العدد 5283 بتاريخ 22-02-2017م تسجيل الدخول


الرئيسيةالوسط أونلاين
شارك:


قصة قصيرة... على أي قطعة لحم مختلفين؟

سامي محمد عبدالفتاح - قاص مصري

سامي محمد عبدالفتاح

كان جيران الطبيب أسعد مستغربين، غير مصدّقين ما يسمعون؛ حيث كانت هذه هي المرة الأولى التى يسمعون فيها صوت شجار بين الطبيب المعروف وزوجته الأستاذة لطيفة منذ زواجهما.

والتم الجيران داخل شقة أسعد محاولين جاهدين تهدئة الأمور. وأسئلة الجيران عن سبب الشجار، ليس لها إجابات سوى نظرات وهمسات بين الطبيب أسعد وزوجته توحي بأن الأمر خطير.

دقائق قليلة وأقنعهم أسعد بأنه سوء تفاهم بسيط بينه وبين لطيفة. وانصرف الجيران وأغلق أسعد باب الشقة والشبابيك، واحتدم الشجار بصوت لم يسمعه الجيران، ولكن ندى كانت تسمعهم بوضوح، وكانت ندى طفلة في العاشرة من عمرها شديدة التعلق بأبيها من أمها، ولم ينجب أسعد ولطيفة غيرها.

كان أسعد يحاول أن يقنع لطيفة أن الأمر بسيط، مجرد "قطعة لحم بارزة" سيقطعها صديقه الطبيب المعروف، دون أن يعلم أحد، ودون قلق أو خوف. والأم تنظر إلى ابنتها وتبدي رفضها، وتحاول إقناع زوجها أن الحفاظ على البنات لابد له من تربية، وأخلاق، وسلوكيات. وتذكره برأي العلم والدين، وكم دارت بينهما من مناقشات لسنوات وسنوات في هذا الأمر بالذات، حتى وضحت كل الملابسات، ومدى خطورته على البنات. وأخبرته بكل جرأة وصراحة بأنها لن تتجاهل رأي العلم والدين وتقبل عادات وتقاليد، قد ترسخت بعقله بحكم نشأته في الصعيد.

دخلت ندى غرفتها، وأمام المرآة أخذت تتفحص جسدها، وتسأل نفسها "على أي قطعة لحم مختلفين؟"، "ربما على شفتي أو أنفي"، "ربما صدري أو أصابعي"، "فليس هناك ما هو بارز بجسدي غيرها". ويصيب ندى الخوف، وتقفز إلى السرير وتضع رأسها بين كفيها وتضم قدميها، وتلامس ذقنها ركبتيها، وتكررالسؤال مرات ومرات "على أي قطعة لحم مختلفين"؟، ويملؤها الخوف، وتتحسس جسدها، وتحاول أن تبحث عن إجابات، تقع يدها على أذنها "أه... أه... لقد أخطأت ونسيت، لابد أن أذني بارزة أكثر من اللازم". وظلت ندى ممسكة بأذنها حتى غطت في نومها. 

وفي الصباح استغل أسعد أن زوجته في عملها، واصطحب ابنته إلى عيادة صديقه كي يستأصل قطعة اللحم من جسدها.

وبعد عودة لطيفة من عملها وجدت ابنتها ممددة في سريرها، تبكي، خائفة، شاحب لونها "آه... آه... أشعر بألم كبير يا أمي"، وتضم الأم ابنتها في حضنها، تبكي غير مصدقة ما فعله زوجها الطبيب المعروف. ويدخل عليهما أسعد "ألم أقل لك إن الأمر بسيط"، "هكذا نستطيع أن نحمي ابنتنا". والأم صامتة... والحيرة بعقلها متحركة، هل تنفجر بوجهه وتطلب الطلاق؟ أم تبلغ الشرطة؟ أم تبلغ نقابة الأطباء ليتخذوا ضده إجراء؟

وحل الصمت على وجهها والضجر داخل قلبها. وقد هدأ الشجار بين أسعد ولطيفة، فهو معتاد منذ أن كان في قريته بالصعيد، لكي يهدأ الشجار، لابد له من ذبيحة يلطخ جسدها بدمائها.

اقترب أسعد من ندى يسألها عن أخبارها، فتتشبث ندى بجسد أمها، وتخفي وجهها بحضنها، لم تعد بحاجة إلى أسئلة أو إجابات، فقد عرفت بعد أن سالت دماؤها بين أفخاذها "على أي قطعة لحم مختلفين".



أضف تعليق



التعليقات 2
زائر 2 | 10:36 م قصة مؤثرة ... عندما يكون صوت العادات و التقاليد أقوى من صوت العلم و الدين يكون حاملهما كمثل الحمار يحمل أسفارًا رد على تعليق
زائر 4 | 12:43 ص الله يهداك يا سامي عبدالفتاح،،، انا انشديت للقصه و قعدت اقرأ و اخرتها طلع ختان البنات،،، انا فكرت الموضوع بيذبحونها او بياكلون لحمها،،، و بعدين احنا ما عندنا ختان البنات في البحرين،، ما عندك سالفه يا عبدالفتاح. رد على تعليق