العدد 4996 بتاريخ 11-05-2016م تسجيل الدخول


الرئيسيةالوسط أونلاين
شارك:


"الدستورية الكويتية": قانون الوحدة الوطنية دستوري

الوسط – المحرر الدولي

أكدت المحكمة الدستورية الكويتية ان مرسوم قانون الوحدة الوطنية دستوري واستوفى شرطيه الأساسيين، وشددت على ان القانون جاء لمواجهة اخطار الفتنة الطائفية والتي تصاحب الحملات الانتخابية وتفشي النعرات القبلية ، وذلك وفق ما نقلت صحيفة "الأنباء" الكويتية اليوم الخميس (12 مايو / أيار 2016).

وكان دشتي وجليل الطباخ قد ادعيا مدنيا قبل المتهمين، وقد قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم لجلسة 31/1/2016 وصرحت لدفاع «المتهم الثاني» بمذكرات خلال اجل حددته، وفي الاجل المضروب قدم دفاع المتهم المذكور مذكرة تمسك فيها بالدفع بعدم دستورية المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 2012 في شأن حماية الوحدة الوطنية لمخالفته نص المادة 71من الدستور لصدوره من السلطة التنفيذية بإرادتها المنفردة في غيبة مجلس الأمة بسبب حله، وبالمخالفة لما استلزمته تلك المادة من شروط تأسيسا على عدم توافر حالة ضرورة ملحة او خطر يستلزم صدور مرسوم بقانون لرده.

وإذ تراءت للمحكمة جدية الدفع المبدى بعدم الدستورية فقد قضت بجلسة 31/1/2016 بوقف نظر الدعوى وبإحالة الامر الى المحكمة الدستورية للفصل في مدى دستورية المرسوم بقانون سالف الذكر.

وعقب ورود ملف القضية الى ادارة كتاب هذه المحكمة تم قيدها في سجلاتها برقم 5 لسنة 2016 «دستوري» وجرى اخطار ذوي الشأن.

وقد نظرت المحكمة الدعوى على الوجه المبين بمحاضر جلساتها وقررت المحكمة اصدار الحكم في الدعوى بجلسة اليوم.

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة، وبعد المداولة حيث ان اجراءات الاحالة الى هذه المحكمة قد استوفت اوضاعها المقررة قانونا، وحيث ان مبنى النعي على المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 2012 في شأن حماية الوحدة الوطنية حسبما يبين من حكم الاحالة ان هذا المرسوم قد صدر من السلطة التنفيذية بارادتها المنفردة في غيبة مجلس الامة بسبب حله، وبالمخالفة لما استلزمته تلك المادة من شروط، تأسيسا على عدم توافر ضرورة ملحة او خطر مهدد يستلزم صدور مرسوم بقانون لرده.

وحيث انه من المقرر، وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة، انه وان كان الأصل هو اختصاص السلطة التشريعية بسن القوانين وان اعطاء السلطة التنفيذية سلطة التشريع في غيبة المجلس النيابي هو استثناء من ذلك الأصل، لذا فقد حرص الدستور ألا يجعل هذه الرخصة الاستثنائية طليقة من غير قيد أو حد، وإنما وضع لاستعمالها قيودا عديدة، وحدودا لا يجوز تجاوزها، فنص في المادة 71 منه على انه «اذا حدث فيما بين أدوار انعقاد مجلس الأمة او في فترة حله، ما يوجب الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، جاز للأمير ان يصدر في شأنها مراسيم تكون لها قوة القانون، على ألا تكون مخالفة للدستور او للتقديرات المالية الواردة في قانون الميزانية.

ويجب عرض هذه المراسيم على مجلس الأمة خلال 15 يوما من تاريخ صدورها، اذا كان المجلس قائما، وفي اول اجتماع له في حالة الحل او انتهاء الفصل التشريعي، فإذا لم تعرض زال بأثر رجعي ما كان لها من قوة القانون بغير حاجة الى إصدار قرار بذلك. أما اذا عرضت ولم يقرها المجلس زال بأثر رجعي ما كان لها قوة القانون، الا اذا رأى المجلس اعتماد نفاذها في الفترة السابقة او تسوية ما ترتب من آثار بوجه آخر».

والمستفاد من ذلك انه يستلزم في كل مرسوم تصدره السلطة التنفيذية طبقا لهذه المادة توافر شروط عدة من بينها، شرطان لازمان: الشرط الأول: ان يصدر في الفترة الواقعة فيما بين ادوار انعقاد مجلس الأمة او في خلال فترة حله. والشرط الأخير: ان يكون من التدابير التي توجب الإسراع في اتخاذها ولا تحتمل التأخير.

اما عن الشرط الأول فهو خاص بالشكل الدستوري، اما الشرط الآخر فهو خاص بموضوعه من الوجهة الدستورية، والبين من هذه المادة انه قد استهل نصها بعبارة «اذا حدث... ما يوجب الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير» بما ينصرف معناها الى شمول الأحداث والظروف العارضة، وما تقتضيه المصالح الملحة والأخطار المهددة، بما فيها الأحداث المتفاقمة والمستمرة التي تأخذ حكمها، دون قصر فهم المعنى على لزوم ان يجد حادث جديد، اذ قد يكون الحادث طارئا مستجدا او يكون قد وقع فعلا واستدعت آثاره صدور مرسوم وفق المادة 71 من الدستور سالفة الذكر، كما ان المقصود بعبارة «الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير» هو الإسراع في اتخاذ إجراءات تشريعية لا تحتمل بطئا او تسويفا، ولا شبهة في ان كل الأمور التي تعرض بمراسيم يكون دافعها هو ضرورة اتخاذ تدابير تتسم بطبيعتها بالسرعة وهي تقدر بقدرها، وتوزن بميزانها، ويحكم في كل امر منها بمعيار وقته وظروفه ومحيطه، وما يتطلبه هذا الإجراء من أغراض.

اما عن هذه الرخصة الاستثنائية فمنبتها إلحاح المصالح والظروف دون غيرها، وانه من غير المقبول ألا تمكن السلطة التنفيذية من استعمال هذه الرخصة ـ في غضون الفترة الواقعة بين أدوار انعقاد المجلس او خلال فترة الحل ـ وتكون مسلوبة من حق سد الذرائع ومداركة الضرورات.

لما كان ما تقدم، وكان الواضح من الأوراق انه قد تم إصدار المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 2012 بتاريخ 16/10/2012، وذلك في خلال فترة حل مجلس الأمة، وهو ما يفيد بأن هذا المرسوم قد استوفى الشرط الأول الخاص بالشكل الدستوري الذي تطلبته المادة 71 من الدستور على النحو سالف البيان، أما عن الشرط الثاني والذي استلزم في كل مرسوم تصدره السلطة التنفيذية طبقا لهذه المادة ان يكون من التدابير التي توجب الإسراع في اتخاذها ولا تحتمل التأخير، فإن الواضح من مطالعة نصوص ذلك المرسوم انه قد احتوى على (خمس) مواد، حظرت المادة (الأولى) منه القيام او الدعوة او الحض بأي وسيلة من وسائل التعبير المنصوص عليها في المادة 29 من القانون رقم 31 لسنة 1970 بتعديل بعض أحكام قانون الجزاء على كراهية او ازدراء اي فئة من فئات المجتمع الكويتي او إثارة الفتن الطائفية او القبلية او نشر الأفكار الداعية الى تفوق اي عرق او جماعة او لون او اصل او م ذهب ديني او جنس او نسب او التحريض على عمل من أعمال العنف لهذا الغرض او إذاعة او نشر او طبع او بث او إعادة بث إشاعات كاذبة اذا تضمن اي منها ما من شأنه ان يؤدي الى ما تقدم.

وسريان أحكام هذا الحظر على كل شخص يرتكب خارج إقليم دولة الكويت فعلا يجعله فاعلا أصليا او شريكا في هذه الجريمة اذا وقعت كلها او بعضها في إقليم دولة الكويت ويعد من وسائل التعبير الشبكات المعلوماتية والمدونات التي تنشر عليها وغيرها من وسائل الاتصال الحديثة، وحددت المادة (الثانية) العقوبة المقررة على كل من يخالف ذلك الحظر، وتناولت المادة (الثالثة) أحوال ارتكاب الشخص الاعتباري جريمة من الجرائم المنصوص عليها سواء باسمه او لحسابه، كما أبانت المادة (الرابعة) حالات الإعفاء من العقاب بالنسبة للجناة وشروطه، وتضمنت المادة (الخامسة) العمل بهذا المرسوم من تاريخ نشره.

لما كان ذلك، وكان المستفاد ايضا مما تضمنته المذكرة الإيضاحية لهذا المرسوم ان المصلحة العليا للبلاد هي التي دعت الحكومة الى الإسراع في إصداره، حماية للوحدة الوطنية والنسيج الاجتماعي للمجتمع الكويتي، وذلك في ضوء ما كشف عنه التطبيق من تفشي النعرات الطائفية والقبلية أحيانا والتي تضر بالوحدة الوطنية، لاسيما أثناء حملات الدعاية الانتخابية، وذلك درءا للأخطار التي قد تصاحب الانتخابات العامة القادمة، ويكون من شأنها تهديد المصالح الحيوية للبلاد، وهو ما يستوجب معه مواجهة هذه الأخطار الجسيمة بصورة حاسمة، ووجوب الإسراع في معالجة تلك الأمور حفظا للسلم والأمن وحماية للوحدة الوطنية، وبالتالي فإن ذلك المرسوم ـ والذي تم نشره في الجريدة الرسمية بعد أربعة أيام من تاريخ صدوره وقبل إجراء الانتخابات العامة ـ يكون قد تحقق في شأنه الشرط الثاني الذي استلزمته المادة 71 من الدستور، مما يغدو الادعاء بخلاف ذلك على غير اساس صحيح، ويتعين من ثم القضاء برفض الدعوى.



أضف تعليق