العدد 203 بتاريخ 27-03-2003م تسجيل الدخول


الرئيسيةالحرب
شارك:


المعارضة العراقية ومخاضات الحرب الراهنة

لندن - مهدي السعيد

تبددت الأوهام التي زرعها بعض المعارضين العراقيين للإدارة الأميركية بأن دخول القوات الأميركية الى العراق سيكون في غاية السهولة وان أهل العراق سيرحبون بهذه القوات ويستقبلونها بالزهور والزغاريد. واتضح أخيرا ان أهل العراق في البصرة والفاو وأم القصر والناصرية والسماوة وغيرها من المدن العراقية لم يكونوا كذلك. وبذلك بدأت الإدارة الأميركية تعيد النظر في المعلومات السابقة التي كانت توفرها بعض أطراف المعارضة العراقية المتعاونة مع هذه الإدارة، وانتقلت حال الإحباط الأمريكية تجاه المعارضة الى تراجع العلاقة بين الطرفين؛ فقد عبر كل من رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني جلال الطالباني ورئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني ورئيس المؤتمر الوطني العراقي أحمد الجلبي عن امتعاضهم للموقف الأميركي تجاه المعارضة، إذ أشاروا الى عدم اطلاعهم على طبيعة الوضع السياسي المقبل، ولم يطلب منهم المشاركة في الترتيبات الأميركية لما بعد الحرب، وبذلك أدركوا ان الإدارة الأميركية غضت النظر عن الاعتماد على أطراف المعارضة، الأمر الذي برز من خلال تصريحات سيدباقر الحكيم الأخيرة التي أطلقها في المؤتمر الصحافي في طهران، والذي طالب شعب العراق بعدم الانضمام إلى القوات الأميركية والامتناع عن إشعال الانتفاضة حاليا، لأنها تصب في خانة المخطط الأميركي، معلنا عدم موافقته على تنصيب حاكم أميركي، وإقامة حكومة عراقية مؤقتة وانسحاب التحالف من العراق حال انتهاء الحرب. وهذا الأمر ينسحب على أطراف أخرى لم تكن قد انخرطت في مسار جماعة الأربعة، مثل حزب الدعوة الإسلامي الذي أصدر بيانات كثيرة أكد من خلالها عدم موافقته على الحرب، معتبرا إياها عدوانا واضحا على العراق، وهي ستقوي النظام أكثر مما تضعفه، والشيء نفسه ينطبق على موقف الحزب الشيوعي العراقي وحزب البعث «قيادة قطر العراق» وشخصيات عراقية مستقلة كثيرة.

بيد ان متغيرات الحرب ربما تسحب ورائها بعض المتغيرات في مواقف أطراف معينة في المعارضة العراقية. فقد ظهرت بوادر اتفاق جديد بين الإدارة الأميركية والأطراف الكردية بإعادة جدولة الحوار والاتفاق على صيغ ما بعد الحرب، مقابل تحويل كردستان إلى منطقة تجمع للقوات الأميركية، إذ أعيد فتح وتجهيز مطارين في شمال العراق، على أن يفتح المطار الثالث خلال الأيام القليلة المقبلة، وبدأت القوات الأميركية تعبر الحدود التركية إلى هذه المنطقة مع صدور تصريحات من القيادات الكردية بأن لجنة التنسيق الكردية الأميركية، ربما توصلت الآن إلى صوغ اتفاق مشجع، ولم تستبعد ان تشارك قوات «البشمركة» في العمليات العسكرية المقبلة تحت القيادة الأميركية.

وقد يصيب هذا التطور أحزابا وقوى أخرى، إذ بدأت الكثير من هذه الأطراف تعيد النظر في مواقفها، بعد ان أدركت أن الحرب ـ وان طال أمدها ـ فإن نهايتها أصبحت واضحة جدا، وهي هزيمة النظام العراقي أمام القوات الأميركية، لذلك فإن عليها ان تتعامل مع الأمر الواقع من منطلق المشاركة، وليس من منطلق الانعزال، سيما وان ملامح الوضع الجديد المقبل سيشهد تسابق الكثير من الفصائل للتعاون مع الإدارة الأميركية الجديدة في العراق، وإذا بقيت هذه الأطراف بعيدة عن المساهمة، فإنها ربما تفقد تأثيرها على الشارع العراقي. حينها يحاول الأميركان أن يثبتوا للعراقيين انهم قادرون على توفير المعيشة والأمن والاستقرار لهم، ومن خلال ذلك يجذبون تعاطف العراقيين معهم ولو إلى فترة محدودة حتى ينسحبوا إلى ما وراء الحدود بعد تنصيب إدارة عراقية من حلفائهم



أضف تعليق