العدد 1426 بتاريخ 01-08-2006م تسجيل الدخول


الرئيسيةنكبة لبنان
شارك:


في تقرير للاستراتيجي الأميركي «كوردسمان»

«قانا»... درس الحرب الحديثة والوضع السياسي «حرج»...

الوسط - عادل مرزوق

صدر قبل يومين في واشنطن تقرير مهم للاستراتيجي الأميركي Anthony H. Cordesman، تضمن التقرير الكثير من النقاط المهمة، التي سلطت الضوء على الدروس المستفادة من مجزرة قانا سواء بالنسبة إلى الإسرائيليين أو الأميركيين على حد سواء.

ذهب التقرير في المجمل إلى تحديد إحداثيات الحروب الجديدة ولعبتها «المدنية» وكثير العوامل التي أصبحت شريكة في صناعة النصر، فلم يعد النصر - كما يرى كوردسمان - حصراً على الزاوية العسكرية فقط. كما طالب التقرير بإعادة النظر في تقنيات الحرب استراتيجياً وتكتيكياً وعسكرياً.

«قانا» والحرب الحديثة

اعتبر «التقرير» أن ما جرى في «قانا» لم يكن مأساة إنسانية فقط. بل كانت الحادثة بمثابة الدرس عن وحشية الطبيعة المتغيرة للحرب الحديثة. وهي أيضاً درس ممتد لما يجري في العراق، وأفغانستان، والحرب على الإرهاب وصولاً إلى لبنان. ويبدو الدرس بسيط للغاية: «الحروب المحدودة يجب أن تتجه إلى طريقة تعطي أعلى مستويات الطمأنينة لتفادي استهداف المدنيين، وبقدر الأولوية في تحطيم العدو نفسها».

وذهب كاتب التقرير إلى أن الحروب المستندة على «الصدمة والرهبة» تطبق متى كان العدو مكوناً من قوات عسكرية تقليدية، يمكن أن تهاجم من دون خطر وقوع إصابات مباشرة بين المدنيين، وعلى رغم أن أي شكل من «الصدمة» و«الرهبة» يؤدي بالضرورة إلى شيء من «الغضب» و«العزل»، فإنه لابد من تفادي هذا التناسب في حروب لها وضعها الخاص، إذ هي حروب لا متناظرة ولا متكافئة.

الحروب الحديثة، لن تكون اعتيادية، فالأعداء في الحروب الحديثة يوظفون الإرهاب لمصالحهم، وثمة عديد من المستويات السياسية والأيديولوجية لهذه النوعية من الحروب. ويتطلب النصر من أي طرف الفوز في هذه المستويات كلها، وبما يشمل الأبعاد الإعلامية في النزاع.

ويعتمد التقرير حقيقية فرضتها «قانا» بوضوح وهي أن الحروب الحديثة لن تكون هزيمة العدو فيها أكثر أهمية من «القدرة» أو «الفوز» أو «الدعم» من قبل المجتمعات المدنية العالمية وفق التصورات والمؤثرات المحلية والإقليمية والعالمية، وصولاً إلى إنهاء النزاعات وفق الشروط الدائمة والمناسبة.

«إسرائيل» لم تفهم قواعد الحرب الجديدة

يرى كوردسمان أن «إسرائيل» أخفقت حتى هذه اللحظة في فهمها للحرب في لبنان كما أخطأت الولايات المتحدة - إلى حد ما - في فهمها لما جرى في كوسوفو، وأفغانستان، والعراق. ولا عذر لمن يبحث عن فائدة تكتيكية فورية مهملاً كلفة الأخطار والعقوبات الاستراتيجية الرئيسية حين تكون خطرة. إذ تم خلق أعداء أكثر، وجعل انتهاء الحرب صعباً، وتنتشر مستويات جديدة من الغضب والكراهية.

ويضيف الكاتب في معرض تحليله إلى أن الولايات المتحدة باتت تدرك نتائج المعالجات السلبية على المدنيين حتى في الدول المتحالفة معها، بعض تلك الممارسات غير المسئولة لا تعتبر ذريعة فيما يتعلق بالسجناء العراقيين مثلاً في «أبوغريب». ويرى أن قتل العراقيين الأبرياء كان ذا تأثير كبير على العراقيين وتعاملهم مع الولايات المتحدة. وكذلك الحال في كوسوفو، وأفغانستان.

من جهة أخرى، يرى التقرير أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال تفادي بعض الإصابات بين المدنيين في الحروب. فالعملية العسكرية معقدة، ولا يمكن الرهان على التدريب والدقة التكنولوجية، فالمخاطر في الحرب متعاكسة في خط بياني غير منظم. وأشار التقرير إلى أن الحرب الحديثة تقوم باستعمال السكان المدنيين كدروع، وتستخدمهم كأسلحة إعلامية ونفسية وسياسية وأيديولوجية. فالحرب الحديثة تلعب بالإعلام وتتلاعب به خصوصاً إذا جندت مقولات الكذب بشأن الإصابات بين المدنيين وما شابه.

الضباط أو المسئولون الذي يتهمون المقاومين بأنهم أعداء جبناء وبأنهم يعرضون حياة المدنيين للخطر أغبياء حقاً، فالولايات المتحدة والمملكة المتحدة لم تجدا أي مشكلة في استعمال الوسائل نفسها التي يستخدمونها اليوم ضد ألمانيا النازية، إلا أن مثل هذا الكلام مستند على مغالطة إستراتيجية وتكتيكية، فتلك الحروب لها قواعدها المستندة على الماضي. يريد الأعداء دائماً أن يواصلوا الكفاح تحت ظروف أفضل وأكثر إيجابية. كما لا يمككنا أن نهمل العنصر العرقي والثقافي بما يشمل أسس الرؤية الديمقراطية وتنظيراتها الايديولوجية.

من المتأخر أن تكون «إسرائيل» خاسرة

ومن المتأخر جداً أن ترد «إسرائيل» في هذه الحرب على المبادئ والتكتيكات والاستراتيجيات الكبيرة والمخطئة بشدة، القوة الجوية الإسرائيلية (آي اي إف) وقوة الدفاع الإسرائيلية (آي دي إف) هي حتى الآن قوات خرقاء في العمليات البرية والجوية على حد سواء، فالإصابات بين المدنيين مرتفعة. وطبعاً «قانا» مثال جيد تختتم به المأساة.

يذهب التقرير إلى التفاؤل بأن «إسرائيل» ستتعلم من درس «قانا» الكثير. أما الأهم فهو أن تتعلم الولايات المتحدة من الدرس نفسه في إحداثيات وجودها في العراق، ويحذر من أنها إذا استمرت على تكتيكاتها وأخطائها فإن إعداداً أكبر من السنة ستنقلب عليها، وكذلك الشيعة. وكذلك الحال في أفغانستان. على إدارة الرئيس بوش إعادة تشكيل الأولويات وطرق التعامل مع الإرهابيين والمحتجزين المشكوك فيهم. فالبعد السياسي وخصوصاً خارج الولايات المتحدة يبدو حرجاً للغاية.

وبشكل أكثر تعميم، يحتاج الجيش الأميركي وخبراء الدفاع لـ «ثورة في الشئون العسكرية» نحو التقليل من قيمة الأبعاد الأيديولوجية والسياسية للحروب والتي تصب ضد الأميركيين، وبالتالي لابد من السيطرة على مستويات التعرض للمدنيين خصوصاً



أضف تعليق