العدد 3085 بتاريخ 15-02-2011م تسجيل الدخول


الرئيسيةالأعمدة
شارك:


السلوك من أجل التعلم

ينبثق من برنامج تحسين أداء المدارس عدد من المشاريع التربوية الهادفة التي بدأنا نلامس آثارها الإيجابية والعملية، منها مشروع «السلوك من أجل التعلم» المرتبط أساساً بمشروع «التدريس من أجل التعلم».

هذا المشروع يؤكد على ضرورة التكامل في الأدوار بين الأطراف الثلاثة للعملية التعليمية: المعلمون والطلبة وأولياء الأمور.

يأتي تناول أو اختيار مفهوم «السلوك» ضمن حزمة مشاريع وزارة التربية والتعليم، بعد الأخذ بآراء الخبراء والمستشارين في مجلس التنمية الاقتصادية، الذين يولون هذا المشروع الأهمية الكبرى.

انطلق مشروع «السلوك من أجل التعلم» في بداية العام الدراسي 2008ـ 2009، ووصل ليشمل 16 مدرسة حكومية مع نهاية الفصل الدراسي الأول 2010ـ 2011م.

قد يُثار الجدل في هذه المرحلة المهمة من مسيرة إصلاح التعليم، حول جدوى المشروع الآنف الذكر، خصوصاً في المدارس التي تم تطبيق المشروع فيها، فليس من الملائم إطلاق الأحكام المسبقة، إذ نحتاج في هذا السياق إلى الوقوف على لغة الأرقام.

بالنسبة إلى المراحل التي مر بها المشروع، تجدر الإشارة إلى أن البداية كانت مع مدرسة أبو صيبع الابتدائية للبنين، إذ أتى بثمار جيدة بشهادة جميع المتابعين لمشروع تحسين أداء المدارس، وعلى رأسهم أولياء أمور الطلاب.

فقد استطاع إحداث تغيير حقيقي في أداء المدرسة، ونقلها من تقدير غير ملائم إلى جيد في السلوك والتنمية الشخصية للطلاب، كما ورد في تقرير وحدة مراجعة أداء المدارس بهيئة ضمان جودة التعليم والتدريب.

لم يقف المشروع عند هذا الحد، فقد تم تعميمه وتطبيقه في مدارس أخرى مثل: مالك بن أنس الابتدائية للبنين كمرحلة ثانية، والجابرية الثانوية الصناعية، وعقبة بن نافع الابتدائية للبنين.

وانطلاقاً من البعد المرحلي في تنفيذ المشروع، فقد توسع شيئاً فشيئاً ليشمل مدارس عدة من مختلف المراحل التعليمية، كمدرسة مدينة حمد الثانوية للبنين، ومعهد الشيخ خليفة بن سلمان للتكنولوجيا، وأبوبكر الصديق الابتدائية للبنين، والدراز والاستقلال الثانوية للبنات وغيرها، حيث حصلت مدرسة مالك بن أنس ومدرسة أم الحصم على تقدير جيد في السلوك والتنمية الشخصية للطلاب، بعد أن كان تقريرها غير ملائم في الزيارة الأولى.

ثمة إشارة واضحة لحدوث بعض التحسن في سلوكيات الطلاب، وزيادة في النمو الشخصي لديهم، وتنمية دافعيتهم نحو التعلم، وذلك في مدرسة الجابرية الصناعية للبنين.

فهذا البرنامج يهدف إلى ضمان وجود بيئة تعليمية آمنة لكل من الطلبة والمعلمين على حد سواء، وخلق جيل واع منفتح على عالم المعرفة، وعلى دراية حقيقية بحقوقه وواجباته، وتحمل المسئولية عن تعلمه وسلوكياته داخل المؤسسات التعليمية.

وبما أن الهدف هو إتاحة المزيد من فرص التدريس والتعلم الفاعل، فإن هذا المشروع يساهم في رفع تحسين مخرجات التعلم بوجه عام، ومستوى التحصيل الدراسي للطلبة بوجه خاص.

وكأي مشروع، فقد يواجه ببعض التحديات، ومن جملتها موضوع «النصاب المرتفع»، إذ يشتكي بعض المعلمين من إمكانية التوفيق بين عملهم كمشرفين إداريين، وبين قيامهم بأعباء التدريس.

والتحدي الآخر يتمثل في الحاجة إلى «ثقافة العمل الجماعي»، عن طريق تكاتف جهود جميع العاملين في المؤسسة التعليمية الواحدة، من أجل الرعاية المثلى، والمتابعة الحثيثة والمستمرة لسلوكيات الطلبة داخل المدارس، ولربما نجد من المناسب مطالبة الهيئات الإدارية بالمدارس لوضع معايير علمية وموضوعية في نظام الحوافز والمكافآت لأفضل مشروع جماعي يساهم في التنمية الشخصية لأبنائنا الطلبة، والابتعاد قدر الإمكان عن الذاتانية، ومنح الامتيازات من تحت الطاولة!

ولكي يكون «السلوك من أجل التعلم» أداة فاعلة في تغيير سلوكيات المتعلمين، فإنه يتعين على جميع العاملين بالمدارس تقديم نماذج وسلوكيات إيجابية، والتي يمكن للطلاب أن يتخذوها كقدوة لهم، فلا يمكن مطلقاً أن نعاقب الطلاب على مخالفة كالتدخين، وفي المقابل نشاهد المعلمين وهم يدخنون في دورات المياه أو في زوايا خاصة!

لا يمكننا أبداً الحديث عن «السلوك من أجل التعلم» بمنأى عن تدريب الطلبة أنفسهم على «الانضباط الذاتي Self - discipline»، وتوظيف الأساليب التربوية الإيجابية في معالجة حالات السلوك المخالفة للأنظمة والتعليمات بشكل مستمر.

إن طرح مفهوم «الانضباط الذاتي» في الفضاء المدرسي يعني وجود تصالح أو اتفاق بين الطلبة وأنظمة وقوانين المدرسة وتعليماتها ولوائحها الداخلية التي تنظم المؤسسة التعليمية، عبر قناعة الطالب بها، بتفعيل أدوات الحوار داخل البيئة المدرسية، والابتعاد عن مبدأ الوصاية.

ليس من السهل إحداث تغييرات في أنماط السلوك، خصوصاً وأن المشهد التعليمي ظل ردحاً من الزمن رهيناً إلى «السلوك الاستجابي»، المرتكز أساساً على إرث ثقافي يعاني من قصور تجاه النظرة العلمية، وضعف في إرادة تغيير الواقع بأدوات الواقع، والتواكل والاستسلام وغير ذلك.

والسؤال المطروح: هل بمقدورنا الانتقال من مرحلة «السلوك الاستجابي إلى مرحلة السلوك الإيجابي»، بحيث يكون المتلقي (الطالب) أكثر تفاعلاً مع التحولات التي يشهدها قطاع التعليم في مملكة البحرين؟

لنجاح مشروع بحجم «السلوك من أجل التعلم»، لابد من تقاسم الأدوار بين المعلم والمتعلم، ليتعلم كل منهما من الآخر، عبر تبني منهج الحوار، لتمكين المقهورين (الطلبة) من تخطي الوضع القائم، ولـ «هجر ثقافة الصمت والانتقال إلى ثقافة الحوار» كما يرى التربوي البرازيلي باولو فريري.



أضف تعليق



التعليقات 2
زائر 1 | معلم مظلوم 1:02 ص انا مدرسة اخدم وزارة التربية ثلاثة عشر سنة ونصابي بين واحد وعشرين وثمانية عشر حصة واعانى من امراض عدة والكل لا يعبا وانتم تطالبون باصلاح التعليم رد على تعليق
زائر 2 | شكرا لأستاذي الفاضل / ولكن 3:22 ص كم أننا مسرور - كوني مدرسا - لوجود عامود لابن المؤسسة التربوية يكتبه أستاذ يشهد له القاصي والداني بخلقه الحسن وعمله المخلص ، ولكن نصيحة من أخ لك يا أستاذ ، حبذا لو تكون مقالاتك أكثر واقعية وعملية لتؤتي ثمارها ، فالمقالات النظرية حسنة ولكن سرعان ما تفقد ألقها عند القارئ في المؤسسة التربوية فضلا عمن خارجها . وبالتالي من وجهة نظري القاصرة أرجو أن تخصص مقالاتك في هذه المرحلة لبحث المشكلات التربوية ، لتكون صوتنا الواصل وهمزة الوصل بيننا وبين وزارتنا الموقرة . أخوك أبو زينب رد على تعليق