العدد 4965 بتاريخ 10-04-2016م تسجيل الدخول


الرئيسيةالوسط أونلاين
شارك:


هيومن رايتس ووتش: الشرطة الإسرائيلية تنتهك حقوق الأطفال المحتجزين في فلسطين

نيويورك – هيومن رايتس ووتش

قالت منظمة هيومن رايتس ووتش اليوم الإثنين (11 أبريل/  نيسان 2016) أن قوات الأمن الإسرائيلية تسيئ إلى أطفال فلسطينيين محتجزين في الضفة الغربية. زاد عدد الأطفال الفلسطينيين الذين اعتقلتهم القوات الإسرائيلية بأكثر من الضعف منذ أكتوبر/تشرين الأول 2015.

كشفت مقابلات مع أطفال تعرضوا للاعتقال، ومقاطع فيديو وتقارير من محامين، أن قوات الأمن الإسرائيلية لجأت بلا ضرورة لاستخدام القوة أثناء اعتقال واحتجاز الأطفال، وضربتهم في بعض الحالات، واحتجزتهم في أوضاع غير آمنة وتكرس للإساءات.

وقالت مديرة مكتب هيومن رايتس ووتش في إسرائيل وفلسطين ،ساري بشي: "يُعامل الأطفال الفلسطينيون بأساليب كفيلة بإرهاب البالغين وإصابتهم بالصدمة. ليس الصراخ والتهديد والضرب طريقة مناسبة لمعاملة الشرطة لطفل، أو لانتزاع معلومات دقيقة منه".

قال محامون ومنظمات حقوقية لـ هيومن رايتس ووتش إن قوات الأمن الإسرائيلية لجأت بشكل ممنهج لاستجواب الأطفال دون حضور الآباء، ما يعني خرق القوانين الدولية والإسرائيلية التي تنص على تدابير حماية خاصة بالأطفال المعتقلين. تشمل تدابير الحماية مطالب بعدم اعتقال أو احتجاز الطفل إلا كحل أخير، واتخاذ احتياطات لضمان عدم إكراهه على الاعتراف بالذنب. تطالب "اتفاقية حقوق الطفل" قوات الأمن بجعل مصالح الطفل الفضلى أعلى أولوية في جميع جوانب نظام عدالة الأحداث.

في يوليو/تموز 2015، وثقت هيومن رايتس ووتش 6  حالات لانتهاكات لحقوق أطفال اعتقلتهم قوات الأمن الإسرائيلية في القدس ومناطق أخرى بالضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل. في ردها، أنكرت الشرطة والمؤسسة العسكرية الإسرائيلية وقوع الانتهاكات، وقالت لـ هيومن رايتس ووتش إن القوات نفذت الاعتقالات والاحتجاز بموجب القانون.

منذئذ وثقت هيومن رايتس ووتش 3 حالات لاعتداءات جسدية على أطفال محتجزين، وممارسات استجواب تنتهك المعايير. أفاد محامون معنيون بالقضايا الجنائية أن هذه الانتهاكات منتشرة على نطاق واسع. عدم الالتزام بالمعايير الدولية وتدابير الحماية التي يكفلها القانون الإسرائيلي بشأن الأطفال المحتجزين هو أمر مقلق للغاية نظرا للتصعيد في اعتقال الأطفال أثناء أحداث العنف الأخيرة التي كان الأطفال طرفا فيها.

منذ أكتوبر/تشرين الأول زادت الاحتجاجات في الضفة الغربية وغزة، وكذا استخدام الذخيرة الحية ضد المتظاهرين، من قبل القوات الإسرائيلية. كما بدأت موجة من حوادث الطعن ومحاولة الطعن، من قبل فلسطينيين ضد مدنيين وقوات أمن إسرائيلية في الضفة الغربية وفي إسرائيل. حتى 29 فبراير/شباط قُتل 172 فلسطينيا و24 إسرائيليا بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية. من بين 21 فلسطينيا مشتبه بهم بتنفيذ هجمات وأعمال قتل في 2016 هناك 9 أطفال، بحسب تقديرات الأمم المتحدة.

قابلت هيومن رايتس ووتش 3 فلسطينيين أعمارهم 14 و15 و16 عاما، وقد اعتُقل 2 منهم في القدس الشرقية والثالث في مدينة الخليل بالضفة الغربية، في أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني. أفاد كل منهم بالتعرض للعنف بلا ضرورة أثناء التوقيف أو الاحتجاز أو كليهما. كما قابلت هيومن رايتس ووتش شهودا على جميع التوقيفات الثلاثة واطلعت على مقاطع فيديو أمنية يظهر فيها عناصر من الشرطة يستخدمون ما يبدو أنها قوة غير ضرورية في توقيف صبي عمره 15 عاما. كما قابلت هيومن رايتس ووتش محامين جنائيين يعملون في القدس الشرقية، وقدمت قائمة أسئلة لوزير الشرطة الإسرائيلي عن طريق عضو بالكنيست (البرلمان) وقدمت أسئلة لمكتب الناطق باسم الجيش الإسرائيلي والشرطة الإسرائيلية.

في حالتين من الثلاث استجوبت الشرطة الأطفال دون حضور أب أو ولي أمر، وفي الحالة الثالثة تمكن ولي الأمر من الحضور بعد بدء الاستجواب. أفاد الأطفال الثلاثة بقيام رجال الشرطة بضربهم وركلهم بعد أن أصبحوا رهن الاحتجاز. قالوا إنهم أمضوا ساعات خارج الزنازين في البرد، في ساعات الصباح الأولى وفي الليل، وتم تقييدهم بأصفاد إلى مقاعد في مجمع الشرطة.

وأضافت "هناك فيديو من كاميرا لمتجر يوثق توقيف أحد الصبية، وهو "فايز ب" (15 عاما)، يظهر فيه ما لا يقل عن 7 عناصر شرطة في زي مكافحة الشغب يشاركون في التوقيف، بما اشتمل على صفع وجر الصبي البالغ وزنه 53 كغم وشل حركته عن طريق لفّ أحد عناصر الشرطة أصابعه حول عنقه. قال فايز لـ هيومن رايتس ووتش: "كانت ليلة رهيبة". وصل والد الصبي أثناء التوقيف وقال إن رجل الشرطة لكمه في وجهه عندما سأل ما الأمر."

بحسب منظمة "الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال – فرع فلسطين"، المعنية بالدفاع عن حقوق الأطفال الفلسطينيين، ومنظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية "بتسيلم"، التي تعتمد على معلومات من سلطات السجون الإسرائيلية، فإن عدد الأطفال الفلسطينيين المعتقلين في الضفة الغربية منذ أكتوبر/تشرين الأول، وقت تصعيد العنف، زاد بواقع 150 بالمائة مقارنة بالعام السابق. فضلا عن الهجمات على المدنيين الإسرائيليين وقوات الأمن من قبل أطفال فلسطينيين، فقد زادت أيضا وقائع رشق الأطفال الفلسطينيين للمركبات الإسرائيلية بالحجارة.

ردا على مزاعم الانتهاكات أثناء اعتقال أحد الصبية، وهو "أحمد أ"، أرسلت وحدة الشرطة الإسرائيلية في الخليل ردا كتابيا على أسئلة هيومن رايتس ووتش. أشار الرد لأن استجواب أحمد تم بمقتضى القانون لكن لم يرد على الادعاءات المحددة بقيام عناصر الشرطة بالإساءة له بدنيا. لم يرد وزير الشرطة بعد على طلب إحاطة برلماني قُدم في فبراير/شباط بطلب معلومات عامة عن معاملة الأطفال الفلسطينيين المحتجزين. رفض مكتب رئيس الشرطة طلبا من هيومن رايتس ووتش بمقابلته لمناقشة بواعث القلق المذكورة.

لم تطلب هيومن رايتس ووتش ردا على حالتي الصبيين الأخرين، لحمايتهما ولحماية عائلتيهما. ولن تستخدم اللقب العائلي للأطفال لحماية خصوصيتهم. 

قالت بشي: "تزايد أعداد هجمات الأطفال الفلسطينيين أمر مقلق. على قوات الأمن احترام القانون ومعاملة الأطفال المحتجزين بشكل  إنساني يحفظ الكرامة، وهو ما يستحقه كل الأطفال".

اعتُقل فايز أمام متجر كان يرتاده أحيانا للعمل في القدس الشرقية، بعد ظهر 7 أكتوبر/تشرين الأول. قال لـ هيومن رايتس ووتش إن عناصر الشرطة الإسرائيلية اقتربوا منه وسألوه إن كان معه سكين، ووضع أحدهم يده في جيب الصبي في حين دفعه آخر. قال فايز إنه دفع الضابط ثم دخل المتجر الذي يعمل به ليعطي هاتفه الخلوي لصاحب المتجر، وقد توقع اعتقاله.

قال إن عناصر الشرطة دخلوا وراءه وبدأوا في ضربه إلى أن سقط أرضا. قال إنه  وهو راقد على الأرض ضربه رجال الشرطة بين ساقيه ولطموا رأسه بالأرض، ثم جرجروه لينهض وهم يصفعونه، ثم وضعوا يديه في الأصفاد. مالك المتجر محمد الشويكي كان موجودا، وأكد هذه الرواية وقال إن الشرطة ضربته بدوره على رأسه وركبته.

هناك مقطع فيديو سجلته كاميرا المتجر وقد أرسله الشويكي لوسائل الإعلام بعد الاعتقال بقليل، يُظهر فايز وهو يدخل المتجر ووراءه ضابط شرطة يرتدي زي مكافحة الشغب، ثم يمسك به. يتملص الصبي منه ويمضي إلى وراء الكاونتر، ثم يظهر الشرطي وهو يجره على الأرض. يظل ومعه الشرطي خارج نطاق الكاميرا 13 ثانية، ثم يظهر الشرطي وهو يمسك به لينهض، ويصفعه، ثم يأخذه إلى مدخل المتجر. هناك 6 عناصر شرطة آخرين على الأقل، يرتدون جميعا الخوذات والسترات الواقية، يشاركون في الاعتقال. رغم أن فايز يظهر متعاونا معهم، يقوم أحد ضباط الشرطة بضرب الصبي وهو واقف بشكل مستقيم، ثم يظهر آخر وهو يشل حركته – لفترة قصيرة – إذ لفّ أصابعه حول عنق الصبي. وزن فايز 53 كغم وطوله 1.65 مترا.

قال فايز إنهم قيدوا يديه بالأصفاد ومضوا به إلى حي أبو طور، حيث يعيش فلسطينيون ويهود إسرائيليون. قال إن رجال الشرطة استمروا في لطمه وركله. بعد أن مروا ببوابة إلى الحي، على حد قول فايز، رماه رجال الشرطة على الأرض. تناوب 6 أو 7 منهم على ركله في ساقيه وظهره ورأسه فيما راح المارة يصرخون فيه بالعبرية، ويسبون أمه وأخته بالعربية.

قال فايز إن الشرطة وضعته في سيارة جيب كبيرة مع 11 رجل شرطة آخرين ومضوا به إلى مركز شرطة عوز. كان في المقعد الخلفي في البداية ثم وضعه رجال الشرطة على الأرض. ثم راح بعض رجال الشرطة يركلونه، وضربه أحدهم على رأسه بقبضته. هناك رجل شرطة آخر سكب مياه على ظهر فايز، على حد قوله.

وصل فواز ب، والد فايز، إلى المتجر حوالي الرابعة عصرا، مع اقتياد ابنه بعيدا. قال إنه عندما استفسر من رجال الشرطة أمسكه أحدهم من قميصه ولكمه في وجهه. قال إنه دفع الضابط، ثم دفعه بعيدا رجل شرطة آخر وهددوه بإطلاق النار عليه إن لم يبتعد.

قال فواز إنه تابع الشرطة في حي أبو طور. رصد نحو 25 من الرجال والنساء والأطفال تجمعوا حول رجال الشرطة وراحوا يهتفون برجال الشرطة أن يضربوا ابنه. قال فواز إنه صاح بالضباط أن يكفوا ثم رآهم يقتادون ابنه إلى سيارة الجيب. مضى بسيارته على حد قوله إلى مركز شرطة عوز، إلى حيث أخبره الضباط أنهم يأخذون ابنه، لكن عندما وصل قال له رجال الشرطة إن ابنه في مركز شرطة آخر، في شارع صلاح الدين. قال فواز إنه عندما وصل إلى هناك قال له الضباط أن يذهب إلى مركز ثالث، يُدعى المجمع الروسي. في المجمع الروسي قيل له أن ابنه في مركز شرطة عوز.

قال فواز: "فعلوا كل هذا حتى يفوتني التحقيق الأول".

قال فواز إنه عاد إلى عوز وطلب مرة أخرى حضور استجواب ابنه. قال إنه اضطر للانتظار لساعة أخرى، حتى نحو 10 مساء، إلى أن سمح له الضباط بدخول الحجرة التي يجري بها استجواب الولد. قال فواز إن ابنه كان مقيدا بالأصفاد من يديه وقدميه وكان يبكي فيما يصرخ فيه المحققون، وهم يتهمونه بطعن قوات الأمن.

قال فايز: "رأيت آثار كدمات على وجهه. كان وجهه أزرق، وعلى عنقه آثار أصابع... كان أحمر وأزرق اللون. سبوه وتعاملوا معه بألفاظ مهينة. لم أحتمل. قلت لهم أن يتعاملوا معه بتهذيب، ثم صرخوا فيّ بدوري". قال فواز إن التحقيق انتهى نحو الساعة 11 مساء.

قال فايز إن بعد الاستجواب، أُخذ إلى فناء مركز الشرطة ووُضع على مقعد في البرد، وكان ما زال مقيدا بالأصفاد من يديه وقدميه، إلى الساعة 2 صباحا تقريبا، وحينها أقلته سيارة جيب إلى المجمع الروسي، وفيه جناح للأحداث. قال رجال الشرطة هناك إن الجناح ممتلئ فأعيد إلى الجيب، التي أمضى بها الليلة. أعطاه رجال الشرطة قنينة ماء لكن لم ينل طعاما، على حد قوله. قال إنه عندما نام في السيارة سكب رجال الشرطة الماء عليه ليصحو.

قال: "كانت ليلة رهيبة".

أُفرج عنه دون اتهامات في اليوم التالي، بعد نشر فيديو اعتقاله على الإنترنت. قال مالك المتجر، الشويكي، إن الشرطة استجوبته بدوره، وأخبروه بأن فايز سيُفرج عنه إذا وافق هو وآخرون على عدم تقديم شكوى.

اعتقل الجنود أحمد في 27 نوفمبر/تشرين الثاني، حوالي الساعة 7 مساء، في حديقة صديقه عيسى عامر، قرب بيته في الخليل. قال إن الجنود عصبوا عينيه وقيدوه بالأصفاد وأقلوه إلى مركز الشرطة بمستوطنة كريات عربة القريبة، حيث أجبروه على الجلوس بالخارج، على الأرض حتى الساعة 12:30 صباحا تقريبا. طلب حضور والده، لكن الشرطة أخبرته بأنه لن يُسمح لأبويه بحضور الاستجواب. سُمح له بالحديث إلى محاميه هاتفيا قبل الاستجواب، الذي بدأ بعد منتصف الليل. قال إن المحققين اتهموه بحيازة سكين، فأنكر، ثم أخذوه إلى مجمع عسكري في شارع الشهداء.

قال إنهم ما إن وصلوا حتى أجبره 6 أو 7 جنود على الرقاد على الأرض وبدأوا في لطمه وركله.

قال أحمد لـ هيومن رايتس ووتش: "ضربوني على ظهري وساقي، ولكموني على رأسي. لا أعرف كم من الوقت مر، لكن كنت أشعر بالألم، والوقت يمر بطيئا".

قال إنه قضى الليلة على مقعد في الفناء، في هواء الليل البارد، وأعطوه قنينة ماء وقطعة جبن أصفر جافة. نُقل إلى منشأة احتجاز في اليوم التالي، وخرج بعد 6 أيام دون اتهامات، بعدما أخفق اختبار الحمض النووي في كشف صلته بسكين تم العثور عليه.

قالت مركز قوات الشرطة الإسرائيلية في الضفة الغربية لـ هيومن رايتس ووتش في رسالتها إن قوات الأمن اعتقلت أحمد بسبب تشابهه مع أوصاف مشتبه يُزعم حيازته لسكين فر من الجنود. ورد في الرسالة أن محقق مُدرب على التعامل مع الأحداث هو الذي استجوبه، وأن الضباط أخبروا والديه باعتقاله. قالت الشرطة إن الصبي لم يطلب حضور والديه أثناء الاستجواب وإنهم ما كان ليسمح لهما بالدخول لأنه كان مشتبها به في جريمة "أمنية".

لم ترد الرسالة على ادعاءات ضرب وركل رجال الشرطة لأحمد، لكن أحالت هيومن رايتس ووتش إلى آلية تقديم الشكاوى ضد "أعوان السجن"، الذين يُزعم ارتكابهم لانتهاكات، رغم أن أحمد يزعم بتعرضه للضرب في حيازة الشرطة قبل بلوغه مركز الاحتجاز. كما لم ترد الرسالة على سؤال حول ما إذا كان أحد أبوي الصبي قد وقع استمارة تؤكد إخطاره بالاعتقال، حسبما ينص قانون الأحداث.

الصبي الثالث، صهيب إدريس (14 عاما)، قال لـ هيومن رايتس ووتش إن الشرطة أوقفته حوالي الساعة 4 في بيته في حي الثوري في القدس الشرقية يوم 28 أكتوبر/تشرين الأول. أكدت أمه الساعة والتاريخ. أجبره رجال الشرطة على الرقاد على أرضية سيارة الشرطة. صهيب البالغ طوله 1.61 مترا ويبلغ وزنه 50 كغم قال إن عناصر الشرطة ضربوه على رأسه وسبوه وهم في الطريق إلى مركز شرطة عوز. قال إنه أُجبر على الجلوس على مقعد وقد تم ربط يديه وقدميه خارج خيمة بمجمع الشرطة من الساعة 5 صباحا إلى الظهيرة. ثم أخذه المحققون إلى الداخل وبدأوا في استجوابه عن تورطه المزعوم في رمي زجاجات على قوات الأمن.

لم يكن أبواه حاضرين. قال صهيب إن رجال الشرطة سبوه وهددوه بإلغاء إقامة أسرته في القدس الشرقية. قال إن رجال الشرطة أمروه بتوقيع أوراق مكتوبة بالعبرية التي لا يجيد قراءتها، فوقعها. سأل المحققين عن محتوى التقرير وقيل له إنه بيان ينكر فيه تعرضه للضرب. تم احتجازه في عدة مراكز احتجاز حتى 22 نوفمبر/تشرين الثاني، ويومها – بحسب وثائق محكمة اطلعت عليها هيومن رايتس ووتش – تم الإفراج عنه ليبقى رهن الاحتجاز المنزلي، بعد تلقي قاضي في محكمة أحداث القدس شهادة من أخصائي اجتماعي بالبلدية بأن الصبي "عانى" رهن الاحتجاز.

تفيد أوراق المحكمة بأن ضابط الشرطة فادي مداح أخبر محكمة الأحداث بإصدار قاضي لأمر توقيف لصهيب في 26 أكتوبر/تشرين الأول. لم يتم تقديم تبرير لتنفيذ الشرطة الأمر في الرابعة صباحا بعد يومين من صدور الأمر. أكد مداح أيضا في شهادته أن قائد شرطة صرّح بحرمان الصبي من حقه في حضور والديه أثناء استجوابه، قائلا إن الجريمة المتهم بها – إلقاء زجاجات على سيارات يقودها يهود – تبرر القرار.

المتطلبات القانونية لعمليات الاستجواب

المادة 14 من "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، وقد صدقت عليه إسرائيل في 1991، تنص على أن تأخذ إجراءات المحاكم في الحسبان عمر المدعى عليهم الأطفال. "اتفاقية حقوق الطفل" التي صدقت عليها إسرائيل في 1991 تتناول تفصيلا هذا المطلب وتوجه الدول لضمان عدم إكراه الأطفال على الاعتراف بالذنب. ذكرت اللجنة المكلفة بتفسير الاتفاقية أن هذا يشمل الحق في طلب حضور أحد الوالدين أثناء الاستجواب، وتفادي ممارسات الاستجواب التي قد تكره الطفل على الاعتراف بالذنب، مع تقدير عمر الطفل ومستوى نموه.

تقول اللجنة إن كلمة "إكراه" يجب أن تُفسر بمعناها الواسع وألا تقتصر على القوة البدنية أو انتهاكات واضحة أخرى لحقوق الإنسان. عمر الطفل ومستوى نموه وطول مدة الاستجواب وعدم فهم الطفل والخوف من التبعات المجهولة له أو ذكر إمكانية السجن، قد تؤدي بالأطفال للاعتراف بأمور غير حقيقية. كما طالبت اللجنة إسرائيل بفتح تقصٍ مستقل في وقائع التعذيب والمعاملة السيئة المزعومة لأطفال فلسطينيين، على ضوء التقارير التي أفادت بأن قوات الأمن "تعرضـ[هم] بشكل ممنهج للعنف البدني والشفهي".

أفادت اليونيسف بأن 168 من بين 208 شهادة موقعة من أطفال تم جمعها عامي 2013 و2014، قال بشأنها الأطفال المعنيون إنهم لم يُخطروا بحقهم في حضور محامي أو التزام الصمت أثناء الاستجواب. قال الأطفال إنهم "تعرضوا للعنف البدني" في 171 حالة.

قانون الأحداث المنطبق في إسرائيل والأوامر العسكرية المطبقة في الضفة الغربية تطالب الشرطة بإخطار الآباء باعتقال أطفالهم وبالسماح للطفل بمشاورة محامي قبل الاستجواب. يمنح قانون الأحداث الأطفال الحق في حضور أحد الوالدين أثناء الاستجواب، إلا في حالات "المخالفات الأمنية" المزعومة. كما يطالب قانون الأحداث المسؤولين بإجراء التحقيقات بالنهار، وأن تكون الإجراءات بلغة يفهمها الطفل، مع مراعاة رفاه الطفل أثناء تحديد إن كان الاعتقال ضروريا. رغم أن قانون الأحداث غير مطبق رسميا في الضفة الغربية – باستثناء القدس الشرقية – فقد أخبر الجيش الإسرائيلي هيومن رايتس ووتش بأنه ينفذ بنود القانون، بما في ذلك حق حضور الأبوين أثناء الاستجواب وإنفاذ القانون في الضفة الغربية.

مع تزايد أعداد اعتقالات الأطفال إبان تصعيد العنف في الشهور الأخيرة، زادت أعداد وقائع انتهاك تدابير الحماية الدولية المكفولة للأطفال، حسبما أفادت منظمات حقوقية فلسطينية وإسرائيلية. محمد محمود، المحامي بمنظمة الضمير المعنية بالسجناء الفلسطينيين، مثّل مئات الأطفال في الشهور الأخيرة، وأغلبهم اعتقلوا جراء إلقاء حجارة على مستوطنين أو قوات أمن. قال لـ هيومن رايتس ووتش:

المشكلة الرئيسية هي أن النظام القانوني الإسرائيلي أثناء تعامله مع الأحداث يمكن كبار الضباط من منح المحققين أمرا يسمح لهم بعدم قبول تواجد الأبوين مع الطفل أثناء استجوابه. هذا الأمر، كما نرى، استخدم إلى الآن ضد الأطفال الفلسطينيين في القضايا السياسية حصرا، ويمنح المحققين حرية مضايقة الأطفال والصراخ فيهم وتهديدهم، ودفعهم للاعتراف بجرائم لم يرتكبونها، من واقع الخوف.

رغم أن الحرمان من حق تواجد أب للطفل أثناء الاستجواب يُفترض أن يكون استثناءً، فمثل هذه الممارسات قد تصبح القاعدة السارية مع الأطفال الفلسطينيين، الذين تُعرف أفعال يرتكبونها من قبيل الرشق بالحجارة بصفتها جرائم أمنية. بحسب دراسة صدرت عام 2015 من "مرصد المحاكم العسكرية"، وهي منظمة غير حكومية، فإن 3 بالمائة فقط من الأطفال الفلسطينيين الموقوفين في الضفة الغربية أفادوا بحضور أحد الأبوين أثناء الاستجواب على يد قوات الأمن.

في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، مرر الكنيست الإسرائيلي قانونا يصرح بإنزال عقوبات بالسجن لفترات أطول على الأطفال المدانين برمي الحجارة، ويسمح للحكومة بتجميد مدفوعات الرفاه الاجتماعي المقدمة لعائلات الأطفال الذين يقضون عقوبات بالسجن.



أضف تعليق