العدد 5138 بتاريخ 30-09-2016م تسجيل الدخول


الرئيسيةاقتصاد
شارك:


السياسة النقدية في اليابان وصلت أقصى ما في إمكانها

الوسط - المحرر الاقتصادي

المصادر: وزارة الشؤون الداخلية والاتصالات وهيفر أناليتكس وقسم الاقتصاد في QNB

في 21 سبتمبر/ أيلول، قرر  بنك اليابان (البنك المركزي) دعم سياسة "التيسير النقدي الكمي والنوعي" الحالية بسياسة أخرى جديدة تعرف باسم "التحكم في منحنى العائد". وفق تقرير نشره بنك قطر الوطني.

وقد جرت العادة تقليدياً أن تلجأ البنوك المركزية في إدارة  السياسة النقدية بالتحكم في أسعار الفائدة على المدى القصير، عن طريق خفضها عندما يكون الاقتصاد في حالة تعثر، ورفعها عندما يكون في حالة نشاط مفرط. وتمثل سياسة بنك اليابان الجديدة ابتكاراً جديداً إذ أنها تهدف للسيطرة على أسعار الفائدة طويلة الأجل وقصيرة الأجل في وقت واحد. وعلى الرغم من هذه الخطوة المبتكرة، فإنه من غير المرجح أن تقدّم هذه السياسة دعماً كبيراً للاقتصاد الياباني أو رفع معدل التضخم المتهاوي. ولذلك، يمكن للسياسة المالية أن تكون هي الأداة الأكثر  فعالية في هذا الخصوص.

اتخذ بنك اليابان أربعة تدابير في جلسته المنعقدة يوم 21 سبتمبر. أولاً، قرر البنك إبقاء سعر الفائدة قصيرة الأجل دون تغيير عند -0.1%. ثانياً، وعد بالحفاظ على عائدات السندات لعشر  سنوات عند مستواها الحالي البالغ 0%. ثالثاً، قرر  البنك الاستمرار  في شراء ما قيمته حوالي 8 تريليون من سندات الحكومة اليابانية سنوياً، وهو ما رأى فيه إجراءً كافياً للحفاظ على أسعار الفائدة طويلة الأجل عند مستوى الصفر. رابعاً، وعد البنك بمواصلة مشترياته حتى يتجاوز  معدل التضخم الأساسي النسبة المستهدفة 2% والبقاء على ذلك لفترة طويلة من الزمن.

لماذا تصرف البنك المركزي الياباني بهذه الطريقة غير التقليدية؟ لقد أظهرت بيانات حديثة من اليابان أن النشاط الاقتصادي آخذ في التباطؤ. كما نما الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 0.7% فقط في الربع الثاني. والأهم من ذلك هو أن الانكماش قد عاد مرة أخرى مع انخفاض التضخم الأساسي لحدود -0.5% في يوليو. وتشير  استطلاعات توقعات التضخم إلى أنه من المرجح استمرار  الاتجاه الهبوطي في الأسعار. كما تشير أحدث الأرقام إلى أن 27% من الأسر اليابانية لا تتوقع ارتفاع الأسعار مقارنة مع نسبة 18% في العام السابق. وعلاوة على ذلك، فإن محاولات بنك اليابان لتحفيز الاقتصاد من خلال تقديم أسعار  فائدة سلبية قادت لنتائج عكسية. فقد أضرت أسعار الفائدة السلبية بربحية البنوك التجارية وجعلتها أكثر  تردداً في الإقراض. وقد كان هذا عاملا ًمهما وراء الضعف الأخير  في البيانات الاقتصادية.

 

هل ستنجح سياسات بنك اليابان الجديدة في تعزيز النمو ورفع معدلات التضخم؟ نشك في ذلك. فوعد بنك اليابان بتجاوز النسبة المستهدفة للتضخم غير صادق نظراً لأنه لم ينجح حتى الآن في رفع التضخم إلى نسبة 2% المستهدفة بعد الفترة القصيرة التي ارتفعت فيها الأسعار نتيجة لزيادة ضريبة الاستهلاك. والأسواق أيضا متشككة بشأن حزمة السياسات الجديدة، فقد تراجعت قيمة الين عقب إعلان بنك اليابان ‒ ضعفت قيمة الين في البداية ثم ارتفعت مقابل الدولار الأمريكي. وعلى الرغم من أن الأسهم اليابانية قد ارتفعت بحوالي 3%، لكن  أغلب هذا الارتفاع كان بسبب تقاعس بنك اليابان عن تخفيض معدلات الفائدة قصيرة الأجل أكثر إلى المنطقة السلبية (الأمر الذي من شأنه أن يضر بالبنوك) وليس نتيجة عمله على الجبهات الأخرى.

وبشكل أعم، نعتقد أن السياسة النقدية في اليابان ربما تكون قد وصلت أقصى ما في إمكانها. ولن يكون لإدخال سياسات نقدية جديدة لتقليص المعدلات بعدد قليل من النقاط الأساسية هنا أو هناك سوى تأثير  هامشي. 

لكن هناك مجال كبير لتحفيز  الاقتصاد من خلال السياسة المالية. ولكي تعود سياسة أبينوميكس إلى مسارها الصحيح وتحقق هدفها الطموح الذي يتمثل في إخراج اليابان من دوامة الانكماش، يجب أن تلعب السياسة المالية دوراً  أكثر فعالية. ومن شأن وعد بنك اليابان بالإبقاء على عائدات السندات الحكومية ذات العشر سنوات عند حوالي 0% أن يحفز الحكومة على الإنفاق والاستثمار. وقد بدأت الحكومة بالفعل في اتخاذ خطوات في هذا الاتجاه حيث أعلنت مؤخراً عن حزمة من المحفزات المالية. ونظراً لأن مناطق أخرى حول العالم، لا سيما منطقة اليورو، تسير نحو الانكماش على النسق الياباني، يمكن لتجارب السياسات في اليابان أن توفر فرص تعلم للجميع.

 



أضف تعليق