العدد 4764 بتاريخ 22-09-2015م تسجيل الدخول


الرئيسيةالوسط أونلاين
شارك:


وجهة نظر: بوتين هو الفائز في سوريا

دويتشه فيله

إقامة قاعدة عسكرية روسية في سوريا هي خطوة تحقق لموسكو أكثر من هدف واحد، وهي تضمن الحفاظ على مصالح روسيا على المدى الطويل، كما يرى الكاتب إنغو مانتويفل.

بالتأكيد، ليست أزمة اللاجئين في أوروبا السبب وراء إرسال روسيا لمقاتلات ومروحيات وعتاد عسكري لوحدة عسكرية أقيمت مؤخرا في سوريا، لاسيما وأن الكريملن يرى أن تدفق اللاجئين من سوريا والشرق الأوسط هو مشكلة أوروبية داخلية، بصرف النظر عن أن القيم الأخلاقية لا تشكل في روسيا نقطة انطلاق للتفكير في مواقف خاصة بالسياسة الخارجية.

المصلحة الوطنية في المقام الأول على ما يبدو تهتم موسكو في المقام الأول بالمصالح الموضوعية الجيوسياسية للدول. ولم تجد السياسة الخارجية الروسية غضاضة في دعم نظام الأسد عسكريا ودبلوماسيا بغض النظر عن القضية الأخلاقية المرتبطة بالمشاركة في تحمل مسؤولية حمام الدم في سوريا. وفي نهاية الأمر يعتبر الأسد الشريك الوحيد المتبقي لروسيا في الشرق الأوسط وهذه هي النقطة الوحيدة المهمة بالنسبة لسياسة النفوذ الروسية.

كان يتعين على الكريملين أن يشعر بالقلق بسبب التراجع في مكانة الأسد منذ نهاية الصيف، فالاتفاق مع إيران يشير إلى تراجع وضع التوتر في المواجهات بين الولايات المتحدة وإيران، الحليف الأهم للأسد.

في الوقت نفسه يهدف التدخل العسكري الواضح والمتزايد للولايات المتحدة ولتركيا في سوريا، إلى التصدي لعصابات القتلة المسماة ب"الدولة الإسلامية"، في حين يشكل ذلك أيضا تهديدا لنظام الأسد الفاشل.

لذا يبدو أن الرئيس الروسي بوتين قرر الهروب للأمام، إذ قرر في الأسابيع الماضية بناء قاعدة عسكرية روسية في عملية سريعة جدا على السواحل السورية، وذلك في ظل العمليات الغربية الموجهة ضد "داعش".

ومن المتوقع أن يقدم بوتين خلال كلمته المرتقبة في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة نهاية أيلول /سبتمبر المقبل، هذه القاعدة العسكرية للغرب كمشاركة روسية للتصدي لـ"داعش"، مع تمسكه بتأييد الأسد.

الأهداف القصوى والدنيا لروسيا وفي حال إن استجابت الولايات المتحدة وقوى غربية أخرى لهذا العرض، فسيكون بوتين قد وصل لأقصى ما يود، حيث سيعني ذلك انكسار حالة العزلة الدولية التي عاشتها روسيا بسبب أزمة القرم وحرب شرق أوكرانيا، بالإضافة إلى استعادة روسيا لصورتها كإحدى القوى العالمية والوقوف على قدم المساواة مع الولايات المتحدة.

وسيؤدي هذا أيضا إلى تأمين نظام الأسد بشكل مؤقت، الأمر الذي سيتم تبريره بالدليل الجديد على النفوذ الروسي.

أما إذا رفضت واشنطن فكرة الوقوف إلى جانب روسيا في التصدي لـ"داعش" - على حساب استبعاد قضية المستقبل السياسي للأسد ولو بشكل مؤقت على الأقل- فإن موسكو ستخرج أقوى من الوضع الحالي، لأن روسيا في جميع الأحوال قد تثبت أقدامها على المدى الطويل بالفعل، وذلك من خلال وجود قاعدة عسكرية في موقع استراتيجي مهم على سواحل البحر المتوسط.

وحتى وإن استمرت الحرب الأهلية في تمزيق سوريا، فإن اختيار اللاذقية لإقامة هذه القاعدة هو اختيار جيد.

فهي ليست موطن عائلة الأسد فحسب، بل إن المنطقة الساحلية هذه قد تصبح ما بعد الأسد امتدادا للمتبقي من دولة العلويين، التي كانت تحت الانتداب الفرنسي بعد الحرب العالمية الأولى.

ومن الممكن أن تتحول موسكو إلى قوة لحماية هذه الدولة العلوية، كمكافأة على القاعدة العسكرية الاستراتيجية، وبهذا تستمر روسيا في دورها كلاعب دائم في الشرق الأوسط. تحقيق مثل هذا الهدف "الأدنى" يعتبر أيضا نجاحا لسياسة بوتين من وجهة نظر موسكو.

 



أضف تعليق