العدد 5371 بتاريخ 21-05-2017م تسجيل الدخول


الرئيسيةثقافة
شارك:


قصة قصيرة... الأب والمراهق

صلاح طاهر الطوعري - قاص يمني

في جنح الليل، فتح الباب بأيدي مرتجفة، دخل للمنزل خلسة، زحف نحو غرفته بهدوء كي لا يلاحظه أحد، فجأة ارتطم رأسه بجسم غريب! حاول زحزحته عن طريقه، ولكنه لم يتزحزح من مكانه، تلمسّه بيديه إذ بها أرجل إنسان واقفة أمامه بثبات، تعوّذ من الشيطان، تلمّسها مرة أخرى بيديه متمنياً أن يكون مخطئاً في تشخيصه، فكانت النتيجة كسابقتها، ابتلع ريقه، جسمه كان يرتعش خوفاً، أغمض عينه، تمتم بصوت خفيض: - الجن في منزلنا! فجأة... إذ بصاحب تلك الأرجل يبرحه ضرباً بالسوط، صرخ متألماً، فتح عينه كارهاً من هول تلك الضربات، فجأة... اطمئن قلبه، استسلم للأمر طواعية، كون تلك الضربات المتتالية لم تكن من الجن بل كانت من أبيه الذي كان ينتظر قدومه بفارغ الصبر، رجع لوضعيته السابقة، الصمت كان جوابه الوحيد لأنه ألِف تلك الضربات التي أصبحت روتيناً يومياً في حياته، وبعدها بلحظات... شعر الأب بالتعب، توقف عن الضرب، أردف غاضباً: ألم تتعب من الضرب المتكرر بعد؟! ليس هناك شخص في عمرك المراهق يرجع الى منزله في ساعة متأخرة من الليل!
- وأخيراً قمت بنطقها! نعم انا مراهق! أنا مراهق...
- وهل هذا صك غفران لتبرير تمردك الزائد عن حده؟!
- أبي، المسألة ليست معقدة كما تظن، أنت لك حرية الضرب! و... أنا لي حرية التمرد!
- ماذا؟ هل أنت بعقلك يا فتى؟!
- أبي، لا تكن أنانياً هكذا! مثلما تتلذذ بضربي، دعني أنا أيضاً أتلذذ بتمردي وسأستقبل ضربك لي بصدر رحب!
- وهل تظن ان ضربِي لك تلذذ؟!
- إذاً فلمَ تقوم بضربي دائماً؟!
- أضربك لكي لا تكرر أخطاءك!
- وهل نجحت في ذلك؟!
صمت الأب، قائلاً في نفسه: كلا لم أنجح بذلك... ولكنني إن أجبته بذلك... سأخسر كبريائي أمامه، وسيزداد هو تمرداً! أردف له قائلاً: المسألة ليست مسألة نجاح أو إخفاق... فالضرب هو استمرارية للتأديب، ومن دونه لن تعلم خطأك من صوابك، ولن يكون هناك رادع لتصرفاتك الخاطئة!
أحنى رأسه وتمتم: لا فائدة، لا فائدة... نظر اليه الأب بنظرة المنتصر وأردف: إن كانت هناك طريقة أخرى، فقل؟!
- بلى هناك... ضمني الى ذراعيك برأفة، وتلمس حوائجي، وأسالني عن مشاكلي برفق دون عنف، وناقشني بالتي هي أحسن لأكون لك ولداً صالحاً تفتخر به أمام الناس!


أضف تعليق