العدد 213 بتاريخ 06-04-2003م تسجيل الدخول


الرئيسيةالحرب
شارك:


المحامي والباحث يوسف أبوبكر:

مصطلح «حروب التحرير» سياسة استعمارية جديدة

دمشق - خليل التقي

الحرب الاميركية البريطانية على العراق العربي الشقيق هي حرب غير مبررة وغير قانونية على الاطلاق، فهي لا تستند إلى ما يقرره القانون الدولي، ولا تستظل بالشرعية الدولية ولم تأخذ تفويضا من الامم المتحدة.

«الوسط» التقت المحامي والباحث الاستراتيجي يوسف أبوبكر عبر الحوار الآتي عن قانونية ومدى شرعية هذه الحرب ضد شعبنا العربي في العراق.

شكلت عمليات القصف الاميركي - البريطاني للمدن والقرى العراقية خرقا للفكر القانوني والانساني، ما حكم هذه الجرائم في القانون الدولي وشرعية الامم المتحدة؟

- من الواضح ان تطبيق القانون الدولي الانساني والشرعية التي تعارفت عليها الامم عبر التاريخ يتطلب من الاطراف المتحاربة مراعاة مبادئ محددة تضمنتها اتفاقات جنيف الاربعة للعام 1949 الخاصة بحماية المدنيين وقت الحروب، والولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا خالفتا احكام اتفاق جنيف الثالث العام 1949 المتعلق بحماية المدنيين اثناء العمليات القتالية وانتهكتا على نحو صارخ احكام القانون الدولي الانساني بارتكابهما جرائم ضد السلام والاستقرار في هذه المنطقة الحساسة من العالم، إذ قامتا بشن حرب عدوانية، خلافا للمعاهدات والمواثيق الدولية، وارتكبتا جرائم حرب باستخدامهما اسلحة محرمة دوليا ضد المدنيين، من قنابل عنقودية إلى مقذوفات محشوة بمواد ملتهبة واليورانيوم المستنفد، وتدميرها المتعمد للمدن والقرى والاحياء المكتظة بالسكان، كذلك ارتكبت الولايات المتحدة الاميركية وحليفتها المملكة المتحدة جرائم ضد الانسانية، تمثلت بقتل واغتيال السكان المدنيين، كما حدث عندما اغتالت المواطنين السوريين الخمسة في الحافلة التي كانت تقلهم قرب الحدود العراقية - السورية...

ولكن الولايات المتحدة الاميركية تنتقي احكام القانون الدولي التي تتفق مع مصالحها وتطالب بتنفيذها، وهو ما حدث عندما طالبت العراق بالالتزام بأحكام اتفاق جنيف الخاص بأسرى الحرب، لقد ثارت ثائرة الاميركان والبريطانيين عندما رأوا اسراهم وقتلاهم على شاشات التلفزيون، وقابلوا ببرود شديد صور جثث الاطفال والشيوخ والنساء والاسرى العراقيين.

ان المعركة ليست معركة عسكرية في الميدان فقط، بل هي حرب قانونية واعلامية وسياسية وانسانية، ولابد من التصدي لهذا النوع الجديد من الاستعمار ووقف عدوانه حتى لا يتمادى لاحقا ضد دول عربية اخرى قد لا ينجو احد منها حتى حلفاء واشنطن اليوم.

في ظل المواثيق والاعراف الدولية، ما الانظمة القانونية التي تحكم امكان اللجوء إلى استخدام القوة المسلحة باعتباره وسيلة لحل النزاعات بين الدول؟

- بعد المعاناة المريرة لشعوب وأمم العالم في الحرب العالمية الثانية، وفي ظل ميثاق الامم المتحدة وقوانينها، بات اللجوء إلى القوة المسلحة باعتباره وسيلة لحل النزاعات الدولية غير مشروع، إذ تنص المادة الثانية في الفقرة الرابعة من ميثاق الامم المتحدة على انه: «يمنع اعضاء الهيئة العامة جميعا في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة او استخدامها ضد سلامة الاراضي او الاستقلال السياسي لأية دولة، او على اي وجه آخر لا يتفق ومقاصد الامم المتحدة». ولكن لهذا الحظر الذي شرعته الامم المتحدة بعض الاستثناءات التي تعتبر استخدام القوة المسحلة مشروعا، وهي نوعان، الاول في حال استخدام القوة بواسطة الاجهزة المختصة في الامم المتحدة، والنوع الثاني في حال الدفاع الشرعي عن النفس ضد الاحتلال.

العدوان الانغلو - اميركي على العراق لم يستخدم القوة تنفيذا لقرار من مجلس الأمن او اجهزة المنظمة الدولية، بل يمكن القول ان هذه الاجهزة ادانته بشكل او بآخر، فما موقف القانون الدولي من هذا العدوان؟

- بالاضافة إلى ان هذا العدوان الصارخ لم يكن بتفويض من مجلس الأمن، ولم يتمكن من الحصول على حق استخدام القوة من الاجهزة المختصة في المنظمة الدولية، فإنه لا يمكن للولايات المتحدة وحليفتها التابعة بريطانيا في هذه الحرب التذرع بأنهما كانتا في حال دفاع شرعي عن النفس وعن امنهما وسلامتهما بحجة ان العراق يمتلك اسلحة الدمار الشامل وقد يستخدمها ضدهما او ضد احد اصدقائهما في المنطقة، ولذلك فهو عدوان خارج تماما عن الشرعية الدولية وعن ميثاق الامم المتحدة، فالدفاع الشرعي، كما ورد في ميثاق المنظمة الدولية، يتمثل في الرد على اي اعتداء قائم من جانب الغير، وذلك لوقف عدوانه وردعه، ولا يجوز التذرع به ضد (عدوان لم يبدأ) بعد باعتباره دفاعا (شرعيا وقائيا)، او اللجوء اليه لتحقيق اغراض توسيعة او لتغطية سياسة القوة.

ما الاجراءات القانونية التي يحق للعراق استعمالها مادام مجلس الأمن لم يتخذ التدابير اللازمة لحفظ السلام الدولي وحماية حقوقه التاريخية في ارضه؟

- لقد اثبتت هذه الحرب العدوانية ان من بيده القوة هو الذي يصنع القانون، وان الامم المتحدة لم تعد منبرا للشرعية الدولية، ولم تعد قادرة على حفظ السلم والأمن الدوليين لأنها ساوت بين الجلاد والضحية، يعتبر الغزو الانغلو - اميركي للعراق الشقيق عدوانا مسلحا واحتلالا لأراض عراقية من جانب الولايات المتحدة الاميركية وتوابعها من الدول الحليفة إلى جانب قيامها بتأميم اموال الدولة العراقية ورعاياها وطرد دبلوماسييها، ووصف العدوان بأنه من النوع الخطير، يعني انه يخضع (للفصل السابع) من ميثاق الامم المتحدة، كونه يعرض السلم والأمن الدوليين للخطر، ويعطي العراق الحق الطبيعي في الدفاع عن نفسه وفقا لنص المادة 51 من الميثاق طالما ان مجلس الأمن لم يتخذ التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدوليين.

يدعي الاميركيون والبريطانيون ان (قنابلهم) جاءت لتحرر العراقيين!! كيف ترون مثل هذه الاكاذيب من خلال الوقائع؟

- لا شك في ان الادعاء بأن الاعمال العسكرية العدوانية التي تقوم بها القوات الاميركية - البريطانية هي من قبيل (حروب التحرير) انما هو قول يتعارض مع ميثاق الامم المتحدة وقواعد القانون الدولي، الذي عرف العدوان بأنه: «اللجوء المباشر إلى الاستخدام الفعلي للقوة العسكرية فوق اراضي دولة اخرى»، ويسميها فقهاء ديننا الاسلامي «حروب البغي».

ان مصطلح (حروب التحرير) هو تعبير عن سياسة استعمارية جديدة ابتدعتها الولايات المتحدة الاميركية والمملكة المتحدة، التابع التاريخي للسياسات العدوانية الاميركية، من اجل الدفاع عن مصالحهما الحيوية في العالم، وهو احدى العلامات البارزة للعلاقات الدولية المعاصرة. ان ما تقوم به الولايات المتحدة الاميركية و(توابعها) هو عدوان سافر، وهو جريمة ضد سلامة وأمن الانسانية، ولا يمكن ان يبرره اي سبب اقتصادي او سياسي او عسكري، ويرتب المسئولية الدولية للدول والافراد المتسببين بحدوثه



أضف تعليق