصبح شخصاً عاديّاً ليس لك مسمّى ولا مركز، وقد تجد من كان تحتك في المركز ويتعلّم منك ويحابيك، يتأمّر عليك ولا يعطيك وجهاً طيّباً، ولكأنّك أصبحت عالة عليه.

سبحان مقلّب الأحوال، أن تكون قويّاً وفي لحظة تصبح ضعيفاً، وبطبيعتك البشرية تحاول زرع القوّة مرّة أخرى ولكن من دون فائدة، فالجميع بصم على أنّك ضعيف، وعلى أنّك سلعة انتهت مدّة صلاحيّتها!

في يوم من الأيام الجميع يريد وصلك وصوتك والتعامل معك والجلوس بقربك، وها أنت اليوم وحدك بعد أن ذهب المركز وذهبت السلطة وذهب المال، ونعتقد بأنّ السلطة والمركز مهمّان جدّاً في علاقات البشر، فقد تتغيّر العلاقات السطحية ذات التمصلح والانتفاع (وما أكثرهم)، وما تبقى إلاّ تلك العلاقة الصادقة الخالصة، التي لا تريد منك لا مال ولا جاه ولا منصب ولا مركز.

تذكّر أن تختار أنت معركتك وأن تخرج من المنصب قبل أن يُخرجك أحد، ففي النهاية هذا هو حال الدنيا لا تبقى لأحد، ولا يغرّك مدح البعض لك، وتذكّر بأنّ هناك وقت تحتاجه لك أنت وحدك لا لأحد غيرك.

سبحان الله عندما ينقلب الحال، سبحان الله عندما تكون رئيساً ومن ثمّ المرؤوس في ليلة وضحاها يكون رئيسك، سبحان الله عندما تكون لديك الخبرة والمعرفة، وتأتيك قرارات من فوق تفاجئك، ولكأنّك أصبحت مهمّشاً مرّة واحدة!

أتعلم لا تبقى إلاّ أسرتك ومن يحبّك حولك، تذكّر جيّداً من تختار حولك، لأنّهم هؤلاء المعدن الأصيل الذي لا يتغيّر بتغيّر الأحوال، فاسعَ لتقوية العلاقة منذ البداية حتى لا تنتهي صفر اليدين.

أما على مستوى الأوطان، فهاهو العراق العظيم الذي وصفه الشاعر الجواهري في قصيدته، إذ كان الجواز العراقي يوزن ذهباً واليوم التـأشيرة أصبحت صعبة على العراقي في الوطن العربي! سبحان مقلّب الأحوال.

لا نريد أن نكون متشائمين ولكن نريد الجميع أن يحاسب في التعامل مع من خسر مركزه أو وظيفته أو مؤسسته أو دولته، لأنّ دوام الحال من المحال، الصغير يكبر والكبير يبتعد، والدنيا لا تتوقّف عن الدوران.



أضف تعليق



التعليقات 4
زائر 1 | 12:00 ص سبحان الله صاحب العزّة والجبروت الذي يهلك ملوكا ويستخلف آخرين،
سبحان الله الدائم ولا شيء يدوم غيره في الكون ملك المتناقضات يفقر ويغني ويعزّ ويذلّ .
التفكر امر جيّد لمن القى السمع وهو شهيد رد على تعليق
زائر 2 | 12:24 ص صدقتي يا استاذه , كلام عقلاني و متوازن و كبير لا شيء يبقى كما كان فقط من حبك لذاتك و لشخصك لا لمالك
او لمصلحه ما ... رد على تعليق
زائر 3 | 3:54 ص رأيت الناس قد ذهبو الى من عنده ذهب رأيت الناس منفضه الى من عنده فضه رأيت الناس قد مالو الى من عنده مال هذي حال الناس والدنيا باختصار. رد على تعليق
زائر 5 | 7:46 ص للعباقره فقط!!
سبحان ربي رب العزه عما يصفون وسلام على المرسلين و الحمد لله رب العالمين.
يقول احد الشعراء :
لم يبقى لي من العيش سوى رمق .... ولست ادري ما الباقي من العمر. قد يحسب عمر الانسان بالثواني والدقايق او الساعات والايام او الاشهر والسنوات.ففي اي ثانيه من اي يوم وفي اي شهر وفي اي سنه قد اتيت إلى هذه الدنيا الفانيه. ، ومتى الرحيل? وبما وما ستاخذ معك من هذه الدنيا?¿ رد على تعليق