العدد 4944 بتاريخ 20-03-2016م تسجيل الدخول


الرئيسيةاقتصاد
شارك:


مدققو الحسابات يعترضون على إنفاق الاتحاد الأوروبي على الهجرة

الوسط - المحرر الاقتصادي

صدر الأسبوع الماضي تقرير محكمة المدققين الأوروبية الذي يبين أن إنفاق الاتحاد الأوروبي على جهود إبطاء الهجرة من الدول المجاورة غير فعال ولا يتم رصده بشكل جيد، ولكن صدوره جاء في أسوأ توقيت ممكن بالنسبة للاتحاد الأوروبي، حسبما نقل موقع "إيرين" الإخباري.

فقد صدر قبل وقت قصير من انعقاد مؤتمر قمة في بروكسل يستهدف مناقشة تفاصيل خطة التعاون مع تركيا بشأن الهجرة. وتشمل الاتفاقية أيضاً تحويل ما لا يقل عن 3 مليارات يورو من الاتحاد الأوروبي إلى تركيا خلال العامين المقبلين مقابل مساعدات تقدمها أنقرة لوقف تدفق المهاجرين واللاجئين إلى أوروبا.

وعلى مدار العقد الماضي قام الاتحاد الأوروبي بانتظام بتوجيه تمويل للبلدان المجاورة كجزء من سياسة الهجرة، ولكن مع وصول أعداد المهاجرين واللاجئين إلى مستويات الأزمة في العام الماضي، اتسمت مثل هذه الصفقات بالإلحاح واشتملت على تقديم مبالغ متزايدة. ويبدو أنه يتم التغاضي عن التساؤلات حول كيفية إنفاق هذه الأموال بالضبط في خضم العجلة للتوصل إلى حلول لأزمة اللاجئين الخطيرة في أوروبا.

فحص تقرير مدققي الحسابات عينة تضم 23 مشروعاً تم تنفيذها في ستة بلدان مجاورة للاتحاد الأوروبي بين عامي 2007 و2013 بميزانية إجمالية تبلغ 90 مليون يورو وبتمويل من الاتحاد الأوروبي. ووجدوا أنه في ثلثي هذه المشاريع، تم تحقيق الأهداف المعلنة جزئياً فقط. "كان هذا في كثير من الأحيان يرجع إلى طبيعتها الغامضة أو العامة بشكل مفرط، الأمر الذي جعل قياس النتائج ضرباً من المستحيل في كثير من الأحيان،" كما أشار مدققو الحسابات في بيان صحفي.

لا توجد استراتيجية واضحة

وقالت دانييل لامارك، التي قادت المراجعة: "لا يمكن أن ننتقد الاتحاد الأوروبي على تبني أهداف طموحة. ما نقوله هو أنه لأغراض الإدارة، ينبغي أن تكون لديهم أهداف تشغيلية أكثر تفصيلاً حتى نعرف بالضبط ما يريدون تحقيقه".

وتجدر الإشارة إلى أن غياب الاستراتيجية الواضحة يرتبط كثيراً بحقيقة أن سياسة الهجرة الخارجية للاتحاد الأوروبي تتلقى تمويلاً من إدارات وبرامج متنوعة، ولكل منها أهدافها الخاصة. ووفقاً لإليزابيث كوليت، مديرة معهد سياسات الهجرة (MPI) في أوروبا، لا يزال هذا الوضع يخلق مشاكل.

وقالت في حديث مع شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "توجد مصادر تمويل مختلفة عديدة. ويأخذ الجميع نهجاً مختلفاً جداً، ولا يتفقون بالضرورة مع بعضهم البعض، مما يخلق خليطاً من الأهداف التي لم يتم التصدي لها حقاً في هذه الأزمة الحالية".

وقد وجد بحث حديث أجراه معهد سياسات الهجرة مع المنظمات غير الحكومية العاملة في مجال الهجرة في لبنان وتونس وصربيا أنه لا توجد فكرة لدى منظمات كثيرة عن كيفية إنفاق تمويل الاتحاد الأوروبي في بلدانها.

وفي هذا الشأن، قالت كوليت: "تم إنفاق الكثير من الأموال من دون أي فهم حقيقي لأبعاد الحكم المحلي أو الإرادة السياسية أو القدرة على استكمال [المشاريع]. هناك الكثير من التفكير من أعلى إلى أسفل والأموال التي تُنفق على مشاريع قصيرة الأجل في غياب أهداف مترابطة ووجود جهات فاعلة متعددة."

كما أن نهج من أعلى إلى أسفل يعني أن الدول المجاورة غالباً ما تشعر بتجاهل احتياجاتها، ونتيجة لذلك، تصبح غير راغبة في التعاون. "شعرت البلدان المستفيدة أن العديد من هذه البرامج كانت موجهة لمصالح الدول الأعضاء،" كما أفادت لامارك.

منح الأولوية للنهج الأمني

وخلال الفترة المشمولة بمراجعة الحسابات، كانت الأولويات المعلنة لسياسة الهجرة الخارجية في الاتحاد الأوروبي تشمل إدارة الهجرة النظامية وغير النظامية وتعزيز الآثار الإيجابية للهجرة من أجل التنمية. ولكن لامارك ترى أن معظم الأموال أُنفقت على إدارة تدفقات الهجرة. "ولذلك فإن البعد الأمني هو المهم وليس التنمية،" كما أخبرت شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، مضيفة أن "هذه ليست انتقادات. ولكن تم تقديم الأولويات على أنها متكافئة".

كان من المفترض أن يكون احترام حقوق الإنسان من الأولويات الشاملة الأخرى، لكن لامارك قالت أن مراجعة الحسابات لم تجد "أي أهداف أو إجراءات محددة تتعامل مع هذه القضية".

"نحن لا نقول أن هناك انتهاكاً لحقوق الإنسان، ولكننا نعرف من المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام أن هناك مشاكل فيما يتعلق بحقوق الإنسان،" كما أضافت.

ويورد التقرير مثالاً عن مراكز استقبال المهاجرين في أوكرانيا، التي شُيدت بتمويل من الاتحاد الأوروبي، حيث لم يتم إجراء أي تدريب للتأكد من إدارتها وفقاً للمعايير الدولية لحقوق الإنسان.

وفي بيان صدر رداً على تقرير مدققي الحسابات، سعت المفوضية الأوروبية  جاهدة للإشارة إلى أن المشاريع التي تم تدقيق حساباتها قد بدأت جميعها قبل أزمة الهجرة الحالية: "إن التقرير لا يدور حول سياسات الهجرة في الاتحاد الأوروبي، ولا هو تحليل لكيفية تعامل المفوضية مع الأزمة الحالية".

واتفقت لامارك مع الرأي القائل بأن مراجعة الحسابات لم تتعامل مع الأزمة الحالية، لكنها أكدت أن التوصيات الواردة في التقرير كانت ذات صلة، لاسيما الحاجة إلى نظم رصد وتقييم أقوى لتحسين المساءلة.

وأشارت إلى أن الصندوق الاستئماني لأفريقيا - وهو برنامج تبلغ ميزانيته 1.8 مليار يورو وحظي بموافقة قادة الاتحاد الأوروبي وأفريقيا في قمة الهجرة التي عُقدت في فاليتا في شهر نوفمبر الماضي - يستخدم نفس نظام الإدارة الذي يصعب تتبعه والذي تستخدمه المشاريع التي خضعت للتدقيق.

"هذا المال [المخصص للصندوق الاستئماني] سوف يؤخذ من الأدوات الأخرى، مثل صندوق التنمية الأوروبي، بالإضافة إلى قليل من هنا وقليل من هناك. ولذلك فإنه جيد من حيث المرونة والتكيف مع حالات الطوارئ، لكنه أصعب قليلاً من حيث المساءلة والرصد،" كما أفادت.

وعلقت كوليت على ذلك قائلة أن خطة عمل الصندوق الاستئماني لا توفر وضوحاً يُذكر حول كيفية إنفاق الأموال، "وهناك ما يقرب من 100 مبادرة مختلفة تم تحديدها، ويمكنك أن ترى بسهولة كيف أن الـ1.8 مليار يمكن أن تختفي تماماً من دون تحقيق أي هدف واضح".

المساعدات الخارجية "القائمة على الصفقات"

ومرفق اللاجئين في تركيا التابع للاتحاد الأوروبي، الذي سيكون القناة الرئيسية التي سيتم صرف التمويل لتركيا من خلالها، لديه أهداف واضحة إلى حد ما، حتى لو كان التنفيذ لا يزال غير واضح. وسيتم إنفاق المال على تلبية الاحتياجات الغذائية والتعليمية والإنسانية لنحو 2.7 مليون لاجئ سوري مسجل حالياً في تركيا.

وفي مقال نُشر مؤخراً في نشرة الهجرة القسرية، أشارت كوليت إلى أن هناك بالفعل العديد من البرامج التي تهدف إلى مساعدة اللاجئين السوريين في المنطقة والتي تتبنى أهدافاً متداخلة.

ويمنح كل من الصندوق الإقليمي للاستجابة لأزمة سوريا التابع للاتحاد الأوروبي وبرنامج التنمية والحماية الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط الأولوية لتوفير سبل العيش المستدامة للاجئين السوريين في المنطقة، "مع ذلك تتم إدارتهما بشكل منفصل ومع جهات فاعلة رئيسية مختلفة".

"في الوقت نفسه، لا تزال الخطــة الإقليميــة للاجئيــن وتعزيــز القــدرة علــى مواجهــة الأزمــات اســتجابة للأزمــة الســورية (3RP) التي تقودها الأمم المتحدة تعاني من نقص شديد في التمويل في نفس المجال، وهو سبل العيش المستدامة".

وتصف كوليت الـ3 مليارات يورو التي وعد الاتحاد الأوروبي بتقديمها إلى تركيا بأنها جزء من حقبة جديدة من المساعدات الخارجية "القائمة على الصفقات" والتي تركز على تحقيق نتائج سياسية محددة للمانحين.

والجدير بالذكر أن الاتحاد الأوروبي لا يعد بمنح مستويات مماثلة من التمويل للبنان أو الأردن - وهما دولتان تستضيفان أعداداً كبيرة من اللاجئين السوريين، ولكنهما ليستا من نقاط الانطلاق الرئيسية للرحلة إلى أوروبا.

وفي حين قد يكون لتمويل الاتحاد الأوروبي تأثيرات إيجابية على حصول اللاجئين على التعليم والمساعدات، فإنه سيكون مشروطاً بقدرة تركيا على منع اللاجئين من الوصول إلى أوروبا.

 



أضف تعليق