العدد 201 بتاريخ 25-03-2003م تسجيل الدخول


الرئيسيةالحرب
شارك:


وكيل الخامنئي في لبنان الشيخ محمد يزبك لـ «الوسط»:

إيران الهدف الثاني والمعارضة العراقية ستتحول إلى مقاومة

بيروت - منى سكرية

اعتبر الوكيل الشرعي للإمام علي الخامنئي في لبنان عضو مجلس شورى حزب الله الشيخ محمد يزبك في حديث إلى «الوسط»، ان الاحتلال الاميركي للعراق لن يدوم وأن «قوى المعارضة العراقية نفسها ستتحول إلى مقاومة»، مشيرا إلى محاولات إيران ثنيها عن القتال مع الأميركيين.

وتحدث الشيخ يزبك عن لواء بدر، وسورية وإيران «المستهدفتين»، وقضايا كثيرة على الساحة، ومعه كان هذا الحوار الآتي:

هل هناك موقف شرعي موحّد بين مختلف المذاهب الاسلامية اتجاه هذا العدوان الاجنبي على جزء من الأمة؟

- إننا نأسف للواقع الذي وصلنا اليه، اذ كانت البشرية تأمل في ان يكون القرن الـ 21 قرن الحرية والديمقراطية والتعبير عن الرأي وانصاف المظلوم ورفع الضيم والحرمان، لكن تفاجأنا بهذا العصر، إذ القطب الواحد الذي يحاول ان يتحكم بمصير المجتمع البشري ليكون العالم في قبضته يتصرف فيه كما يشاء. لذلك نقول إن الاعتداء على العراق في هذه الايام من قبل اميركا وبريطانيا وحلفهما، هذا الحلف لا يملك اية ذرة من شرعية اخلاقية او قانونية او دولية، وليس هذا الحلف موكلا اليه تحرير الناس وزرع الحرية للآخرين. ونعتقد ان هذا اعتداء صارخ على كرامة الامة العربية والاسلامية، والموقف الشرعي ينبغي ان يكون، ولكل العلماء والمذاهب، موقفا واحدا في ادانة هذا الاعتداء، والمطالبة بوقفه وكل الامة مطالبة بمواجهته. وذلك امر شرعي لان الانسان عندما يُعتدى عليه او تحتل ارضه، فالواجب الشرعي هو اخراج المحتل ورفع الاعتداء.

المواقف التي صدرت عن مختلف المرجعيات الدينية الاسلامية، هل كانت على مستوى خطورة الوضع؟

- نحن سمعنا من العلماء الكبار، سواء كان شيخ الازهر او المراجع الاخرى لجميع المذاهب صوتا في الوقوف ضد هذه الحرب، وجميع العلماء الذين يتحملون المسئولية لهم موقف واحد اتجاه هذا الغزو لارض العراق. ويبقى السؤال هل هناك تأثير لهذا الكلام، وكم استطاعت الامة ان تستجيب، فهناك نوع من العراقيل أمامه من قبل الكثير من الانظمة العربية على مستوى الفتوى والكلام.

كيف تنظرون الى موقف الفاتيكان والكنائس الاوروبية والاميركية في المواقف التي اتخذتها أخيرا من الحرب الاميركية على العراق، وكيف تفسرون استخدام الفاتيكان كلمة «صليبيةش لوصفها الحرب الاميركية على العراق؟

- نحن نُكْبر موقف الفاتيكان والكنيسة الكاثوليكية في العالم، ونشد على ايديهم، فهذه الحرب ليس لها صفة دينية كما عبّر قداسة البابا. وهذا ما يجعل اصحاب الديانة، مسلمين ام مسيحيين، يتوحدون في خندق واحد لمواجهة العدو الذي يحاول ان يعتدي ويظلم ويحتل بلاد الآخرين. ونحن نرحب بهذا الكلام ليس فقط بالنسبة الى موضوع العراق، بل نتمنى ان يكون هناك موقف مشابه بالنسبة الى فلسطين وما يجري على ارضها، لاننا نرى الغزو على العراق شبيها بالغزو على فلسطين والدم الذي يسفك في العراق هو نفسه في فلسطين.

برأيك، هل إن الحرب على العراق فقط؟

- حقيقة الحرب ليست على العراق، الادارة الاميركية المتطرفة التي تتحرك بالعقلية الصهيونية، لها اطماع في المنطقة. ويمكن للمحلل اذا عاد الى الانتخابات الاخيرة في الولايات المتحدة، عندما اتى بوش بقرار المحكمة لابد أنها اخذت منه توقيعات وتعهدا معينا، والآن هو ينفذه. واتى حادث 11 سبتمبر/ايلول فاعتبره ذريعة، وحاول ان يسوق المجتمع الدولي تحته لمحاربة الارهاب من دون ان يفسر الارهاب. ومن ذلك الوقت نحن نعرف ان الموضوع ليس افغانستان التي هي المرحلة الاولى وستتلوها مراحل اخرى، والآن مرحلة العراق، وهناك مراحل اخرى بعده.

المرحلة الثالثة برأيك مَنْ تكون؟

- قد نسأل لماذا العراق؟، من الطبيعي كان هناك نوع من الذرائع التي اعطاها صدام. وباعتبار موقعيته وتأثيره على مجتمعه والمحيط والجوار، كل ذلك فتح ذريعة للاميركان لان يتحركوا ويعتبروا العراق المرحلة الثانية. اما المرحلة الثالثة فهي المنطقة الرافضة للسياسة الاميركية. وطبيعي حين ننظر الى المجتمع العربي بكل عز وافتخار فلا نرى الا البطل العربي الذي ارتفع صوته في شرم الشيخ وغيرها في القمم العربية. هذا الصوت الذي يحمل ضمير الامة بكامله هو المهدد في المستقبل. يعني سورية بموقفها العربي، فطبيعي الاميركيون لا يقبلون. فالمهيأة سورية لما فيها من موقع اساسي للبنان والقضية الفلسطينية، وبعدها اعتقد ان ايران على الطريق. وايضا بفهمنا ان الاميركان حين يريدون ان يغيروا خريطة المنطقة، فالسعودية لها النصيب الاوفر في هذا الباب. وهذا شأن المستعمر اذ انه يوزع المنطقة الى دويلات صغيرة لتبقى كل المنطقة بحاجة اليه ويبقى العدو «الاسرئيلي» هو الذي يسود المنطقة.

هذا العدوان على العراق احدث فرزا واضحا، فرنسا والمانيا وروسيا كانت مواقفهم واضحة، قابلها موقف ايراني ومصري ملتبس، ما تعليقك على كل هذه المواقف؟

- حين نرى ان الامم المتحدة انقسمت الى محورين، محور تمثله اميركا والدول التي ترغب في الحرب ونستطيع ان نسميه بكل صراحة «المحور المارق»، اذا هناك مرجعية دولية إلا أن اميركا خرجت عليها. المحور الآخر هو الذي وقف في وجه الحرب، وهي المسيرات التي حصلت سواء داخل اميركا ام اوروبا ام في العالم العربي والغربي. المسيرات تعبير عن رفض البشرية للغة الحرب، وطموح لتحقيق الآمال من خلال رفع الظلم والحرمان عنها حتى تعيش نوعا من الاستقرار والامن. كان تعبير الشعب واضحا حتى داخل اميركا ضد هذه الحرب. ايضا في مجلس الامن صار هناك توافق على القرار 1441، وانزعج الاميركان منه ولكنهم تأملوا ان يسوقوا العالم فيما بعد بقرار ثان في الوقت الذي يرونه مناسبا. وكان العراق يستجيب ويرفع الذرائع، وصل الامر الى نهاية المهلة المحددة وكانت امكاناتهم لاحتلال العراق معدّة. وكشفوا انه اذا ما ذهب صدام ام لم يذهب فانهم سيدخلون العراق. وهذا ما رفضه المحور الآخر لمنع تنفيذ المآرب الاميركية فكان الموقف الفرنسي الجريء تحديدا في هذا الرفض. الموقف الاوروبي واضح فهم يعملون لمصالحهم، ولكن بالنسبة الينا عموما نحن نعتبره موقفا مهما ونثمنه عاليا. اما الموقف الايراني فانه اذا لم يكن مثل الموقف الاوروبي فانه احسن لانه ضد الحرب، وهذا ما نسمعه في تصريحات كبار المسئولين ومنهم السيد علي خامنئي. وقد كانت مبادرتهم في مؤتمر الدول الاسلامية بخصوص العراق لتجنب الحرب ونزع الذرائع لكن العراق لم يستجب. وايران ما تزال تندد بالحرب كما انها طلبت من قوى المعارضة الموجودة ألا تشارك في المعارك مع الاميركيين ضد العراق.

ولكن اللواء بدر التابع للمجلس الاعلى للثورة العراقية التابع لايران دخل الى شمال العراق للقتال؟

- ان اللواء بدر قسمان، هناك من هو موجود منذ 8 سنوات على مساحة من الارض في المنطقة الكردية.

وماذا عن مشاركة القوى السياسية المرتبطة بإيران ؟

- علينا ألا نحمّل ايران المسئولية في موضوع اللواء بدر. فهذا اللواء موجود كما قلت على الاراضي العراقية، ونحن سمعنا من قيادة هذا اللواء انهم غير مستعدين للمشاركة في القتال تحت إمرة الاميركيين. وقد عملت ايران على اغلاق حدودها لمنع القسم المتبقي من اللواء من المشاركة أو التوجه الى العراق. بالنسبة الى الايرانيين من الطبيعي ان يقولوا للعراقيين إنكم احرار فيما ترونه. وانا حسب فهمي وبصراحة اقول ان الايرانيين نصحوا هؤلاء بعدم القتال الى جانب الاميركيين، ولكن قالوا لهم انكم احرار فيما تريدون. الايرانيون حاولوا ألا تكون المعارضة تحت الاوامر الاميركية، وكذلك الا تحصل انشقاقات تزيد من ويلات الشعب العراقي. وايران ضد الحرب ولكن لا يمكنها الدخول في حرب لا تعرف الى اين ستؤدي، ومن يجرؤ على وضع يده بيد صدام. لذلك الايرانيون لا يستعجلون بهذا الامر ولا يدخلون معركة غير معروفة النتائج. هناك حكمة من القيادة الايرانية في هذا التصرف.

مع ادراكها لخطورة استهدافها...

- نعم هي مستهدفة في المستقبل. وكما قال الإمام ان اميركا ربما تستطيع احتلال آبار النفط في العراق، ولكنها لا تستطيع البقاء فيه. وهذا ما نعرفه في الشعب العراقي، هذا كلام مهم جدا، ولكن ايران لا يمكنها تحمل وزر الآخرين...

ماذا يعني احتلال اميركي للعراق، وما الصورة التي تتخيلها لمستقبل العراق بعد الحرب؟

- اود ان ان اقول انه قبل ان نسأل عن ايران علينا السؤال عمّا فعله العرب في القمة .

انا سألت عن ايران ومصر؟

- طيب، مع الاسف انا قلت ان صوتا واحدا ارتفع بوجه الاميركيين في قمة شرم الشيخ كان موقف الرئيس السوري، وفي هذا المناخ العربي المهترئ تجرأت اميركا عليهم ولا يدرون ان الثور الاسود سيُؤكل يوم أُكل الثور الابيض. فكيف ان بلدا كمصر تقمع اي تحرك شعبي لانها تنتظر مساعدات اميركا. وكيف لاميركا ان تحترمها. اما الموقف التركي فنرى فيه صفقات. ان اميركا تعرف جيدا هذه المنطقة فهي من عجنها وركبها و...

أي مستقبل لما بعد الاحتلال؟

- قد يرى البعض الجو مظلما، لكن اذا طالت الحرب وصمد الشعب العراقي، فذلك يعني ان اميركا دخلت في الوحل، ولابد ان شعوب المنطقة ستتأثر والا تقبل باستمرار هذا النزف الاميركي للمنطقة، وهذا سيضع حدا لاميركا، ويجعلها تعيد حساباتها، واليقظة ستأخذ الحركات الاسلامية والوطنية معا. الاميركي يخطط لاحتلال العراق ومنها ينطلق الى تغيير خريطة المنطقة وجلب انظمة جديدة، انا اقول إنهم يعيشون في احلامهم لان هذه المنطقة فيها شعوب لن تسكت. لا يمكننا ان نحكم من الآن، ولكن نحن نعرف طبيعة هذه الشعوب، حتى المعارضة العراقية التي تسألين عنها سنرى انها ستتحول الى مقاومة في وجه الاميركي المحتل، وستقوم بعمليات استشهادية. ليس ممكنا لهذا الشعب العربي المرتبط بالله ان يرضى عن الاحتلال الاميركي. ثم ان الاميركيين غير صادقين في اي امر، واعتقد ان هذه الحرب تحديدا ستولد كراهية لاميركا في العالم وخصوصا في منطقتنا.

هل انتم على اتصال مع قوى المعارضة العراقية من اجل بلورة مشروع سياسي لما بعد الحرب لاسيما وان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله اطلق مبادرة لاتفاق طائف عراقي شبيه بلبنان، بما يعني الحرص على عدم حصول حوادث ذات طابع مذهبي او سواه ؟

- عندما اطلق الاخ السيد حسن هذه المبادرة فهي لتجنيب العراق الخراب والدمار ورفض سفك الدم العراقي بيد اميركا. نحن نتمنى لو لم يحصل اي لقاء بين المعارضة وبين الاميركيين مهما كانت الظروف، ولكننا لا يمكننا تجاوز مشاعر الناس، وما سمعناه منهم انهم ضد الحرب وانهم يعملون لمصالحهم وانهم جاهزون لاسقاط النظام شريطة الا تدعمه اميركا مرة أخرى كما حصل العام 1991. لقد رأى البعض في المعارضة عملاء، ونحن نرى في ذلك تجنيا ونرفضه، فهناك 4 ملايين مواطن عراقي خارج العراق، ويجب النظر الى اوضاعهم النفسية. من هنا كانت مبادرة الاخ نصرالله من خلال تقديم تنازلات من جانب النظام والمعارضة لسحب الذريعة من ايدي الاميركيين، ولكن لا المعارضة ولا النظام استمعا الى ذلك.

وهل انتم على اتصال دائم مع هذه القوى؟

- طبعا لنا لقاءات مع قوى اسلامية ووطنية، وقلنا لهم ان ما يهمنا هو العراق وان شعبه هو الذي يجب ان يقرر لا ان يسمح للآخرين بالتدخل في شئونه. فنحن حريصون على وحدة العراق ووحدة شعبه بكل الطوائف، من هنا نتواصل مع قوى المعارضة.

ما الذي تخشونه بالنسبة الى العراق... تقسيم ام حرب مذهبية ام احتلال دائم؟

- نحن لا نرى امكان استمرار الاحتلال الاميركي، والشعب العراقي لا يمكن ان يتعاطى مع هذا الاحتلال بالقبول، هذا شعب معروف تاريخه، وكل من احتله لم يبق وسيحصل ذلك، سيدفع الشعب العراقي اغلى ما عنده لتحرير ارضه من الاحتلال الاميركي. نحن عندنا اطمئنان بذلك، وهذا ما قاله سماحة القائد الخامنئي «إنه قد يتسنى للاميركيين احتلال العراق، ولكن لا يمكنهم البقاء فيه». وهذا يجعلنا نقتنع بان قوى المعارضة الاسلامية والوطنية لن تدخل في حروب داخلية او مذهبية وهي اكبر من ذلك، وتجاربها ومعاناتها لا تسمح لها بذلك إلا ـ لا سمح الله ـ اذا عملت اميركا على احلال الفتن. إن اي خلاف طائفي او مذهبي بينها يودي بها ويكون لمصلحة اميركا. مصلحة الجميع هي التوحد ونأمل ذلك.

هل تخشون تحركا «اسرائيليا» للاستفادة من هذا الظرف؟

- يرتبط ذلك بمصير الحرب الاميركية على العراق والى اين ستؤدي نتائجها، ولربما حصل تهجير للشعب الفلسطيني في حال نجحت الحرب الاميركية على العراق. اما «خريطة الطريق» فهي استرضاء للعرب لاسكاتهم. هذا ما حصل مع وعود بوش الاب ورأينا ما هي نتائج مؤتمر مدريد. نحن نراهن على صمود وصبر الشعب الفلسطيني. نرجو ان يكون الاميركي قد دخل في الوحل العراقي لان ذلك قد يجعل «اسرائيل» تعيد حساباتها مع الشعب الفلسطيني. كما ان اي اعتداء على لبنان لم يعد سهلا وان كان علينا الحذر



أضف تعليق