العدد 5052 بتاريخ 06-07-2016م تسجيل الدخول


الرئيسيةالوسط أونلاين
شارك:


هيومن رايتس ووتش: تكتُّم على سير التحقيقات في انتهاكات الفلوجة في العراق

نيويورك – هيومن رايتس ووتش

قالت منظمة هيومن رايتس ووتش اليوم الخميس (7 يوليو/ تموز 2016) إن تحقيقا للحكومة العراقية في انتهاكات مزعومة ضد المدنيين خلال العمليات العسكرية لاستعادة الفلوجة محفوظٌ طي الكتمان.

وأضافت أن التقارير الجديدة حول انتهاكات خطيرة ارتكبتها "قوات الحشد الشعبي" و"قوات الشرطة الاتحادية"، تضاف إلى عمليات القتل والاختفاء القسري والتعذيب التي أبلغ عنها منذ بداية العملية، ووثقتها هيومن رايتس ووتش.

وأشارت إلى أنه في 4 يونيو/تموز 2016، فتح رئيس الوزراء حيدر العبادي تحقيقا في مزاعم سوء المعاملة وأعلن بعد 3 أيام عن اعتقالات غير محددة و"إحالة المتهمين بارتكاب تجاوزات إلى القضاء لينالوا جزاءهم وفق القانون". لكن المسؤولين الحكوميين لم يقدموا المعلومات ردا على استفسارات هيومن رايتس ووتش منذ منتصف يونيو/حزيران بشأن وضع التحقيق، من يُجريه، أو الخطوات المُتخذة حتى الآن.

من جهة أخرى قال نائب مدير قسم الشرق الأوسط، جو ستورك: "الإخفاق في مساءلة المقاتلين والقادة عن الانتهاكات الجسيمة يُنذر بأخطار في معركة الموصل. التحقيقات والملاحقات القضائية الجادة ضرورية لتوفير العدالة للضحايا وأُسَرهم، وردع القوات الحكومية عن ارتكاب الفظائع".

ووجهت هيومن رايتس ووتش أسئلتها حول التحقيق إلى المتحدثين الرسميين باسم رئيس الوزراء والسلطة القضائية. تحدثت هيومن رايتس ووتش أيضا مع أعضاء في البرلمان والسلطة القضائية، ومسؤول محلي في محافظة الأنبار ومسؤولين حكوميين عن حقوق الإنسان، فضلا عن الدبلوماسيين الأجانب والأمم المتحدة. لم يوفر أيُّهم معلومات عن التحقيقات المزعومة، بما في ذلك توقيف أي شخص واتهامه.

وفي بداية عملية الفلوجة ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (المعروف أيضا بـ "داعش") في 24 مايو/أيار، قال رئيس الوزراء العبادي إن حكومته اتخذت تدابير لحماية المدنيين. ومع ذلك، خلال أسبوعين من القتال، كانت هناك ادعاءات ذات مصداقية حول إعدامات دون محاكمة وضرب للمحتجزين واختفاء قسري، وتشويه القوات الحكومية للجثث.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن الانتهاكات التي ترتكبها قوات الأمن الحكومية في الفلوجة استمرت منذ هزيمة قوات داعش. زود شاهد هيومن رايتس ووتش بصورة قال إنه التقطها في 27 يونيو/حزيران على المشارف الشمالية لمدينة الفلوجة لجثة مقطوعة الرأس مع حبل حول الساق اليسرى. وأضاف أنه رأى مقاتلي الحشد الشعبي – قوة قتالية مساندة تحت قيادة رئيس الوزراء وتضم العديد من الميليشيات الشيعية – يتصورون مع الجثة قبل لحظات من التقاطه للصورة. عبّروا عن فخرهم بقتل عضو في داعش، رغم أن وضع القتيل بصفته مقاتلا أو مدنيا وسبب الوفاة لا يمكن تحديدهما.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن تشويه الجثث جريمة حرب، مثل قتل المقاتلين الأسرى أو المدنيين.

وقال نفس الشاهد إنه رأى قوات الحشد الشعبي تحرق المنازل والمحال التجارية وسط الفلوجة مرددين هتافات الانتقام، وبعضهم ينهب. التُقطت صورة تُظهر حرق المحلات التجارية في الفلوجة. كما ذكرت وسائل الإعلام حصول حرائق وأعمال نهب عقب دخول القوات الحكومية إلى المدينة.

وظهر المزيد من التقارير حول انتهاكات خطيرة خلال العمليات العسكرية في الفلوجة. قال عدة أشخاص، من بينهم مسؤولان من محافظة الأنبار لـ هيومن رايتس ووتش، إن أفرادا من الشرطة الاتحادية والحشد الشعبي أعدموا يوم 3 يونيو/حزيران أكثر من 10 مدنيين من عشائر جُمَيلة فروا من السجر، قرية شمال الفلوجة. قال المسؤولون إنهم كانوا يحمون 3 شهود.

وقال أحد سكان الصقلاوية إنه في صباح 3 يونيو/حزيران، أتى إلى المنطقة أشخاص بالزي العسكري يدّعون أنهم من الجيش العراقي، أمروا النساء والشيوخ والأطفال بالانفصال عن الرجال. ثم فصلوا الرجال إلى مجموعات مختلفة. وضعه العسكريون مع 600 آخرين على الأقل، معظمهم من قبيلة المحامدة، في شاحنات واقتادوهم أخيرا إلى معسكر طارق، قاعدة للجيش جنوب الفلوجة على بعد 50 كيلومترا غرب بغداد. عندما ترجّل، عرف من الزي أن الحراس كانوا من "كتائب حزب الله"، وهي قوة بارزة ضمن الحشد الشعبي.

وقال إن قرابة 90 حارسا ضربوه وسجناء آخرين بوحشية طوال الـ 24 ساعة التالية، مستعملين العصي والكابلات، وهم يهتفون ضد السُنة. قال إن 3 رجال ماتوا أمامه. صبيحة 5 يونيو/حزيران، حررت قوات الشرطة المحلية الرجال وأرسلتهم لمستشفى عامرية الفلوجة.

وقال عامل إغاثة عراقي في المستشفى إن أكثر من 50 رجلا من الكرمة والصقلاوية أخبروه أن مقاتلي الحشد الشعبي ضربوهم بعد احتجازهم أثناء العمليات العسكرية، وتعرضوا أحيانا لمعاملة أكثر وحشية.

وقال المسئول بمحافظة الانبار إن المحرَّرين أخبروه برؤيتهم مقاتلي الحشد الشعبي يأخذون 600 رجل أو أكثر من عشائر المحامدة. قدم مسؤول آخر في الأنبار قائمة بأسماء 49 رجلا رآهم المُحرَّرون يموتون خلال الاحتجاز. كما قدّم المسؤول قائمة بأسماء 643 شخصا آخرين من الصقلاوية ما زالوا مفقودين. قال المقيم في الصقلاوية الذي اعتُقل وتعرض للضرب لـ هيومن رايتس ووتش إن بعض أعمامه وأبناء عمومته مفقودون منذ 3 يونيو/حزيران.

وفي 28 يونيو/حزيران، في شهادته لمجلس الشيوخ الأمريكي، قال بريت ماكغورك، مبعوث الرئيس الأميركي باراك أوباما الخاص للتحالف الدولي ضد داعش، ردا على سؤال من عضو مجلس الشيوخ إد ماركي حول تحقيق الحكومة العراقية، إن "حوالي 4-5 أفراد من الجيش العراقي اعتُقلوا. لم ينتهِ التحقيق بعد". وصف ماكغورك في 22 يونيو/حزيران تقارير عن الانتهاكات بـ "فظائع معزولة ارتكبها البعض في الحشد الشعبي"، وقال إن الحكومة العراقية "تفعل الصواب لضمان مساءلة أي شخص ينتهك حقوق الإنسان".

وقالت هيومن رايتس ووتش إن على سلطات العدالة الجنائية العراقية التحقيق في جميع الجرائم المزعومة، بما فيها القتل والتعذيب وغيرها من الانتهاكات، من قبل أي طرف خلال الصراع بسرعة وشفافية وفعالية، وصولا إلى أعلى المستويات المسئولة. أولئك الذين تثبت مسؤوليتهم الجنائية تجب محاكمتهم بشكل مناسب.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن على السلطات العراقية أن تجري ملاحقات قضائية عادلة بحق أعضاء داعش وغيرهم ممن يرتكب هجمات غير قانونية ضد المدنيين. يجب أن تطال الملاحقات أيضا المسؤولين عن الهجوم الرهيب يوم 3 يوليو/تموز ضد أناس كانوا يتسوقون استعدادا لعيد الفطر في حي الكرادة في بغداد. قتل الهجوم 165 شخصا وجرح 225 آخرين على الأقل. مثل هذه الهجمات هي جرائم حرب، وعندما تكون جزءا من هجوم واسع أو منهجي ضد المدنيين، فهي تشكل جرائم ضد الإنسانية.

وذكرت المنظمة أنه على أولئك الذين يجرون مثل هذه التحقيقات الجنائية ويتخذون القرارات حول الملاحقات القضائية أن يكونوا مستقلين عمّن يُحقَّق معهم. يجب أن يكونوا من خارج السلسلة العسكرية النظامية ولا يخضعون للتدخل السياسي. على السلطات ضمان سلامة جميع الشهود. في الوقت نفسه، ينبغي إنشاء لجنة تحقيق أو ما يعادلها لدراسة المخاوف الأكبر حول ما إذا كانت الانتهاكات تُرتكب بكثرة أو بشكل منهجي.

و قال ستورك: "يجب أن تُدرك الحكومة الأمريكية وتعالج الانتهاكات المستمرة على نطاق واسع من قبل القوات الحكومية العراقية، والغياب شبه التام للتحقيقات الشفافة أو أية تحقيقات على الإطلاق. يجب ألا تشيد الولايات المتحدة بالتزام الحكومة شفهيا بالمساءلة، بينما تغيب المعلومات التي تشير إلى حدوث أي شيء من هذا القبيل".



أضف تعليق