العدد 5305 بتاريخ 16-03-2017م تسجيل الدخول


الرئيسيةاقتصاد
شارك:


الحد من مخاطر الكوارث للحد من الفقر

البنك الدولي

في عام 2013، وقع ما يقدر بنحو مليون فلبيني في براثن الفقر بعد أن أدى إعصار هايان إلى استنزاف 12.9 مليار دولار من الاقتصاد الوطني وتدمير أكثر من مليون منزل، بحسب "البنك الدولي".

وما إن دمر إعصار أيلا المناطق الساحلية في بنغلاديش في 2010 حتى ارتفعت معدلات البطالة والفقر 49 في المائة و22 في المائة على التوالي.

وأجبرت الضغوط الاقتصادية التي واجهت غواتيمالا بعد إعصار ستان في 2005 حوالي 7.3 في المائة من الأسر المتضررة إلى إرسال الأطفال إلى العمل بدلًا من إلحاقهم بالمدرسة.

حيثما تقع الكوارث، فإنها لا تخلف آثار الدمار فحسب بل تترك مجتمعات محلية في قبضة الفقر.

ورغم ذلك، فعندما نسمع عن كوارث طبيعية تقع اليوم، فإن كلفتها المالية، التي تعني الضرر الواقع على المباني والبنية التحتية والإنتاج الزراعي، هي التي تتصدر عناوين الأخبار. ومع ذلك تشير بحوث جديدة إلى أن التركيز على الكوارث الطبيعية من ناحية تأثيرها المالي فقط لا ينقل الصورة الكاملة. بل يشوهها في واقع الأمر.

ويرجع السبب في ذلك إلى أن التكلفة البسيطة لا تمثل إلا الخسائر التي يعانيها الأثرياء الذين لديهم ما يفقدونه في المقام الأول. ويخفق هذا التركيز في تسجيل الأثر المدمر للكوارث الطبيعية على فقراء العالم الذين يكابدون معاناة أكثر بكثير مقارنة بالأشخاص الأكثر ثراء.

ومن خلال هذا المنظور، يحذر تقرير صادر عن البنك الدولي والمرفق العالمي للحد من الكوارث والتعافي من آثارها من أن الكوارث الطبيعية تعد عائقاً أكبر أمام إنهاء الفقر العالمي مما كان يعتقد في الماضي.  وصدر التقرير هذا الأسبوع في المؤتمر الثاني والعشرين للدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، ويؤكد التقرير المعنون "جدار منيع: بناء قدرة الفقراء على مواجهة الكوارث الطبيعية" على الحاجة الملحة لسياسات تراعي تغير المناخ وتحمي الفئات الأكثر استضعافاً في العالم بشكل أفضل.

وبالمقارنة مع نظرائهم الأكثر ثراءً، يزيد احتمال عيش الفقراء في مساكن هشة بمناطق معرضة للكوارث والعمل في قطاعات معرضة بشكل خطير للأحداث المناخية مثل الرعي والزراعة. ويحصلون أيضاً على دعم حكومي ومجتمعي أقل للتعافي. والنتيجة أن تأثير عاصفة أو فيضان أو جفاف أو زلزال على الفقراء يتجاوز في جسامته الضعفين مقارنة بتأثيره على أي شخص آخر.

فعلى سبيل المثال، عند ضربت الفيضانات غير المسبوقة مومباي في 2005،  تكبد الفقراء خسائر أكثر بنسبة 60 في المائة من جيرانهم الأكثر ثراءً- وعندما يفقد الفقراء القليل الذي لديهم، تحدث عواقب فورية وأحياناً لا رجعة فيها على صحتهم. ففي الإكوادور، وُجد أن الأطفال الفقراء الذين تعرضوا لإعصار النينيو  وهم في أرحام أمهاتهم في 1997-1998 يعانون من أوزان أقل نسبياً عند الميلاد وقامات أقصر وقدرات معرفية ضعيفة.

وإذ يقترح التقرير إجراءً جديدًا لتقييم الأضرار المرتبطة بالكوارث- يركز على العبء غير المتكافئ الواقع على عاتق الفقراء- فإنه يوضح أن الكوارث في الوقت الحالي تكلف الاقتصاد العالمي 520 مليار دولار (60 في المائة أكثر من الأرقام المعتادة) وتدفع نحو 26 مليون شخص إلى الوقوع في براثن الفقر كل عام.

ولكن هناك أمل. تستطيع الحكومات الحيلولة دون وقوع ملايين الأشخاص في براثن الفقر المدقع عن طريق سن تدابير توفر حماية أفضل للفقراء من الكوارث الطبيعية.

يقترح التقرير حزمة من "سياسات الصمود" من شأنها مساعدة الفقراء على التعامل مع عواقب الطقس السيء وغيره من الأحداث الطبيعية القاسية. ويشمل ذلك نظم الإنذار المبكر وتحسين فرص الحصول على الخدمات المصرفية ووثائق التأمين ونظم الحماية الاجتماعية (مثل برامج التحويلات النقدية والأشغال عامة) التي يمكن أن تساعد السكان على الاستجابة والتعافي من الصدمات بشكل أفضل. يناشد التقرير كذلك الحكومات ضخ استثمارات ضخمة في البنية التحتية والسدود والوسائل الأخرى للسيطرة على مناسيب المياه وإعداد سياسات ملائمة لاستخدام الأراضي ولوائح البناء. ويجب أن ترمي هذه الجهود تحديداً إلى حماية المواطنين الأكثر فقراً واستضعافاً ولا تقتصر على من يمتلكون أصولاً ذات قيمة أعلى.

يقيم التقرير الفوائد المتوقعة من هذه السياسات في 117 بلداً. فلو كانت أنغولا، على سبيل المثال، قد أدخلت شبكات أمان قابلة للتوسع لتغطية مواطنيها الأكثر فقراً، لحققت الحكومة مكاسب تساوي 160 مليون دولار خلال عام واحد. وعالمياً، يمكن لهذه التدابير مجتمعة أن تساعد البلدان والمجتمعات على توفير 100 مليار دولار سنوياً وتقليل تأثير الكوارث على الرفاه بنسبة 20 في المائة.

قال استيفان هالاغيت، الخبير الاقتصادي الأول بالمرفق العالمي للحد من الكوارث والتعافي من آثارها والمؤلف الرئيسي للتقرير "تواجه مختلف البلدان عدداً متزايداً من الصدمات غير المتوقعة نتيجة لتغير المناخ. ويحتاج الفقراء إلى حماية اجتماعية ومالية من الكوارث التي لا يمكن تجنبها. ومن خلال سياسات المخاطر المعمول بها والتي نعرف أنها فعالة، فإن الفرصة أمامنا للحيلولة دون وقوع ملايين البشر في براثن الفقر".

ويوضح التقرير أن الجهود الرامية إلى بناء صمود الفقراء تحقق مسعاها بالفعل. ففي الشهر الماضي فقط وبفضل برنامج التأمين المبتكر، تلقت هايتي وبربادوس وسانت لوسيا وسانت فنسنت وجزر غرينادين 29 مليون دولار لدعم جهود التعافي بعد التعرض لآثار  إعصار ماثيو.

يمثل التقرير خطة عمل لمساعدة البلدان على التكيف بشكل أفضل مع تغير المناخ وتعزيز صمود ورخاء المواطنين الأكثر استضعافاً. ومن خلال تسليح الفئات الأكثر استضعافاً بوسائل التعايش وإعادة البناء والتعافي، يمكننا زيادة فرصة البقاء بعيداً عن الفقر المدقع.



أضف تعليق