العدد 4813 بتاريخ 10-11-2015م تسجيل الدخول


الرئيسيةمنوعات
شارك:


«ثورة روبوتات».. تهدد مستقبل البشر

الوسط - محرر المنوعات

من الواضح أن عالمنا مقبل على «ثورة روبوتات»، فتلك الأجهزة الآلية باتت تنتشر في شتى القطاعات الصناعية والخدمية والإدارية، وحسب الإحصاءات فإن الروبوتات في سيارات غوغل الذكية أفضل من السائقين البشر، حسبما نقلت صحيفة "الراي" الكويتية عن قناة "سكاي نيوز العربية".

ولم تصبح المنازل الذكية واقعا معاشا فحسب، بل أمست جزءا من منظومة أكبر اسمها المدن الذكية، والإنترنت لم يعد وسيلة للتواصل بين البشر فقط، بل غدت وسيلة تواصل بين البشر والآلات، وبين الآلات فيما بينها.

غالبا ما ينجز الروبوت مهمة بعينها، ولكن المهام نفسها صارت أكثر تعقيدا، إذ يوجد في العالم اليوم روبوتات تقوم بحلاقة شعر الرأس، ولعب السنوكر، وتنظيف الحديقة، وإعداد الطعام وتقديمه، وإنجاز المشروعات الإنشائية، ونقل المرضى في المستشفيات، وإجراء عمليات جراحية معقدة، وما إلى ذلك من وظائف كانت بعيدة كل البعد عن متناول «بني روبوت» في السابق!

وتنجز الروبوتات اليوم بكفاءة عالية العديد من المهام التي كانت حكرا على البشر، من بينها مهام معقدة نسبيا لم نكن لنتخيل أن ينجزها غير الإنسان، مثل صرف الوصفات الطبية «الصيدلة» والمساعدة القانونية، وسياقة المركبات، وريادة الفضاء، وإدارة المخازن، ومجالسة الأطفال وغيرها الكثير، وهناك شركات تعتمد اعتمادا شبه كلي على الروبوتات في تشغيل وإدارة المصانع والمخازن، مثل شركة فولكس فاجن وشركة أمازون وغيرهما.

والمفارقة أن الصين تتصدر البلدان المستخدمة للروبوتات الصناعية في العالم، رغم أن عدد سكانها يزيد على 1.3 مليار نسمة.

وتعاني الصين من تقلص القوة العاملة، فالسكان يشيخون، والاهتمام بالوظائف منخفضة المستوى يتراجع، وذلك يزيد من تكاليف العمالة، ويضعف من قدرة الصين التنافسية بعد عقود من النمو الكبير، ولمواجهة هذه التحديات، تتجه العديد من الشركات إلى التحول الآلي.

سر الإقبال على الروبوتات

ثمة أسباب كثيرة تدفع الشركات والأعمال إلى التحول الآلي لعل أبرزها تقليص تكاليف العمالة، وزيادة القدرة التنافسية من خلال تعزيز الكفاءة الإنتاجية وفعاليتها، إضافة إلى تقليص الأخطاء الناجمة عن الأخطاء البشرية أو عدم استقرار الموظفين. فالروبوت في المعدل ينتج أضعاف ما ينتجه الإنسان، ولا يتطلب إجازة وليس لديه حقوق ترهق كاهل الشركات.

وظائف ستنقرض وأخرى ستنجزها الآلات الذكية

وكانت دراسات وتقارير كثيرة سلطت الضوء على التأثيرات التي ستحدثها التطورات التكنولوجية اللافتة من حولنا على أسواق الوظائف والعمل، وخصوصا الخدمية منها، وتلك التي لا تتطلب مهارات إبداعية أو اجتماعية.

وجاءت الدراسات والأبحاث بتنبوءات مثيرة للاهتمام، فمنها من قالت إن 80٪ من وظائف المستقبل لا وجود لها اليوم، وأخرى توقعت بأن تقوم الآلات الذكية بإنجاز أكثر من نصف الوظائف الحالية في العالم خلال العقدين المقبلين.

ومن بين تلك الدراسات دراسة أجرتها جامعة أكسفورد حملت عنوان «مستقبل التوظيف: كيف تواجه الوظائف خطر الأتمتة؟».

وبينت الدراسة أن نصف الوظائف في الولايات المتحدة الأميركية ستواجه خطر الأتمتة خلال العقدين المقبلين.

وتوصلت أيضا إلى أن الوظائف في مجال النقل والخدمات اللوجستية، إضافة إلى الوظائف المكتبية والوظائف الإدارية البسيطة ستكون الأكثر عرضة لهذا الخطر.

ووجدت الدراسة كذلك بأن سوق الوظائف يواجه الخطر نفسه في المملكة المتحدة والكثير من البلدان الأوروربية أيضا.

وحددت الدراسة مجموعة من المعوقات أمام أتمتتة بعض الوظائف، مشيرة إلى أن «البيانات الكبيرة» تسهم بشكل كبير في تذليل هذه المعوقات وتمهيد الطريق أمام أتمتتة المزيد من الوظائف في شتى المجالات.

وأوصت الدراسة في الختام أصحاب الأعمال البسيطة التي لا تتطلب مهارات عالية بالتحول إلى أعمال أقل عرضة للأتمتة، مثل الأعمال التي تتطلب إبداعا أو ذكاء اجتماعيا، ولكن هذا التحول يتطلب طبعا اكتساب مهارات إبداعية واجتماعية معينة.

سائق دراجة آلي

وكشفت شركة ياماها لصناعة الدراجات النارية خلال معرض طوكيو للسيارات الأخير عن روبوت يقود دراجة نارية، وأطلقت الشركة على الروبوت اسم «موتوبوت فير1».

وأكدت الشركة اليابانية بأن الروبوت يتحكم بنفسه تماما، وأنه يلف الصمام حين يريد زيادة سرعة الدراجة، إضافة إلى قدرته على التحكم بالمكابح بدقة، والتنقل الصحيح بين السرعات، وبلوغ سرعة قصوى تصل إلى 120 كيلومتر في الساعة، ويمكنه كذلك تحليل موقعه ومساره من خلال نظام الملاحة GPS دون أي تدخل بشري، وذكرت ياماها بأن هذه التكنولوجيا ربما تقدم يوما بديلا للسيارات ذاتية القيادة.

روبوت «عاطفي» يتفاعل مع البشر

وفي يونيو 2015 الماضي كشفت اليابان عن الروبوت العاطفي «بيبر»، القادر على معرفة الحالة المزاجية للبشر والترفيه عنهم.

ورغم ارتفاع سعر الروبوت نسبيا «ألف جنيه إسترليني تقريبا» فإن الدفعة الأولى، والتي بلغ عددها ألف روبوت، نفدت في أقل من دقيقة، بحسب بيان شركة سوفت بنك روبوتكس، المطورة للروبوت.

وصمم «بيبر» خصيصا ليكون رفيقا للإنسان، إذ يعمل وفق تقنية متطورة قادرة على رصد وتفسير المشاعر الإنسانية وفقا لنغمة الصوت، ليتمكن من التفاعل بصورة طبيعية مع البشر، خصوصا أن مزود بكاميرات ووحدات استشعار.

وفي أكتوبر الماضي أعلنت شركة «نستله» عن نيتها «توظيف» نحو ألف روبوت شبيه بالبشر، للعمل على ترويج ماكيناتها لصناعة القهوة في اليابان.

ومن المقرر أن تستعين أكبر شركات الصناعات الغذائية في العالم بالروبوت «بيبر»، وتنوي الشركة الاستعانة مبدئيا بعشرين روبوتا بداية من ديسمبر المقبل، والعمل على زيادة العدد ليصل إلى ألف روبوت في وقت لاحق من العام المقبل.

أزمة أخلاقية «آلية» محتملة!

في ظل التقدم اللافت الحاصل في مجال الذكاء الاصطناعي، يزداد القلق في شأن احتمالية أن تشكل الروبوتات تهديدا أو خطرا على الإنسان.

وحسب البروفيسور ستيوارت رسل، المختص بعلوم الكمبيوتر في جامعة كاليفورنيا، بيركلي، فإن الحل لتجنب هذا الخطر المحتمل يتمثل في تحويل القيم الإنسانية إلى كود برمجي!

ونشرت مؤسسة كاليفورنيا ريبورت الإعلامية مقابلة مع راسل قال فيها إن «الفلسفة الأخلاقية ستشكل قطاعا صناعيا مهما في المستقبل القريب».

وأضاف: «أصبحت الروبوتات اليوم تقوم بمهام معقدة لم نكن لنتخيل أن يقوم بها أحد غيرنا نحن البشر، الأمر الذي بات يقتضي منا التفكير جديا في ترجمة قيمنا وأخلاقنا إلى لغة ذكاء اصطناعي نستطيع تلقينها لتلك الآلات الذكية».

روبوت يتحول من ثعبان آلي إلى وحش

فلو كانت مهمة روبوت ما إنجاز الأعمال المنزلية، كما هو متوقع أن يحدث خلال العقود القليلة المقبلة، فإنك لا تريده أن يضع قطة البيت في الفرن كي يطعم الأولاد الجائعين! لا بد من تزويد هذا النوع من الروبوتات بمجموعة معينة من القيم لتجنب حدوث سيناريوهات كهذه.

من جهته، أوضح البروفيسور بيتر مكوان، الخبير في علوم الكمبيوتر بجامعة كوين ماري في لندن، بأن بعض الروبوتات المتحركة قد تم فعلا برمجتها بحيث تبقى على مسافة آمنة من البشر دائما.

لا شك بأن هذا مثال بسيط جدا، ولكنه يشبه إلى حد كبير القيم التي يتحدث عنها رسل، بالطبع هناك اختلافات ثقافية بين شعب وآخر، وبين منطقة وأخرى، ولكن في العموم، يمكن القول إنه بإمكاننا تطوير روبوتات مزودة بقيم أخلاقية معقدة إذا توصلنا إلى طريقة نستطيع من خلالها تحويل القيمة الإنسانية إلى قواعد واضحة يمكن تلقينها للآلات الذكية.

إلا أن هذا النوع من هندسة القيم، إن صح التعبير، يتطلب خبراء في القيم الإنسانية، بما في ذلك الفلاسفة، وعلماء النفس، والإنثوغرافيون وغيرهم، وبنفس الطريقة التي يتم من خلالها تحويل الخبرة إلى مجموعة قواعد، نستطيع تحويل المعلومات من أولئك الخبراء والعلماء وترجمتها إلى سلسة واضحة من القواعد والأوامر البرمجية.

ويرى مكوان بأن لا مبالاة المبرمجين هي التي من الممكن أن تجعل بعض الروبوتات خطرة، «القلق الأكبر هنا يتمثل في سوء برمجة الروبوتات أو عدم إجراء الاختبارات الكافية قبل إنتاجها وطرحها، ولعل الطريقة الأفضل وربما الأبسط للتعامل مع مثل هذه التحديات هي برمجة الروبوتات بطريقة تجعلها تستشير وتطلب الإرشادات من أصحابها عند مواجهة مواقف لا تمتلك إرشادات في شأن التعامل معها، تماما كما يفعل البشر في حال كانوا غير متأكدين من طريقة التعامل مع موقف ما.. يستشيرون ويطلبون العون من أصحاب الخبرة».

أما التحدي الأكبر في مجال برمجة القيم والأخلاق فتتمثل في تحديدها والاتفاق عليها في المقام الأول، ومن ثم إنشاء مجموعة قواعد أخلاقية تستند إليها الروبوتات، ومن يدري.. ربما يساعدنا مثل هذا التحدي في الارتقاء بمستوى أخلاقنا وقيمنا الإنسانية نحن!

 



أضف تعليق