شركات أميركية كثيرة تحاول التكيف مع التداعيات بعد صدمة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي
نيويورك - رويترز
كانت هناك مخاطر تلوح في الأفق على مدى عام من أن بريطانيا ربما تنتزع نفسها من الاتحاد الأوروبي لكن حتى الشركات الأميركية التي كانت لديها خطط طارئة للتعامل مع مثل هذا الاحتمال قالت إنها أصيبت بصدمة الآن بعدما أصبح أمرا واقعا وبدأت لتوها العمل للتصدي لتداعيات ما حدث.
وقال مسؤولون تنفيذيون لدى شركات ومستشارون لرويترز إن بعض الشركات الأمريكية اندفعت صوب أوامر تحوط بالعملة الأجنبية ضد مزيد من الضعف في قيمة الجنيه الاسترليني بينما لجأت شركات كثيرة لطلب المشورة القانونية حول تأثير هذا الخروج على اتفاقيات التجارة والقواعد التنظيمية وبدأت شركات أخرى في دراسة الهبوط المحتمل في الطلب من اقتصادات أوروبية.
وتلقت ديشيرت إل.إل.بي للاستشارات القانونية الدولية طلبات كثيرة من عملاء من الشركات بعد ظهور نتيجة الاستفتاء البريطاني وأطلقت خطا ساخنا خاصا للتعامل مع هذا الحجم.
وقالت ميريام جونزاليس في ديشيرت إنه بينما كانت شركتات خدمات مالية وتأمين تخضع لقواعد تنظيمية صارمة مستعدة نسبيا لمواجهة تداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "فإن معظم الآخرين لم يكونوا مستعدين على الإطلاق".
وأضافت قائلة يوم الجمعة "جاء الأمر كصدمة هائلة وتكافح شركات كثيرة لاستيعاب ذلك اليوم."
وأوى الرئيس التنفيذي لإحدى الشركات في الولايات المتحدة إلى فراشه ليلة الخميس معتقدا أن البريطانيين سيصوتون لصالح بقاء بلادهم في الاتحاد الأوروبي لكنه استيقظ قبل الفجر يوم الجمعة ليجد أنهم صوتوا للخروج. وكان أول رد فعل له هو الاتصال بمكتبه المالي ليطلب منهم التحوط ضد مزيد من الانخفاض في قيمة الجنيه الاسترليني.
وقال دان أرينز الرئيس التنفيذي لأرينز كومباني وهي شركة ذات ملكية عائلية متخصصة في العشب ومعدات الحدائق ومقرها بريليون في وسكونسن بالولايات المتحدة "انكشفنا قليلا جراء ذلك نظرا لأننا إتخذنا موقف الترقب.
وتدير أرينز التي بلغت مبيعاتها 700 مليون دولار العام الماضي مصنعا في بريطانيا - وهو مصنعها الوحيد خارج الولايات المتحدة - وتنتج آلات جز العشب للمملكة المتحدة ودول أوروبية أخرى. وقال أرينز "هبطت توا قيمة أنشطتي (البريطانية)."
واستوعبت شركة هيرمان ميلر المعروفة بتكنولوجيتها المتطورة في الأثاث المكتبي خروج بريطانيا في خطتها الطارئة لهذا العام وسط مخاطر عالمية أخرى حيث قلصت ميزانيتها "وتحاشت المغالاة في فتح مراكز" في الوقت الذي كانت تنتظر فيه نتيجة الاستفتاء على حد قول رئيسها التنفيذي برايان ووكر.
وعلى مدى الستة أشهر الماضية -وبصفة خاصة آخر ثلاثة أشهر- شهدت الشركة ومقرها زيلاند في ميشيجان تراجع أعداد العملاء البريطانيين مع إحجام من يخططون لإقامة مجمعات مكتبية أو تجديدات عن التعاقد.
ورغم تلك المؤشرات لم يدرك ووكر سوى عندما قرأ مقالا قانونيا صباح الجمعة أن من المرجح أن تعيد بريطانيا صياغة جميع اتفاقياتها التجارية وهي تغادر الاتحاد الأوروبي في عملية يتوقع أن تستغرق ما يصل إلى عامين.
وقال ووكر "هناك كثير من الغموض حول كيفية قيامهم بذلك ولا سبيل إلى معرفته الآن."
وأظهر التصويت البريطاني إتجاها جديدا لأوروبا يتضمن إمكانية انفصال دول أخرى عن التكتل التجاري القاري. ودفعت نتيجة التصويت القرار الأسواق العالمية للتهاوي يوم الجمعة وهبط الجنيه الاسترليني مقابل الدولار إلى مستويات غير مسبوقة منذ 1985. وقال الرؤساء التنفيذيون في أرجاء العالم إنهم يستعدون لمواجهة اضطرابات طويلة الأجل وتخفيضات في الوظائف وهبوطا في الأرباح.
وتتمثل إحدى المشكلات الرئيسية أمام الشركات الأمريكية التي تعمل في بريطانيا فيما إذا كانت بريطانيا ستبقى في السوق الموحدة أم لا. فإذا بدأ المصنعون يدفعون رسوما على المنتجات المرسلة من بريطانيا إلى دول الاتحاد الأوروبي وتمر تلك المنتجات عبر الجمارك فإن ذلك سيزيد الوقت والتكلفة لأنشطتهم ويصب في صالح المنافسين الأوروبيين.
وهناك عقبة أخرى تتمثل في قفزة الدولار أمام الاسترليني وعملات أخرى أيضا حيث يجعل ذلك المنتجات المصنعة في الولايات المتحدة أكثر تكلفة في تلك الأسواق.
وأرينز إحدى الشركات التي تواجه تلك المشكلة حيث تستخدم أجزاء كثيرة مصنوعة في الولايات المتحدة في تجميع منتجاتها في بريطانيا بما فيها المحركات وأجهزة نقل الحركة. ويعني هبوط الاسترليني ارتفاع تكلفة تلك الأجزاء وهو ما يؤدي في نهاية المطاف إلى تراجع الأرباح إذا لم ترفع الشركة الأسعار.
وهناك شركة أخرى وهي داداريو آند كو ومقرها نيويورك وتصنع أوتار الآلات الموسيقية ولوازم أخرى بمبيعات قدرها نحو 185 مليون دولار. تابع الرئيس التنفيذي لهذه الشركة جيم داداريو الجدل الدائر حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في التقارير الصحفية ولم يأخذ أي احتمال بخروجها على محمل الجد. وعندما حدث ذلك كان أول ما أثار قلقه هو تأثير صعود الدولار على منتجاته.
وقال "أشد ما يرعبني هو أن ذلك ربما يؤدي إلى انهيار منظومة الاتحاد الأوروبي بأكملها...وما ينتج عنه من تداعيات طويلة الأجل."
وستكون هناك حاجة إلى إعادة التفاوض حول قواعد تنظيمية مختلفة من حقوق الملكية الفكرية إلى حقوق العلامات التجارية وقوانين البيئة. ولدى مواطني الاتحاد الأوروبي حاليا الحق في العمل في أي دولة عضو في التكتل ولذا فربما تواجه الشركات تحديات في الموارد البشرية إذا اضطر موظفون يعملون في بريطانيا من دول أخرى من الاتحاد إلى المغادرة.
وبمجرد انحسار الذعر المبدئي فإن عليهم العمل سريعا لتحديد أولوياتهم والضغط على الحكومة البريطانية وهي تتفاوض مع الاتحاد الأوروبي.