العدد 5338 بتاريخ 18-04-2017م تسجيل الدخول


الرئيسيةاقتصاد
شارك:


"صندوق النقد" يتوقع تباطؤ النمو في الشرق الأوسط .. ويرفعه للاقتصاد العالمي إلى 3.5%

توقع تقرير لصندوق النقد الدولي تباطؤ النمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط على خلفية اتفاق خفض الإنتاج بين كبريات الدول المصدرة للنفط في العالم، فيما رفع توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي هذا العام إلى 3.5 في المائة، بزيادة 0.1 في المائة، عن التحديث السابق في كانون الثاني (يناير) ، وفق ما نقلت صحيفة "الاقتصادية" السعودية.

وخفض الصندوق في تقريره الدوري "آفاق الاقتصاد العالمي" توقعاته للنمو الاقتصادي في عام 2017 في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وباكستان وأفغانستان، إلى 2.6 في المائة بعدما كانت 3.1 في المائة بداية العام.

وبحسب "رويترز"، قال الصندوق ومقره واشنطن "إن التوسع الاقتصادي البطيء يعكس نموا أقل في الدول المصدرة للنفط، على خلفية اتفاق دول منظمة أوبك على خفض إنتاج النفط، الذي تم التوصل إليه في تشرين الثاني نوفمبر 2016".

وأضاف أن هذا البطء "يطغى على التعافي المتوقع في نمو القطاع غير النفطي، كونه سيسبب تباطؤا في الإجراءات المالية الهادفة إلى التكيف مع تراجع إيرادات النفط".

وكانت أسعار النفط، التي تأثرت بفائض العرض في الأسواق، قد انخفضت من أكثر من 100 دولار للبرميل في حزيران (يونيو) 2014 إلى نحو 30 دولارا بداية عام 2016، ما دفع عددا من الدول النفطية، وبينها دول الخليج، إلى اعتماد إجراءات تقشفية قاسية.

وفي مسعى لإعادة التوازن إلى الأسعار، اتفقت دول "أوبك" في تشرين الثاني (نوفمبر) على خفض الإنتاج بنحو 1,2 مليون برميل يوميا ابتداء من الأول من كانون الثاني (يناير)، بينما وافقت الدول المنتجة خارج المنظمة على خفض الإنتاج بنحو 558 ألف برميل.
وتأمل هذه الدول أن يسفر خفض الإنتاج بإجمالي 1.8 مليون برميل يوميا، الذي من المفترض أن يستمر لمدة ستة أشهر في فترة أولى مع إمكانية تمديده، في تقليص تخمة الإمدادات ورفع الأسعار.

وتوقع تقرير الصندوق أن يعود معدل النمو للارتفاع في السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، إلى 1.3 في المائة في 2018، بعد تسجيله تراجعا هذا العام . وذكر أن النمو قد يتراجع في غالبية دول مجلس التعاون الخليجي الست، السعودية والبحرين وسلطنة عمان والكويت والإمارات العربية المتحدة، باستثناء قطر التي من المتوقع أن تسجل نموا بنسبة 3.4 في المائة مقارنة بـ 2.7 في المائة في 2016.

وفي شمال إفريقيا، توقع الصندوق الدولي أن يبلغ معدل النمو في الجزائر 1.4 في المائة في مقابل 4.2 في المائة في العام الماضي.
كما أن النمو سيتراجع إلى النصف في إيران بعدما شهد ارتفاعا كبيرا في العام الماضي وبلغ 6.5 في المائة، في ظل رفع العقوبات الاقتصادية عنها بفضل الاتفاق حول البرنامج النووي.

وكذلك، فإن العراق يشهد تقلصا في نموه الاقتصادي بنسبة 3.1 في المائة في 2017 بعدما سجل نموا بنسبة 10,1 في المائة العام الماضي، مع زيادة صادرات النفط.

وسيبلغ معدل النمو في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 2.3 في المائة في العام الحالي، مقارنة بـ 3.8 في المائة في العام الذي سبق، قبل أن يعاود الارتفاع ليبلغ عتبة 3.2 في المائة في العام المقبل.

وعلى الرغم من أن توقعات معدلات النمو في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تراجعت في 2017، إلا أن بعض دول هذه المنطقة المستوردة للنفط تسير في الاتجاه المعاكس لتحقق معدلات نمو مرتفعة.

ففي المغرب، توقع الصندوق أن يقفز معدل النمو من 1.5 في المائة العام الماضي إلى 4,4 في المائة في العام الحالي، بينما يرتفع إلى 2.5 في المائة في تونس بعدما بلغ 1 في المائة فقط في 2016.

اما في مصر، فتوقع الصندوق الدولي أن يتباطأ النمو ليبلغ معدل 3.5 في المائة هذا العام مقارنة بـ 4.3 في المائة العام الماضي، في ظل الانخفاض الحاد في قيمة العملة المحلية، على أثر قيام السلطات بتحرير سعر صرف الجنيه.

لكن التقرير قال إن "الإصلاحات الشاملة في مصر يتوقع أن تؤدي إلى زيادة النمو إلى 4.5 في المائة في 2018".
وأشار صندوق النقد الدولي، الذي استثنى سورية من تقريره إلى أن "استمرار الصراعات والأزمات في عديد من دول المنطقة يؤثر سلبا في النشاط الاقتصادي".

في مقابل ذلك، قال إن الاقتصاد الباكستاني سيستمر في التعافي بخطى سريعة ليبلغ معدلات النمو 5 في المائة هذا العام، و5.2 في المائة في العام المقبل، "مدعومة باستثمارات في قطاع البنية التحتية".

ويتزامن إطلاق تقرير صندوق النقد مع اجتماعات الربيع مع البنك الدولي في واشنطن هذا الأسبوع، حيث توقع الصندوق زيادة النمو في الاقتصاديات المتقدمة من 1.7 في المائة العام الماضي إلى 2 في المائة في عام 2018/2017. كما رفعه بشكل طفيف لكثير من دول الغرب ولليابان.

ومن المتوقع أن تشهد السوق الناشئة والاقتصاديات النامية، كمجموعة نموا بنسبة 4.5 في المائة هذا العام، بزيادة 0.4 نقطة في المائة على عام 2016. وتوقع صندوق النقد الدولي نموا بنسبة 4.8 في المائة لهذه المجموعة في العام المقبل.

وقال موريس أوبستفيلد كبير الخبراء الاقتصاديين بصندوق النقد الدولي في التقرير "يبدو أن التحسن الاقتصادي الذي نتوقعه منذ فترة بدأ يتحقق".

وفي الوقت نفسه، أبقى صندوق النقد على توقعاته للنمو في الولايات المتحدة هذا العام دون تغيير عند 2.3 في المائة، وهو ما يشكل قفزة كبيرة مقارنة بنمو بلغ 1.6 في المائة في 2016، وذلك لأسباب من بينها توقعات بأن يقدم الرئيس الأمريكي دونالد ترمب على خفض الضرائب وزيادة الإنفاق الحكومي.

وعدل الصندوق أيضا توقعاته للنمو في بريطانيا هذا العام إلى 2 في المائة بزيادة نصف نقطة مئوية عن توقعاته في يناير، وقال إن ظهور التداعيات السلبية للتصويت لمصلحة الخروج من الاتحاد الأوروبي سيستغرق وقتا أطول.

وعلى الرغم من أن النمو يشهد تحسنا بشكل عام على ما يبدو بين الاقتصادات المتقدمة والناشئة، وكذلك مصدري النفط والسلع الأولية المستفيدين من تعافي الأسعار، ومن بينهم روسيا، قال الصندوق إن التعافي لا يزال هشا.

وأضاف أن الآفاق تواجه عوامل غير مواتية؛ من بينها الضعف المزمن لنمو الإنتاجية والسياسات التي قد تقيد التجارة. ولم يذكر الصندوق على وجه الخصوص السياسات التجارية لإدارة ترمب التي تحمل شعار "أمريكا أولا" وتهدف إلى خفض العجز التجاري للولايات المتحدة.
إلى ذلك رأى الصندوق أن الانتعاش الاقتصادي العالمي في تحسن مستمر، لكنه لا يزال يواجه مجموعة من التهديدات التي يمكن أن تقضي على هذا التحسن، خصوصا مع تزايد المطالبة بالحمائية.

وحذر التقرير من "مخاطر جسيمة" تتهدد هذه التوقعات منذ كانون الثاني (يناير)، وبينها "التحول إلى الحمائية التي يمكن أن تقود إلى حرب تجارية"، حسبما قال أوبستفيلد في مقدمة التقرير.

وقال إن عددا من المخاوف تنبع من برنامج الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الذي يهدد بإزالة الضوابط المالية، والانسحاب من الاتفاقيات التجارية المتعددة الأطراف والحد من الهجرة. كما تنبع من قضايا تتعلق بالحملة المريرة في الانتخابات الفرنسية وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وأضاف أن التوجه المناهض للتجارة والهجرة في الاقتصادات المتقدمة يمكن فهمه إلى حد ما نظرا لأن "مكاسب النمو في الاقتصادات الغنية لم تصل إلى الدرجات الأدنى في سلم توزيع الدخل في العقود الماضية".

إلا أن أوبستفيلد حذر من أن "الإذعان لهذه الضغوط سيؤدي إلى إلحاق هذه الاقتصادات ضررا بنفسها"، وهو ما سيؤذي بعض الدول من خلال ارتفاع الأسعار، وتقلص دخل الأسر، وسيؤدي إلى أفعال انتقامية وإلى تدهور الاقتصاد العالمي".
واعتبر الصندوق، أن "مئات ملايين الأشخاص" خرجوا من دائرة الفقر بفضل التكامل الاقتصادي والتقدم التكنولوجي "ما أسهم في زيادة المساواة في المداخيل على المستوى العالمي".

غير أن أوبتسفيلد قال إن فوائد النمو وعبء التعديلات الاقتصادية لم يتم تشاطره بشكل متساو في أغلب الأحيان، ولذلك فإن على الحكومات "معالجة هذه التفاوتات بشكل مباشر لضمان استقرار نظام التجارة التعاونية المفتوح الذي سيفيد الجميع".

وأوصى صندوق النقد الدولي في تقريره بإطلاق "مبادرات مصممة بشكل مستهدف" لمساعدة العمال الذين تأثروا سلبا بالتجارة الحرة وغيرها من التغيرات الاقتصادية "في العثور على وظائف في القطاعات الآخذة في الاتساع"، ووضع "شبكات أمان اجتماعية لتخفيف تأثير تراجع المداخيل" وتحسين التعليم والتدريب على المدى الأطول.

وأضاف "بالمثل، فإن الحد من تدفق المهاجرين سيعيق الفرص أمام أصحاب المهارات في اختصاصات معينة في الاقتصادات المتقدمة، ما سيحد من الحصول على قوة إيجابية تسهم في الإنتاج ونمو الدخل على المدى الطويل".

أكد التقرير أن المخاطر على التوقعات "لا تزال تميل نحو الانخفاض"، ما يعني أن احتمالات سلبية أكبر تلوح في الأفق، على الرغم من أن النمو قد يكون أسرع من المتوقع، خصوصا في حال وجود برنامج إنفاق كبير للحكومة الأمريكية.

وأفاد التقرير بأن أكثر التهديدات إثارة للقلق هو الحمائية، إضافة إلى تهديدات بينها السياسات الأمريكية غير الواضحة حتى الآن، وتأثيراتها في الاقتصاد العالمي، خصوصا احتمال ارتفاع العجز وإلغاء نظم وقواعد مالية وضعت في أعقاب الأزمة المالية العالمية عام 2008.
وحذر التقرير من أن "القيام بعمليات تراجع كبيرة عن خطوات مهمة تم اتخاذها منذ الأزمة المالية لتعزيز قدرة النظام المالي على الصمود ستثير، احتمال ظهور أزمات مالية مكلفة في المستقبل".

وأكد أن "اعتماد الصين الخطير على الائتمان المتسع بسرعة" هو مصدر قلق آخر، إضافة إلى الطلب الضعيف في أوروبا، وسلسلة من العوامل غير الاقتصادية بينها المخاطر الجيوسياسية والفساد.

وتوقع الصندوق أن تحقق الصين نموا هذا العام بنسبة 6,6 في المائة بارتفاع بمقدار العُشر. كما توقع أن تحقق نموا بنسبة 6,2 في المائة عام 2018، أي بارتفاع بمقدار عُشرين.

وقال إن "النشاط الاقتصادي العالمي يتسارع، إلا أن احتمال حدوث خيبات أمل لا يزال مرتفعا، ومن غير المرجح الحفاظ على الزخم في حال عدم بذل أصحاب القرار جهودا لتطبيق مجموعة صحيحة من السياسات وتجنب اتخاذ خطوات خاطئة".



أضف تعليق