العدد 5384 بتاريخ 03-06-2017م تسجيل الدخول


الرئيسيةالأعمدة
شارك:


طيران الخليج... «التحدي الأهم» في مسيرة الوزير (1)

لا شك أن الفترة القصيرة التي أمضاها الوزير زايد الزياني في منصبه كوزير للصناعة والتجارة والسياحة كانت مليئة بالتحديات المهمة والكبيرة، وخاصة في ظل التطورات الاقتصادية المتوالية (انخفاض أسعار النفط وإجراءات الحكومة لسد عجز الموازنة العامة للدولة) والقرارات الكثيرة التي صدرت فيما يخص الرسوم، وضريبة القيمة المضافة وغير ذلك.. وهو ما كان له أبلغ الأثر على التجار وعلاقتهم بالحكومة من جهة، وبالوزير المعني بشئونهم بشكل خاص.

لكن هذا في مجمله أمر، وإسناد رئاسة مجلس إدارة طيران الخليج للوزير أمر آخر، وتحدٍ جديد كلياً، ربما يكون هو التحدي الأهم في مسيرة الوزير الشاب الذي لا شك أنها تحمل بعض البصمات الواضحة والمؤثرة حتى الآن على رغم قصر الفترة الزمنية.

الجميع يعلم الأزمات الصعبة والعثرات القوية التي مرت بها «الناقلة الوطنية للمملكة» ربما على مدى أكثر من 25 عاماً مضت، والتي ركزنا عليها بشكل أكبر مع إيلاء ملكية شركة طيران الخليج بالكامل إلى البحرين منذ قرابة 10 سنوات، وخروج باقي الأشقاء من دول الخليج تباعاً لتأسيس شركات طيران خاصة بهم، وكان آخرهم سلطنة عمان الشقيقة.

هذه العثرات وضعت الشركة في مأزق مالي صعب، وخسائر مستمرة قدرت بملايين الملايين من الدولارات على مدار عدة سنوات، وتوالى على المناصب الإدارية والتنفيذية فيها الكثير من الأسماء المعروفة والرنانة، بعضها لم يحقّق إلا الفشل تلو الفشل، ولم ينجح في انتشال الشركة من عثرتها المستمرة، والبعض الآخر حاول وحقق القليل، وأخيراً كانت الفترة التي تولى فيها المسئولية الشيخ خالد بن عبد الله كرئيس لمجلس الإدارة، والسيد ماهر المسلم الإدارة التنفيذية وهي أكثر الفترات نجاحاً، واستطاعت الشركة تقليص خسائرها إلى الحد الأدنى ربما منذ أكثر من 15 سنة مضت، وقاربت من تحقيق نقطة التوازن «الصفرية» بين الإيرادات والمصروفات، وهو الهدف الأول للشركة في الفترة المقبلة، على أن يكون الهدف الأبعد هو تحقيق الأرباح بالطبع.

إسناد المهمة للوزير الزياني يعني أن الحكومة تريد توجهاً جديداً لسياسات الشركة التجارية، يتماشى مع نظرتها وأهدافها في التحوّل من الخسائر إلى الربحية في فترة زمنية معينة. الشركة لازالت تحقق الخسائر حتى الآن؛ ولكن بمعدلات أقل بكثير جداً عن ذي قبل، الوصول لنقطة التوازن ومن ثم الانطلاق لتحقيق الأرباح ليست بالمهمة السهلة على الإطلاق، وخاصة مع «طيران الخليج»، وربما لهذا قلت في بداية المقال أنه «التحدي الأصعب» في مسيرة الوزير الشاب، وهو في نفس التوقيت ثقة كبيرة من القيادة في هذا الرجل، وسماته الشخصية التي تعد «الجرأة والمبادرة» أبرز سماتها على الصعيد الاقتصادي.

في أحد لقاءاتي بالوزير، وكان خلال زيارة الوفد الرسمي البحريني إلى باكستان، جمعتني به جلسة ودية للغاية تناولنا فيها الحديث عن الكثير من الأمور التجارية والاقتصادية في البحرين، وتعرّف خلالها معاليه عن بعض وجهات نظر المؤسسات الصغيرة في بعض الأمور، ولعل الانطباع المؤكد الذي خرجت به من هذه الجلسة أن هذا الرجل يعشق التحديات، يروي ظمأه بمواجهة الصعاب وتفتيتها، فهو من عشاق الاستثمار في الشركات المتعثرة أو الصغيرة أو التي تواجه صعاباً، يدرس مواطن قوتها وضعفها ويبدأ التعامل من منطلق رؤيته الخاصة، فيحصد النجاح بتوفيق الله بالطبع. هذا الرجل وبكل تأكيد ليس من محبي «النجاح سريع التحضير» أو «المهمات السهلة الهضم»، في المجمل شخصية زايد الزياني التاجر والوزير تتماشى تماماً مع التحدي الجديد و»المهمة الصعبة» التي نتمنى أن يكلل الله جهوده فيها بكل النجاح والتوفيق، ليس خدمة لزايد الزياني؛ ولكن خدمة للشركة العريقة التي تعد الأقدم على مستوى دول الخليج، ومن الأقدم على مستوى المنطقة العربية برمتها، وخدمةً للبحرين واقتصاد البحرين الذي يحتاج إلى «طيران الخليج» كداعم قوي له، وليس عبئاً مضافاً على موازنته .

تصريح الوزير عن مُضي مجلس الإدارة في مراجعة الخطة الاستراتيجية لطيران الخليج لكي تتوافق والمستجدات والظروف المستقبلية حتى تؤدي طيران الخليج رسالتها المرجوة.. وأن ذلك لن يتحقق بدون التزام الجميع بالعمل بمهنية وبجد وبكل إصرار بروح الفريق الواحد، وتكاتف الجهود وشحذ الهمم في سبيل تحقيق الصالح العام لناقلتنا الوطنية.. ربما يكون المؤشر الواضح على نهج الوزير وخطة عمله في الفترة المقبلة، وربما توقفت كثيراً عند هذه الجملة في تصريحه «اجتماع مجلس الإدارة نقطة تقاطع حاسمة لمسار ناقلتنا الوطنية» ثم أعرب الوزير عن تفاؤله بالمستقبل.

إذاً فهناك مراجعة ومن ثم تعديلات، ومن ثم تغييرات تتوافق مع المستجدات والظروف المستقبلية، كل هذا في ظل مهنية وأداء رفيع مطالب به كل من ينتمي للشركة، وحسم من الإدارة لتوجيه المسار الجديد.

ظروف الشركة صعبة «نعم وبكل تأكيد»، المنافسة على أشدها «لا شك في ذلك بالمرة»، ويمكنك أن تنظر حولك للأشقاء في قطر ودبي وأبوظبي وسلطنة عمان لترى مدى شراسة المنافسة التي «لا ترحم» وخاصة بين الشركات الثلاث التي باتت من الأكبر على مستوى العالم حالياً وليس الخليج فقط، وهي القطرية والإمارات والاتحاد، وكيف تحاول كل واحدة منها أن تسرق البساط من تحت أقدام الأخرى، وتحوّل مطارها إلى نقطة مركزية عالمية يلتقي فيه المسافرون من الشرق إلى الغرب والعكس.

مرات عدة أمر فيها بمطار قطر الجديد، ومطاري دبي وأبو ظبي، والصورة المفعمة بالحياة والناس والمسافرين من شتى بقاع الأرض تؤكد بالفعل أن المنافسة التي تواجهها طيران الخليج مع هذه «الهوامير الجوية» ليست سهلة بالمرة، ويكفي أن ألفت نظر القارئ الكريم ليعلم قوة المنافسة إلى أن هذه الشركات الثلاث جعلت شركات طيران أوروبية وأميركية عملاقة تجأر بالشكوى من منافستها وسيطرتها على الأجواء في الغرب وليس في الخليج!



أضف تعليق



التعليقات 5
زائر 1 | 1:01 ص طيران الخليج ضعوها على سكة المنافسة وابعدوها عن الاهواء السياسية ستنجح.
الدول خليج لديها مواقف سياسية من بعض البلدان لكن لم نراها تضع شركات الطيران في المواجهة،وتعرضها للخسائر إلا البحرين. رد على تعليق
زائر 5 | 5:09 ص صدقت
بس وين اللي يفهمون
والدليل تجربة الامارات نفسها
زائر 3 | 2:07 ص عزيزي كاتب المقال. ان طيران الخليج ليست بوارد التنافس مع عمالقة الطيران في دبي وقطر وابوظبي كما ذكرت. فهي لم ولن تستطيع على ذلك. وانما سيكون جل هدفها التركيز على شبكة الخطوط في منطقة الخليج وشمال افريقيا وبعض الوجهات في شرق اسيا لتلبية الطلب المحلي. ولا ننسى قضية تاثير السياسة على اقصاءها من اهم وجهاتها ذات المردود الاقتصادي الجيد كايران. رد على تعليق
زائر 4 | 2:10 ص اذا تم إدارتها بشكل تجاري بحت وتم توجيه خدماتها للمواطنين البحرينيين ستنجح...أما غير ذلك فستستمر مثل الرجل المريض في الجو... رد على تعليق
زائر 6 | 6:22 ص ليش شركة طيران الجزيرة ناجحة وشركتنا الوطنية لا ارباح تذكر في خلل ! رد على تعليق