العدد 5007 بتاريخ 22-05-2016م تسجيل الدخول


الرئيسيةالوسط أونلاين
شارك:


قطاع المياه يستهلك 30 % من الطاقة الأولية في مملكة البحرين

جامعة الخليج العربي تنهي دراسة "تأثير تغير المناخ على الموارد المائية في البحرين"

المنامة ـ جامعة الخليج العربي

أنهت جامعة الخليج العربي دراسة "تأثير تغير المناخ على الموارد المائية بمملكة البحرين: تقييم قابلية التأثر والتكيف" التي أجرتها بتمويل من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وبالتعاون معه، إذ شارك في إعداد الدراسة المؤلف الرئيس ورئيس فريق العمل أستاذ إدارة الموارد المائية وليد خليل زباري وأستاذ إدارة الموارد المائية المشارك علاء الصادق ومعهما ثلاثة من طلبة الدراسات العليا ببرنامج إدارة الموارد المائية هم محمد العرادي وحميد المحل ومحمد كاظم.

وقال زباري بعد الانتهاء من الدراسة: "جرت العادة في هذا النوع من الدراسات أن ينظر إلى قطاع المياه على أنه قطاع متلقي لتأثيرات تغير المناخ ويتم قياس هذه التأثيرات لاقتراح أساليب التكيف مع هذه التأثيرات، كما يوحي عنوان الدراسة، إلا أنه في هذه الدراسة، تم النظر في دور قطاع المياه في تخفيف الانبعاثات الغازية كذلك"، موضحاً أن قطاع المياه يستهلك نسبة عالية من الطاقة الأولية في مملكة البحرين تصل إلى 30 في المئة، وتصل في بعض دول المجلس إلى اكثر من 45 في المئة، وهي طاقة أحفورية مصحوبة بانبعاثات غازية عالية.

وأشار إلى أن هذا الوضع يضع قطاع المياه ضمن القطاعات الرئيسة التي يجب التركيز عليها لتخفيض استهلاك الطاقة والانبعاثات الغازية المصاحبة لها. ويمكن تحقيق ذلك من خلال ثلاثة إجراءات أو تدخلات إدارية رئيسية؛ الإجراء الأول هو رفع كفاءة المياه وترشيد استهلاكها ليقل معدل استهلاك الطاقة وبالتالي الانبعاثات الغازية، والإجراء الثاني هو رفع كفاءة الطاقة في قطاع المياه لتقليل استهلاك الطاقة في العمليات الحالية، والإجراء الثالث هو إحلال الطاقات المتجددة مكان الطاقة الأحفورية في قطاع المياه.  

وبين أن إجراءات التخفيف، الذي اكتسب أهميته في مملكة البحرين بعد اعتماد اتفاقية باريس التي تم التوصل لها في مؤتمر الأطراف الحادي والعشرين في العام 2015 حيث تم الاتفاق المبدئي على تحويل المساهمات المعتزمة والمحددة وطنياً (INDCs) للدول إلى المساهمات المحددة وطنياً (NDCs)، للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية فوق معدل ما قبل الثورة الصناعية، وتحقيق صافي صفر انبعاثات من غازات الدفيئة بحلول العام 2100، مشيراً إلى أنه "متى ما دخلت الاتفاقية حيز التنفيذ ستتحول هذه المساهمات من تعهدات على التزامات".

وجاء في الدراسة أن أعراض تغير المناخ العالمي لوحظت بالفعل في المملكة، وتمثل ذلك في زيادة درجات الحرارة الوسطى خلال الستين سنة الماضية بحوالي درجة مئوية واحدة وفي زيادة معدل الظواهر المناخية المتطرفة، مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة وارتفاع سطح البحر إذ سيؤثر ذلك بالسلب على نظام إدارة الموارد المائية بشكل مباشر أو غير مباشر، وهو مجهد أصلاً في الوقت الحالي، ومن المتوقع أن يؤدي ارتفاع درجات الحرارة في المستقبل إلى زيادة الطلب على المياه في القطاعين البلدي والزراعي، وأن يؤدي ارتفاع منسوب مياه البحر إلى زيادة معدل غزو مياه البحر المالحة للمياه الجوفية، وكذلك التأثير على مداخل ومخارج محطات التحلية وأيضاً مخارج محطات معالجة مياه الصرف الصحي بسبب غمرها بمياه البحر.

إلى ذلك، سينتج عن زيادة استهلاك المياه في القطاع البلدي ارتفاع في معدلات الصرف الصحي الناتجة مما قد يؤدي إلى مشكلة صرف هذه المياه إلى البيئة البحرية في حال عدم موازاة سعة محطات المعالجة لهذه التطورات، وكذلك الحال بالنسبة للقطاع الزراعي حيث ستزداد كميات الصرف الزراعي وقد تؤدي إلى تغدق الترب الزراعة وخسارة الإنتاج إذا لم يتم تصريف هذه المياه الأمر الذي سيكون صعباً مع ارتفاع منسوب مياه البحر.

وقدر الباحثون هذه التأثيرات باستخدام المحاكاة الديناميكية ويتم بناء نموذج رياضي يحاكي النظام الحالي لإدارة الموارد المائية بمكوناته المختلفة من مصادر واستخدامات، وحساب مستويات الطلب بسبب تأثيرات تغير المناخ عليه حتى العام 2030، فيما نظروا في أفضل السبل لإجراءات التكيف وتخفيف الإجهاد المائي في المملكة. وفي الحالتين تم حساب التكاليف المصاحبة المتمثلة في تكاليف إنتاج وتزويد المياه ومعالجتها المالية المباشرة والاقتصادية والبيئية.

وبينت النتائج أن تكاليف ارتفاع درجة الحرارة لتغير المناخ على القطاع البلدي فقط ستؤدي إلى إضافة 92 مليون دولار أميركي على تكاليف تزويد المياه، و630 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون انبعاثات غازية، و40 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي، وللتكيف مع الأوضاع المستقبلية وتخفيض التكاليف المالية والاقتصادية والبيئية، اقترحت الدراسة عدد من الخيارات والتدخلات الإدارية الاستراتيجية لتلبية الطلب على المياه حالياً ومستقبلاً، وجميعها تقع ضمن رفع كفاءة المياه سواء في جانب العرض أو جانب الطلب، ومن أهمها في القطاع البلدي تخفيض معدلات التسرب من الشبكة البلدية، استخدام الأجهزة المرشدة للمياه ووضع قوانين للمباني تعمل على ترشيد المياه، ومراجعة التعرفة الحالية للمياه، ورفع الوعي المائي في المجتمع.

وفي القطاع الزراعي التحول نحو طرق الزراعة الحديثة، والتوسع في استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة في الزراعة. وفي القطاع الصناعي استخدام مياه الصرف الصحي في العمليات الصناعية التي لا تحتاج لمياه ذات نوعية جيدة، مثل غسل الرمال وقطاع البناء والتبريد.

وقال زباري: "إذا ما تم تطبيق إجراءات القطاع البلدي فإنه سيكون هناك توفير كبير في التكاليف يتمثل في توفير 2.9 مليار دولار في التكاليف المالية، وتخفيض في الانبعاثات الغازية بمقدار 19.7 مليون طن، والحفاظ على مخزون الغاز الطبيعي بمقدار 1.2 مليار متر مكعب. وهذا سيساهم في تحقيق التزامات مملكة البحرين في المساهمات المحددة وطنياً للانبعاثات".

وفي السياق ذاته، خلصت الدراسة إلى أنه في حين يشكل تغير المناخ العديد من التحديات الإضافية لإدارة الموارد المائية في المملكة، إلا أنه يتيح أيضاً العديد من الفرص، بما في ذلك الإصلاحات المؤسسية لقطاع المياه والسياسات المائية، وبأن الآن هو الوقت المناسب لمراجعة وتحديث نظام إدارة موارد المياه القائم وزيادة كفاءته وقدرته على التكيف في المستقبل.

وأوصت الدراسة بأنه في هذه المرحلة الحرجة لظروف الموارد المائية في مملكة البحرين، فإنه يتحتم على المملكة صياغة سياسة واستراتيجية واضحة وشاملة ومتكاملة للموارد المائية من أجل إدارة مواردها المائية بكفاءة والحصول على درجة كبيرة من الاستدامة. كما ينبغي أن تأخذ هذه السياسة والاستراتيجية في الاعتبار العلاقات المتداخلة بين المياه والطاقة والزراعة بسبب الترابط القوي بين هذه القطاعات الثلاث. ولقد انتقلت مملكة البحرين في هذا الاتجاه بخطوة كبيرة من خلال إنشاء مجلس الموارد المائية مؤخراً، كنوع من الترتيب المؤسسي الهام لإنشاء البيئة الممكنة والمواتية لإدارة المياه فيها، والذي من المتوقع أن يكون له دور أساسي في التصدي للتحديات التي تواجه قطاع المياه الحالية والمستقبلية في البحرين، بما في ذلك تأثير المناخ.



أضف تعليق