العدد 5062 بتاريخ 16-07-2016م تسجيل الدخول


الرئيسيةثقافة
شارك:


قصة قصيرة...وداع

قصة قصيرة - عثمان بالنائلة (تونس)

الكلب جوبا في رواية محمد شكري

نهض بصعوبة. نظر إلى صورة سيده المعلقة على الحائط باِهتمام. بصبص. فتح فمه. وأخرج لسانه بينما كان يلهث. سقطت بضع قطرات من لعابه على الزربية المزركشة الزاهية الألوان. كانت عيناه محمرتان. وبدا عليه الإجهاد والسقام. تساقط شعره حتى ظهر جلده في بعض المواضع من جسده. تنهد. و تحركت أذناه تنصتان إلى دقات الساعة الحائطية الرتيبة. كان شيء بداخله ينبئه باِقتراب النهاية. تراقصت أمام عينيه صور متداخلة من الماضي. رأى نفسه بين إخوته يزاحمهم ليرضع الحليب من ثدي أمه. وأبصر سيده يحمله بين ذراعيه ويربت على رأسه قائلاً: "اِسمك منذ اليوم هو جوبا". لمح وجوه الكلبات اللاتي عاشرهن. رأى عظاماً مكدسة أمامه يلعقها بشغف ويلتقطها بين أنيابه قبل أن يكسّرها. تناهت إلى سمعه أنغام شوبان. فألقى نظرة على مكتب سيده الذي ااعتاد أن يصغي إليها حين يكتب مساء. أحس أنه مشتاق لرؤيته وأنه يرغب أن يلقي رأسه المثقل بالذكريات بين يديه. شعر بوحدة قاتلة. كان يرغب أن يودع كل ما عرفه طيلة حياته. كان كل ما حوله ينبض بحياة قد بدأت تنسل منه رويداً رويداً كنبتة اُجتثت من الأرض. حاول أن يبصر النجوم في السماء المظلمة من خلال النافذة كأنه يبحث عن أجوبة لأسئلة لا يعرفها. تمدد من جديد مستسلما لعدو قهره. ورفع عينيه إلى السقف منتظراً وقوع أمر لا يدركه. أحس أن حلقه قد جف. لم يستطع أن يحرك لسانه. وجحظت عيناه. انتابه الذهول والذعر حتى لفه السواد بينما كان ينصت إلى صوت دقات قلبه الذي بدأ يخفت إلى أن انقطع.



أضف تعليق



التعليقات 3
زائر 1 | 1:15 ص قصة رائعة. دمت مبدعا. رد على تعليق
زائر 2 | 1:18 ص هكذا هي الحياة ليست فقط مع الانسان فقط وانما مع الحيوانات نفسها تدور الحياة بنا حتى ينتهي بناالمطاف من بنا من حيبث اتينا من تراب والى التراب نعود .. إنا لله وإنا إليه راجعون رد على تعليق
شويه أمل | 11:29 م ابداع رد على تعليق