العدد 218 بتاريخ 11-04-2003م تسجيل الدخول


الرئيسيةالحرب
شارك:


اغتيال المنفي العائد من لندن... رجل الدين العائد ليعمل كرجل سلام

كحال ميلمو

المنفي العائد إلى بلاده بعد 12 عاما من شمال غرب لندن، لم يكن قد استعد لمثل هذا الأمر. فعبد المجيد الخوئي الذي عاش هادئاهنا، كان يدير مؤسسة خيرية اسلامية.

وشارك الخوئي في حوارات سياسية، وكان واحدا من القادة الإسلاميين الذين التقوا رئيس الوزراء طوني بلير، ليقدم نصيحته عن الأمور الإسلامية الحساسة ليشجع على إقامة علاقات عرقية جيدة، في الداخل والخارج.

وفي كل ذلك لم يكن هناك ما يمكن أن يشير إلى ما حدث أمس الأول، إذ تعرض إلى هجوم يودي بحياته على يد جموع من الناس في واحد من الأماكن الإسلامية المقدسة. ومن سخرية الأقدار ان يتعرض للقتل في الضريح الفضي الذي يغطي قبر علي، صهر الرسول محمد، والذي يعتبره المسلمون الشهيد الأول في الإسلام. والآن وصلت الشهادة إلى الخوئي، الذي عاد من منفاه في لندن إلى النجف قبل أسبوعين فقط، ليعمل وسيط سلام لقوات التحالف والمساعدة على إعادة إعمار البلاد.

وقال شهود عيان إن الخوئي تعرض للهجوم خارج المبنى من جانب المهاجمين المسلحين بالسكاكين والسيوف، وحاول الدفاع عن نفسه بإطلاق النار. وبمجرد انطلاق الرصاص تحول الجمع من النجفيين بسرعة لانفجار التوتر الذي تطور إلى قتل.

وحدث ذلك بعد الساعة العاشرة صباحا بقليل عندما تجمع مجموعة من رجال الدين ليقرروا التحكم بالموقع الذي كان يحتله قناصة عراقيون خلال القتال الذي جرى للسيطرة على مدينة النجف. وكان الخوئي قد وصل للاجتماع بحيدر الخضر، الشخص المسئول عن حرم الإمام علي ، والذي كان مكروها على نطاق واسع بصفته عاملا في وزارة الشئون الدينية في نظام صدام حسين، وكان التقاؤهما علامة على التوافق وإنهاء الخلاف، كما قال أحد أنصار الخوئي.

وقال رجل الدين علي حيدر، الذي وصل من البصرة لحضور اللقاء، «ان الناس هاجموا الاثنين وقتلوهما داخل المسجد». وهناك مخاوف من انتشار مثل هذه الحوادث بين المسلمين الشيعة الذين يشكلون 60 في المئة من السكان.

وعاد الخوئي إلى مدينته النجف في الثالث من أبريل/نيسان، بعد استجابة لطلبات لمتطوعين بين المنفيين العراقيين للعمل على التوسط للقوات الأميركية والبريطانية. ويحسب له ما قام به الأسبوع الماضي لمنع حدوث مواجهة كارثة كانت ستحدث بين المواطنين الشيعة في النجف ومئة من جنود المارينز الأميركيين الذين اقتربوا كثيرا من ضريح الإمام علي. وهدّأ الخوئي من الحشود بعد أن أنكر عزم الجنود الأميركان على دخول المسجد، بينما كان الجنود يتراجعون وفوهات بنادقهم موجهة إلى الأرض.

وقال أحد أصدقائه انه كان يؤكد على استقلاليته، ويسعى لتهدئة التوترات ليس فقط بين الجنود الأجانب والسكان المحليين القلقين على سلامة الأماكن المقدسة فحسب بل بين الفئات المتنافسة أيضا.

وتحدث الأسبوع الماضي قائلا: «بالنسبة لي، العودة بعد هذا الغياب الطويل يجعلني عرضة لمشاعر مختلطة. أنا سعيد جدا لعودتي إلى بلدي، ولكن من المحزن جدا أن أرى الشعب في مثل هذه الحال الجديرة بالرثاء. عندما غادرت كان البلد جميلا، أما الآن فيبدو الناس بائسين، بلا أحذية وبملابس رثة.

حسب أقوال بعض المرافقين أن وصول الخضر إلى المسجد أثار حفيظة أتباع رجل دين آخر، من عائلة الصدر. وقال عادل عدنان الموسوي الذي كان في المبنى: «الخضر كان حيوانا، الناس كانوا يطلقون شعارات تنمّ عن كراهيته، وبأنه يجب ألا يكون هنا».

وشوهد الخوئي يرفع بندقيته. وقال أحد الحضور إنه أطلق الرصاص في الهواء وأيضا باتجاه الجموع. ومهما كان ما حدث، فإن الأحداث التي تلت ذلك كانت همجية: فقد أصيب الخوئي بطلقة في المسجد ، وسرعان ما هوجم الرجلان وسحبا إلى الخارج ولقيا مصرعهما.

وفي لندن قال بعض المقربين إن القتل كان اغتيالا من جانب أفراد من النظام. واعرب ناطق باسم مؤسسة الخوئي عن اعتقاده ان العملية وراءها أسباب سياسية، من جانب المرتبطين بنظام صدام حسين، على اعتبار أنه يجب عدم افتراض ان النظام وحزب البعث قد انتهيا.

وسبق الحادث وصول أخبار ذكرت ان الميليشيات المدعومة من الجيش الأميركي تقوم بأعمال سلب ونهب للبيوت والمحلات التجارية في مدينة النجف. وقال بعض المواطنين إن الائتلاف الوطني العراقي الذي تدعمه أميركا قد فرض سيطرته على المدينة في تحد لأنصار آية الله العظمى السيد السيستاني الذي كان الخوئي وكيلا له.

وذهب البعض إلى أن سبب ما حدث كان عائدا إلى الشك في عودة الخوئي السريعة إلى العراق، بدعم من القوات الأميركية، ما عرضه إلى انتقاد بعض الأطراف في المدينة. في الوقت نفسه قال بعض أنصار الخوئي إنه أعطي الصلاحية من جانب الأميركيين لإدارة مدينة النجف، التي يبلغ تعدادها نصف مليون نسمة.

(خدمة الاندبندنت - خاص بـ «الوسط»



أضف تعليق