العدد 5203 بتاريخ 04-12-2016م تسجيل الدخول


الرئيسيةاقتصاد
شارك:


التكامل الاقتصادي الخليجي.. من "التجارة الحرة" إلى "السوق المشتركة"

المنامة - بنا

شكل مجلس التعاون الخليجي ومنذ نشأته عام 1981، واحداً من أكبر التكتلات الاقتصادية في العالم، حيث قدر حجم اقتصاد المجلس نهاية عام 2014 حوالي (1.7 تريليون دولار)، متقدما بذلك على اقتصاديات كثير من الدول الصناعية فقد احتل المرتبة 12 على مستوى العالم، ومستحوذاً على ما نسبته 35.4% من حجم الصناديق السيادية حول العالم حيث تقدر موجوداتها لـ 2.3 تريليون دولار.

هذا الحجم الاقتصادي الكبير الذي يتمتع به المجلس، يعود في الدرجة الأولى إلى تدفق عوائد كبيرة للنفط والغاز وقيام صناعات ثقيلة ومتعددة في مختلف المجالات، إلى جانب تنشيط العمليات التجارية والخدمية والمصرفية والسياحية، والتي أصبحت اليوم من أفضل الخدمات على مستوى العالم.

وقد مر الاقتصاد الخليجي منذ عام 1981 بعدد من المراحل والتغييرات، إلى جانب إقرار العديد من التشريعات الاقتصادية والاتفاقات التجارية التي ساهمت في زيادة النمو بشكل مضطرد، وتجاوز العديد من الأزمات الاقتصادية العالمية، ومنها على سبيل المثال الازمة المالية العالمية عام 2008، وأزمة انخفاض أسعار النفط مؤخراً.

وقد بدأت أولى خطوات التكامل الاقتصادي الخليجي بالاتفاق على انشاء منطقة تجارة حرة بين بلدان المجلس في نوفمبر عام 1981، ودخلت حيز التنفيذ في مارس عام 1983، حيث تم الغاء التعرفة الجمركية على السلع والخدمات بين الدول الاعضاء، وقد شهدت فترة منطقة التجارة الحرة (1983-2002) ارتفاعا في حجم التبادل التجاري بين دول المجلس من 6 مليار دولار إلى 15.1 مليار دولار.

ومع التطور الطبيعي لحالة التجارة البينية بين دول المجلس وإيمانا من أصحاب الجلالة والسمو قادة المجلس بضرورة السعي الحثيث نحو التكامل في كل مجالاته، خصوصا التكامل الاقتصادي، أعلن المجلس الأعلى في دورته الـ 23 المنعقدة في الدوحة عام 2002، قيام الاتحاد الجمركي لدول المجلس، اعتبارا من يناير 2003.

وقد حقق الاتحاد الجمركي لدول المجلس العديد من الانجازات على صعيد التكامل الاقتصادي الخليجي، حيث تم اعتماد تعرفة جمركية موحدة تجاه العالم الخارجي، وتوحيد الأنظمة والاجراءات الجمركية بين دول المجلس، واعتماد نقطة دخول واحدة لتحصيل الرسوم الجمركية، وانتقال السلع بين دول المجلس دون أية قيود جمركية أو غير جمركية، وأخيراً معاملة السلع المنتجة في أي دول من دول المجلس معاملة المنتجات الوطنية.

ومنذ انشاء الاتحاد الجمركي عام 2002 كان هناك نموا ملحوظاً في انتقال السلع الوطنية والاجنبية بين دول المجلس وصل الى ما يزيد عن 700% نهاية عام 2014، حيث بلغت حجم التجارة البينية 124 مليار دولارا مقارنة بـ 15 مليار دولار عام 2002.

وسعيا لتحقيق التكامل الاقتصادي بين دول المجلس؛ أقر المجلس الأعلى في قمته الـ 28 في الدوحة عام 2007 (إعلان الدوحة لقيام السوق الخليجية المشتركة)، وهو ما يعمل على تحقيق (المواطنة الاقتصادية)، والتي تتيح لأبناء دول المجلس عددا من المزايا وتشمل؛ التنقل والاقامة، العمل في القطاعات الحكومية والأهلية، التأمين الاجتماعي والتقاعد، ممارسة الحرف والمهن، مزاولة الانشطة الاقتصادية والاستثمارية والخدمية، تملك العقارات، تنقل رؤوس الاموال، المعاملة الضريبية، تداول وشراء الاسهم وتأسيس الشركات، وأخيرا التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية، حيث صدرت عدداً من القرارات من المجلس الأعلى ومن اللجان الوزارية لتحقيق المواطنة الاقتصادية، والتي أصبحت اليوم أمراً واقعاً.

وهناك العديد من العوامل المساهمة في نجاح الكتلة الاقتصادية الخليجية، أهمها القرب الجغرافي لدول المجلس، طبيعة الموارد الطبيعية، قرب موارد الانتاج المغذية للصناعات القائمة، إلى جانب طبيعة المجتمعات الخليجية في العادات والتقاليد، وهو ما يسهل وضع قوانين وتشريعات اقتصادية متشابهة.

التكامل الاقتصادي الخليجي واحداً من اهتمامات أصحاب الجلالة والسمو قادة المجلس، ولذلك نجد أنه لم يخل بيانا من بيانات القمم الخليجية، لا يشير صراحة إلى ضرورة المضي قدماً في عملية التكامل الاقتصادي بين دول المجلس، وهو ما يمكن أن تنعكس آثاره الايجابية وبشكل مباشرة على الدول والأفراد، وهذا ما أكد عليه قادة المجلس في الدورة 35 التي عقدت في الدوحة عام 2014، حيث تم اعتماد ما اتخذته لجنة التعاون المالي والاقتصادي من خطوات للوصول للوضع النهائي للاتحاد الجمركي.

كما تم اعتماد القانون (النظام) الموحد للغذاء لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بصفة استرشادية بشقيه النباتي والتصنيعي الذي يهدف إلى ضمان سلامة الغذاء المتداول، وحماية الصحة العامة للمستهلك، وتيسير حركة تجارة الغذاء.

كما اعتمد استمرار العمل بكافة القواعد والمبادئ الموحدة لتكامل الأسواق المالية بدول المجلس بصفة استرشادية، لحين الانتهاء من منظومة القواعد الموحدة لتحقيق التكامل في الأسواق المالية بدول المجلس.



أضف تعليق