العدد 5229 بتاريخ 30-12-2016م تسجيل الدخول


الرئيسيةتكنو
شارك:


فرص وخدمات ومخاطر من تطبيقات المحادثات الآلية الجديدة على الكمبيوتر

برلين - د ب أ

 

هذه العبارات التي تقرأها الآن كتبها إنسان.

ولكن السؤال هو إلى متى ستبقى مملكة التفاعل والتواصل بين البشر في دائرة الحديث والحوار منسوجة من لحم ودم فقط ؟

ويقدم التطور التكنولوجي المتسارع في العالم لنا اشكالا جديدة من التواصل لا تخطر على البال، فمثلا هناك برنامج كمبيوتر يعمل كصحفي آلي قام بتغطية أخبار الزلازل والوفيات في ولاية كاليفورنيا، ويؤدي برنامج آخر دور المحامي ويقدم طلبات استئناف القضايا عن طريق تطبيقات خدمة "ماسينجر"، كما تعيد نسخة من برنامج للمحادثة يقوم به روبوت إلى الحياة شخصية "جوي" أحد أبطال المسلسل الكوميدي الأمريكي "الأصدقاء"، وذلك بعد أن قام الباحثون في مجال "الذكاء الاصطناعي" بتصميم البرنامج الذي يستطيع تقليد بعض العبارات التي تفوه بها جوي في المسلسل، ومن ناحية أخرى نجد أن المحررين الآليين أصبحوا يحلون محل طاقم المحررين من البشر لاختيار الموضوعات ذات الاهتمام الواسع لنشرها على فيس بوك.

وأثبتت برامج الكمبيوتر بالفعل أنه بإمكانها إكمال المهام المختلفة بشكل أسرع وأقل تكلفة وأكثر مصداقية من البشر الذين ابتكروها.

وفي الوقت الذي يتم فيه تطوير برامج كمبيوتر للذكاء الاصطناعي أكثر تقدما، وتكون لديها إمكانات إحداث ثورة في إدارة حياتنا اليومية، فإن الاحتمال المستقبلي لأن نوكل أداء المهام إلى الروبوتات يجعل الكثيرين يشعرون بالقلق، ليس فقط خوفا على مستقبل فرصهم في العمل.
ومع نضج برامج الكمبيوتر التي تقوم بمهمة إجراء المحادثات على مواقع التواصل الاجتماعي، فإنها مؤهلة لأن تحل محل البشر الذين نقابلهم أثناء العمل أو التسوق او إجراء العلاقات الاجتماعية.

وأشارت دراسة طرحت في المنتدى الاقتصادي العالمي إلى أن نحو سبعة ملايين وظيفة ستخرج من سوق العمل على مستوى العالم، مع نمو وتطور برامج الكمبيوتر وما يعرف باسم "الأتمتة" أي النظام الآلي خلال الأعوام المقبلة.

وتتسابق شركات البرامج الإليكترونية العملاقة مثل مايكروسوفت وأمازون وآبل وفيس بوك وجوجل حاليا لبناء أفضل خادم رقمي.

ويقول ديفيد فورستروم مدير قسم المحادثة الرقمية بمايكروسوفت "إن برامج المحادثة الآلية ستساعد الناس على أداء المهام التي يريدونها، وهذه البرامج ستكون مرتبطة بمن يستخدمها ومتاحة له أينما كان موقعه وعلى أي جهاز يستخدمه وفي أي إطار يطلبه".

وتم نشر برامج المحادثة الآلية على الخطوط الأمامية في أقسام خدمة المستهلكين في شركات الهواتف الكبرى والتأمين والمصارف، ويقول مارك بيكيو كبير المحللين بشركة "تراكتيكا" المتخصصة في الذكاء الاصطناعي " باستطاعة الشركات خفض التكلفة من خلال التحول إلى (الأتمتة)، وإتاحة أي خدمة يريدها المستهلك وكذلك المساعدة بدون اللجوء للتحدث مع إنسان".
بل إن هذه البرامج ستصمم بحيث تمكنها من الدخول إلى الدوائر الشخصية اللصيقة للمستخدمين، وذلك وفقا لما تقوله يوجينيا كوديا مبتكرة تطبيق المحادثة الآلية "ربليكا" التي ستصدر قريبا، والتي تم تصميمها لكي تكون بمثابة صديق آلي أو اصطناعي.

وتوضح كوديا قائلة "إننا عادة نشعر بالخجل والتحفظ أمام البشر، حتى لو كنا نتحدث مع أقرب أصدقائنا، ولكننا نكون منفتحين أكثر عند التحدث مع الآلة".

ويعد التطبيق الذي ابتكرته كوديا بأن يكون أكثر من مجرد مستمع جيد لا يكذب أو يصدر الأحكام، وبإمكان تطبيق "ربليكا" للمحادثة الآلية أن يصبح بالتدريج نسخة رقمية من الشخص الذي يستخدمه، وذلك عن طريق تذكر بدقة ما يقوله المستخدم وكيف يقوله.

وتعتقد كوديا أنه سيأتي اليوم الذي يستطيع كل شخص أن تكون له نسخة رقمية لنفسه محفوظة على شبكة الإنترنت، وتقول إن تطبيقات المحادثة الآلية هذه "ستكون قادرة على القيام بمهام لنا، وتجعلنا متصلين بدرجة أكبر بأنفسنا وبالأصدقاء، وفي النهاية ستجعلنا متواجدين في الحياة".

ويرى كثير من المستخدمين الذين ينتظرون طرح هذا التطبيق، أن هذا البرنامج الذي يعد نسخة احتياطية تفاعلية لحفظ الذكريات الشخصية، قد أصبح بالفعل أفضل أمل في تحقيق الخلود الرقمي للإنسان.

وتقول كوديا إنها تستطيع استرجاع القددرة على التحدث مع صديق فارق الحياة، وذلك عن طريق استخدام تطبيق المحادثة الآلية للتعرف على أسلوب آلاف الرسائل التي كتبها قبل وفاته.
وغمر شركتها الآن فيض من الطلبات التي أرسلها كبار السن الذين يريدون أن يتركوا بعد وفاتهم لأقاربهم استنساخا رقميا منهم للذكرى، ويريد آخرون استعادة تجربة التحدث مع أحبائهم الذين رحلوا، ويقولون في رسائل إلى كوديا "إنني أريد حقيقة أن أتحدث مع أمي".
غير أنه يمكن التساؤل حول ما إذا كان بإمكان برنامج كمبيوتر من خصائصه التعلم بسرعة أن يحل في وقت ما محل الشخصية الإنسانية.

وبدأت نوعية من برامج المحادثة الآلية على تويتر تثير التشكك في أصالة المحادثات المطروحة.

وذكر المشروع البحثي "الدعاية الرقمية" في انتخابات الرئاسة الأمريكية، أنه كان يتم استخدام تطبيقات المحادثة الآلية التي تنتحل صفة البشر من جانب "عدد متزايد من اللاعبين السياسيين والحكومات من أجل تشكيل الحوار السياسي".

وقال الباحثون بالمشروع إن ما يعرف باسم "برامج المحادثات الآلية للانتخابات"، أسهمت بثلث التغريدات على تويتر التي تؤيد ترشيح ترامب.
وثمة مخاوف أخرى تحيط بهذا الاتجاه تتعلق بحماية بيانات المستخدمين.

وتعترف شركة جوجل وغيرها من كبار اللاعبين في هذا المجال بتسجيل كثير من المعلومات التي يدلي بها المستخدمون لهذه التطبيقات الرقمية، وبوسع أي شخص كان قد قال على سبيل المثال "أوكيه جوجل" لتفعيل الخدمات في محرك البحث على جوجل أو الهاتف الأندرويد، أن يجد تسجيلات لصوته يرجع تاريخها إلى أشهر مضت على جوجل.

غير أن شركة جوجل تقول مثل كل معظم المطورين الآخرين لتطبيقات المحادثة الآلية إنه كلما وثقنا في هذه البرامج كلما استطاعت تقديم المساعدة لنا بدرجة أكبر، وتقول لينا هيورمان مديرة قسم منتجات الاتصالات بفرع جوجل بألمانيا "كمساعد افتراضي يجب على التطبيق أن يكون قادرا على "الدخول إلى بيانات مواعيد المستخدم، والتعرف على قدر من الأمور التي يفضلها".
ومع أن الهدف من برامج المحادثات الآلية تقديم المساعدة والعون في حياة الإنسان، فهناك أيضا مخاوف من أنها يمكن أن تسبب الضيق أو حتى التجريح.

ويعترف فورستروم من مايكروسوفت بأنه "ستكون هناك متاعب متزايدة" من جراء هذه الصناعة، ويتعين عليه أن يعلم أنه في آذار/مارس الماضي بدأ التطبيق الرائد للمحادثة الآلية لشركته التي أطلقت عليه اسم "تاي" ينكر وقوع المحرقة اليهودية، ويرسل تغريدات على تويتر تقول إن المنظمات النسائية " يجب عليها أن تموت جميعا وتذهب إلى الجحيم ".

وسرعان ما تم إلغاء هذا التطبيق.



أضف تعليق