العدد 4854 بتاريخ 21-12-2015م تسجيل الدخول


الرئيسيةالوسط أونلاين
شارك:


في اسكتلندا يتعلمون العربية ترحيبا باللاجئين السوريين

دويتشه فيله

لم تعد مدينة روثسي بات مقصداً مفضلاً للسائحين كما كانت في الماضي، ولكن بعض سكانها بدأ بتعلم العربية ترحيبا بوصول 60 عائلة سورية قريباً للعيش هناك، ما يمكنهم من المساعدة في بداية حياة جديدة بعيدة عن العنف والخراب.

سُميت فيما مضى بـ "ماديرا الشمال"، إنها مدينة روثسي، وكانت في تلك الأيام مقصداً محبباً للسياح. وعلى رغم أن النخيل مازال شامخاً في المدينة الواقعة على جزيرة أيسل أوف بات، إلا أن روثسي تبدو اليوم مثل أي مدينة ساحلية بريطانية. واجهة فندقها المعروف إيسبلاندا بدت عليها آثار الإهمال، والكثير من المحلات في شارعها التجاري خاوية. لا شيء، سوى الأمطار المستمرة الهطول على هذه الجزيرة الواقعة غرب اسكتلندا.

وهكذا لم مدينة روثسي مقصداً للسياحة، لكن سكانها البالغ عددهم ستة آلاف نسمة يستعدون لحدث غير اعتيادي، إذ ستستقبل المدينة لاجئين سوريين، فروا من جحيم الحرب الأهلية الدائرة في بلادهم، أملاً في حياة جديدة على الجزيرة التي تبعد نحو ساعة بالسفينة عن أقرب البر الاسكتلندي.

وبينما كان البرلمانيون يصوتون على بعد 750 كلم بشان مشاركة بريطانيا في العمليات العسكرية ضد تنظيم "داعش"، بدأ سكان الجزيرة بتهيئة كل شيء لاستقبال 15 أسرة من اللاجئين السوريين، وفقاً لخطط حكومية.

الكثير من سكان المدينة الصغيرة يشعرون بالسعادة لهذا الحدث المرتقب. "أنا فرحة جداً. لقد تعلمت بعض الكلمات العربية أيضاً"، كما تقول المواطنة أليسون كلارك التي ترعي أنشطة التنمية والتعليم في إحدى كنائس المدينة.

وتضيف كلارك، وهي معلمة سابقة للغة الانجليزية، في حوار مع " دويتشه فيله" أنها تأمل في أن تساعد اللاجئين من خلال تدريسهم الانجليزية.

تأتي المجموعة الأولى المكونة من 60 شخصاً من مخيمات اللاجئين السوريين في لبنان. وينتظر وصول المجموعة الثانية بداية العام المقبل. وسيتم إسكانهم داخل مدينة روثسي وفي محيطها، حيث يقدر المجلس البلدي عدد البنايات الفارغة بالجزيرة بنحو 40 بناية.

بعد قرار حكومة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون باستقبال 1000 لاجئ سوري في المملكة المتحدة حتى نهاية هذا العام، تعهدت حكومة اسكتلندا باستقبال ثلث عددهم، حيث سيحصل هؤلاء على تأشيرات الإقامة لأسباب إنسانية مدتها خمس سنوات، ما يضمن لهم حرية التنقل. وقامت وزارة الداخلية البريطانية والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين بإجراء فحوصات صحية للأشخاص المقرر وصولهم إلى الجزيرة عائلة، وقد اجتازوها جميعاً.

ويعيش حالياً على هذه الجزيرة ثلاثة أشخاص يتحدثون العربية. ولذلك فهناك حاجة إلى إنشاء مكتب للترجمة. وسيتم تسجيل 20 طفلاً سورياً للدراسة بمدرسة جوين كامبوس في روثسي التي يدرس فيها 600 تلميذ. وقامت المدرسة بإنتاج فيديو يعرف التلاميذ اللاجئين بالجزيرة من منظور الأطفال، حيث يشاهدون الفيديو خلال رحلتهم بالطائرة إلى بريطانيا.

عن ذلك تقول مديرة المدرسة يوليا فيشر: "غالبية أطفال اللاجئين القادمين إلى هناك هم صغار العمر. إنه العنصر الأمثل لتعلم اللغة". وتشير مديرة المدرسة إلى أن آباء تلاميذ مدرستها وأمهاتهم مهتمون جداً بهذا الموضوع، حيث "سيجمعون تبرعات حتى يمكن لكل الأطفال لبس زي مدرسي موحد مع بداية السنة المدرسية".

كما اتصل عاملون ببلدية المدينة مع أحد الأئمة في اسكتلندا للحديث معه عن الحاجيات الدينية للاجئين. إحدى المجازر تبيع اللحم الحلال أيضاً، كما عرضت إحدى الكنائس قاعاتها للسكان المسلمين الجدد حتى يمكنهم القيام بصلواتهم هناك.

من جهة أخرى قام 60 مواطناً من المدينة بتأثيث مركز مؤقت للتواصل مع أسر اللاجئين ومساعدتهم عند الحاجة. "نحن نريد مساعدتهم والحديث معهم عن مشاكلهم"، كما يقول جون دونكان، أحد المساعدين المتطوعين.

جزيرة أيسل أوف بات تعاني من كبر عمر سكانها، كما هو الوضع في عدد من المناطق الريفية في غرب اسكتلندا. عدد كبير من الشباب يهجرون الجزيرة من أجل الدراسة والتأهيل في مناطق أخرى من البلاد. وعدد قليل منهم يعود إلى الجزيرة الأم، حيث لا تتوفر فرص العمل هناك بكثرة. فمدينة روثسي تعتبر من أكثر مدن اسكتلندا فقراً، وتوجد فيها هيئة خيرية لتوزيع المواد الغذائية على المعوزين من بين المواطنين.

وبالنسبة للمجلس البلدي فإن اللاجئين يشكلون فرصة لاستقطاب الناس إلى الجزيرة وتعميرها. "هناك نقص في عدد سكان روثسي كما هو الوضع في بلدات أخرى من الجزيرة"، كما يقول مايك راسل، عضو برلماني للحزب الوطني الاسكتلندي.

لقد تعودت هذه الجزيرة على هجرة الناس إليها عبر التاريخ. فخلال الحرب العالمية الثانية هاجر إليها مواطنون من بولندا ثم من ألمانيا ومن روسيا. وقد تم اختيار اللاجئين السوريين الذين سيرحلون إليها، كما يقول سليلاند سنيدون، مدير مكتب الخدمات الاجتماعية هناك، والهدف من ذلك: "هو ألا تكون الصدمة الثقافية قوية".

فاللاجئون للجزيرة ليسوا من سكان مدينة دمشق، "حتى لا تكون ظروف الحياة في بيئتهم الجديدة صعبة فيلزمهم التعود على حياة البادية. لقد اخترنا أناس من بلدات زراعية صغيرة، حتى تسهل عليهم عملية الانتقال إلى محيطهم الجديد"، كما يقول سنيدون.

 



أضف تعليق