العدد 4898 بتاريخ 03-02-2016م تسجيل الدخول


الرئيسيةالوسط أونلاين
شارك:


المغرب: عشرات آلاف المرضى يواجهون آلاماً شديدة يمكن تفاديها

نيويورك - هيومن رايتس ووتش

قالت "هيومن رايتس ووتش" في تقرير أصدرته اليوم الخميس (4 فبراير/ شباط 2016)، تزامنا مع اليوم العالمي للسرطان، إن عشرات آلاف المرضى المصابين بأمراض خطيرة في المغرب يعانون من آلام حادة وأعراض أخرى يمكن تفاديها.

ويقدر تقرير "كنتقطّع بالحريق (أتمزق ألما): التحديات والتقدم في ضمان حق الرعاية التلطيفية في المغرب" أن أكثر من 62 ألف مغربي يحتاجون سنويا إلى رعاية تلطيفية (أو علاج تلطيفي)، الهدف منها تحسين حياة المرضى الذين اقتربوا من أواخر أعمارهم، وذلك بعلاج الألم والأعراض الأخرى التي يعانون منها. رغم أن الحكومة المغربية اتخذت خطوات هامة لتحسين الرعاية الطبية في مراحل نهاية الحياة، وخلصت هيومن رايتس ووتش إلى أن اثنين فقط من المستشفيات العمومية، في الدار البيضاء والرباط، لديها وحدات خاصة تقدم هذه الخدمة الصحية الأساسية، وفقط لمرضى السرطان. المرضى الذين يعانون آلاما شديدة خارج هاتين المدينتين عليهم إما تحمل السفر الشاق إلى هذه المراكز أو الاستغناء عن معالجة الألم.

قال مدير مساعد في قسم الصحة في هيومن رايتس ووتش ديدريك لوهمان: "هناك حاجة ماسة لأن توسع الحكومة المغربية خدمات الرعاية التلطيفية. في الوقت الراهن، يعاني آلاف المصابين بالسرطان وأمراض خطيرة أخرى في المغرب من أعراض قابلة للعلاج".

يذكر أن هذا التقرير هو التاسع من نوعه في سلسلة دراسات أجرتها هيومن رايتس ووتش حول الخدمات الصحية التي تقدمها عدة بلدان للذين يعانون من أمراض لا أمل في علاجها. شملت التقارير الأخرى أرمينيا والهند وكينيا والمكسيك والسنغال وأوكرانيا وبلدان أخرى.

في المغرب، أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات معمقة مع 85 مريضا وعاملين في المجال الصحي في 5 مناطق بين سبتمبر/أيلول 2014 ويناير/كانون الثاني 2015، وحللت بشكل مستفيض قوانين ولوائح وسياسات المغرب المتصلة بالرعاية التلطيفية.

وخلُصت هيومن رايتس ووتش إلى أن الوضع قاتم بشكل خاص بالنسبة لـ 40 ألف مغربي يحتاجون سنويا إلى رعاية تلطيفية لأمراض أخرى غير السرطان، مثل الذين بلغوا مراحل متقدمة من أمراض القلب أو الرئتين أو الكلى. لا يوفر المغرب الرعاية التلطيفية لكل هؤلاء.

نتيجة لندرة الرعاية التلطيفية، يعاني مرضى كثيرون من آلام شديدة دون الحصول على علاج مناسب. خلصت هيومن رايتس ووتش إلى أن حوالي 1 من بين كل 50 طبيبا يمكنه أن يعطي وصفة فيها دواء "المورفين" لمرضى خارج المستشفيات، رغم أنه أهم علاج للآلام الحادة في آخر العمر. ويقدَّر أن 4 من كل 5 أشخاص في المغرب هم في حاجة لهذا الدواء، لا يحصلون عليه. الرعاية التلطيفية في المنزل غير موجودة أصلا خارج الدار البيضاء والرباط.

وقال رجل (29 عاما) يعاني من ورم في ساقه وبطنه ولم يتمكن من الحصول على الرعاية التلطيفية: "لم أستطع النوم بسبب الألم، ولم أستطع التحدث مع أصدقائي. كنت أريد ضرب رأسي عرض الحائط".

وحددت هيومن رايتس ووتش الخطوات الإيجابية التي اتخذتها الحكومة المغربية في السنوات الأخيرة لتطوير خدمات الرعاية التلطيفية. في العامين 2010 و2012، اعتمد المغرب سياسات صحية وطنية تضمنت قرارات مهمة تتعلق بالرعاية التلطيفية. في 2013، أزال المغرب قيودا كان يفرضها قانون المخدرات على الحصول على المورفين. وفي 2015، أصبح المغرب من أوائل البلدان في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حيث تدرَّس الرعاية التلطيفية في المناهج الطبية الجامعية.

لكن مع ذلك، يبقى تنفيذ السياسات الحكومية بطيء جدا. رغم أن الحكومة بسّطت من إجراءاته في 2013، مازال وصف المورفين مقيدا بحواجز قانونية وتعليمية كثيرة. وحدات العلاج التلطيفي في فاس ومراكش، التي كانت الحكومة تنوي افتتاحها بين العامين 2011 و2013، لم تعمل حتى الآن. أدوية الآلام الحادة متوفرة فقط في بعض الصيدليات والمستشفيات، وفقط قلة من الأطباء يصفونها. وتبقى برامج التكوين الطبي المستمر محدودة.

وتعتبر "منظمة الصحة العالمية" الرعاية التلطيفية جزءا لا يتجزأ من الرعاية الصحية، وتوصي بإدماجها في النظم الصحية الوطنية.

وتنص المادة 12 من "العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية"، الذي صادق عليه المغرب سنة 1979، على أن الحكومات ملزمة بضمان توفير الرعاية التلطيفية، والحصول على أدوية الرعاية التلطيفية الأساسية، بما في ذلك المورفين، والتدريب الكافي للعاملين في الرعاية الصحية. عدم الالتزام بذلك قد يؤدي إلى انتهاك الحق في الصحة، وقد يشكل في بعض الحالات انتهاكا للحظر المفروض على المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة.

قال المعطي النجمي، وهو رائد في مجال الرعاية التلطيفية في البلاد: "أمام المغرب فرصة ليصبح رائدا في مجال الرعاية التلطيفية في أفريقيا الغربية. ولكن عليه مضاعفة جهوده لضمان توفير هذه الخدمات لمن يحتاجها".

 



أضف تعليق